هل تتجه الولايات المتحدة الأمريكية نحو سيناريو الحرب الأهلية؟

من حوار روبرت ليبرمان لمجلة فورين أفيرز

عرض: عبد الرحمن سعد الدين

بينما يزداد حضور العنف السياسي بالولايات المتحدة الأمريكية خصوصًا بعد محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والمرشح الجمهوري ضد الرئيس الحالي جو بايدن في الانتخابات المقبلة نوفمبر 2024، أجرى دانيل لوك كبير محرر مجلة فورين أفيرز في 14 يوليو الجاري حوارًا مع روبرت ليبرمان أستاذ العلوم السياسية بجامعة جونز هوبكنز بعد محاولة الاغتيال، التي تعرض لها ترامب، وهي الأول من نوعها بعد نحو 40 عامًا من اغتيال الناشط السياسي الأمريكي مارتن لوثر كينج.

روبرت ليبرمان
أستاذ العلوم السياسية روبرت ليبرمان

موجة جديدة من العنف السياسي

تظهر ضبابية الرؤية في الفترة الحالية، نتيجة للتوترات التي يعاني منها المجتمع الأمريكي وصعوبة إدراك حلول حاسمة للانقسام الذي يعاني منه، كما تظهر عدم قدرة أي من المرشحين على توحيد المجتمع الأمريكي خلفه لتجاوز تلك الأزمة في ظل الصراعات المشتعلة بين مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب ومرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن.

وتمثل حالتا اغتيال الرئيس الأمريكي السابق جون كيندي والمرشح الحالي لرئاسة الجمهورية دونالد ترامب، نقطة فارقة في التاريخ الأمريكي نظرًا للصدى الهائل لكلا الحدثين، والذي بدوره يؤثر على الحسم المسبق للسباق الرئاسي، وسيؤثر من جديد على اختيار الرئيس المقبل للولايات المتحدة.

ويبرز الفارق الكبير بين حالة كينيدي وحالة ترامب في درجة الاستقطاب، حيث يعاني الداخل الأمريكي في الفترة الراهنة من انقسام داخلي شديد واستقطاب بين كلا المرشحين يصل الى درجة هائلة من التصعيد الدائم طوال الوقت، ولم يعد الصراع مقتصرًا على كلا المرشحين وحزبيهما، وإنما امتد ليشمل استقطاب واضح يضم كل أفراد المجتمع الأمريكي، والذي ينبئ بدوره بانفجار وفتنة داخلية قد تحدث في أي وقت.

ويشير ليبرمان إلى وجود 4 أسباب ساهمت في إحداث اضطراب سياسي في أي وقت من الأوقات، وهي الاستقطاب السياسي، والصراع حول من ينتمي للمجتمع السياسي، وزيادة عدم المساواة بين المواطنين، وتوسع صلاحيات السلطة التنفيذية. وتتميز الفترة الحالية بوجود كل هذه الأسباب مجتمعه في وقت واحد مقارنة بغيرها منالفترات السابقة في التاريخ الأمريكي، مما عزز حظوظ دونالد ترامب طوال الفترة الماضية، وكان سببا رئيسيا في اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021.

كيف ينتهي الحال بالمجتمع الأمريكي؟

ويبدي أستاذ العلوم السياسية الأمريكي تخوفه من السياسات العدائية، والمحرضة على العنف بشكل دائم خاصة من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أكد من قبل على تزوير الانتخابات في 2020، مما حفز أنصاره لاقتحام الكابيتول مسببين خسائر كبيرة. ومن الممكن أن يكون ما حدث ليس نهاية المطاف، إلا أنه إشارة لبداية حملات عنف منظمة حال هزيمة دونالد ترامب تكون أكثر اتساعًا من الآن.

وعلى الجانب الآخر كان تفاعل الرئيس الأمريكي الحالي مناسبًا، حيث أعلن دعمه لجميع المتضررين من الحادث بما فيهم المرشح الحالي للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، نظرًا لمحاولة بايدن أن يظهر في الفترة الحالية بمظهر رجل الدولة، الذي يسعى نحو تجنيبها ويلات الحرب الأهلية.

ومن الجدير بالذكر أنه ليس من السهل على جو بايدن أن يوحد الأمريكيين نظرًا للمشاكل الكبيرة التي يعاني منها المجتمع الأميركي، إضافة لعدم اقتناع المواطنين بقدرة بايدن على أن يكون رجل الدولة في ظل هذه الظروف.

الديمقراطية الأمريكية أمام اختبار العنف

تزيد المشكلات والأزمات المتلاحقة التي يواجهها المجتمع الأمريكي من تعقيدات حالة الاستقطاب السياسي الحاد المفضي لأشكال مختلفة من العنف؛ ويرى “ليبرمان” أنه من الضروري أن يشعر جميع المواطنين على حد سواء بالخطر الذي يواجه المجتمع الأمريكي كما حدث من قبل بعد محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي، والذي لقى دعمًا كبيرًا من المجتمع الأمريكي ككل وأولهم خصومه، لكنه يشير في الوقت ذاته لتضاؤل فرص الوحدة حاليًا نتيجة لزيادة التنافس السياسي بين كلا الحزبين لدرجة لم يشهدها التاريخ الأمريكي من قبل.

ويزداد الأمر تعقيدًا، نتيجة للدفعة الكبيرة التي حصل عليها ترامب، جراء محاولة الاغتيال الفاشلة، حيث تزداد حظوظ دونالد ترامب بشكل كبير في اعتلاء كرسي الرئاسة، وسيحصل على فرصة حقيقية لتنفيذ سياساته المختلفة، التي يسعى بواسطتها إلى زيادة سلطات الرئيس الأمريكي بشكل غير مسبوق، والذي يؤدي بدوره إلى إهدار مبادئ الديموقراطية الأمريكية، مما يزيد من ضبابية المشهد السياسي الأمريكي في المستقبل.

نقلا عن مجلة فورين أفيرز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى