إنشاء مذهب جديد للمسلمين
قال الله سبحانه: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ) (آل عمران: 19)، وقال أيضًا (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85).
وأمر المسلمين بقول صريح ومحدد، ليطيعوه إن كانوا مؤمنين حقاً: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ).
تحذير من التفرق إلى مذاهب وطوائف:
وحذر الله المسلمين من التفرق إلى مذاهب وطوائف ومرجعيات متعددة ضيعت المسلمين أكثر من أربعة عشر قرنا في حروب ودماء بسبب المذاهب التي ما أنزل الله بها من سلطان، مخاطباً الرسول بقوله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ 159) (الأنعام: 159).
ثم يشبه الله الذين فرقوا دينهم إلى أحزاب وفرق كل حزب بما لديهم فرحون بالمشركين، في قوله سبحانه: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ(32) (الروم: 31-32).
الاستعلاء يحدث الصراع بين المسلمين:
يستعلون على الناس ويأخذهم الغرور بأن يقنعوا أنفسهم بأنهم أهل الحق ومرجع الحقيقة لرسالة الإسلام، وهم الفرقة الناجية، ليحدث التنافس والخلاف والصراع بين المسلمين، وليهلكوا بعضهم بعضًا بسفك الدماء وتخريب البيوت وتشريد النساء والأطفال وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً.
فهل ينقص المسلمون مزيداً من المذاهب التي فرقتهم ونشرت الفتن بينهم، وقطعت بينهم سبل التراحم والتعاون والوحدة بالاعتصام بحبل الله ، وبكتابه المبين القرآن الكريم؟! ليخرج علينا أحد شيوخ الدين يبشرنا بأنه يعكف على إنشاء مذهب جديد للمسلمين لينفث في عقيدتهم سمومًا جديدة، وفتنة تضيف إلى ما وضعه أصحاب المذاهب، حتى نسي المسلمون ربهم واتبعوا مذاهب متفرقة، وتنافسوا على الأتباع في صراع على الدنيا، ليستمر المسلمون في هجر الذكر الحكيم، لتحل محله هلوسات أئمة المذاهب، ليؤلفوا تشريعات من عند أنفسهم دون خشية من الله ودون اتباع لهديه، ودون اعتبار للشريعة الإلهية والمنهاج الرباني في آياته
ألم يكتفي المسلمون من تعدد المذاهب والفتاوي، وبين أيدينا كتاب ينطق بالحق ويهدي إلى النورـ بعد ما أدى الرسول عليه السلام الأمانة العظيمة وبلغ الناس في حجة الوداع بقوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3).
نتائج الفرقة والتمزق:
ألا يكفي المسلمون نتائج الفرقة والتمزق والتفرق والتحزب والتنافس على مصالح الدنيا! فماذا سيفعلون عندما يقفون أمام الواحد القهار يوم الحساب؟ وماذا ستكون إجابتهم على سؤال ربهم بقوله: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18)) (الفرقان: 17-18).
وقول الله سبحانه مخاطبًا رسوله عليه السلام: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6).
مهمة الرسول الأمين:
وحينما يتحدث عن أحاديث الآحاد فما بال الأحاديث الأخرى، وهل أمر الله رسوله بأن يؤلف أحاديث من عنده، لتكون مرجعية للتشريع للمسلمين.
إن الله حدد لرسوله الأمين مهمته في حمل الكتاب المبين وتبليغ آياته وفروض عباداته وتشريعاته ومنهاجه، ليتلوا على الناس آياته فقط في قوله سبحانه: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف: 1).
التكليف الإلهي للرسول:
ألم يكلف الله رسوله في مهمته المقدسة بقوله التقيد الكامل بما أنزل إليه من آيات القرآن الكريم في قوله سبحانه: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (الزخرف: 43).
فما الذي أوحى الله لرسوله أليس القرآن واتباعه كما أمر الله المسلمين إن كانوا مؤمنين بالله ورسوله في قوله سبحانه: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 3) حتى أن الله لم يقل في كتابه اتبعوا ما يقوله لكم محمد عبده ورسوله بل أمر الله رسوله بقوله: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (ق: 45).
شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا:
بل خاطب الله الناس معرفاً لرسوله عليه السلام ومحددا مهمته بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (46) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا الأحزاب(47)) (الأحزاب 45-47).
فهل يا ترى أنزل الله على أحد من عباده ديناً جديدا يتطلب مذهباً جديداً ليفتتن الناس به ويزيدهم رهقا وبؤساً وشقاء؟! وإذا حدث للمسلمين فهل تاهوا عن كتاب ربهم بعدما هجروه؟! هل أضلتهم الشياطين عن الطريق المستقيم؟!
نسوا الله فأنساهم أنفسهم:
هل نسوا أن الرسول الذي أنزل الله عليه القرآن أنه كان خاتم الرسل والأنبياء؟! هل البحث في إعلاء الذات تقودهم الشهوات وغرائز السلطة والتقرب للسلطان بأن ينسوا الذكر الحكيم والحقيقة المطلقة؟! كما قال الله سبحانه: (نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (الحشر: 19).
ومن ينسى الله يتوه في الظلمات، ولا يستطيع رؤية النور بعد ما فقد البصر والبصيرة، والسلام على من تبقى من المؤمنين الذين عاهدوا الله بقولهم: (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (آل عمران: 285).