القمة العربية الإسلامية في 15 سبتمبر.. الفرصة الأخيرة قبل فوات الأوان

في خضم أحداث متسارعة وصراعات متراكمة، تُعقد القمة العربية الإسلامية المرتقبة في 15 سبتمبر وسط حالة من الغليان الإقليمي والدولي، ووسط تصعيد غير مسبوق من قِبَل الكيان الإسرائيلي، سواء من خلال جرائمه المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، أو عبر تصريحات رسمية لا تمت إلى السياسة بصلة بقدر ما تُعبّر عن تهور وغرور قائم على وهم القوة. هذه القمة، التي يترقبها العالم العربي والإسلامي، بل والمجتمع الدولي بأسره، لا تمثل مجرد اجتماع بروتوكولي أو لقاءً تقليديًا تتبادل فيه الدول بيانات الشجب والإدانة، وإنما هي – واقعًا – الفرصة الأخيرة أمام الأمة لتتخذ موقفًا واضحًا وحاسمًا تجاه جرائم الاحتلال، وتجاه التهديد الحقيقي الذي بات يمثله للمنطقة بأكملها.

مصر دائمًا في قلب الحدث:

وفي هذه اللحظة المفصلية، تبقى جمهورية مصر العربية، كما عهدناها، في قلب الحدث، تراقب المشهد بدقة، وتزن الأمور بحسابات استراتيجية شاملة، مدفوعة بمسؤوليتها التاريخية تجاه قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

إن مصر، بقيادتها الحكيمة وقراراتها المتأنية المدروسة، تُمثل رمانة الميزان في معادلة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. لا تقبل بالعبث بمقدرات الشعوب، ولا تسمح بتقويض استقرار الدول تحت أي ذريعة، بل تعمل بهدوء وثقة على حماية منظومة الأمن القومي العربي، وتفويت الفرصة على كل من يسعى لإشعال الفوضى أو كسر المعادلات الجيوسياسية المستقرة. وقد أثبتت التجربة أن مواقف مصر لا تُبنى على ردود أفعال انفعالية، وإنما على قراءة واعية للمشهد، وإدراك شامل لتداعيات كل قرار على المدى القريب والبعيد، وهو ما يجعل من دورها محوريًا في صياغة نتائج هذه القمة المرتقبة.

الكيان الإسرائيلي في حالة تأهب وارتباك:

لم تمر الدعوة لعقد هذه القمة مرور الكرام داخل أروقة الاحتلال الإسرائيلي، بل يمكن القول إن دوائر صنع القرار في تل أبيب تعيش حالة من القلق والارتباك الواضح. فهذه القمة تحمل في طياتها إمكانيات لتغيير قواعد اللعبة، إن خرجت بقرارات إلزامية، موحدة، وقاسية.

وبحسب مصادر إعلامية واستخباراتية، تدور الآن تحركات محمومة في الكواليس من قِبَل مسؤولين إسرائيليين وداعمين دوليين، هدفها الضغط على بعض الدول المحورية داخل القمة لتخفيف نبرة البيان الختامي، ومنع صدور قرارات يُمكن أن تُشكّل تهديدًا سياسيًا أو قانونيًا مباشرًا على الاحتلال، خاصة فيما يتعلق بإجراءات قد تُتخذ في مجلس الأمن، أو أمام محكمة العدل الدولية، أو على صعيد العقوبات الاقتصادية أو تجميد العلاقات. وعليه، يُدرك الاحتلال أن استمرار التغاضي الدولي لن يدوم إلى الأبد، ويعلم أن الشعوب العربية والإسلامية قد وصلت إلى نقطة الغليان، وأن أي تراخٍ من قادتها هذه المرة قد يُفجّر موجات غضب شعبي لا يمكن احتواؤها.

العالم يترقب.. فهل نكون على قدر اللحظة؟

إن ردود الأفعال العالمية تجاه القمة القادمة تُشير إلى حجم الرهانات عليها. كافة العواصم الكبرى تتابع عن كثب، من واشنطن إلى بروكسل، مرورًا بموسكو وبكين. البعض يحاول التأثير، والبعض الآخر يراقب ليرى إن كانت الدول العربية والإسلامية ستنجح أخيرًا في توحيد كلمتها، وكسر دائرة البيانات الشكلية إلى قرارات ذات أثر فعلي.

ونحن هنا، إذ نُحمّل القادة المجتمعين في القمة المرتقبة مسؤولية تاريخية لا تقل عن مسؤولية القادة في لحظات الانهيارات الكبرى التي مرّت بها الأمة، نذكّرهم بأن الشعوب تراقب، والضمير العالمي بدأ يستفيق، وأن كل تأخير في اتخاذ قرار حازم هو خسارة جديدة للحق، وتأجيل للعدالة.

خذوه بالسيف إن استطعتم:

وهنا يحضرني ما قاله چنكيز خان في رواية الأديب الراحل أحمد باكثير وإسلاماه أثناء تفاوضه مع مبعوث مصر، حين قال: “إذا كنا قد أخذنا حقكم بالسيف، فخذوه أنتم بالسيف!”. نعم، هذا هو منطق المعتدي، لا يحترم إلا القوة، ولا يتوقف إلا حين يُواجه بردع حقيقي. إن أمتنا ترفض خيار السيف العسكري، فهي تسعى لتستخدم سيف القانون، وسيف السياسة، وسيف الاقتصاد، وسيف الوحدة. نحن أمة تدعو للسلام، فإن لم تفعل، فالتاريخ لن يرحم أحدًا. في النهاية نقول ونؤكد على أن القمة القادمة ليست فرصة فحسب، إنها آخر الفرص.

لواء أحمد زغلول

اللواء أحمد زغلول مهران، مساعد مدير المخابرات الحربية الأسبق، وعضو الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية، وهو نائب رئيس حزب المؤتمر رئيس الهيئه العليا للحزب. كما أنه خبير متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى