كيف تفاعلت الإمارات مع زلزال تركيا وسوريا؟

سارة عويس- باحثة في برنامج دراسات الخليج
تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسهاعلى أن يكون الدعم الإنساني والتنموي جزءً أساسياً من علاقاتها بدول العالم، وهو ما انعكس في تصدرها القوائم العالمية لأكبر المانحين في مجال المساعدات التنموية، قياساً إلى دخلها القومي، حيث بلغ حجم المساعدات الإنمائية الرسمية لدولة الإمارات على أساس طريقة معادل المنح 6.81 مليار درهم إماراتي – أي ما يعادل 1.85 مليار دولار أمريكي- خلال عام 2020، وحازت على المرتبة الثانية عربيًا والـ 13 عالميًا في مؤشر العطاء العالمي.
وكعادتها سارعت الدولة الإماراتية بالتضامن مع تركيا وسوريا فور وقوع الزلزال المدمر بكلا البلدين في الخامس من فبراير الحالي-والذي بلغت قوته 7,8 درجة على مقياس ريخترن ووصلت حصيلة ضحاياه حتى الآن أكثر من 30 ألف قتيل وحوالى 80 ألف جريح- وأعربت عن خالص تعازيها للبلدين وشعبيهما، وقدمت إمدادات إغاثية عاجلة، وأرسلت فرق ميدانية للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ.
ويحاول هذا التحليل التعرف على طبيعة الاستجابة الإماراتية لكارثة الزلزال، في إطار جهودها المستمرة في العمل الإنساني، ومساعيها للتخفيف من معاناة المتضررين من هذه الكوارث الإنسانية.
أعمال إنسانية راسخة:

تـأتي الجهود الإنسانية لدولة الإمارات العربية المتحدة في إطار الدور الإنساني الذي تقوم به في إغاثة المحتاجين والمتضررين من الكوارث المختلفة، وهو ما يجسد مبادراتها الإنسانية التي تضطلع بها الدولة الإماراتية علي الساحة الدولية، ونهجها في مد يد العون إلي المجتمعات المتضررة حول العالم، عبر برامج ومشاريع إغاثية وإنسانية تخفف من معاناة تلك المجتمعات.
وتعكس الاستجابة والإغاثة السريعة التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه ضحايا الزلزال في كل من سوريا وتركيا؛ صورة مستمرة وراسخة من صور العمل الإغاثي والإنساني الذي تقوم به دولة الإمارات في كافة أنحاء العالم. ومن أهم الجهود التي قامت بها الإمارات في التفاعل مع أزمة الزالزل في تركيا وسوريا، ما يلي:
(*) عملية الفارس الشهم 2: تنفيذا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والقائد الأعلى للقوات المسلحة؛ أعلنت قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع بدء عملية “الفارس الشهم2″، وهي عملية تم عبرها إرسال 640 طنا من المساعدات الإغاثية حتى الآن، وذلك لدعم الأشقاء والأصدقاء في سوريا وتركيا، بمشاركة القوات المسلحة، وزارة الداخلية، وزارة الخارجية والتعاون الدولي، “مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان” للأعمال الخيرية والإنسانية، و”مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان” للأعمال الخيرية والإنسانية، والهلال الأحمر الإماراتي.
كما وجه الشيخ محمد بن زايد، جهات الاختصاص بإنشاء مستشفي ميداني، وإرسال فريقي بحث وإنقاذ، بالإضافة المزيد من الإمدادات الطبية العاجلة، لدعم المتضررين من هذا الزلزال، وهو ما يأتي في إطار “الاستجابة العاجلة والطارئة” لهذه الكارثة الإنسانية، ومحاولة التخفيف من آثار هذا الزلزال المدمر، الذي ضرب كلا من تركيا وسوريا،
(*) حملة “جسور الخير”، والتي انطلقت السبت 11 فبراير 2023، ونظمتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بالتنسيق مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي، ووزارة تنمية المجتمع، والمؤسسات الإنسانية الخيرة في الدولة، وتستهدف تجميع وتعبئة حزم المساعدات الإغاثية العاجلة للمتأثرين من الزلزال.
(*) المشاركة المجتمعية، حيث يعكف المتطوعين في كل من مركز أبوظبي الوطني للمعارض “أدنيك” ومركز دبي للمعارض في “إكسبو” دبي، بدءً من التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهراً، علي تعبئة وتغليف المساعدات الأولية، تمهيدا لإرسالها لإغاثة المتضررين.
كما نظمت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي الجمعة 10 فبراير2023، بثاً مباشراً علي قنوات أبوظبي للإعلام، لحث أفراد المجتمع علي المساهمة في دعم جهودها لإغاثة المتضررين من الزلزال، سواء من خلال التبرعات النقدية أو العينية.
مستويات عالية من االتفاعل:

على مستوى رئاسة الدولة، ومنذ وقوع كارثة الزلزال أعلن صاحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، التضامن الكامل مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، واستعداد دولته لتقديم كافة أنواع الدعم في هذه الظروف الصعبة لمواجهة آثار هذا الزلزال، وذلك خلال اتصال هاتفي مع الرئيس السوري بشار الأسد، عبر من خلاله عن خالص التعازي والمواساة للرئيس السوري ولشعبه وذوي الضحايا، سائلا المولي تعالي الرحمة للضحايا والشفاء العاجل للمصابين، كما وجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بإقامة صلاة الغائب علي أرواح الضحايا، بعد صلاة الجمعة الموافق 10 فبراير 2023، في جميع مساجد الدولة.
وقد بلغ عدد رحلات الجسر الجوي الذي أمر بتسييره الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، 22 رحلة، منها، 7 رحلات طيران إلي سوريا حتى الآن، حملت علي متنها مساعدات إنسانية، تضمنت مواد غذائية، إلي جانب 515 خيمة إيواء وإغاثة للمتضررين من الشعب السوري، كما وصلت مطار دمشق الدولي ثلاث طائرات إماراتية، وأخرى مقدمة من اليونيسيف قادمة من الإمارات محملة أيضا بمساعدات غذائية للمتضررين.
كما وصلت السبت 11 فبراير 2023، طائرة إماراتية إلي مطار دمشق الدولي محملة بمساعدات إغاثية للمتضررين من جراء الزلزال، لتكون بذلك الطائرة ال 13 التي ترسلها الإمارات ويبلغ وزن حمولتها نحو 88 طناً، ليتجاوز الدعم الغذائي والانساني المقدم لسوريا حتى الآن حوالي770 طن منن المساعدات الإنسانية والغذائية.
مجلس الوزراء الإماراتي، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بتسيير مساعدات إنسانية عاجلة للشعب السوري الشقيق بقيمة 50 مليون درهم، وذلك لإغاثة المتضررين من الزلزال الذي شهدته البلاد، كما أكد على أن دولة الإمارات حاضرة ومستعدة لدعم الأشقاء السوريين في مواجهة مصابهم هذا، مؤكداً على وقوف دولة الإمارات إلى جانب الشعب السوري، وستواصل مد يد العون، حتى الخروج من هذه المحنة.
وبحسب سلطان الشامسي مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون التنمية الدولية، سارعت الحكومة الإماراتية بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية بالدولة، من أجل إنشاء غرفة عمليات وبعد صدور التوجيهات مباشرة وفي أقل من 24 ساعة، أسرعت الإمارات بإرسال طائرات محملة بفرق الإغاثة وآليات إزالة الأنقاض، إضافة إلى الدعم الطبي.
مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، أكد محمد حاجي الخوري المدير العام لمؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، أن المؤسسة شهدت إقبالا كبيرا من المتبرعين لتقديم المساعدات النقدية والعينية، كما أنهم تلقوا تبرعات مختلفة، منها تبرع من جمعية أبو ظبي التعاونية بقيمة 2 مليون درهم، بالاضافة إلى 60 طنا من التمور، تبرع بهم أحد المسئولين في الدولة -رفض الإفصاح عن شخصيته-.
جمعية الشارقة الخيرية، أعلن عبدالله سلطان بن خادم ، المدير التنفيذي لجمعية الشارقة الخيرية، أنه تم استنفار الجهود الإنسانية، لتلبية نداء إغاثة سوريا ضمن حملة “جسور الخير” لتوفير الآف الحزم الإغاثية العاجلة لمتضرري الكارثة.
الهلال الأحمر الإماراتي، صرح الدكتور حمدان مسلم المزروعي رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر الإماراتي، إن جهود الهيئة لا تقتصر علي دعم وإغاثة المنكوبين فحسب، بل تتكفل بعدد من الأيتام المتضررين من الزلزال، سواء بالدعم المالي أو السكني والتعليمي خاصة في سوريا.
مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، دعا مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إلي إغاثة المتضلررين من الزلزال في سوريا وتركيا ودعم شعبي البلدين لمساعدتهما في تجاوز تلك المحنة، وقال المجلس في بيان له “أنه انطلاقا من واجبات القيم النبيلة، والجهود الإماراتية في العمل الإنساني، وتفعيلاً لمبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، الذي دعانا لتقديم العون والمساعدة لمن تعرض للمحن والشدائد والنكبات.
بالأخير، يتأكد حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على إغاثة المتضررين والمنكوبين خلال الكوارث كافة، وهو ما ظهر بوضوح في كارثة الزلزال تركيا وسوريا، حيث سارعت الدولة الإماراتية بمد يد العون إلى كلا البلدين، وقدمت كل ما يمكن تقديمه من مساعدات إغاثية وإنسانية لازمة في مثل هذه الظروف العصيبة، وهو ما يعبر عن مبدأ راسخ من مبادئ الدولة، والذي أرساه المغفور له الشيخ “زايد بن سلطان آل نهيان” يرحمه الله- ولا يزال قادة دولة الإمارات العربية المتحدة حريصون على استمرار هذا النهج، والتوسع في الإنفاق والبذل والعطاء تجاه الدول والشعوب التي تتعرض لكوارث إنسانية منذ اللحظات الأولى.