“إمام” في لقاء الأربعاء.. انتخاب برلمان قوى يتطلب دعم الدولة لـ “تنافسية الأحزاب” دون دعمها ماليًا
"حلقة 2".. مشروع برلمان 2025 ومستقبل العمل السياسي في مصر

كتابة.. ضياء نوح وزياد مصطفى
استضاف مركز رع للدراسات الاستراتيجية في 14 مايو 2025 النائب عبدالمنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ورئيس حزب العدل في حلقة نقاشية بعنوان “واقع الأحزاب واستعدادها للانتخابات البرلمانية المقبلة”.
في بداية اللقاء تناول د. أبو الفضل الإسناوى المدير الأكاديمي للمركز، واقع الأحزاب السياسية في مصر وتأثيره على تشكيل البرلمان المقبل، مشيرًا إلى أن الخريطة الحزبية في مصر حدث فيها نوع من التغيير بالأخص بعد 2011، ففي برلمان 2005 كان عدد الأحزاب في البرلمان هم خمسة أحزاب وفي 2012 وصل إلى 23 حزبًا وتراجع إلى 19 في برلمان 2015، ثم تكرر التراجع في 2020 ليصلوا إلى 13 حزبًا. وينعكس هذا الواقع على تحالفات البرلمان من الداخل، وقال الإسناوي إن الحالة الحزبية في مصر غير مستقرة.
وبدأ د.عبدالمنعم حديثه، قائلًا إن النهوض بالدولة وتدشين جمهورية جديدة من المهم أن يكون في إطار تنمية سياسية شاملة قائمة على التدرج ويجب أن يكون أساسها البنيوى مختلف عن الماضي.
وأشار رئيس حزب العدل على أهمية تعزيز بنية المنافسة الانتخابية والتي لا ينبغي احتكارها (تغييرها) من قبل الحزب الحاكم أو حزب الأغلبية لأن قرار تغيير بنية المنافسة يقتصر على الدولة فقط (النظام السياسي بكافة مكوناته)، وقال إمام إنه استطاع تقديم تجربة حقيقية داخل الحزب في ظل ظروف شديدة الصعوبة، مؤكدًا أن العدل حزب ليبرالي اجتماعي معني بالإصلاح يستهدف بالأساس فئة الشباب التي تمثل نحو 45% من أعضائه.
وذكر أن مصر البلد الوحيد في العالم الذي لا ينتمي رئيس الجمهورية فيه لأي حزب، بالتالى لا يوجد حزب حاكم. وعليه، من الضروري أن تقف مؤسسات الدولة وجهازها الإداري على مسافة واحدة بين الأحزاب السياسية، وأكد أن من أهم مشاكل الأحزاب في مصر هو غياب التوجهات السياسية للأحزاب، وشدد على أهمية عودة مراكز الشباب وقصور الثقافة وعمل نماذج محاكاة للشباب لتدريبهم على العمل السياسي والحزبي،
وأكد إمام أن الدولة المصرية تحاط بظروف إقليمية ودولية صعبة، وتحتاج لدعم تماسك بنيتها الداخلية وإدارة التوازن باستيعاب الجميع من داخلها ودمج الشباب في الحياة الحزبية بديلًا عن “سوشيال ميديا الإخوان” التي تثير النقمة في أوساط الأجيال الشابة.
وردًا على سؤال د. حامد محمود الباحث المشارك بالمركز قال إمام إن نشر الوعي الحقيقي مسئولية النخبة وليس الدولة وأن النخبة لم تعد تفرق بين حرية التعبير والمعارضة وأن النخبة تتبع مبدأ الرأى الواحد وأن أى مخالفة عن هذا الرأى يعتبر غير مسموح ويجب أن تعود قصور الثقافة ومراكز الشباب لعمل نماذج محاكاة ومناظرات لتعليم أُسس الحوار، وأوضح أن إذا أرادت الدولة عمل تنمية سياسية فيجب أن يكون هناك قوائم نسبية.
وفي تعقيبه على مداخلة د. أحمد الشورى أستاذ العلوم السياسية حول عدد مقاعد حزب العدل التي اقتصرت على مقعدين فقط في برلماني 2012 و2020؛ أرجع إمام ذلك إلى وجود تباين داخل الحزب بين التنافس على قوائم الإخوان أو الكتلة المصرية إلا أن الحزب رفض الدخول في استقطابات تلك المرحلة، وأضاف “كان موقفًا سياسيًا دفعنا ثمنه”.
ونفى عبد المنعم إمام “ارتباط البنية التنظيمية لحزب العدل بشخص رئيسه”؛ مشيرًا إلى أن ازدياد نشاط الحزب وزيادة عدد الرموز داخله يظهر بنية الحزب القوية، وقال إن مشروع قانون الأحزاب المقدم من الحزب تضمن قصر مدة رئاسة الحزب بدورتين فقط، وأن يقدم كل رئيس حزب إقرار ذمة مالية سنويًا.
وحول المشروع الاجتماعي للحزب؛ أشار عضو مجلس النواب إلى أن الحزب يستهدف الشباب وجيل الوسط ويدعم توسيع قاعدة الطبقة المتوسطة، وقد قدم الحزب مشروع قانون بشأن إيصالات الأمانة التي تتسبب في ظهور أزمة الغارمات، كما أشار إلى طرحه على وزير التموين أن يكون الحد الأدني للأجور 6000 جنيه بدلًا من 4000، إلى جانب طرح ورقة للحزب عن مميزات كل من الدعم النقدي والعيني وحظيت بتقدير مجلس الوزراء. وفي المقابل قال إمام إن جزءًا من التحديات تتمثل في عدم تجاوب الإعلام مع الحزب للتعرف على جهوده ونشاطه، منوهًا لتقديم أوراق الحزب للعديد من الصحف والقنوات.
وحول تساؤل الكاتب الصحفي أ. وائل علي هل المصريون مؤهلون للديمقراطية ؟ أجاب رئيس حزب العدل أن المصريين قطعًا مؤهلون للديمقراطية، وأن الشعب المصرى يتمتع بالوعي الذكاء ولديه عمق حضاري، والدليل على ذلك قدرته على التصدى لمخطط الإخوان، مشيرًا إلى أن الديمقراطية قادرة على تصحيح أخطائها ولا توجد آلية لانتقال السلطة سوى الأحزاب والديمقراطية.
وفي رده على تساؤلات مستشاري المركز د. محمد أبو سريع ود. أشرف الدبش وكبير الباحثين د. حسام البقيعي حول المؤشرات التي ينبغي أن يراها رجل الشارع ليستعيد الثقة بالحياة الحزبية؛ قال إمام إن المشكلة تكمن في تغيير بنية المنافسة في كل انتخابات ومن المهم أن تدعم الدولة تنافسية الأحزاب وليس من المطلوب دعمها ماليًا، واقترح رئيس حزب العدل تدشين وثيقة سياسية للتحول الديمقراطي على غرار الوثائق التي أصدرتها الدولة في مؤخرًا مثل وثيقة ملكية الدولة والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مشددًا على أهمية على أهمية وجود رؤية واضحة لتعزيز تلك التنافسية من خلال إجراء الانتخابات بالقوائم النسبية أو تهيئة الظروف لذلك في المستقبل القريب، وفي حالة الاضطرار للقوائم المغلقة المطلقة في الانتخابات المقبلة ينبغي بحث الأوزان النسبية للأحزاب (المؤتلفة انتخابيًا) على الأرض وعدم اقتصار التنافس بينها داخل الغرف المغلقة.
وردًا على سؤال رئيس وحدة دراسات مصر أ. رضوى محمد حول انفصال الأحزاب عن احتياجات المواطنين وعدم تفعيل قرار الحد الأدنى للأجور؛ ذكر عبد المنعم إمام أن المشكلة ليست في السياسات ولكن المشكلة في القرار وتفعيله، وأشار إلى أن سياسات بعض الوزارات تتغير جذريًا بتغير الوزير على مبدأ “إنسف حمامك القديم”. وقال إمام إن حزبه معني ليس فقط بطرح البديل في صورة أوراق سياسات وإنما بتجسيد البديل على الأرض عبر بناء وتأهيل كوادره، مشيرًا إلى أن هناك كوادر كثيرة (من خارج الحزب) قادرة على حل جميع مشاكل المصريين في كل القطاعات والخروج من الأزمات. وأشار رئيس حزب العدل في هذا السياق إلى أهمية عقد الانتخابات المحلية التي ستسمح بتحسين الاستجابة لتحديات المواطنين اليومية نظرًا لصعوبة متابعة عضو مجلس النواب لشئون دائرته الانتخابية بكفاءة في ظل اتساع نطاقها الجغرافي.
وحول تساؤلات أ. عبير مجدي الباحثة في الشؤون الأفريقية بالمركز، والباحث أ. زياد مصطفى عن آليات محاسبة النواب بناء على أدائهم التشريعي وتحديات سيطرة المال السياسى على المشهد الانتخابي؛ قال إمام إن محاسبة النواب تقتصر على سحب الشرعية من عضو مجلس النواب المقصر بعدم انتخابه مرة أخرى، واعتبر أن المال السياسى ليس مشكلة في حد ذاته ولكن التحدي الحقيقي في الانفراد وعدم وجود بدائل أمام الناخب التي تمنحه الفرصة لفرز برامج المرشحين والتصويت على أساسها.