من يفوز في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي المقبلة بالإمارات؟
في مطلع يوليو الماضي، أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات بدولة الإمارات العربية المتحدة، الجدول الزمني لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023 فيدورته الانتخابية الخامسة، والتي ستجري في 7 أكتوبر المقبل.وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية “وام”، أن الجدول الزمني لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023، يتضمن تواريخ المحطات الرئيسية للعملية الانتخابية، من فتح باب الترشح وحتى إعلان النتائج النهائية للانتخابات، لمنح أعضاء الهيئةالناخبة الفرصة كاملة لممارسة حقهم الانتخابي أينما تواجدوا وبكل شفافية ومصداقية، وبما يؤسس لمشاركة فعالة تعزز من مسيرة تطور ونجاح هذه التجربة البرلمانية.
بدأ الجدول الزمني لهذه المحطة الهامة، بإعلان فتح باب الترشح في 15 أغسطس الماضي لهذا العام، ولمدة 4 أيام، ثم إعلان قوائم المرشحين الأولية في يوم 25 من الشهر ذاته، تلتها مباشرة فترة تقديم الطعون على المرشحين والتي تستمر لمدة ثلاثة أيام، والرد على الطعون من قبل اللجنة الوطنية للانتخابات، في الفترة من 29 إلى 31 أغسطس 2023، فيما كانالإعلان قائمة المرشحين النهائية في2 سبتمبر 2023.
وحسب الجدول الزمني، ستبدأ الحملات الانتخابية للمرشحين في 11 سبتمبر الجاري، على أن يكون آخر موعد لانسحاب المرشحين هو 26 سبتمبر، وأن يكون تقديم طلبات أسماء وكلاء المرشحين خلال يومي 27 و28 سبتمبر، وفقا للشروط المقررة في التعليمات التنفيذية للانتخابات.
وسينطلق التصويت المبكر، والذي يسمح لأعضاء الهيئة الناخبة الإدلاء بأصواتهم مبكرًا، قبل يوم الانتخاب الرئيسي، يوم 4 أكتوبر ولمدة يومين، من خلال نظام التصويت الهجين (في مراكز الانتخاب المحددة وعن بعد عبر الإنترنت)، على أن يخصص يوم 6 أكتوبر للتصويت المبكر عن بعد فقط، وهو ما يتيح للناخب الإدلاء بصوته من أي مكان سواء داخل الدولة أو خارجها، وذلك من خلال استخدام التطبيقات الرقمية التي تقررها اللجنة الوطنية للانتخاباتكمؤشر على تشجيع المشاركة في العملية الانتخابات.
استنادا إلي ما سبق…سنلقي الضوء علي ملامح المجالس الأربعة السابقة ودورها الفعال في الحياة السياسية ودعم مسيرة التمكين السياسي. بالإضافة إليخطة الدولة الإماراتية لإجراء انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023م.
المجلس الوطني ومسيرة التمكين السياسي:
يحتفظ المجلس الوطني الاتحادي، بحضور راسخ منذ تأسيس دولة الاتحاد، برئاسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بانعقاد أول جلسة بتاريخ المجلس في 2 ديسمبر 1972، لتعزيز دوره في تمثيل شعب الاتحاد، وتجسيد نهج الشورى، وصنع القرار، وعلى الرغم من دوره الاستشاري كسلطة اتحادية رابعة، إلا أن المجلس شهد تطورًا هامًا في آليات تشكيل المجلس في عهدي الشيخ خليفة بن زايد، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ليؤدي المجلس دوره الوطني من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية، والرقابية، والدبلوماسية البرلمانية.
1-خطوات التمكين السياسي
يمكن القول أن مسيرة التمكين السياسي، انطلاقًامن خطاب رئيس الدولة الراحل،خليفة بن زايد آل نهيان،”خطة عمل وطني”، والذي ألقاه عام 2005م، بمناسبة العيد الوطني34، حول برنامج تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه، بقرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم (3) لسنة 2005.وتهدف الخطة إلى:
تهيئة الظروف اللازمة لإعداد مواطن أكثر مشاركة وأكبر إسهاما، وتفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية، وأن يكون مجلسا أكثر قدرة وفاعلية فيما يتعلق بقضايا الوطن، لذا أجريت أول انتخابات للمجلس الوطني الاتحادي عام 2006م، وكانت تلك بداية للمرحلة الأولى من برنامج التمكين السياسي.
ومنذ ذلك العام، عقدت أربعة انتخابات وأدت إلي أربعة مجالس ناجحة وفعالة بواقع 20 نائبًا بالانتخاب و20 آخرين بالتعيين موزعين على الإمارات السبع، حيث تحصل إمارتا أبو ظبي ودبي على 8 مقاعد لكل منهما، فيما يبلغ نصيب الشارقة ورأس الخيمة 6 مقاعد لكل منهما، بينما تمثل أبو القيوين والفجيرة وعجمان على 4 مقاعد لكل منهم.
2-انجازات المجالس السابقة
مجلس 2006م: كان اهتمام أعضاء المجلس حينئذ، ينصب نحو القضايا المجتمعية التي تهم مواطني الدولة، مثل الهوية الوطنية، وفرص العمل والتوطين، والتعليم، والصحة، وحقوق المرأة والطفل، والإسكان، وتحسين معيشة المواطن، وكان للمرأة الإماراتية حضور بارز في هذا المجلس، حيث حظت أول سيدة إماراتية بعضوية المجلس من خلال الانتخاب، كما تم تعيين ثمان عضوات من قبل حكام الإمارات، وبذلك شغلت المرأة الإماراتية عام 2006، تسعة مقاعد في المجلس الوطني الاتحادي، أي بنسبة 22.5%، وهي من أعلى النسب عالميًا.وعقد المجلس خلال فترته 62 جلسة، ووافق على 68 مشروع قانون، كما ناقش واعتمد 173 اتفاقية ومعاهدة دولية، وناقش 31 موضوعاعاما، وأصدر 8 بيانات، وأصدر 38 توصية، موجها للحكومة 225 سؤالا وكان يترأسه، عبدالعزيز عبدالله الغرير.
مجلس 2011م: كان هذا المجلس بمثابة مرحلة جديدة في مسيرة العمل الوطني، حيث وسعتقيادة الدولة قاعدة المشاركة الشعبية في انتخابات المجلس لهذا العام، لاختيار نصف عدد أعضاء المجلس، لتمثل نقلة في زيادة عدد أعضاء الهيئة الناخبة ليصبح 300 ضعف عدد المقاعد المخصصة لكل إمارة في المجلس كحد أدنى، بعد أن كان هذا العدد 100 ضعف في أول تجربة انتخابية عام 2006م. ومن حيث القضايا التي أولاها المجلس اهتماما، فهي إلي حد ما لم تختلف عن المجلس السابق، كتطوير المنظومة التعليمية، ودعم حقوق المرأة وتوسيع نسبة مشاركتها في الحياة المجتمعية بشكل عام.
وعقد المجلس خلال فترته 66 جلسة ووافق على 55 مشروع قانون، كما ناقش واعتمد 170 اتفاقية ومعاهدة دولية، وناقش 22 موضوعا عاما، وأصدر 12 بيانا، وأصدر 70 توصية، موجها للحكومة 222 سؤالا، وتولي رئاسته، محمد أحمد المر.
مجلس 2015م: تميز ذلك المجلس بإنسيابية العمل البرلماني وتناغمه مع الحكومة، وهذا يعني أن مسار الحياة السياسية في دولة الإمارات يسير علي النهج الصحيح، كما حظي بقبول مجتمعي واضح ومؤثر خاصة فيما يتعلق بمشاركة المرأة الإماراتية، لاسيما أنها المرة الأولي من نوعها أن تسند رئاسة المجلس إلي سيدة وهي، أمل عبدالله القبيسي.
وعقد المجلس خلال فترته، 70 جلسة، ووافق على 52 مشروع قانون، كما ناقش واعتمد 249 اتفاقية ومعاهدة دولية وناقش 26 موضوعا عاما، وأصدر 5 بيانات وأصدر 55 توصية، موجها للحكومة 220 سؤالا.
مجلس 2019م: كان يتمتع بمرونة القرار ما بين الحكومة والبرلمان لتحقيق مصالح الشعب أولا، ودخول القرارات حيز التطبيقعلى أرض الواقع.
وعقد المجلس، خلال فترته، 610 جلسات، ناقش فيها 621 مشروع قانون، و326 موضوعًا عامًا، وأصدر 608 توصيات، ووجه 881 سؤالًا، وتولى رئاسته صقر غباش.
ولذلك فإن انتخابات المجلس المنتظرة للعام الحالي 2023، تمثل محطة هامة لاستكمال مسيرة التمكين السياسي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
3-انتخابات مجلس 2023
طبقًا لجدول زمني أعلنته اللجنة الوطنية للانتخابات، تم فتح باب الترشح لعضوية المجلس الوطني الاتحادي في 15 أغسطس الماضي ولمدة 4 أريام، وستجري الانتخابات في مطلع أكتوبر المقبل 2023م، كما حدد قرار اللجنة الوطنيةرقم (25) لسنة 2023م، فيما يتعلق بشروط الترشح لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي، خمسة اشتراطات يتوجب توافرها في الناخب الراغب في الترشح لعضوية المجلس، وهي:
أن يكون من مواطني إحدى إمارات الاتحاد، ومقيمًا بصفة دائمة في الإمارة التي يمثلها في المجلس، وألا يقل عمره عن 25 سنة ميلادية عند قفل باب الترشح، وأن يكون المتقدم متمتعًا بالأهلية المدنية محمود السيرة، حسن السمعة، لم يسبق الحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره طبقا للقانون، وأن يكون لديه إلمام كاف بالقراءة والكتابة.
اعتمدت اللجنة القائمة النهائية للمرشحين لعضوية المجلس الوطني الاتحادي 2023م،حيث بلغ إجمالي عدد المرشحين والمرشحات، 309 في جميع إمارات الدولة موزعين كالتالي:
118 مرشحًا في إمارة أبوظبي، 57 مرشحًا في إمارة دبي، و50 مرشحًا في إمارة الشارقة، 21 مرشحًا في إمارة عجمان، 34 مرشحًا في إمارة رأس الخيمة، 14 مرشحًا في إمارة أم القيوين، 15 مرشحًا في إمارة الفجيرة، وستبدأ الحملات الانتخابية في 11 سبتمبر الجاري وتستمر لمدة 23 يوم.
مؤشرات واضحة:
ومن الملاحظ على الانتخابات الخامسة المؤشرات التالية:
(*) مشاركة نسائية واسعة: فيما يتعلق بمشاركة المرأة، فبات من الملاحظ أن المرأة الإماراتية تواصل مشاركاتها الفعالة والمثمرة في مسيرة انتخابات المجلس الوطني الاتحاديوخلال هذه الدورة الانتخابيةتحديدا، وبصورة قوية، إذ ضمت القائمة 128مرشحة من بنسبة 41% من إجمالي عدد المرشحينالبالغ 309 مرشحًا، وتتوزعن على الإمارات على النحو التالي:
54من إجمالي 118 مرشحًا في إمارة أبوظبي، و27من إجمالي 57 مرشحًا في إمارة دبي، و19من إجمالي 50 مرشحًا في إمارة الشارقة، و12من إجمالي 21 مرشحًا في إمارة عجمان، و5من إجمالي 34 مرشحًا في إمارة رأس الخيمة، و5من إجمالي 14 مرشحًا في إمارة أم القيوين، و6من إجمالي 15 مرشحًا في إمارة الفجيرة. ويتضح من ذلك ارتفاع فرص تمثيل المرأة في إمارة عجمان حيث تمثل نحو 57% من مرشحي الإمارة، يليها دبي بنسبة 47%، ثم أبوظبي بواقع 45%، يليها الفجيرة بنسبة 40%، والشارقة بنسبة 38%، ثم أم القيوين بواقع 35%، فيما تتضاءل فرص التمثيل المحتمل للمرأة إلى أدنى نسبة بإمارة رأس الخيمة تمثل 14% من إجمالي مرشحي الإمارة.
(*) مشاركة شبابية ملحوظة: في إطار حرص الشباب الإماراتي على الترشح في انتخابات المجلس الوطني، والذي يترجم نظرة القيادة الدولةلأهمية إشراك الشباب، باعتبارهم ركيزة من ركائز التطور الشامل والمستدام الذي تشهده الدولة وأنهم رافد رئيسي لتوطيد نهج تعزيز المشاركة السياسية الذي انتهجته دولة الإمارات. فنجد أنقائمة المرشحين لعضوية المجلس الوطني الاتحادي 2023م، في جميع إمارات الدولة قد شهدت، ترشح 36 من الشباب من الفئة العمرية من 25 إلى 35 عام، بنسبة 11.65% من إجمالي عدد المرشحين.
كما بلغ عدد المرشحين، من الفئة العمرية أكبر من 36 عامًا، حوالي 273 مرشحًا بنسبة 88.35% من إجمالي عدد المرشحين.
(*) جهود حكومية حثيثة: في إطار جهود الدولة المستمرة في مجال نشر ثقافة المشاركة في الحياة السياسية، نظمت وزارة الدولة لشئون المجلس الوطني الاتحادي، ضمن مبادرتها “مجالس الأحياء” في دورتها السادسة، وبالتعاون مع مجالس أبوظبي بمكتب شئون المواطنين والمجتمع في ديوان الرئاسة،محاضرات بعنوان “انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023” في مطلع سبتمبر الجاري، وركزت محاورها ،على بيان دور برنامج التمكين في تهيئة الظروف اللازمة لإعداد مواطن أكثر مشاركة وأكبر إسهاما، إضافة إلى إبراز أهم ملامح انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023، وبخاصة نظام التصويت الهجين، كما أبرزت المحاضرة أهمية المشاركة الإيجابية والتعريف بحقوق وواجبات الناخبين والمرشحين.
مجمل القول؛ إن دولة الإمارات على موعد هام في تاريخ الحياة السياسية بإجرائها انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في أكتوبر المقبل، ولاشك أن استكمال القيادة الحالية للمسيرة البرلمانية، هو أمر غاية في الأهمية ويعد فصلًا هامًا في تاريخ الحياة البرلمانبة الإماراتية في الوقت الحالي، لاسيما أنها أول انتخابات برلمانية تجرى في عهد الشيخ محمد بن زايد، والخامسة في دولة الإمارات.
كما أن الأنظار الآن تتجه صوب الانتخابات وانتظار تشكيل المجلس ومدى التأثير الذي سيقدمه في المجتمع، لاسيما أن المجالس السابقة قد مارست بالفعل دورًا تشريعيًا ودبلوماسيًا برلمانيًا ملحوظًا ويظل الدور الرقابي على محدوديته إلا أنا يتوافق مع طبيعة التجربة الإصلاحية وصلاحيات المجلس كسلطة استشارية تأتي رابعًا في ترتيب سلطات الاتحاد بعد المجلس الأعلى للاتحاد (حكام الإمارات السبع) ورئيس الاتحاد ونائبه، ومجلس الوزراء الاتحادي.