مرجعية ارتكاب العنف: ما مفهوم “الحاكمية” عند الجماعات المتطرفة؟

يعد”أبو الأعلى المودودي” أول من استخدام مفهوم “الحاكمية” في قاموس التيار الإسلامي كمفهوم سياسي في العصر الحديث، حيث أسس مطلع أربعينات القرن الماضي للمفهوم بشكل مغاير عما جاء في التاريخ الإسلامي.عكس التأصيل الجديد للمفهوم تأثر المودودي بضعف أوضاع المسلمين في الهند الذي أرجعه ذلك إلى اتباع المسلمين للتقاليد المحلية، مما أدى إلى إضعاف الثقافة الإسلامية. لقد نادى المودودي بضرورة وجود جماعة، تقطع صلاتها بكل شيء سوى طريق الله، فدعا على إثر ذلك للقطيعة مع الثقافة الهندية، وأسس “الجماعة الإسلامية في الهند”.

 يقول المودودي: “تظهر المفاسد في مظاهر العصبية الجنسية والوطنية المتطرفة، وتسلط القومية والدكتاتورية والرأسمالية.. إنهم من حيث الروح والجوهر سيان، متماثلين في فرض إلوهية البشر على البشر، وقطع علاقة الإنسان بالإنسان، وتجزء النوع الإنساني أجزاء”. لذلك أسس جماعة تربى على تحمل السجن والمصادرة، وربما القتل والإعدام. من تلك المنطلقات تلاقت الأهداف وتشابهت السبل، مع أرادة وسعي”حسن البنا” مؤسس جماعة الإخوان في مصر.

في ذات السياق؛ شكلت تلك المنطلقات نقطة تلاقي أفكار “المودودي” مع مؤسس جماعة الإخوان “حسن البنا” ومنظرها “سيد قطب، تتمحور تلك المنطلقات حول نقاط رئيسية أهمها من نص كلام “المودودي”؛ أن الإسلام “ليس مجرد مجموعة من العقائد الكلامية، وجملة من المناسك والشعائر، كما يفهم من معنى الدين هذه الأيام. بل الحق أنه نظام كلي شامل، يريد أن يقضي على سائر النظم الباطلة الجائرة الجارية في العالم، ويقطع دابرها، ويستبدل بها نظامًا صالحًا ومنهاجًا معتدلًا، يرى أنه خير للإنسانية من النظم الأخرى، وأن فيه نجاة للجنس البشري من أدواء الشر والطغيان”. هذا التصور هو ما جعل المودودي يدعو العالم إلى “لجميع أهل الأرض أن يحدثوا انقلابًا عامًا، في أصول الحكم الحاضر، الذي استبد به الطواغيت والفجرة. الذين ملؤوا الأرض فسادًا، وأن ينزعوا هذه الإمامة الفكرية والعملية من أيديهم، حتى يأخذها رجال يؤمنون بالله واليوم الأخر، ويدينون بدين الحق”.

نستخلص من المقدمة؛ أن المودودي شكل الأساس التكفيري في العصر الحديث، الذي يمكن قراءة أفكاره في أدبيات وسلوك الجماعات التكفيرية كلها، خاصة جماعة الإخوان المسلمين. الجدير بالذكر؛ أن “المودودي” أول من أصل لنظرية المشاركة السياسية في ظل الأنظمة المرتدة وفق تعبيره، فيما أطلق عليه “الديموقراطية  الإلهية”، عن طريق نشر الوعي الإسلامي وفق تعبيره بين الجماهير، حتى الوصول إلى “حكومة إسلامية”. هذا التصور والمنهج الذي اتبعته جماعة الإخوان في مرحلة الدعوة والتعريف، إلى حين الوصول إلى مرحلة التمكين.عكس ما تؤمن به الجماعات التكفيرية الصلبة التي لا تجيز المشاركة في العمل السياسي، في ظل الحكومات العربية “الطواغيت” وفق تعبيرهم، مثل جماعة الجهاد في مصر في الستينات، وداعش والقاعدة في العصر الحالي، حيث لا تتنازل تلك الجماعات عن الجهاد المسلح ضد تلك الحكومات منذ البداية.

بناء عليه؛ يعد مفهوم “الحاكمية” في أدبيات الجماعات المتطرفة مفهوم مركزي، شكل بالتشابك مع مفاهيم أخرى أيديولوجية تكفيرية صلبة. تم التأصيل لها من عدة مصادر، حتى باتت أحد أهم منطلقات ارتكاب العنف، من قبل كل الجماعات التكفيرية، خلال المئة عام الأخيرة. لذا؛ مناقشة مفهوم “الحاكمية” طبقًا لما جاء به الموروث التكفيري، الذي يعد مرجعية لكل عنصر إرهابي يقوم بارتكاب أعمال إرهابية، يعد جزء من أهم الأهداف التي نسعى إليها.

 عليه؛ يعد مفهوم “الحاكمية” في أدبيات الجماعات المتطرفة مفهوم مركزي، شكل بالتشابك مع مفاهيم أخرى أيديولوجية تكفيرية صلبة. تم التأصيل لها من عدة مصادر، حتى باتت أحد أهم منطلقات ارتكاب العنف، من قبل كل الجماعات التكفيرية، خلال المئة عام الأخيرة. لذا؛ مناقشة مفهوم “الحاكمية” طبقًا لما جاء به الموروث التكفيري، الذي يعد مرجعية لكل عنصر إرهابي يقوم بارتكاب أعمال إرهابية، يعد جزء من أهم الأهداف التي نسعى إليها. 

انطلاقًا من الهدف المذكور؛ عقد “مركز رع للدراسات” حلقة نقاشية افتراضية بتاريخ ٨- ١١- ٢٠٢٤م. تضمنت الحلقة عدة شخصيات للحديث حول المفهوم محل البحث، وانقسمت تلك الشخصيات إلى فريقين. مثل الفريق الأول. الجانب المعبر عن الفكر التكفيري. في حين مثل الفريق الآخر. الجانب المستنير الذي أقام الحجة على الجانب الأخر، ردا على أفكاره المتطرفة.

تضمنت الحلقة النقاشية الافتراضية ٣ شخصيات من الجانب المتطرف؛ “حسن البنا” مؤسس جماعة الإخوان، “سيد قطب” منظر جماعة الاخوان المسلمين خمسينيات وستينيات القرن الماضي، “محمد عبد السلام فرج” زعيم تنظيم الجهاد في الستينيات.  ومثل الجانب التنويري؛ المفكر “على الشرفاء الحمادي” مفكر عربي صانع منظومة لمحاربة الفكر المتطرف، شملت إصدارات مكتوبة، ومؤسسات فكرية تنويرية، ود. محمد شحرور، الباحث والمفكر السوري.

وطرحت الحلقة النقاشية الافتراضية، مجموعة من الأسئلة، هم:

س1: ماذا يقصد “بالحاكمية” كما أصل لها البنا في نفوس أتباعه؟

س2: هل نحن نعيش في دول إسلامية؟ وما شروط الدولة التي تطبق مفهوم “الحاكمية”؟

س3: لماذا تعمل جماعة الإخوان وبعض عناصرها، في بعض الدول العربية والغربية، في فلك السياسة إذن، في ظل قيام المنظومة الكفرية التي يتحدثون عنها في وصف “الحاكمية”؟

س4: هل تسعى جماعة الإخوان إلى تكوين حكومة، أو الوصول للحكم لُتحقق مفهوم “الحاكمية” كما أسست لها؟ وما الوسيلة لتحقيق ذلك؟

لقراءة العدد كاملا..رجاء الضغط على الرابط: مفاهيم العدد السابع الحاكمية والجماعات المتطرفة


أسماء دياب

-رئيس برنامج دراسات الإرهاب والتطرف. -باحث دكتوراه في القانون الدولي- بكلية الحقوق جامعة عين شمس. - حاصلة على ماجستير القانون الدولي جامعة القاهرة. -حاصلة على دبلوم القانون الدولى جامعة القاهرة. -حاصلة على دبلوم القانون العام جامعة القاهرة. - خبيرة في شئون الحركات الإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى