موقف «زايد» القائد في حرب السادس من أكتوبر

الشيخ زايد- رحمه الله- هو الذي بادر كأول رئيس دولة عربية باتخاذ قرار قطع البترول عن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية.

وكنت أنا شاهد عيان على ذلك الحدث التاريخي، حين طلب مني- رحمه الله- أن أصله بوزير البترول الإماراتي في ذلك الوقت، مانع العتيبة، أثناء اجتماع أعضاء دول الأوبك الدول العربية للبترول، قبل أن ينتهي المؤتمر.

وبعد ما أوصلته مع الوزير، سمعت الشيخ زايد- رحمه الله- يعطي وزير البترول تعليمات بالإعلان في مؤتمر صحفي بالكويت عن قرار الشيخ زايد بقطع البترول، وقال قولته المشهورة: «إن البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي».

وبعد قرار الشيخ زايد بيومين، اتخذت المملكة العربية السعودية، نفس الموقف، وهذه شهادتي للتاريخ حتى لا يضيع الحق في زحمة فرق النفاق، وليعرف المصريون الموقف المشرِّف للشيخ زايد، ووقوفه مع أشقائه المصريين ما يؤكد عروبته المخلصة للأمة العربية، ودعمه المالي للقوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر بشهادة الرئيس المرحوم حسني مبارك، عندما قابلته مندوبًا من قِبل المرحوم الشيخ زايد للتعزية في استشهاد المرحوم الزعيم أنور السادات، حيث أبلغني حينها شكره العميق للشيخ زايد، على دعمه المالي الذي استفادت منه القوات الجوية، لتامين قطع الغيار للطائرات المقاتلة.

إن موقف الشيخ زايد بقطع البترول قد فتح جبهة واسعة مع الأمريكان والعرب لتحقيق الضغط على إسرائيل للانسحاب من سيناء، منتصرًا لمصر، ومشاركًا حقيقيًا في معركة الشرف العربية.

وأنا أكتب هذه الأحداث للتاريخ بكل تجرُّد وإخلاص لرجل عاش عمره يمثل الضمير الحي للأمة العربية، وكان يسعى دومًا لتضميد جراح أمته العربية، ومبادراته بالإصلاح بين الأشقاء من أجل تحقيق وحدة الصف العربي، ويؤمن بأن مصر هي الركيزة الأساسية لمستقبل الأمة العربية، والقاعدة الوحيدة لأمنها القومي.

والجدير بالذكر أنه قبل قيام إسرائيل بغزو لبنان، توجَّه المرحوم الشيخ زايد لمقابلة الملك خالد لإعادة العلاقات مع مصر، حتى تكون في المواجهة مع العرب لصد العدوان الإسرائيلي الذي ستقوم بتنفيذه إسرائيل، بعد أن أبلغ الشيخ زايد ياسر عرفات بأن إسرائيل تبيت نية الغزو.

وقد طرح المرحوم الشيخ زايد موضوع عودة العلاقات العربية مع مصر، لضرورات الأمن القومي، والقوة الوحيدة في العالم القادرة على رد كل أنواع العدوان على الوطن العربي.

وكان الشيخ زايد هو الزعيم العربي الوحيد الذي حطَّم الأغلال التي تعيق عودة مصر للعالم العربي، عندما أعلن بعد انتهاء مؤتمر القمة العربي في عمان- عاصمة الأردن- عودة العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية مصر العربية، وأرسل معالي الشيخ راشد عبد الله وزير خارجية الإمارات في ذلك الوقت حاملًا رسالة للمرحوم الرئيس حسني مبارك.

ذلك هو زايد الذي أدرك بوعيه ورؤيته مكانة مصر في قلب الأمة العربية. رحم الله الشيخ زايد، وستظل مواقفه الوطنية المجردة من كل مصالح خاصة أو استغلال سياسي للعلاقات العربية- العربية، بل كان يدعو ويناضل من أجل تحقيق التعاون العربي ووحدة الصف بين الأشقاء العرب.

المفكر على محمد الشرفاء

مفكر وكاتب عربي مشغول بهموم أمته.. لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.. وينفذ مشروع عربي لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام.. الكاتب قدم للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى