منصات مضللة: كيف تنظر جماعة الإخوان إلى أحكام إعدام قياداتها؟
عادت فضائيات جماعة الإخوان الإرهابية التي تبث من تركيا، إلى لهجتها التحريضية ضد مؤسسات الدولة المصرية، وذلك بالتزامن مع إصدار محكمة النقض في الـ 14 من شهر يونيو الجاري لأحكاماُ نهائية بالإعدام ضد 12 من قياداتها.
المُتابع لمنصات الجماعة الإرهابية بمختلف أشكالها يتبادر لذهنه أن عناصرها أصيبوا بالجنون، لدرجة تشكيكهم في أحكام القضاء المصري، وترويجهم خطًأ بأن الشارع المصري يقف في صفهم، فقد تلاحظ سيطرة حالة هسترية على مذيعي تلك القنوات منذ ما يقرب من أسبوع، حيث تجدهم يسعون إلى تصدير على غير الواقع إلى الرأي العام الدولي، بأن أحكام الإعدام أحدثت سخط عام لدى الشارع المصري.
تأسيساً على ما سبق، يمكن طرح التساؤل الأتي، وهو: كيف تنظر جماعة الإخوان إلى أحكام إعدام قيادتها؟، وكيف تضلل تلك الجماعة الرأي العام الدولي وتنقل صورة غير حقيقة عن تلك المحاكمات؟.
صورة غير صحيحة:
الواقع، يشير إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية تعيش حالة من التخبط، على إثر فشلها في التأثير على الشارع المصري، ومحاولة إثارته أملا في إحداث فوضى داخل مصر تستغلها الجماعة، وجاءت تأييد أحكام الإعدام على قيادات الجماعة، لتنهى على ما تبقى من عقل لدى أنصار الجماعة وتدمر مخططاتهم، فذهبوا يطلقون الاتهامات الجوفاء من منصاتهم الإعلامية، مثل ترويج مصطلح “محاكمة جماعية”، وهو اصطلاح مبتكر الهدف منه تدويل القضية، للمطالبة بمحاكمة المسئولين أمام المحاكم الدولية، وادعوا أن المحاكم التي حوكم الإخوان أمامها محاكم استثنائية على غير الحقيقة، كما ادعوا أن المحكوم عليهم ضحايا، قبض عليهم قبل أو بعد فض رابعة، كما روجت المنصات الإخوانية، لوجود أزمة داخل مصر بسبب أحكام الإعدام، لن تنفرج إلا بإلغاء الإعدامات على غير الحقيقة، وتمثلت أهم ادعاءاتهم، فيما يلي:
(*) استدعاء الخارج: حيث استخدمت الجماعة من خلال أنصارها مصطلح “محاكمة جماعية” و”إعدامات جماعية”، لمحاولة تصوير المشهد لدى المُتلقي، بأن قيادات الإخوان حكم عليهم بعقوبة أشبه بـ “الإبادة الجماعية”، لاستجداء ثكالا حقوق الإنسان من جانب، ومحاولة تدويل القضية وصناعة مظلومية، والترويج لها من جانب آخر. الحقيقة أن المحاكمات صدرت ضد قيادات الإخوان، بناء على اتهامات أثبتت بشهادة الشهود، فكان من ضمن الشهود شهادة اللواء محمد إبراهيم، التي تضمنت أن “عدد من المعتصمين كانوا مسلحين بأسلحة نارية، وأطلقوا النار بشكل عشوائي، مشيرا إلى أن بعضهم، أصيبوا بنوع رصاص لا تستخدمه الشرطة، فضلا على أن خمسة ضباط استشهدوا في الخمس دقائق الأولى من فض الاعتصام، مما يؤكد أن الشرطة لم تتعامل بالرصاص، إلا لمواجهة إطلاق الرصاص الذي وجه إليها من داخل الاعتصام”.
بناء على ما تقدم؛ فقد واجه المتهمون في قضية فض رابعة، تهم منها قيادة عصابة مسلحة وفقا لنص المادة (93)، من قانون العقوبات المصري، “حيث يعاقب بالإعدام كل من قلد نفسه رئاسة عصابة حاملة للسلاح، أو تولى فيها قيادة ما، وكان ذلك بقصد اغتصاب أم نهب الأراضي أو الأموال المملوكة للحكومة أو لجماعة من الناس أو مقاومة القوة العسكرية المكلفة بمطاردة مرتكبى هذه الجنايات”.
عليه؛ تعمدت جماعة الإخوان الإرهابية إطلاق اتهامات مرسلة، بوجود محاكمات جماعية أو إعدامات جماعية، وإحداث خلط بين العقوبات التي يقصد بها إبادة عرق أو جنس كامل، وتقع تحت توصيف الإبادة الجماعية وتعد جريمة دولية، وبين عقوبة صدرت ضد مجموعة من الجناة، صدر عنهم جميعا الركن المادي للجريمة، ووجب محاكمتهم جميعا بناء على ذلك، كأي عصابة تتكون من خمسة أفراد أو أكثر، بالتالي من غير المنطقي محاكمة أحدهم وترك الباقين.
إضافة لما سبق؛ واجهت قيادات الجماعة في هذه القضية تهم منها على سبيل المثال، تحريض ضد المدنيين واعتراف بأن الجماعة مسئولة عن ما يحدث في سيناء من إرهاب، تحريض على شق الصف داخل الجيش، تحريض على قتل الأقباط، والتحريض على قتل معارضي الجماعة، وشروع في القتل العمد داخل الاعتصام وخارجه، والاستيلاء على سيارة البث الإذاعي المملوكة للتلفزيون المصري، وقطع الطريق والاستيلاء على المرافق العامة وتعطيلها، الاعتراف بإرسال السلاح والمقاتلين إلى سوريا، كل هذه الجرائم موثقة بفيديوهات على مرئي ومسمع العالم، وتشملها أحراز القضية، وهى جرائم عقوبتها وفقا لقانون العقوبات المصري ما بين الإعدام والمؤبد، إذن الأحكام على قيادات الإخوان الإرهابية، صدرت تطبيقا لقانون العقوبات بنصوصه العادية، ولا توجد نصوص استثنائية طبقت في هذه القضية.
(*) ترويج خاطئ بمحاكمات استثنائية: فقد حوكمت الإخوان الإرهابية وقيادتها بموجب قوانين عادية وأمام محاكم مدنية، ووفقا لقانون الإجراءات الجنائية، حيث استنفذ كافة درجات التقاضي، وفقا لمحاكمة استغرقت ثماني سنوات، فإذا كانت الدولة تريد محاكمتهم محاكمة عسكرية، ما كانت المحاكمات لتستغرق كل ذلك الوقت، إذن لا مجال للحديث عن محاكمات استثنائية غير عادلة، كما تروج أبواق إعلام الإرهابية.
رسائل إعلامية مضللة:
المراقب لفضائيات الجماعة التي تبث من دول خارجية، يجد أنها تمرر رسائل مضللة سواء إلى عناصرها بالداخل المصري أو إلى الرأي العام الدولي، تحمل في مضمونها إشارات، تتمثل في أن مزيد من الضغوط يحقق مزيد من المكاسب، قد يكون حدها الأدنى وفقا لما كررته شاشاتها، وهو تأجيل أحكام الإعدام أو استبدالها بالسجن، وذلك على النحو التالي:
(*) روجت الجماعة الإرهابية، أن القبض على بعض المتهمين في قضية فض رابعة، جاء قبل أو بعد تاريخ عملية فض الميدان، وهو إدعاء يوضح مدى جهل عناصر الجماعة، ومدى تدليس أبواقها الإعلامية، فالاعتصام الذى حدث فيه أو بمناسبته الجرائم، التي يحاكم بسببها المتهمين، ظل مستمر لأكثر من شهر، بالتالي أي جريمة وقعت داخل هذا الاعتصام، من قتل وتعذيب واستيلاء على مرافق عامة، وتجمهر نتج عنه قتل وقطع للمواصلات وغيره يستوجب المحاكمة، سواء قبض على المتهمين يوم فض الاعتصام، أو قبل يوم الفض، أو في أي تاريخ بعد يوم الفض، عليه لا معنى لهذا الادعاء الذى يعكس تدليس الجماعة وجهل أتباعها.
(*) تدعى منصات الجماعة الإرهابية، أن الشارع المصرى غاضب بسبب أحكام الإعدام على قيادات الإخوان، وتصدير مشهد للخارج،بأن هناك أزمة تستوجب البحث عن حل، ويتمثل هذا الحل لحلحلة الأزمة وفقا لقولهم، في إلغاء أحكام الإعدام، الواقع أن هذا الادعاء من خيال الجماعة الإرهابية، وأتباعها، ومنصاتها الإعلامية، فالشارع المصري لم يشهد حالة من الاستقرار السياسي والاجتماعي، كما هو عليه في هذه الفترة، فالشعب المصري بين من هو غير مهتم بالحكم على قيادات الإخوان مطلقا، وبين الكثير ممن تضرروا من جرائم الإخوان، ومن هم على وعى بخطورة إجرام وإرهاب الجماعة على البلاد، ويؤيدون أحكام الإعدام ويرون فيها قصاص عادل.
تأسيسا على ما تقدم؛ تسعى الجماعة بشتى الطرق، للضغط لمحاولة وقف أحكام الإعدام على قيادات الجماعة، من خلال مخاطبة الغرب والمنظمات الدولية، وترويج مظلومية إعدام الأبرياء، إطلاق هاشتاج ” أوقفوا الإعدامات”، الحديث عن مظلومية الإعدامات الجماعية ليل نهار،عبر منصاتهم الإعلامية، سواء في البرامج أومن خلال الأفلام القصيرة، الدعوى في الفواصل إلى تقديم مقترحات وتوصيات، لتفعيل التحرك الشعبي والإعلامي لوقف أحكام الإعدام، دعوة أسر قيادات الجماعة المحكوم عليهم بالإعدام، لتقديم طلبات إلى الرئيس “عبد الفتاح السيسي” لوقف أحكام الإعدام، باعتباره من يملك إصدار عفو رئاسي في أحكام الإعدام.
فتاوى مُفخخة:
استكمالا لما سبق؛ فقد انطلقت الفتاوى من شيوخ مؤيدين للجماعة الإرهابية أمثال “هانى السباعى”، والإخواني الإرهابي “وجدى عنيم” المحكوم عليه بالإعدام في قضية فض رابعة، بتكفير القضاة والجيش والشرطة، وعدم جواز دفنهم في قبور المسلمين، والتحريض على قتل شيخ الأزهر والمفتى باعتبارهم من سدنة الطواغيت على حد تعبيرهم، بالإضافة إلى فتوى عدم جواز الزواج منهم باعتبارهم طائفة ردة وغيرها، من الفتاوى التي تدعوا إلى التحريض وتمثل جريمة يعاقب عليها القانون، وتعكس جانب من فكر الجماعة التكفيري.
تأتى كل المحاولات السابقة؛ من سعى مستميت لوقف أحكام الإعدام، فضلا عن تجديد إطلاق فتاوى تكفير القضاء والجيش والشرطة، ليس فقط لمحاولة إنقاذ قيادات الجماعة، من تنفيذ أحكام الإعدام عليهم، لكن أيضا لمحاولة رأب الصدع الذى حدث داخل صفوف الجماعة خاصة من الشباب، ومحاولة احتواء أسئلة الشباب لقياداتهم، لماذا لما ينصرنا الله؟، وما أسباب علو ونصرة السيسي الظالم على حد قولهم؟، ولتكون الإجابات دائما من القيادات وشيوخ الإخوان، بأنها محنة لا يكلف بها المولى غير عباده المؤمنين، فهي اختبار من الله لقوة إيمانكم، خوفا من فقد السيطرة على هؤلاء الأتباع، وتحقيق ما هو معروف من فلسفة العقوبة، بتحقيق الردع العام، وهو الغاية من عنصر الجزاء في القاعدة القانونية.
أخيرا؛ بقراءة المشهد السياسي بعد فشل مفاوضات المصالحة بين مصر وتركيا، بسبب عدم استجابة تركيا للمطالب المصرية من جانب، وشعور تركيا بعدم تصدر المشهد في حل قضية غزة الأخيرة، فضلا عن تأثير مصر الفاعل في كل القضايا الإقليمية، سواء في قضية إعمار غزة، أو تأثيرها الفاعل في استقرار ليبيا، وغيرها الكثير من القضايا، التي وضعت تركيا أمام حجمها الطبيعى في المنطقة، مما دفعها لمحاولة الانتقام من مصر، وظهر هذا في البيان الذى صدر عن “ياسين أقطاى”، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركى، الذي أدان فيه الإعدامات الجماعية على الأبرياء على حد زعمه، وفى ذات البيان ناقض نفسه، حيث اعترف بأن الإخوان قاموا بأعمال عنف، بقوله (ضحايا العنف الذى فرض عليهم) واصفا الإخوان، لذلك من المتوقع أن تستمر نبرة صياح عملاء تركيا من عناصر الجماعة الإرهابية، لمحاولة النيل من مؤسسات الدولة المصرية، والتشكيك في نزاهة القضاء المصري دون جدوى.