المتحف المصري الكبير.. هدية مصر للعالم وتاج الحضارة الإنسانية

كيف فضح افتتاح أعظم متحف في التاريخ جهل الحاقدين وكشف عظمة المصريين القدماء

حين تتحدث مصر يصمت التاريخ إعجابًا

في لحظة فارقة من عمر الأمة، تقف مصر من جديد شامخة، ترفع راية الحضارة وتقدّم للعالم مشروعًا لا مثيل له: المتحف المصري الكبير (Grand Egyptian Museum)، أكبر متحف في التاريخ مخصص لحضارة واحدة، حضارة المصريين القدماء، تلك الحضارة التي شكّلت أساس العلم والإدارة والفن والدين والقانون، والتي لا تزال بعد آلاف السنين مصدر إلهام للبشرية كلها.

بكلفة إجمالية تتجاوز 550 مليون دولار، منها 300 مليون دولار قرض ياباني ميسّر من وكالة التعاون الدولي اليابانية، شُيّد هذا الصرح في أحضان هضبة الجيزة على مقربة من الأهرامات، ليكون رسالة مصر إلى العالم تؤكد أن الحضارة المصرية لا تموت، وأن من بنى الأهرام لا يعرف المستحيل.

المتحف المصري الكبير مشروع دولة لا نظام

من المضحك المبكي أن يحاول بعض المعارضين والمشككين أن يصوّروا هذا الحدث الكوني بأنه مجرد مشروع “تلميع سياسي”.

والحقيقة التاريخية أن فكرة المتحف تعود إلى عام 2002 حين أُعلن عنها في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، واستمر التنفيذ خلال فترات انتقالية متعددة حتى تم الانتهاء من أكثر من 96% من الأعمال في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وفّر له الإرادة السياسية والدعم الكامل ليظهر للعالم في أبهى صورة.

إذن فالمتحف مشروع وطن لا نظام، شاركت فيه أجيال من الأثريين والمهندسين والعلماء والعمّال عملوا ليل نهار لتقديم هدية مصر الكبرى للعالم. إنه تتويج لسياسات دولة استثمرت في القوة الناعمة واعتبرت الثقافة ركيزة للأمن القومي لا ترفًا.

رسالة مصر إلى العالم •• حضارة لا تعرف الانقراض

يضم المتحف أكثر من 100,000 قطعة أثرية، بينها مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة التي تُعرض لأول مرة بشكل متكامل داخل قاعات مجهزة بأحدث تقنيات العرض المتحفي ثلاثي الأبعاد والإضاءة الذكية والبيئة المناخية المهيأة للحفاظ على الآثار.

ويضم أيضًا تمثال رمسيس الثاني الذي استقبل الزائرين، وتم نقله من ميدان رمسيس إلى بهو المتحف في مشهد عالمي نقلته القنوات الدولية باعتباره واحدًا من أعظم عمليات النقل الأثري في التاريخ الحديث.

هذا المتحف ليس مجرد مخزن للآثار، بل مركز علمي وتعليمي وسياحي يعيد تعريف مفهوم المتحف كمنصة لتفاعل الإنسان مع تاريخه، ويجعل من زيارة مصر تجربة إنسانية وروحية لا تُنسى.

فرعون ملك ظالم ولكن المصريين خالدوا المجد

يروج بعض المغرضين، خاصة من المتربصين بتاريخ مصر، لفكرة مغلوطة أن الحضارة المصرية حضارة “وثنية” ارتبطت بالطغيان والفرعونية الظالمة، وكأن كل ملوك مصر نسخة من فرعون موسى المذكور في القرآن الكريم.

والحقيقة، كما يؤكد المؤرخون وعلماء الأديان، أن الفرعون الظالم كان شخصًا واحدًا بذاته لا يمثل الشعب المصري ولا حضارته. لقد ذمّه القرآن الكريم باسمه رمزًا للطغيان الإنساني، وليس رمزًا للمصريين، فقال تعالى: “فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ” (الزخرف: 54)

أما المصريون القدماء فقد عرفوا العدالة قبل أن يعرفها العالم، وقدّسوا فكرة الحق والضمير، واعتبروا الكذب جريمة كبرى. هم من أسّسوا أول دولة مركزية في التاريخ، وأول جيش نظامي، وأول إدارة حكومية. وهم من أبدعوا في الطب والهندسة والعمارة والفلك والكتابة. هؤلاء هم أجدادنا القدماء المصريين، وهؤلاء من يكرمهم المتحف المصري الكبير، لا الطغاة.

مشروع وطني اقتصادي بامتياز

من ينظر إلى المتحف بعين الاقتصاد فقط لا يدرك أن الاستثمار في الحضارة هو أذكى أنواع الاستثمار طويل الأجل.

فالمتحف الكبير سيجعل من منطقة الجيزة أكبر مركز سياحي ثقافي في الشرق الأوسط، وسيساهم في مضاعفة أعداد الزائرين لمصر إلى أكثر من 20 مليون سائح سنويًا خلال السنوات القادمة، بحسب توقعات وزارة السياحة والآثار.

سيخلق المشروع آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ويُدخل مليارات الدولارات سنويًا إلى الاقتصاد الوطني من خلال تذاكر الدخول والعروض الثقافية والمطاعم والمتاجر والفنادق المحيطة. كما سيعيد إلى مصر مكانتها كقلب الثقافة الإنسانية، ويجعلها من جديد مركز إشعاع حضاري في مواجهة موجات الجهل والتطرف التي اجتاحت المنطقة.

المتحف الذي كشف الأقنعة

من المدهش أن حدثًا بهذا القدر من العظمة قد كشف “أقنعة كثيرة”. فقد أظهر من يحب مصر حبًا صادقًا، ومن لا يحتمل أن يراها في موضع الصدارة. كشف حقد المتربصين وجهل المزايدين وضيق أفق من يقيس قيمة مشروع حضاري بثمن أنبوبة غاز. أما مصر فماضية في طريقها لا تلتفت إلى الخلف، لأنها تعلم أن من يملك التاريخ لا يخاف من الحاضر.

مصر تكتب التاريخ من جديد والعالم ينظر ويتعلم

المتحف المصري الكبير ليس مبنى من الحجر والزجاج، بل سيرة وطن بأكمله. إنه حكاية المصري الذي قاوم النسيان فحفظ تراثه وسط العواصف، وها هو اليوم يقدمه للعالم في أبهى صورة.

إن افتتاح هذا المتحف هو بيان رسمي بأن مصر ما زالت وستظل معلمة الدنيا، وهو رسالة للأجيال القادمة أن من بنى الأهرامات لا يمكن أن يهدمه حاقد أو جاهل.

إنه تأكيد أن الحضارة المصرية لا تنتمي إلى الماضي، بل تمتد إلى المستقبل تُلهِم وتعلّم وتبني. فليتحدث الحاقدون، ولتبقَ مصر

أرض الشمس الأولى، أم الدنيا، وأم الحضارة، وأم الإنسانية. “تمضي مصر في طريقها لأنها تعرف أن من يملك التاريخ يصنع المستقبل.”

لواء أحمد زغلول

اللواء أحمد زغلول مهران، مساعد مدير المخابرات الحربية الأسبق، وعضو الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية. كما أنه خبير متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى