التبرير بالتقية: كيف تبرر “الإخوان” كذبها في التعامل مع الدولة المصرية؟

"الشرفاء" في مواجهة "البنا" و"جرار"

تتحدث كتب التربية عند الإخوان المسلمين عن التأصيل الفقهي لمفهوم التقية والممارسات العملية لتطبيق المفهوم لصالح الجماعة، حيث ذكر صلاح الصاوي (إخواني)، أنه “لا مانع من دعم الإخوان لفصيل إسلامي ينفذ عمليات إرهابية وفصيل أخر ينكر هذه العمليات”، وهو ما يدعوا إلى البحث في مبررات تناقض ممارسات الجماعة. حيث نص كتاب “الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر” على ما يفيد جواز مجاراة أهل البدع والكفر وقت الضعف لتحقيق غاية: “الذي نراه يصلح لحال الأمة في زمن ضعفها وانكسارها، هو التآلف والمداراة وليس التصلب والمجافاة.. أن تلبسه ببدعة لا يمنع من الإفادة منه في المواجهة مع قوى الكفر والعلمنة”. يفسر هذا التناقض، بيان مفهوم التقية في مناهج التربية لدى الجماعة، كمنهج حركي واجب الاتباع. والتقية، هو مفهوم فقهي، يبيح الكذب في التعامل مع الكفار في حال خشي المسلم على نفسه الهلاك.

 من هذا المنطلق؛ أباحت الجماعة استخدام الكذب في التعامل مع من هم خارج التنظيم، هذه الاستباحة مكنت افراد الجماعة من التغلغل في مفاصل بعض الدول العربية والوصول لبعض المناصب، كما مكنتهم من السير بالشائعات لإشاعة الفوضى والفتن. فضلًا عن أن تلك الإباحة للكذب والتزييف مكنت الجماعة من السيطرة على بعض مؤسسات، والتقرب من مراكز صنع القرار في بعض الدول الأوروبية، وتكوين ثروات طائلة ساعدت الجماعة في تكوين اقتصاد يوازي اقتصاد بعض الدول.

 من الشواهد التاريخية على استخدام الجماعة لمفهوم التقية، مئات الوقائع نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر؛ استخدم البنا مفهوم التقية في التعامل مع نتائج أحداث قضية السيارة الجيب عام ١٩٤٨، التي تم القبض فيها على خلية إخوانية اتهمت بالتخطيط لمجموعة من الاغتيالات وجرائم الحرق والتخريب، عندما وجد البنا أن القضية ربما تقضي على الجماعة تبرء من أعضاء الخلية من خلال بيان اصدره بمقولته الشهيرة “ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين”، وعندما وصل الخبر إلى المتهمين في القضية اعترفوا على المحرضين، وأكد المتهمون بأنهم يسعون لقلب نظام الحكم بتعليمات من جماعة الإخوان.

في ذات السياق؛ تخلى حسن الهضيبي عن المتهم في قضية حادث المنشية١٩٥٤، وحلف على المصحف كذبًا بأنه لا يعرفه، ومن الممارسات العملية لاستخدام مفهوم التقية أيضا في ذات القضية، إبلاغ المحامي الإخواني هنداوي دوير لقسم شرطة باب شرق بالإسكندرية عن المتهمين عندما بلغه فشل عملية الاغتيال. من التاريخ القريب؛ عقد الصفقات مع نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك للحصول على مقاعد في مجلس الشعب، والتصريح للعامة بعدم حدوث ذلك مدعين بأنها شائعات والقسم كذبًا على ذلك. وعن الممارسات التي تسير على درب البنا في استخدام التقية بوجهها الذي يحمل التناقض وعدم التزام وحدة معايير؛ التحريض ضد الدولة المصرية والاقتصاد المصري، فقد نشطت الجماعة في الترويج والدعوة لتجفيف منابع الدولار في السوق المصري وقت أزمة الدولار في مصر، في حين فعلت الجماعة النقيض وقت أزمة الليرة التركية، حيث دعت أبواق الجماعة في كل مكان بدعم الليرة وتحويل أرصدة المسلمين إلى الليرة لإنقاذ اقتصاد أردوغان، وأصدرت الفتاوي الإخوانية التي تعتبر دعم الليرة التركية نوع من الجهاد.

بناء عليه؛ يتضح ما يحمله استخدام مفهوم التقية من خطورة فكرية، حيث تؤصل الجماعة لمفهوم التقية في مناهجها وتتخذ من هذا المفهوم محتوى يدرس داخل الأسر الإخوانية. من هذا المنطلق؛ تم عقد حلقة نقاشية افتراضية بمقر مركز رع للدراسات بتاريخ 25 مارس 2025 لبيان وتحليل مفهوم التقية، وتوضيح كيف أصل مؤسس الجماعة “حسن البنا” للمفهوم، وسارت على دربه أفراد الجماعة حتى حينه. عقدت الحلقة النقاشية بين طرفين؛ الطرف الأول حسن البنا، بسام جرار. أما الطرف الثاني، فمثله د. محمد سالم أبو العاصي، والمفكر على الشرفاء الحمادي، وأحمد الشريف.

دارت المناقشة حول اسباب استخدام الجماعة لمفهوم التقية في العمل السياسي والاجتماعي، وتأصيل حسن البنا للمفهوم في رسائله، ومحتوى المناهج التي أعدتها الجماعة وربت عليها أعضائها، وبيان ما يعكسه هذا الاهتمام بالمفهوم لدى الجماعات المتطرفة من خطورة فكرية، من خلال بيان بعض المواقف التاريخية التي استخدم فيها مؤسس الجماعة للتقية.

لقراءة العدد كاملًا الرجاء الضغط على الرابط: العدد الـ 13- مفهوم التقية_ مناظرة افتراضية

أسماء دياب

د. أسماء دياب، المدير التنفيذي للمركز، ورئيس برنامج دراسات التطرف والإرهاب، دكتوراه في القانون الدولي- كلية الحقوق جامعة عين شمس، حاصلة على ماجستير القانون الدولي جامعة القاهرة، وحاصلة على دبلوم القانون الدولى جامعة القاهرة. وحاصلة على دبلوم القانون العام جامعة القاهرة، خبيرة في شئون الحركات الإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى