هل نجحت استراتيجية الأزهر الشريف في مواجهة الخطاب المتطرف في مصر؟
دراسات متخصصة في التطرف والإرهاب

تظل قضية مكافحة التطرف والإرهاب في مصر من القضايا التي حافظت على تصدرها قائمة أولويات نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه الحكم في يونيو 2014 وحتى نهاية فترة ولايته الأولى. وشهدت هذه الفترة تطورًا ملحوظًا في سياسات مكافحة الإرهاب والتطرف التي اتبعتها الدولة، سواء في التعامل مع تنظيم أنصار بيت المقدس في شمال سيناء، أو في مكافحتها للخلايا والعناصر الإرهابية في محافظات الوادي.[1]
ففي عالم يتسم بالتحولات الجذرية والتحديات المتنوعة، تبرز أهمية دور المؤسسات الدينية والتعليمية في تشكيل وعي المجتمع وتوجيهه نحو مسارات تعزز من قيم السلام والتسامح. لعلّ من أبرز هذه المؤسسات في العالم الإسلامي، وفي مصر على وجه التحديد، هو الأزهر الشريف، الذي يُعدّ منارة للعلم والمعرفة، وحصنًا منيعًا ضد الفكر المتطرف. يأتي دور الأزهر في هذا السياق ليُعدّ محوريًا حيوياً في مواجهة تحديات الخطاب المتطرف، الذي يتسم بنزعاته المتشددة ومحاولاته المستمرة لزعزعة استقرار المجتمعات والنيل من قيمها الأصيلة.[2]
يتمثل دور الأزهر في عدة جوانب رئيسية، منها الدعوة إلى الاعتدال والوسطية، ونشر تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة بما يتوافق مع روح العصر ومقتضياته، وكذلك في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي يروج لها المتطرفون. إضافةً إلى ذلك، يسهم الأزهر في تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان ويعمل على تنمية الوعي بأهمية التعايش السلمي والتفاهم المتبادل بين مختلف شرائح المجتمع.[3]
كما إن الدور الذي يلعبه الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف لا يقتصر فقط على الجانب الديني، بل يمتد ليشمل أبعادًا تعليمية، اجتماعية، وثقافية، لذا يُعرّف الخطاب المتطرف بأنه مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي تتسم بالتشدد والغلو، وتميل إلى تبني وجهات نظر متطرفة تخالف المبادئ العامة للتسامح والتعايش السلمي. يتجلى هذا الخطاب في رفض الآخر وتعميم العداء تجاه مجموعات معينة، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والثقافي ويهدد بنية المجتمعات التعددية.[4]
في هذا الإطار، تبرز أهمية دراسة دور الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف حيث يُعتبر الأزهر مؤسسة رائدة في نشر العلم والمعرفة، وهو يقوم بدور حاسم في تحصين الشباب ضد الأفكار الهدامة والمغرضة من خلال تقديم تعليم متوازن يجمع بين العلوم الدينية والعلمانية. لذا يسعى الأزهر جاهدا إلى تطوير مناهجه التعليمية بما يتماشى مع المتغيرات العالمية، مع الحفاظ على القيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة.[5]
كما يتميز الأزهر بدوره الفعال في الحوار العالمي حول قضايا السلام والتعايش الديني والثقافي. يعمل على تعزيز التفاهم والحوار بين الأديان، ويقدم نموذجًا للتسامح والاعتدال، مما يجعله قوة مؤثرة في مواجهة التطرف والإرهاب. وفي هذا السياق، يأتي دور الأزهر كحارس للفكر الإسلامي المعتدل، حيث يقوم بتفنيد الأفكار المتطرفة وتقديم البديل الصحيح والمعتدل لها.[6]
مواصلةً للحديث عن الدور البارز الذي يلعبه الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف، يبرز أيضًا التأثير الكبير لهذه المؤسسة في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والثقافي في مصر. يتجلى ذلك من خلال جهوده المستمرة في تعميق الفهم الصحيح للدين الإسلامي، مما يساهم في بناء جسور التواصل بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى. يشكّل الأزهر بهذا السياق جدارًا صلبًا في وجه أي محاولة لزرع بذور الفتنة أو تشويه صورة الإسلام كدين ينبذ العنف ويدعو للسلام.[7]
بالإضافة إلى ذلك، يعمل الأزهر على توجيه الأجيال الناشئة وتثقيفها بما يكفل لها القدرة على التمييز بين الفكر المعتدل والأفكار المتطرفة. يأتي ذلك من خلال برامجه التعليمية والأنشطة الثقافية المتنوعة التي تهدف إلى بناء شخصية متوازنة، قادرة على التفكير النقدي وتبني مواقف رصينة تجاه القضايا المعاصرة.
يجدر الإشارة إلى أهمية الأزهر في تعزيز الفهم العميق للتقاليد الإسلامية في سياقها الحضاري والثقافي، حيث يمثل الأزهر جسرًا يربط بين الماضي والحاضر، يعمل على تحديث الفهم الديني مع الحفاظ على الجوهر الأصيل للإسلام، مقدمًا بذلك نموذجًا يحتذى به في التوفيق بين التراث والمعاصرة.
فالدور التنويري الذي يقوم به الأزهر يتجاوز حدود مصر، إذ يمتد تأثيره إلى العالم الإسلامي بأسره. من خلال مؤتمراته ومنشوراته وبرامجه التعليمية، يسعى الأزهر إلى نشر رسالة الإسلام السمحة وتعزيز قيم العدل والمساواة والتعايش السلمي. هذا التوجه يعتبر أساسيًا في مواجهة الأفكار المتطرفة التي تسعى إلى تشويه صورة الإسلام وتقسيم المجتمعات.
كما أن الأزهر يعمل على تنمية الوعي بأهمية التفاعل الإيجابي بين الثقافات المختلفة ويدعو إلى تبني منهج تحليلي نقدي في التعامل مع القضايا المعاصرة. يُعد هذا النهج حيويًا في تحصين الشباب ضد الأفكار الراديكالية وتمكينهم من بناء مستقبل مستنير ومتوازن.[8]
لقد أصبح الأزهر، من خلال هذه الجهود، منارة للفكر الإسلامي المعتدل ومحورًا أساسيًا في الحوار الثقافي والديني على الصعيدين المحلي والدولي. تبرز أهميته في تعزيز التفاهم المتبادل ونبذ العنف والتطرف، مما يجعله مثالًا يُحتذى به في الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والتناغم في المجتمعات المتعددة الثقافات
في ضوء هذه المساعي، يُعد الأزهر قوة فاعلة في صياغة منظور شامل للتعايش السلمي والتسامح الديني، مما يعكس الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية في تشكيل الوعي الجماعي ودعم الاستقرار الاجتماعي والثقافي. ستكون الصفحات التالية من هذه الدراسة مخصصة لاستكشاف التفاصيل المعمقة لهذه الجهود، من خلال تسليط الضوء على جهود الأزهر، نستطيع أن ندرك الأساليب والاستراتيجيات التي يمكن أن تُستخدم لمواجهة التحديات التي يطرحها الخطاب المتطرف. حيث تشهد الساحة الدولية تصاعدًا في التوترات الدينية والعرقية. يُظهر استكشاف دور الأزهر في هذا المجال كيف يمكن للقيادات الدينية والتعليمية أن تلعب دورًا حاسمًا في نشر ثقافة السلام والتفاهم المتبادل.[9]
كما يتطلب هذا النوع من الدراسات التركيز على تحليل الخطاب الديني والتعليمي الذي ينتهجه الأزهر وكيفية تأثيره في تشكيل الوعي الجمعي بما يخدم أهداف السلام والتعايش. من الضروري أيضًا استكشاف كيف يتفاعل الأزهر مع التحديات الاجتماعية والثقافية المختلفة والدور الذي يلعبه في توجيه النقاش العام نحو فهم أكثر عمقًا واعتدالًا للقضايا الدينية والثقافية.
ففي ظل الظروف الراهنة التي تشهد تزايدًا في التحديات الأمنية والفكرية، يبرز أهمية دور الأزهر كمؤسسة رائدة في مكافحة التطرف، ليس فقط في مصر بل وعلى مستوى العالم الإسلامي. فالتحليل الدقيق لهذا الدور يُمثل مساهمة قيمة في الجهود العالمية لتعزيز الحوار والتفاهم والتعايش بين الثقافات والأديان المختلفة. يتجلى ذلك في تأثير الأزهر على التوجهات الفكرية والدينية على نطاق واسع، حيث تتسع رسالته لتشمل تعزيز قيم الاعتدال والتسامح في مواجهة التطرف. من خلال برامجه التعليمية ومبادراته الدولية، يسعى الأزهر إلى بناء جسور الحوار والتفاهم بين مختلف الشعوب والثقافات، مما يعكس أهميته كمركز للتعليم الديني المعتدل وكمنصة للتبادل الثقافي والفكري.[10]
تأسيسًا على ما سبق، تطرح الدراسة عدد من الأسئلة، هي: كيف يمكن لمؤسسة دينية وتعليمية مثل الأزهر أن تلعب دورًا فعالًا في مواجهة وتفنيد الخطاب المتطرف في مصر، وما هي الاستراتيجيات والأساليب التي يمكن اتباعها لتحقيق هذا الهدف؟”، ما هي الخصائص الرئيسية للخطاب المتطرف في مصر؟ كيف يتم توظيف النصوص الدينية وتأويلها بطرق تدعم التطرف؟، ما هي الأطر النظرية والدينية التي يستند إليها الأزهر في تفنيد الخطاب المتطرف؟، كيف يتكامل دور الأزهر التعليمي مع جهوده في مكافحة التطرف؟، ما هي الاستراتيجيات التي ينفذها الأزهر للوصول إلى الشباب وتوجيههم بعيدًا عن التطرف؟، كيف يمكن للأزهر التعامل مع التحديات التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر الخطاب المتطرف؟، ما هي التحديات التي تواجه الأزهر في تحقيق هذه الأهداف وكيف يمكن التغلب عليها؟، كيف يمكن قياس فعالية استراتيجيات الأزهر في مواجهة التطرف؟
تاريخ مؤسسة الأزهر الشريف في مصر:
أ- نبذة تاريخية حول مؤسسة الأزهر:
يُعتبر الأزهر مؤسسة رائدة ليس فقط في مصر بل في العالم الإسلامي كله. تأسس في عام 970 ميلادي كان نقطة انطلاق لدوره التعليمي والديني الممتد عبر القرون. بحلول القرن الـ12 ميلادي، تحول الأزهر إلى مؤسسة سُنية بارزة، مع التغيرات السياسية التي شهدتها مصر. ومنذ ذلك الحين، لعب دورًا محوريًا في تعليم ونشر العلوم الإسلامية والفقهية. كما كان له دور بارز في الحركات الإصلاحية الإسلامية خلال القرنين الـ19 والـ20، وكان مركزًا للنقاش الديني والفكري.[13]
في النصف الأول من القرن الـ20، شهد الأزهر تحولات هامة، حيث تم تحديث مناهجه وبرامجه الدراسية لتشمل مجالات علمية وأدبية إلى جانب العلوم الإسلامية. وفي عام 1961، أُدخلت إصلاحات هامة على الأزهر بموجب قانون الأزهر، الذي أعاد تنظيم الجامعة وأدخل تخصصات علمية مثل الهندسة والطب.[14]
في العقود الأخيرة اكتسب الأزهر أهمية سياسية واجتماعية كبرى، خاصة ، حيث بات يُنظر إليه كمدافع عن الإسلام الوسطي ومواجه للتطرف. وقد لعب دورًا بارزًا في الحوار بين الأديان ومحاولات نشر السلام والتسامح.
إضافة إلى ذلك، يُعتبر الأزهر مرجعية دينية مهمة في القضايا الفقهية والاجتماعية، مما يعكس تأثيره الواسع على المجتمع المصري والإسلامي على حد سواء.
لذلك يمكن القول إن، تاريخ الأزهر يُعد شاهدًا على تطورات مهمة في تاريخ مصر والعالم الإسلامي، ويُظهر كيف تطورت هذه المؤسسة لتصبح أحد أهم الرموز في العلم الديني والفكري في العالم الإسلامي.
ب- ما هو الأزهر الشريف؟
الأزهر الشريف هو واحد من أقدم وأبرز المؤسسات الإسلامية في العالم، حيث يقع في القاهرة، مصر، وتأسس في عام 970 ميلادي على يد الدولة الفاطمية، حيث بدأ كمسجد يخدم أغراضًا دينية وتعليمية، وسرعان ما تطور ليصبح مركزًا رائدًا للتعليم الإسلامي والفقه، فعلى مدى القرون، توسع دور الأزهر ليشمل التعليم في مختلف المجالات الدينية والعلمية، وأصبح يُعرف بجامعته التي تضم مجموعة واسعة من التخصصات. لذلك يعتبر الأزهر مؤسسة مرموقة تحظى بتقدير كبير في العالم الإسلامي لدورها في تعليم العلوم الإسلامية والفقه وتفسير القرآن، وكذلك لمساهماتها في الحوار بين الأديان ومكافحة التطرف.[15]إلى جانب دوره التعليمي والديني، يعتبر الأزهر أيضًا مرجعية دينية هامة في مصر والعالم الإسلامي، حيث يقدم توجيهات وفتاوى في قضايا دينية واجتماعية متنوعة. وقد لعب الأزهر على مر السنين دورًا مهمًا في تشكيل الفكر الإسلامي والسياسة في المنطقة.[16]
ففي السنوات الأخيرة، اكتسب الأزهر أهمية خاصة في مواجهة الفكر المتطرف وتعزيز الإسلام الوسطي، حيث سعى إلى نشر رسالة الإسلام الصحيحة التي تدعو إلى السلام والعدل والتعايش السلمي، وعمل على مكافحة الأفكار المتشددة التي تسيء إلى صورة الإسلام. كما لعب دورًا مهمًا في المجتمع المصري كمؤسسة توجيهية وتعليمية، مما جعله رمزًا للاستقرار والاعتدال، ذات تأثير كبير على الحياة الدينية والاجتماعية في مصر.
يعد شيخ الأزهر، بصفته رئيس الأزهر الشريف، واحدًا من أبرز الشخصيات الدينية في مصر والعالم الإسلامي. يتمتع بسلطة دينية وأكاديمية واسعة، ويُنظر إليه كرمز للمعرفة الدينية والفكر الإسلامي المعتدل من خلال :[17]
- دوره في الفتوى: حيث يقوم شيخ الأزهر بدور حاسم في إصدار الفتاوى حول القضايا الدينية والاجتماعية، مما يؤثر بشكل كبير على توجهات المجتمع المصري والرأي العام. فتاواه تعتبر مرجعية مهمة في القضايا الشرعية.
- التأثير السياسي والاجتماعي: يلعب شيخ الأزهر دورًا مهمًا في السياسة المصرية، خاصةً في القضايا التي تتقاطع بين الدين والدولة. وغالبًا ما يُطلب منه التعليق أو التدخل في القضايا الوطنية والدولية المهمة.
- التوجيه الأكاديمي والتعليمي: كرئيس لواحدة من أقدم وأهم المؤسسات التعليمية الإسلامية، يقود شيخ الأزهر الجهود الأكاديمية والتعليمية للمؤسسة، مشرفًا على تطوير المناهج وبرامج التدريس.
- تعزيز الحوار بين الأديان: يساهم شيخ الأزهر في تعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان المختلفة، مشاركًا في مؤتمرات دولية ولقاءات تهدف إلى تعزيز السلام والتفاهم بين مختلف الثقافات.
- مواجهة التطرف: يقوم شيخ الأزهر بدور نشط في مكافحة التطرف الديني، من خلال تقديم تصورات معتدلة للإسلام وتفنيد الأفكار المتطرفة، مؤكدًا على أهمية الاعتدال والتسامح.
- تمثيل الأزهر دوليًا: يمثل شيخ الأزهر الأزهر الشريف في المحافل الدولية، معبرًا عن مواقف المؤسسة في القضايا العالمية والإقليمية. بهذه الأدوار المتعددة، يكون شيخ الأزهر شخصية مؤثرة ليس فقط في المجتمع المصري ولكن أيضًا في العالم الإسلامي بأسره، مساهمًا في تشكيل الفكر الديني والاجتماعي وتعزيز الحوار والتفاهم بين الناس.
بشكل عام، يُعد الأزهر الشريف رمزًا للعلم والاعتدال في العالم الإسلامي، متحملًا مسؤولية كبيرة في توجيه المسلمين والعمل على نشر الوعي ومواجهة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في العصر الحديث.
ج- مراحل تتطور مؤسسة الأزهر الشريف عبر العصور:
تم تأسيس مؤسسة الأزهر الشريف في مصر في العصور الوسطى، حوالي القرن العاشر الميلادي. كانت الفكرة وراء تأسيس المؤسسة هو توفير مركز تعليمي وديني مرموق للمجتمع المسلم في مصر ومنطقة الشرق الأوسط. وقد تم اعتبار الأزهر الشريف منذ ذلك الحين مرجعية رئيسية في الدراسات الشرعية والإسلامية، حيث تأسس على يد الإمام الشافعي، أحد أعلام الفقه الإسلامي، الذي سعى إلى تأسيس مركز للتعليم الديني ونشر المعرفة الإسلامية المتعمقة في مصر. وقد جذبت المؤسسة على مر العصور طلابًا من جميع أنحاء العالم الإسلامي للدراسة فيها واكتساب المعرفة اللازمة لخدمة المجتمع والدين، بدأت المؤسسة ككلية بسيطة ثم تطورت تدريجياً لتصبح مؤسسة تضم عدة كليات ومعاهد متخصصة في العلوم الشرعية والعلوم الإسلامية والقرآن الكريم. وقد لعبت المؤسسة دورًا هامًا في تعزيز الثقافة الإسلامية وبث قيم التسامح والوئام بين المجتمعات المسلمة في مصر وخارجها.[18]
فتطور دور الأزهر في نشر تعليم الدين الإسلامي ومواجهة التطرف يمكن تتبعه عبر عدة مراحل تاريخية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا التطور كان استجابة للتحديات السياسية والاجتماعية المتغيرة:[19]
- التأسيس والعصور الأولى (970 ميلادي): تأسس الأزهر كمسجد ومدرسة في عهد الدولة الفاطمية، وكان في البداية يركز على نشر المذهب الشيعي الإسماعيلي. ولكن مع سقوط الفاطميين وصعود الأيوبيين والمماليك، تحول الأزهر تدريجيًا إلى مركز للتعليم السني.[20].
- عصر النهضة والإصلاح (القرن 19): خلال هذه الفترة، شهد الأزهر تحولات في مناهجه وأساليبه التعليمية، متأثرًا بالحركات الإصلاحية الإسلامية والتحديث في مصر، حيث شمل تعليم العلوم العصرية بجانب العلوم الدينية.
- إعادة الهيكلة والتحديث (1961): بإصدار قانون الأزهر في عهد جمال عبد الناصر، شهد الأزهر تغييرًا هامًا في بنيته ودوره، حيث تم دمجه في النظام التعليمي الحكومي المصري وتوسيع نطاق برامجه ليشمل تخصصات علمية متنوعة.
- القرن 21 ومكافحة التطرف: في العقود الأخيرة، واجه الأزهر تحديات جديدة مرتبطة بالتطرف والإرهاب. لقد سعى إلى مواجهة هذه التحديات من خلال تعزيز التعليم الديني المعتدل ونشر فكر إسلامي يركز على التسامح والسلام. مثال على ذلك : مبادرات مكافحة التطرف (منذ 2010 وما بعدها): حيث شهدت هذه الفترة إطلاق الأزهر لعدة مبادرات تهدف إلى مكافحة التطرف وتعزيز الحوار بين الأديان، منها إطلاق برنامج “بيت العائلة” بالتعاون مع الكنيسة القبطية في مصر عام (2011) في أعقاب الربيع العربي، ، بهدف تعزيز الوحدة الوطنية والحوار بين الأديان، فى عام 2016، أطلق الأزهر “مرصد الأزهر” لمكافحة التطرف، الذي يراقب ويحلل الأفكار المتطرفة ويعمل على نشر الفهم الصحيح للإسلام[21]. وفي عام 2018، شارك الأزهر في مؤتمر دولي بعنوان “الأخوة الإنسانية” في أبوظبي، الذي أكد على أهمية التعاون بين الأديان المختلفة لتعزيز السلام والتفاهم، وإصدار وثيقة الأخوة الإنسانية (2019) في خطوة بارزة، وقّع شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان وثيقة “الأخوة الإنسانية” في أبوظبي، والتي تدعو إلى السلام العالمي والعيش المشترك.[22].
- تفعيل الدور الإعلامي والتكنولوجي (القرن 21): مع تقدم التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، اتخذ الأزهر خطوات لتوسيع تأثيره الإعلامي. أطلق منصات رقمية وبرامج تعليمية عبر الإنترنت لنشر الفهم الصحيح للإسلام ومواجهة التطرف.
- برامج التدريب والتأهيل (القرن 21): نظم الأزهر برامج تدريبية لأئمة المساجد والدعاة لتعزيز قدراتهم في التعامل مع قضايا التطرف ونشر رسالة الإسلام الوسطية، من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية تركز على كيفية التعامل مع الشباب ومواجهة التطرف الفكري، وتأسيس الأكاديمية العالمية للتدريب (2019) لتوفير برامج تدريبية متخصصة في مجالات الفقه، الدعوة ومكافحة التطرف.[23].
- التعاون الدولي والإقليمي (منذ بداية القرن 21): شارك الأزهر في تعزيز العلاقات مع المؤسسات الدينية والأكاديمية الدولية لتبادل الخبرات والمعرفة في مجال مكافحة التطرف، من خلال إقامة شراكات مع جامعات ومؤسسات دينية عالمية لتعزيز الفهم المشترك ومواجهة التحديات الفكرية المعاصرة. بهذه الجهود، يظهر الأزهر كمؤسسة مرنة وقادرة على التكيف مع التغيرات الزمنية، محافظًا على دوره كحصن للعلم الديني الرصين وكمنارة للتسامح والاعتدال وكمؤسسة تسعى للسلام والتكيف مع المتغيرات الزمنية والتحديات الجديدة، محافظًا على دوره الريادي في نشر تعليم الدين الإسلامي المعتدل ومواجهة التطرف.[24]
د- دور مؤسسة الأزهر في المجتمع المصري.
تلعب مؤسسة الأزهر في مصر دورًا متعدد الأبعاد وحيويًا في المجتمع، فمنذ نشأته في القرن العاشر الميلادي، قام بدور محوري في المجتمع المصري والعالم الإسلامي، ويمكن توضيح ذلك من خلال عدة أمثلة تاريخية ومعاصرة تتجلى جوانب:[25]
- التعليم الديني: الأزهر هو المركز الرئيسي للتعليم الإسلامي في مصر، يوفر تعليمًا في العلوم الدينية والفقه الإسلامي لطلاب من مصر ومختلف أنحاء العالم الإسلامي.
- إصدار الفتاوى: يعد الأزهر مرجعية دينية مهمة في مصر والعالم الإسلامي، حيث يقدم فتاوى وتوجيهات دينية تخص القضايا الفقهية والأخلاقية.
- الدعوة والإرشاد: يساهم الأزهر في نشر الإسلام وتعاليمه من خلال الدعوة والإرشاد الديني، سواء داخل مصر أو خارجها.
- الدور السياسي: في العصر الحديث، لعب الأزهر دورًا سياسيًا في بعض الأحيان، كما في الثورة المصرية 1919، حيث كان لعلماء الأزهر دور في دعم الحركة الوطنية.
- مكافحة التطرف: يلعب الأزهر دورًا مهمًا في مكافحة التطرف الديني من خلال تعزيز الفكر الإسلامي المعتدل وتوفير بدائل فكرية للأفكار المتطرفة.
- الحوار بين الأديان: يسعى الأزهر لتعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان المختلفة، مساهمًا في تعزيز السلام والتسامح في المجتمع.
- التأثير السياسي والاجتماعي: يتمتع الأزهر بتأثير كبير في القضايا السياسية والاجتماعية في مصر، وغالبًا ما يكون لآرائه وقراراته تأثير ملموس على السياسات العامة.
- الخدمات الاجتماعية والخيرية: يشارك الأزهر في تقديم خدمات اجتماعية وخيرية متنوعة، مثل برامج الرعاية الصحية والتعليمية للفقراء والمحتاجين.
- البحث العلمي: يساهم الأزهر في البحث العلمي في مجالات الدين والفقه وكذلك في العلوم العصرية، مما يدعم التطوير العلمي والثقافي في مصر.
- تمثيل الإسلام: يمثل الأزهر الإسلام المعتدل ويعمل على نشر صورة إيجابية عن الإسلام كدين يدعو إلى السلام والتسامح.
- الدعم الثقافي والفكري: يقدم الأزهر مساهمات ثقافية وفكرية مهمة من خلال نشر الكتب، المقالات، وإقامة المحاضرات والندوات التي تتناول موضوعات دينية وفكرية متنوعة.
بهذه الطرق، يعتبر الأزهر عنصرًا مركزيًا في النسيج الاجتماعي والديني في المجتمعات التي يخدمها، محافظًا على تقاليده الدينية ومساهمًا في التوجيه والتنوير الديني لتوضيح دور مؤسسة الأزهر في المجتمع المصري هناك بعض الأدوار التي قام بها على نحو التالي:[26]
في القرن 12م أصبح الأزهر أول جامعة في التاريخ الإسلامي، واجتذب الطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامي.
- خلال الحكم العثماني في مصر (1517 – 1805م) لعب الأزهر دوراً رئيسياً في الحفاظ على الهوية المصرية ومقاومة النفوذ التركي.
- موقف من قضايا حديثة (منتصف القرن 20م): في منتصف القرن العشرين، أصدر الأزهر فتاوى مهمة حول قضايا مثل الإصلاح الزراعي والتأميم، مؤثرًا بذلك في السياسة الاجتماعية والاقتصادية
- حملات التوعية ضد التطرف (مستمرة منذ أوائل القرن 21): على سبيل المثال، في السنوات الأخيرة، نظم الأزهر حملات توعوية في المدارس والجامعات لتعزيز الفهم المعتدل للإسلام، كجزء من جهوده لمكافحة التطرف والأفكار المتشددة.[27]
- المؤتمر العالمي للسلام (2017): استضاف الأزهر المؤتمر العالمي للسلام، الذي حضره بابا الفاتيكان فرانسيس وعدد من القادة الدينيين والسياسيين من مختلف أنحاء العالم، لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات.[28]
- مبادرة “بيت العائلة” (2011): تأسست هذه المبادرة بعد الربيع العربي بهدف تعزيز الوحدة الوطنية والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين في مصر، في محاولة لتقليل التوترات الطائفية.[29]
- مبادرات الرعاية الاجتماعية (متواصلة): يشارك الأزهر بانتظام في توزيع المساعدات الغذائية والطبية خلال شهر رمضان وأوقات الأزمات، مثل الفيضانات أو الكوارث الطبيعية.
- مشاركة الأزهر في الحياة السياسية (خلال فترة الربيع العربي وما بعدها): لعب الأزهر دورًا هامًا في الأحداث السياسية المصرية، خاصةً خلال وبعد ثورة 25 يناير 2011، حيث كان للأزهر مواقف واضحة فيما يتعلق بالتحولات السياسية والدستورية في البلاد مثل مساهمته في النقاش حول قانون الأحوال الشخصية.[30]
- برامج تعليم النساء (متواصلة): يعمل الأزهر على تعزيز تعليم النساء من خلال إنشاء كليات وبرامج تعليمية مخصصة لهن، داعمًا دورهن في المجتمع.
- تطوير البرامج الدراسية لمواجهة التحديات المعاصرة (مستمر): قام الأزهر بتحديث وتطوير المناهج الدراسية لتشمل قضايا معاصرة مثل حقوق الإنسان، الديمقراطية، ومكافحة التطرف، لتوفير فهم أعمق وأوسع للطلاب.
- تفاعل مع الأحداث العالمية (2020م وما بعدها): في السنوات الأخيرة، أدلى الأزهر ببيانات وفتاوى تتعلق بقضايا عالمية مثل جائحة COVID-19، مؤكدًا على أهمية اتباع التوجيهات الصحية والتطعيم.
هذه الأمثلة توضح كيف أن الأزهر لا يزال يمارس تأثيرًا كبيرًا في مختلف جوانب الحياة الدينية، الاجتماعية، وحتى السياسية في مصر وخارجها، متكيفًا مع التغيرات الزمنية والتحديات الجديد
أسباب انتشار الخطاب المتطرف في مصر:
في مصر، كما في العديد من الدول الأخرى، أصبح الخطاب المتطرف ظاهرة ملحوظة تثير قلق الكثيرين. تعددت الأسباب وراء هذا الانتشار، وتترابط بطرق معقدة تعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلاد. من العوامل الاقتصادية مثل الفقر والبطالة، إلى الأبعاد التعليمية والثقافية، بالإضافة إلى العوامل السياسية والأيديولوجية، حيث تتشابك هذه العناصر لتشكل بيئة يمكن أن تساعد على نمو وتأصيل الأفكار المتطرفة في بعض شرائح المجتمع. هذا التعقيد يتطلب فهمًا دقيقًا ومتعدد الجوانب للتعامل مع هذه القضية الحساسة والمهمة.[31]
من المهم الإشارة إلى أن الخطاب المتطرف لا ينشأ في فراغ، بل يتغذى من عدة مصادر وظروف. فالأوضاع السياسية، مثل الاستقطاب وغياب الحوار، تلعب دورًا في تشكيل مناخ يمكن أن يساعد على انتشار الأفكار المتطرفة. بالإضافة إلى ذلك، الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام والإنترنت في نشر هذه الأفكار لا يمكن تجاهله. فالإعلام والمنصات الرقمية قد تسهم في تسريع انتشار هذه الأفكار وتعزيزها بين الأشخاص الأكثر عرضة للتأثر بها. لذلك، يكمن التحدي الأكبر في مواجهة هذا الخطاب في تبني استراتيجيات متعددة الأبعاد تتناول الأسباب الجذرية وتعزز من الوعي والتعليم وتشجع على الحوار والتفاهم بين مختلف شرائح المجتمع.[32]
من الجدير بالذكر أيضًا أن الفجوات في الخطاب الديني والتعليمي قد تسهم في زيادة حدة الأفكار المتطرفة. عندما لا تُعالج الأسئلة الدينية والأخلاقية الكبرى بطريقة معاصرة ومتوازنة، قد يتجه الشباب والمتدينون نحو مصادر بديلة قد تكون مشبعة بالأيديولوجيات المتطرفة، لذلك، يُعد التصدي للخطاب المتطرف في مصر مهمة معقدة تتطلب تعاونًا بين مختلف الجهات من الحكومة، المؤسسات الدينية، المجتمع المدني، وسائل الإعلام، والمجتمع الدولي. يتطلب الأمر نهجًا شاملًا يركز على تعزيز التعليم، تحسين الأوضاع الاقتصادية، وتشجيع الحوار والاندماج الاجتماعي لمكافحة جذور هذه الظاهرة.[33]
أولا-العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى انتشار خطاب التطرف:
(*) من الفترة 2013 إلى 2023، كان هناك عدة عوامل اجتماعية واقتصادية في مصر ساهمت في انتشار خطاب التطرف. هذه العوامل تشمل:[34]
- التحولات السياسية: بعد الربيع العربي وعزل محمد مرسي في 2013، شهدت مصر فترة من عدم الاستقرار السياسي. هذه الأوضاع أدت إلى فراغ سياسي واجتماعي استغلته بعض الجماعات المتطرفة لنشر أفكارها.
- الأزمات الاقتصادية: واجهت مصر تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك البطالة العالية، وخاصة بين الشباب. هذه الظروف قد تؤدي إلى الشعور بالإحباط واليأس، مما يجعل بعض الأفراد أكثر عرضة للتأثر بخطاب التطرف.
- التهميش الاجتماعي والاقتصادي: بعض المناطق، خاصة في الأطراف الحضرية والمناطق الريفية، تعاني من التهميش الاجتماعي والاقتصادي، مما يخلق بيئة مواتية لنمو الأفكار المتطرفة.
- التوترات الطائفية: واجهت مصر عدة حوادث طائفية خلال هذه الفترة، والتي أحيانًا كانت تستغل من قبل الجماعات المتطرفة لنشر خطاب الكراهية وتعزيز الانقسامات الاجتماعية.
- الأمية وقلة التعليم: الأمية وقلة فرص التعليم الجيد في بعض المناطق يمكن أن تسهم في انتشار التطرف، حيث يصبح الأفراد أكثر عرضة لتقبل الأفكار المتطرفة دون نقد.
- التغطية الإعلامية للتطرف: طريقة تناول وسائل الإعلام للأحداث المتعلقة بالتطرف والإرهاب، وأحيانًا التركيز الزائد على هذه القضايا، قد ساهم في نشر الخوف وتعزيز الرسائل التي تستغلها الجماعات المتطرفة.
- التأثير الخارجي والنزاعات الإقليمية: التأثيرات الخارجية، بما في ذلك الصراعات في المنطقة مثل الحرب في سوريا والعراق، لعبت دورًا في تصاعد التطرف، مع تدفق الأفكار والتكتيكات من هذه النزاعات إلى مصر.
- دور وسائل التواصل الاجتماعي: استغلال الجماعات المتطرفة لوسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارها وتجنيد الأفراد، خاصة الشباب، وكذلك التغطية الإعلامية لهجمات الإرهابية، مثل الهجمات المتكررة في شمال سيناء، أدت إلى تعزيز الخوف والقلق بين السكان، مما يمكن أن يسهم في نشر الخطاب المتطرف.[35]
هذه العوامل توضح التحديات المعقدة التي واجهتها مصر في مواجهة التطرف، وتشير إلى أن الحلول يجب أن تكون شاملة ومتعددة الأبعاد. ليس فقط من خلال التدابير الأمنية، ولكن أيضًا عبر تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، تعزيز التعليم الجيد والتوعية، وتقديم بدائل فكرية واجتماعية جذابة هو ما يقوم بيه الأزهر ، من خلال تعزيز الحوار داخل المجتمع وبين مختلف الجماعات الدينية والثقافية لتعزيز التفاهم المتبادل والاحترام.[36]
(*) الأزمات السياسية والأمنية: من الفترة 2013 إلى 2023، مرت مصر بعدة أزمات سياسية وأمنية أسهمت في انتشار خطاب التطرف، ومن أبرز هذه الأحداث:[37]
- الثورة الشعبية على محمد مرسي (2013): في يوليو 2013، أدى الإطاحة بالرئيس محمد مرسي عقب احتجاجات شعبية واسعة إلى توترات سياسية كبيرة. هذا الحدث أثار ردود فعل متباينة وأدى إلى تصاعد التوترات بين الحكومة وجماعات الإسلام السياسي.
- فض اعتصام رابعة العدوية (2013): في أغسطس 2013، فضت القوات المصرية اعتصام رابعة العدوية الذي كان يضم مؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي. هذا الحدث أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من الطرفين تسببت فيه تمسك جماعة الإخوان بالميدان، وهو ما زاد من حدة التوترات السياسية والاجتماعية.
- تصاعد الهجمات الإرهابية (منذ 2013 وما بعدها): شهدت مصر تصاعدًا في الهجمات الإرهابية، خاصة في سيناء، حيث نشطت جماعات مثل “ولاية سيناء” المبايعة لتنظيم (داعش). استهدفت هذه الهجمات قوات الأمن، المنشآت العامة، وكذلك الأقليات الدينية مثل المسيحيين.
- الحملات الأمنية المكثفة (مستمرة منذ 2013): ردًا على التحديات الأمنية، قامت الحكومة المصرية بحملات أمنية مكثفة لمكافحة الإرهاب، خاصة في شمال سيناء وبعض المناطق الأخرى.
- التغيرات القانونية والسياسية (مستمرة): استجابةً لهذه التحديات، أجرت الحكومة المصرية عدة تغييرات قانونية وسياسية، بما في ذلك تعديلات دستورية وقوانين مكافحة الإرهاب، لتعزيز الاستقرار ومواجهة التطرف.
- الصراعات الإقليمية وتأثيرها على مصر (متواصل): تأثرت مصر بشكل مباشر وغير مباشر بالصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الأزمة في ليبيا والصراع السوري، مما أسهم في تعقيد الأوضاع الأمنية وانتشار الأفكار المتطرفة.[38]
- التطورات السياسية الداخلية (مستمرة): السياسة الداخلية المصرية، بما في ذلك الانتخابات والتحولات السياسية، لها تأثير مباشر على المشهد الأمني والاجتماعي في البلاد، ويمكن أن تسهم في تغيير ديناميكيات القوى وظهور خطابات متطرفة.
- ردود الفعل المجتمعية والمدنية (مستمر): في وجه هذه التحديات، حيث نظمت منظمات المجتمع المدني ومؤسسات مثل الأزهر حملات ومبادرات لتعزيز التفاهم ومواجهة التطرف، مثل برامج التوعية والحوار المجتمع
هذه الأحداث والتطورات تبرز كيف أن الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة في مصر قد ساهمت في خلق ظروف مناسبة لانتشار خطاب التطرف، وهو ما استدعى استجابات متنوعة من الحكومة والمؤسسات الدينية مثل الأزهر لمواجهة هذا التحدي.
استراتيجيات الأزهر لمواجهة الخطاب المتطرف:
منذ أن تولى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، مهام منصبه شيخًا للأزهر الشريف؛ شهدت مؤسسة الأزهر خطوات واسعة للقضاء على التطرف، وفى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، انطلق الأزهر انطلاقة قوية في مجالات مكافحة الإرهاب وتجديد الفكر، ونشر ثقافة السلام، مقدمًا رؤية ونشاطًا يرتكز على التطوير الذاتي، وتطوير التعليم والدعوة وتجديد الخطاب الديني، وتدريب الأئمة الوافدين، وعقد لقاءات حوارية مع الشباب في مختلف المحافظات، وإرسال القوافل الدعوية والتوعوية والتكافلية للمناطق النائية، وإنهاء عدد من الخصومات الثأرية، وضبط الفتاوى، والمشاركة في عدد كبير من المؤتمرات والندوات داخل مصر وخارجها لتحقيق الهدف الأكبر الخاص بمكافحة التطرف ونشر الصورة الصحيحة للإسلام. [39]
أ. تعاون مؤسسات الدولة في محاربة الإرهاب:
في ظل الجهود الحثيثة للدولة المصرية في مواجهة الإرهاب والتطرف؛ تعاون الأزهر الشريف مع كافة مؤسسات الدولة في تنفيذِ برامج دعوية وتوعوية وقِيمية مُشتركة، ومُجابهةِ الظواهر المُجتمعية السَّلبية، وعمل الأزهر الشريف على تكريس كافة قطاعاته من أجل نشر وسطية الإسلام، وخدمة المسلمين وغير المسلمين والتأكيد على قيم المواطنة والتعايش السلمي ورفض التمييز والعنف.[40]
1.المؤتمر الدولي الأول لمكافحة العنف ونبذ التطرف والإرهاب:
عقد الأزهر الشريف أول مؤتمر دولي لمكافحة العنف ونبذ التطرف والإرهاب في أواخر عام 2014 بحضور قادة وزعماء الأديان وبمشاركة ممثلي 120 دولة وممثلي عن جميع المذاهب الإسلامية والطوائف المسيحية، لاتخاذ موقف واضح من الإرهاب وأثره على أمن المجتمعات، وتفنيد المفاهيمِ وتحريرِ المقولاتِ التي أساء المتطرفون توظيفَها في عمليَّاتِهم الإرهابية، فضلاً عن تصحيح المفاهيم التي حرفها المتطرفون كمفهوم الدولة الإسلامية والخلافة والحاكمية والجهاد والجاهلية والتكفير، إضافة إلى مناقشة الغلو والتطرف والعوامل التي تؤدى إلى انتشارهما.[41]
2.مؤتمر “تجديد الفكر والعلوم الإسلامية:
مؤتمر “تجديد الفكر والعلوم الإسلامية” الذي نظمه الأزهر الشريف يُعتبر إحدى الخطوات الجادة نحو تجديد الفكر الإسلامي. هذا المؤتمر يعكس التزام الأزهر بتحديث الخطاب الديني والتعامل مع التحديات الفكرية المعاصرة. من خلال هذه المنصة، تم فتح الباب أمام العلماء والمفكرين لمناقشة القضايا الراهنة واستكشاف طرق لتحديث التعليم والبحث في العلوم الإسلامية، حيث سلط لضوء على أهمية تطوير المناهج التعليمية في مجال الدراسات الإسلامية، وتعزيز البحث العلمي في هذا المجال. كما ناقش المشاركون كيفية جعل العلوم الإسلامية أكثر صلة بالواقع المعاصر وتلبية لاحتياجات المجتمع.
تضمن المؤتمر أيضًا جلسات حول كيفية مواجهة التحديات الفكرية التي تواجه العالم الإسلامي، مثل الفكر المتطرف والتفسيرات المغلوطة للنصوص الدينية. من خلال هذا المؤتمر، أظهر الأزهر التزامه بكونه مؤسسة رائدة في الفكر الإسلامي المعتدل والمتجدد، ورغبته في المساهمة بشكل فعّال في المجتمع الإسلامي والعالمي.[42]
3.مرصد الأزهر لمكافحة الإرهاب:[43]
سعى الأزهر الشريف إلى إنشاء مرصدًا باللغات الأجنبية لمكافحة الإرهاب والتطرف، والذي حقق تواجدًا قويًّا ودورًا بارزًا في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تبثها الجماعات المتطرفة باستخدام كافة الوسائل والتقنيات الحديثة، وأصدر المرصد العديد من التقارير.
وعلى مدار ستة أعوام، كان للأنشطة والفعاليات والجهود التي قام بها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تأثير واضح في إبراز جهود المرصد وانتشاره داخليًا وخارجيًا، فحظي بانتشار واسع داخل الأوساط البحثية والإعلامية والدوائر التي تُعنى بمكافحة التطرف وأحوال المسلمين والإسلاموفوبيا واللاجئين، وهو ما انعكس في عدة أمورٍ.
ومن أبرز المؤتمرات التي شارك فيها أعضاء المرصد: اجتماعات لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولي ومؤتمر «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين.. وسائل التواصل الاجتماعي كمساحة للحوار» في العاصمة الأردنية عمّان، في سبتمبر 2015، وشارك المرصد في مؤتمر «إسلام ضد التطرف» الذي عقد في نوفمبر 2017 في مدينة «تورينو» الإيطالية، وألقى كلمة المرصد فيه الأستاذ الدكتور عبد الرحمن فودة، مشرف وحدة الرصد باللغة الفرنسية السابق، وتحدث فيها عن ملامح وسمات الخطاب المضاد لخطاب الجماعات المتطرفة، وشارك في المؤتمر الدولي الرابع للباحثين في الدراسات العربية والإسلامية والذي عُقد في جامعة أليكانتي في إسبانيا، شهر سبتمبر 2018.[44]
وعلى الجانب الأكاديمي، أصبح مرصد الأزهر لمكافحة التطرف والمواد العلمية التي يُخرجها في إصداراته وعلى صفحاته العربية والأجنبية محط أنظار العديد من الباحثين والأساتذة في الجامعات المصرية والعالمية، واتخذ بعض هؤلاء المرصد عنوانًا لرسالته أو بحثه، وهناك من اتخذ فقط بعض القضايا التي يتناولها المرصد، معتمدًا على مخرجات المرصد الخاصة ببحثه. ويتمثل حصاد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف لعام 2021، فيما يلي:[45]
للعام السادس على التوالي يواصل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف متابعاته لأنشطة وتحركات التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم .. فخلال عام 2021 أصدر المرصد أكثرَ من 4000 تقريرٍ ما بين يوميٍّ وأسبوعيٍّ وشهريٍّ حصيلةِ إنتاجِ وحداته الثلاثةِ عَشَر، والتي تكشف تحركات التنظيمات الإرهابية وتطلق صافرة الإنذار من خططها المستقبلية. ففي أحدث تقاريره لهذا العام، تناول المرصد أهم المحطات التي واجهت بها مصرُ التطرفَ والإرهابَ خلال 7 سنوات، لتكلل جهودها بالنجاح بخروجها من قائمة أكثر (10) دول عرضة للتطرف والإرهاب بحسب التقرير السنوي لمنظمة الاقتصاد والسلام (IEP) والذي يتضمن مؤشر الإرهاب العالمي، وللعام الثاني على التوالي وزارة الخارجية المصرية في تقريرها الوطني حول جهود مكافحة الإرهاب لعام 2021 تستعين بجهود مرصد الأزهر والتي لم تقتصر على الشأن المحلي فقط بل امتدت لتغطي العالم كافة، فدوليًّا .. وتحت عنوان “تجفيف منابع التطرف في السجون” اتخذ المرصد من جسر “ويستمنستر” نموذجًا لدراسة قضية استقطاب السجناء داخل السجون الأوروبية.
وبهذا استطاع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من خلال إنتاجه المقروءِ والمرئي من رصد كافة تحركات التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم وإصدار بياناته التحذيرية من خططها؛ وهو ما كان محط أنظار العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية التي عمدت إلى الاستعانة بمشرفي وباحثي المرصد لتحليل عدد من القضايا ذات الصلة بمكافحة التطرف.
4.مركز الأزهر العالمي لضبط الفتوى:[46]
مركز الأزهر العالمي لضبط الفتوى يعد أحد الأذرع الرئيسية لجامع الأزهر في مصر، وهو معهد ديني إسلامي بارز على مستوى العالم. هذا المركز له دور حيوي في تقديم الفتاوى الإلكترونية وتوضيح مواقف الإسلام تجاه مختلف القضايا المعاصرة. يهدف إلى تفكيك الأفكار المشوهة والمغلوطة التي قد تُنسب خطأً إلى الإسلام، بالإضافة إلى مواجهة الفكر اللاديني والتطرف.
تأسيس “وحدة بيان” ضمن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يأتي في إطار هذه المهمة ، حيث تعمل هذه الوحدة على تحليل ودراسة الأفكار المتطرفة والمفاهيم المغلوطة التي تُعتبر تشويهاً لتعاليم الإسلام الصحيحة، وتقوم بتقديم رؤى دينية مستنيرة لتصحيح هذه المفاهيم.
هذا الدور الفعّال لمركز الأزهر العالمي لضبط الفتوى يعكس الأهمية الكبيرة لجامع الأزهر كمؤسسة دينية تُعنى بنشر الفهم الصحيح للإسلام وتعزيز قيم التعايش والتسامح بين مختلف الثقافات والأديان.
5. مركز حوار الأديان للتوافق والتعايش وتطوير المناهج الدراسية:[47]
أنشأ شيخ الأزهر «مركز حوار الأديان بالأزهر الشريف»؛ ليكون بمثابة انطلاقة جديدة تعتمد الحوار الفكري والديني والحضاري مع أتباع الأديان والحضارات الأخرى سبيلًا للتَّوافق والتَّعايش، وللتأكيد على أنه لا سبيل للتَّعارف والسَّلام إلا بالجلوس على مائدة الحوار، وفتح قنوات اتصال بين مركز الحوار بالأزهر والمراكز المُهتمَّة بالحوار في مختلف دول العالم.
وعمل الأزهر على تطوير نظم المكتبات والكتب الدراسية، وإنجاز مقرر للثقافة الإسلامية وتطبيقه منذ العام الدراسي الماضي على طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية كمقرر جديد تحت عنوان “الثقافة الإسلامية”، حيث تم إعداد محتوى هذه المادة إعداداً علميّا وفقهيّا منضبطا يأخذ بعداً ثقافياً اجتماعياً، يهدف إلى توعية الطلاب بمخاطر التطرف والإرهاب ويحصنهم من الوقوع في براثن الجماعات التي تنتهج العنف، ويرسي مبادئ المواطنة والتسامح والعيش المشترك وقبول الآخر.
6- بيت العائلة المصرية لوأد محاولات الفتنة:
اهتم شيخ الأزهر بتعزيز التماسك في المجتمع المصري فأسس بيت العائلة لوأد محاولات الفتنة وترأس مجلس حكماء المسلمين وقام بالعديد من الجولات إلى مختلف دول العالم ، كما عزز الأزهر دور «لجنة المصالحات بالأزهر الشريف» المنوط بها إصلاح ذات البين بين المواطنين، وإعلاء المصلحة العليا للوطن، وحفظ الأرواح والأعراض والممتلكات، ونبذ العصبية القبلية المتوارثة، من خلال التنسيق مع الجهات المعنية في الدَّولة.[48]
7– إنشاء “مركز الأزهر للترجمة” في عام (2016م): والذى يقوم بترجمة المؤلفات والدراسات الجادة، التى تُكتب فى الخارج باللغات الأجنبية عن الإسلام إلى اللغة العربية، وكذلك الترجمة الفورية للندوات والمؤتمرات التى ينظمها الأزهر الشريف أو هيئاته، وترجمة الدراسات التخصصية والبحوث العلمية، التى تعالج قضايا المجتمعات المسلمة غير العربية والقضايا الشائكة.[49]
8- إنشاء “مركز الإمام الأشعري”، فى عام (2017م): والذى يهدف إلى نشر الفكر الأشعرى وتعريف المسلمين به شرقًا وغربًا؛ وذلك لما يتضمنه المذهب الأشعري من فهم صحيح للإسلام.
9- إنشاء “معهد الشعبة الإسلامية” فى عام (2017م): الذى يختار صفوة شباب الأزهر من أجل تأهيليهم تأهيلًا علميًا دقيقًا حتى يكونوا دعاة الوسطية والسلام فى ربوع العالم، ومؤهلين للتجديد فى الفكر الإسلامى والتعامل مع القضايا المستحدثة.[50]
10-إنشاء “أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى” في عام (2019م)[51]؛ إنشاء “أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى” في عام 2019 يمثل خطوة هامة في سعي الأزهر لتجديد الخطاب الديني ونشر الفهم الوسطي للإسلام. هذه الأكاديمية تقدم برامج تدريبية متخصصة تهدف إلى تزويد الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى بالمهارات والمعرفة اللازمة لمواجهة التحديات الفكرية والدينية المعاصرة.
البرامج التدريبية التي تقدمها الأكاديمية تشمل موضوعات متنوعة مثل تفسير النصوص الدينية، الخطابة، الأخلاق، والتعامل مع قضايا العصر. يشرف على هذه البرامج نخبة من علماء الأزهر الشريف، مما يضمن جودة التدريب ويعكس التزام الأزهر بتوفير تعليم ديني متطور ومواكب للتحديات الراهنة، من خلال هذه الأكاديمية، يسعى الأزهر إلى تعزيز دور العلماء والدعاة في نشر الوعي وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتعزيز الفهم الصحيح للإسلام كدين يدعو إلى السلام والتعايش. تمثل هذه المبادرة جزءًا من جهود الأزهر الواسعة لتعزيز الفكر الإسلامي المعتدل والمتنوع.
11. الملتقى الدولي الأول للشباب المسلم والمسيحي لدعم الحوار:[52]
ملتقى الشباب المسلم والمسيحي الذي عقده الأزهر في القاهرة في أغسطس 2015 يُعد مثالًا بارزًا على جهود الأزهر في دعم الحوار بين الأديان والثقافات. بمشاركة 40 شابًا وفتاة من 15 دولة، ركز الملتقى على تشجيع الحوار البنّاء بين الشباب ومعالجة المفاهيم الخاطئة حول الإسلام. هذه المبادرة تُظهر كيف يسعى الأزهر لإيصال صورة الإسلام الحقيقية والتأكيد على قيم السلام والتسامح، حيث تناولت المناقشات التي جرت خلال الملتقى قضايا دولية ملحة مثل الإرهاب والتطرف، مما يعكس التزام الأزهر بمواجهة هذه التحديات وتعزيز فهم أعمق للقضايا العالمية بين الشباب. من خلال هذه الفعاليات، يساهم الأزهر في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الأديان، مؤكدًا على دوره كمؤسسة دينية وثقافية عالمية، لذلك يُعتبر هذا الملتقى خطوة هامة نحو تعزيز التعاون الدولي والتفاهم بين الشباب من مختلف الخلفيات الدينية والثقافية. من خلال هذا الحدث، يستطيع الأزهر أن يُبرز دوره في تنمية قدرات الشباب على التفكير النقدي والتحليلي بشأن قضايا معقدة مثل الإرهاب والتطرف، ويساعد في تكوين جيل جديد من القادة القادرين على نشر قيم السلام والتعايش. [53]
كما إن تنظيم مثل هذه الملتقيات يعكس أيضًا إدراك الأزهر لأهمية الحوار الثقافي والديني كأداة فعالة في مكافحة التطرف والتشدد. يمكن للمشاركين في الملتقى نقل ما تعلموه وتجاربهم إلى مجتمعاتهم، مما يساهم في نشر الوعي والمعرفة. من خلال هذه الجهود، يعمل الأزهر على تعزيز القيم المشتركة والتفاهم بين الأديان، ويسهم في تقوية الجبهة الثقافية ضد الأفكار المتطرفة والعنيفة. هذا الدور الريادي للأزهر يُعزز مكانته كمركز عالمي للتعليم الديني المعتدل وكفاعل رئيسي في جهود الحوار العالمي.
ب- دور الأزهر خارجياً لنبذ التطرف:
قاد شيخ الأزهر حركة التَّقارب الإنساني بين الأديان بالتعاون مع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، ووقعا معًا «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي تعد الوثيقة الأهم في تاريخ العلاقة بين الأزهر الشَّريف وحاضرة الفاتيكان، كما تُعد من أهم وثائق تاريخ العالم الحديث، كما جاب فضيلة الإمام العالم شرقًا وغربًا سعيًّا من أجل ترسيخ السلام وثقافة التعايش والحوار بين أتباع الأديان، فلم يتأخر فضيلته يوما عن المشاركة فى محفل أو مؤتمر لرأب الصدع بين الفرقاء، ونبذ الفرقة والخلاف، من أجل عالم خال من الحروب والإرهاب، فضلاً عن حرصه الدائم على إرسال وفود من الأزهر للمشاركة في مؤتمرات دولية تشارك فى مناهضة الإرهاب على أرض الواقع.[54]
المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف» لنشر الفكر الوسطى: وسَّع الأزهر الشريف، من حجم التَّواجد العالمي المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف» لنشر الفكر الوسطى في مصر والعالم؛ حيث وصل عدد فروعها إلى 20 فرعًا حول العالم، خلال عام 2019م؛ لتمتد خريطة انتشار المنظمة وتشمل 20 فرعًا في: (نيجيريا – جزر القمر – جنوب أفريقيا – كينيا – تنزانيا – كوت ديفوار – تشاد – مالى – الصومال – الكاميرون – غانا – بروناي – السودان – إندونيسيا – ماليزيا – الهند – باكستان – تايلاند – ليبيا – بريطانيا)، كما قدم أزهريون من دول مختلفة طلبات لتأسيس فروع للمنظمة في دولهم، بالإضافة إلى انتشار فروع لها في 17 محافظة مصرية.[55]
- بناءاً على هذا: يمكن القول إن مواجهة التطرف فكريًّا ومنهجيًّا سيظل على رأس أولويات مؤسسة الأزهر الشريف، ومحركًا جوهريًّا في تدابيره لنشر المنهج الوسطي المعتدل. وأصبح متوقعًا أن يواصل الأزهر الشريف وقياداته تعزيز التعاون الدولي كمؤسسة رائدة في محاربة التطرف فكريًّا ومنهجيًّا على المستوى العالمي.
- إيفاد “قوافل السلام الدولية” إلى العديد من دول العالم المختلفة فى قارات أمريكا وآسيا وأوروبا وإفريقيا؛ لتعزيز السلم فى المجتمعات، ونشر ثقافة التسامح والتعايش المشترك، وبناء جسور الحوار والتعايش بين أبناء الحضارات والثقافات المختلفة، وكشف زيف الإرهاب الذى يرتكب جرائمه باسم الدين الإسلامي.
- تحديد قضايا الفكر الإسلامى الجدلية والشائكة وبحثها بحثًا علميًا جادًا لتحديد الموقف الصحيح منها، وذلك مثل قضايا: الجهاد، ودار الإسلام والحرب، والتكفير، والحاكمية، والهجرة من المجتمع، وغير ذلك من القضايا التى كان الفهم الخاطئ لها أهم أسباب الجمود الفكرى ونشر التطرف والإرهاب فى العصر الحاضر.
ج – محاربة التطرف ـ جهود التعاون بين مؤسسة الأزهر ودار الإفتاء المصرية في مواجهة التطرف الفكري :
تعتبر رؤية دار الإفتاء المصرية التطرف بشتى صوره هو المظلة الفكرية التي تستند إليها التنظيمات المتطرفة في نشر رسائلها واستقطاب المؤيدين، ومن ثم لا تتوقف رؤية دار الإفتاء فقط على أساس مكافحة التهديد المباشر للمواطنين داخل المجتمع، بل مكافحة مَن يتبنون الفكر المتطرّف ويخططون له ويقدمون له الدعم.
حيث أدركت دار الإفتاء المصرية خطورة الفكر المتطرف مبكرًا، وانتهجت في ذلك أسلوب الرصد والبحث والدراسة للوصول إلى طرق الوقاية والمعالجة الصحية للظاهرة، وفي إطار ذلك استهدفت ضبط الخطاب الإفتائي، وتحديث أدواته مواكبة حالة التطور التكنولوجي، فضلا عن فتح مجموعة من المراكز البحثية التي تعد بمثابة أذرع رصدية وعلمية تساعد المؤسسة على بيان مختلف الظواهر ومعالجتها.[56]
لذلك سارعت دار الإفتاء المصرية لتحقيق التعاون مع مؤسسة الأزهر في مواجهة التطرف الفكري ، هذا التعاون يشمل تبادل الخبرات، وتطوير برامج توعية مشتركة تهدف إلى تعزيز الفهم الصحيح للإسلام وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي قد تؤدي إلى التطرف، تركز هذه الجهود على توظيف الخطاب الديني المعتدل لمواجهة الأفكار المتطرفة، وذلك من خلال منابر متعددة مثل الخطب، الندوات، البرامج التلفزيونية، والمنشورات. الأزهر ودار الإفتاء يعملان معًا على تطوير مواد تعليمية وتدريبية للأئمة والدعاة لتمكينهم من التعامل بفعالية مع التحديات الفكرية والأيديولوجية.[57]
كما يشمل التعاون البحث والتحليل للأفكار المتطرفة وتطوير استراتيجيات لمواجهتها. يتم تشجيع الحوار والنقاش حول قضايا معاصرة مهمة، وتعزيز التواصل بين العلماء والمفكرين من مختلف الخلفيات لإيجاد حلول مبتكرة لمشكلات التطرف.
هذه الجهود المشتركة تسهم في تعزيز الوعي العام حول أهمية التعايش والتسامح، وتعمل على إيجاد بيئة فكرية قادرة على مواجهة التحديات الأيديولوجية المعاصرة. تُعد هذه الخطوات جزءًا من جهود مصر الأوسع نطاقًا لمكافحة التطرف وتعزيز الأمن الفكري والاجتماعي.
- مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة:[58]
أنشأت دار الإفتاء المصرية هذا المرصد لمواجهة الفكر المتطرف في عام 2014، أداة رصدية وبحثية لخدمة المؤسسة الدينية باعتبارها المرجعية الإسلامية الأولى في مجال الفتوى. يقدم المرصد الدعم العملي والفني والشرعي اللازم لتمكين المؤسسة الإفتائية من تحديد لظاهرة وبيان أسبابها وسياقاتها المختلفة، والأطراف الفاعلة فيها، ومقولاتها وادعاءاتها، وصولا إلى تقديم أطر وأسباب علاج تلك الظاهرة، ويقدم المرصد برامج عمل وخطوات لتحقيق هذا الهدف، كما يقدم المرصد العون والدعم للمؤسسات الدينية والاجتماعية المصرية في مواجهة تلك الظاهرة وآثارها، بالإضافة إلى تقديم أنماط التشدد والمتشددين، ودليل تعامل مع الفكر والفرد المنتمي والمتبني لهذا الفكر.[59]
ويقوم المرصد بمتابعة مقولات التكفير في جميع وسائط التواصل المقروءة والمسموعة والمرئية وعلي شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إيمانًا من دار الإفتاء بأنه من خلال امتلاك منظومة متكاملة للرصد والمتابعة تستطيع أن تتواصل وتتفاعل وتتعاطى مع الحدث بشكل أفضل وأسرع وأكثر إيجابية.
وتتنوع الموضوعات التي تدخل داخل دائرة اهتمام مرصد الفتاوى، وبشكل عام فإن عملية الرصد تتسم بالشمولية والاتساع بشكل مباشر أو غير مباشر، بأمور الفتاوى والآراء الدينية المرتبطة بها في كافة المجالات والموضوعات، كما يقوم المرصد برصد الظواهر والأسباب المؤدية لنشوء مثل تلك الآراء والفتاوى المتشددة، والسياق الذي يأتي في إطاره، وعلاقته بالأطراف المختلفة في المجتمع.
لذا يهتم المرصد بكافة الفتاوى الصادرة عن المؤسسة الدينية المصرية (الأزهر والأوقاف والإفتاء والهيئات التابعة لهم) والحركات والتيارات والفرق الإسلامية المختلفة، كما يقوم المرصد بمتابعة الفتاوى الصادرة عن رجال الدين والأفراد من كافة الاتجاهات والتيارات المختلفة.
2. برنامج “الذاكرة الرصدية” :
تعد الذاكرة الرصدية للتطرف، أرشيفًا تكنولوجيًّا عملاقًا يجمع إصدارات التنظيمات التكفيرية والإرهابية والنتاج الفكري المتطرف لأعلام الفكر التكفيري القديم والحديث، وكذلك تشتمل على كل الدراسات والكتب والأبحاث والإصدارات التي كتبت في مجال مكافحة التطرف وقايةً وعلاجًا؛ ليكون الأكبر والأحدث من نوعه، كما يمثل قيمة مضافة كبيرة لدعم استراتيجية الدولة في مجال مكافحة التطرف وتعزيز الأمن الفكري.[60]
3. المؤشر العالمي للفتوى:
تمثلت جهود المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في رصد وتحليل الخطاب الإفتائي محليًّا وعالميًّا للتصدي لكافة الظواهر السلبية المتعلقة بالخطاب الإفتائي وتفنيدها، حيث تم الاعتماد على محرك البحث الإلكتروني للمؤشر في رصد الفتاوى والقضايا المتعلقة بها، وتقديم المعالجة لتلك القضايا، وتمخضت هذه المعالجة إلى مجموعة من التقارير التحليلية، والدراسات النوعية، وتقديرات الموقف والبيانات والتقارير الإعلامية، والأبحاث المحكمة.[61]
4.مركز سلام لدراسات التطرف:[62]
مركز بحثي وعلمي وفكري، يعمل تحت إشراف الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم – دار الإفتاء المصرية. ويرتكز على أسس علمية رصينة في تعميق المناقشات العامة والأكاديمية والدينية المتعلقة بقضية التشدد والتطرف، ودعم عملية صنع السياسات الخاصة بعملية مكافحة التطرف، وقاية وعلاجًا .
ويتشكل المركز من وحدات متخصصة لها وظائف محددة تتكامل فيما بينها لتصل إلى هدف واحد ألا وهو كشف تهديدات الجماعات المتطرفة التتي تتخذ من الدين الإسلامي واجهات وغطاء للعمل والتطرف.
يعمل المركز على تحقيق شمولية مواجهة التطرف والإرهاب عبر تناول الأبعاد الدينية والإنسانية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية والنفسية والجغرافية في عملية المكافحة. يسعى المركز إلى تقديم توصيات وبرامج عمل لكيفية مواجهة تلك الظاهرة، ومحاربتها والقضاء عليها، ويأخذ بعين الاعتبار إلى الخصوصيات والسياقات المرتبطة بتنوع الحالات وتعددها، واختلاف المناطق والبلدان، ويكون الذراع البحثية للمؤسسة الإفتائية فيما يتعلق بقضايا التشدد والتطرف التي تضرب العالم أجمع وتهدم الإنسان والعمران
بناءا على ما سبق يمكن القول أن: الأزهر مازال يسعى إلى نشر خطاب ديني معتدل يركز على التسامح وقبول الآخر، وذلك من خلال المناهج التعليمية والخطب والدروس الدينية التي يقدمها علماء الأزهر. كما يحرص على تأهيل الأئمة والدعاة لنشر هذا الخطاب المعتدل وتصحيح المفاهيم المغلوطة، حيث يولى اهتماماً خاصاً بالشباب من خلال برامج توعوية وتثقيفية تهدف إلى تحصينهم ضد الأفكار المتطرفة وحمايتهم من الانجراف وراء الجماعات المتشددة،
وهكذا يواصل الأزهر جهوده المتواصلة لترسيخ الاعتدال ومواجهة خطاب الكراهية من خلال أدواته الفكرية والثقافية واجتذاب الشباب إلى رؤيته المعتدلة للإسلام.
التحديات التي يواجها الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف:
عندما نتحدث عن التحديات التي يواجها الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف في مصر خلال الفترة من عام ٢٠١٣ إلى ٢٠٢٣، نجد أن هناك عدة تحديات تتراوح بين القيود السياسية والاجتماعية والتحديات الفكرية والتفسيرية. سنقوم في هذا المحور بتسليط الضوء على هذه التحديات وتحليلها بشكل مفصل.
أولاً: تحديات القيود السياسية والاجتماعية:
تعد القيود السياسية والاجتماعية من أبرز التحديات التي تواجه الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف في مصر. حيث يتعرض الأزهر للعديد من القيود والتدخلات السياسية التي تؤثر على قدرته على مكافحة الخطاب المتطرف بشكل فعال، وتتمثل تحديات القيود الاجتماعية في تأثير العادات والتقاليد والتوجهات الاجتماعية على الأزهر وقدرته على مواجهة الخطاب المتطرف. قد يواجه الأزهر مقاومة من بعض الجماعات المحافظة والمتشددة التي تعتبر أي تغيير في الخطاب الديني تدخلاً في الشؤون الدينية وتهديدًا للتقاليد والعادات القائمة.[63]
فمنذ عام 2013، واجه الأزهر عدة تحديات في مواجهة الخطاب المتطرف، وفيما يلي بعض الأمثلة التي تبرز هذه التحديات:[64]
- تحديات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي: مع صعود تنظيمات مثل “داعش”، استخدمت هذه الجماعات وسائل التواصل الاجتماعي بفعالية لنشر أفكارها. كان على الأزهر تطوير استراتيجيات رقمية لمكافحة هذه الأفكار، مثل إطلاق حملات توعية ومنصات إلكترونية لتصحيح المفاهيم المغلوطة.[65]
- تحديات الراديكالية الشبابية: شهدت مصر في الفترة التي تلت ثورة 2013 تزايداً في النشاط الراديكالي بين الشباب، وهو ما دعا الأزهر لتكثيف جهوده في برامج توعية الشباب والتعليم الديني.
- تحديات التمويل والموارد: عانى الأزهر من قيود في الميزانية والموارد اللازمة لتنفيذ برامجه، وهو ما انعكس في تحديات مثل تطوير المناهج التعليمية وتوسيع نطاق برامجه التوعوية.
- تحديات الاستجابة للأزمات الطارئة: على سبيل المثال، بعد الأحداث التي أعقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، كان على الأزهر مواجهة تحديات في الحفاظ على موقف معتدل وسط ظروف سياسية واجتماعية معقدة.
- تحديات الانسجام الداخلي: شهد الأزهر توترات داخلية وانقسامات بين القيادات حول كيفية التعامل مع القضايا المعاصرة والتطرف، مما أثر على فعالية جهوده.
- تحديات التوازن بين التقليد والتجديد: في مواجهة الخطاب المتطرف، كان على الأزهر الجمع بين الحفاظ على التعاليم الدينية التقليدية واعتماد أساليب تعليمية ودعوية معاصرة تتناسب مع السياق الحالي.
- تحديات الاستجابة للتغيرات العالمية: مع الصراعات في الشرق الأوسط وظهور أزمات إقليمية، واجه الأزهر تحديات في التعامل مع تأثير هذه الأحداث على الفكر الديني في مصر.
- تحديات القيادة والإدارة: شهد الأزهر تغيرات في القيادة والإدارة، وهو ما أثر على استمرارية وتنسيق الجهود المبذولة لمواجهة التطرف.
- تحديات النقد الداخلي والخارجي: واجه الأزهر نقدًا من بعض الأوساط داخل مصر وخارجها لمواقفه تجاه بعض القضايا، مثل رده على فتاوى متطرفة أو معالجته لقضايا اجتماعية مثيرة للجدل، مما يطرح تحديات في كيفية التواصل الفعال والحفاظ على مصداقيته.
- التوترات الاجتماعية: في بيئة اجتماعية متغيرة ومتنوعة، قد يجد الأزهر صعوبة في الوصول إلى جميع شرائح المجتمع ومعالجة القضايا الحساسة دون إثارة مزيد من التوتر.
- التأثير الدولي: القيود السياسية والاجتماعية على المستوى الدولي، بما في ذلك العلاقات بين الدول والمواقف الدولية من الإسلام، يمكن أن تؤثر على قدرة الأزهر على نشر رسالته وتأثيره على المستوى العالمي.[66]
تعكس هذه الأمثلة طبيعة التحديات المعقدة التي واجهها الأزهر، وتبرز الحاجة الى استراتيجيات مرنة ومتعددة الأبعاد لتعزيز دوره كمؤسسة دينية فاعلة في مكافحة الخطاب المتطرف في مصر.
ثانيا: تحديات الفكرية والتفسيرية:
مؤسسة الأزهر، باعتبارها واحدة من أقدم وأكثر المؤسسات الدينية تأثيراً في العالم الإسلامي، تواجه مجموعة من التحديات الفكرية المعقدة في عصر يتسم بسرعة التغيرات والتطورات. فمنذ عام 2013، شهدت مصر والعالم الإسلامي تحولات كبيرة تتطلب من الأزهر مواكبة هذه التغيرات مع الحفاظ على جوهر رسالته الدينية.[67]
أولا: التحديات الفكرية:[68]
- مواجهة التيارات الفكرية المعاصرة: الأزهر يواجه تحدياً كبيراً في التعامل مع التيارات الفكرية الحديثة مثل العلمانية والليبرالية. يجب عليه تقديم تفسيرات وآراء تتوافق مع الأصول الإسلامية وفي نفس الوقت تلبي تطلعات الشباب المسلم الذي يعيش في عالم متغير.
- التكيف مع المتغيرات العالمية والتكنولوجيا: العالم اليوم يتميز بالعولمة وتقدم التكنولوجيا. يجد الأزهر نفسه أمام ضرورة تحديث مناهجه التعليمية لتشمل مواضيع تتعلق بالعلوم الحديثة واستخدام التكنولوجيا في التعليم والدعوة.
- التعامل مع التطرف والأفكار المتشددة: أحد أكبر التحديات التي تواجه الأزهر هو التصدي للفكر المتطرف. يسعى الأزهر لتقديم رؤية معتدلة للإسلام تحارب التطرف وتعزز السلام والتعايش.
- التواصل مع الشباب: في عصر تسوده وسائل التواصل الاجتماعي، يواجه الأزهر تحديًا في كيفية الوصول إلى الشباب والتأثير فيهم. من المهم للأزهر أن يجد طرقاً مبتكرة للتواصل مع هذه الفئة العمرية.
- التفاعل مع القضايا المجتمعية والإنسانية: يتوجب على الأزهر أن يكون له دور فاعل في مناقشة وتقديم حلول للقضايا المجتمعية والإنسانية كقضايا الفقر، التعليم، والصحة.
- التعاون الدولي والحوار الديني: يجب على الأزهر تعزيز دوره في الحوار بين الأديان والتعاون مع المؤسسات الإسلامية وغير الإسلامية على مستوى العالم لتعزيز فهم أفضل للإسلام.
يقف الأزهر على خط الجبهة في مواجهة هذه التحديات، محاولاً التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، وبين الحفاظ على التراث الديني واحتضان التطورات الجديدة.
ثانيا : التحديات التفسيرية:
يواجه الأزهر عدة تحديات تفسيرية في مواجهة الخطاب المتطرف منذ عام 2013. بعض أبرز هذه التحديات تشمل:[69]
- تفسيرات متعصبة للنصوص الدينية: يواجه الأزهر تحديًا في التصدي للتفسيرات المتعصبة والضيقة للنصوص الدينية التي تستخدم لتبرير العنف والتطرف. قد يكون من الصعب تغيير هذه التفسيرات المغلوطة في بعض الأوساط.
- انتشار التيارات الأيديولوجية المتطرفة: يواجه الأزهر تحديًا في التصدي لانتشار التيارات الأيديولوجية المتطرفة التي تروج للعنف والتطرف. تحديات مثل التطرف الديني والسياسي وعدم الاستقرار الاجتماعي تسهم في تأجيج هذه التيارات
- التحليل الصحيح للنصوص الدينية: يعتبر التحليل الصحيح والعقلاني للنصوص الدينية جزءًا أساسيًا من مواجهة الخطاب المتطرف. قد يواجه الأزهر تحديًا في توصيل رسالته بشكل فعال وتوضيح الرؤية الصحيحة للإسلام ومكافحة التفسيرات المشوهة.
- التحديات اللغوية والترجمة: قد يواجه الأزهر صعوبات في نقل رسالته إلى جمهور متنوع يتحدث لغات مختلفة. يجب على الأزهر توفير ترجمات وتواجد مراجع ثقافية للتواصل بشكل فعال مع جميع الفئات المستهدفة.
- الانتشار عبر الوسائط الاجتماعية: يواجه الأزهر تحديًا في مواجهة الخطاب المتطرف الذي ينتشر بسرعة واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يعتبر التعامل مع طرق الانتشار الحديثة والاستفادة منها في نشر رسالة مضادة للتطرف تحدٍ إضافي للأزهر.
تواجه هذه التحديات تعقيدًا وتحتاج إلى جهود مشتركة من قبل الأزهر والمؤسسات والجهات المعنية الأخرى للتصدي للخطاب المتطرف ومكافحة التطرف بفعالية.
المحور الخامس: تقييم فعالية الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف:
الأزهر الشريف، كواحد من أقدم وأهم المؤسسات الإسلامية في العالم، يلعب دوراً حيوياً في مواجهة الخطاب المتطرف. تقييم فعالية الأزهر في هذا المجال يشمل النظر في عدة جوانب:[70]
- النجاحات المتحققة:
– التعليم والتوعية: الأزهر يقوم بتطوير المناهج الدراسية وتدريب الأئمة والدعاة لنشر فهم معتدل ومتوازن للإسلام، مع التركيز على التسامح والتعايش السلمي.
– الحوار الدولي: من خلال المؤتمرات الدولية واللقاءات مع قادة الأديان والثقافات الأخرى، يسعى الأزهر إلى بناء جسور التفاهم والسلام.
– إصدار الفتاوى: الأزهر يستخدم سلطته الدينية لتقديم فتاوى تفند الأفكار المتطرفة وتؤكد على قيم الرحمة والعدالة في الإسلام.
منذ عام 2013، قام الأزهر بعدة مبادرات وأنشطة مهمة في مواجهة الخطاب المتطرف، بعض الأمثلة التي تعكس نجاحاته الموسعة:[71]
- إطلاق عدد من المبادرات للحوار والتعايش:[72]
– في عام 2014، أطلق الأزهر مبادرة “بيت العائلة المصرية” بالتعاون مع الكنيسة القبطية لتعزيز الوحدة الوطنية والحوار بين المسلمين والمسيحيين في مصر.
–إطلاق مبادرة “الأزهر الشريف ضد الإرهاب” (ديسمبر 2014): تهدف هذه المبادرة إلى تأطير مناهضة الإرهاب والتطرف .
– إطلاق “مبادرة الأزهر للحوار” في عام 2014 لنشر ثقافة الحوار بين الأديان.
– عقد مؤتمرات وندوات للحوار بين ممثلي الأديان السماوية في مصر والعالم.
– إنشاء “مركز الأزهر للحوار” في عام 2015 ليكون منبرا للتواصل بين الشعوب.
– تنظيم اللقاء التاريخي بين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب في عام 2017.
– إطلاق برنامج “وفود الحوار” لزيارة علماء الأزهر للدول الغربية لشرح الإسلام.
– المشاركة في مبادرة “ماراتون السلام” برعاية الأمم المتحدة لنشر ثقافة السلام.
– عقد مؤتمر “التعايش السلمي” مع مشاركة علماء من أكثر من 30 دولة في عام 2019.
2 . تطوير المناهج التعليمية:[73]
في سياق تحديث التعليم الديني، قام الأزهر بمراجعة وتحديث مناهجه الدراسية لتعزيز فهم معتدل للإسلام وتضمين موضوعات تتعلق بمكافحة التطرف من خلال :
- إطلاق مشروع “تطوير المناهج” في عام 2014 لتحديث مناهج العلوم الشرعية واللغة العربية والدراسات الإسلامية.
- إنشاء مركز المناهج بالأزهر في عام 2016 لوضع المناهج الدراسية وفق معايير عالمية.
- تدريس مقررات جديدة مثل المواطنة وحقوق الإنسان والتربية الوطنية اعتبارًا من العام الدراسي 2018-2019.
- عقد ورش عمل وندوات لتدريب المعلمين وأساتذة الأزهر على المناهج المطورة.
- إطلاق شهادة الثانوية الأزهرية الجديدة المطورة في عام 2019.
- البدء في تفعيل المقررات الإلكترونية والتعلم عن بعد في عام 2020.
- توقيع بروتوكولات تعاون مع جامعات عالمية لتبادل الخبرات في مجال تطوير المناهج.
- التعاون الدولي:[74]
– في عام 2016، انعقد مؤتمر دولي في الأزهر بعنوان “الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل“، حيث شارك فيه قادة دينيون وسياسيون من مختلف الدول لمناقشة قضايا الحرية الدينية والمواطنة.
– قام الأزهر بتعزيز العلاقات مع المؤسسات الدينية في دول أخرى، مثل الفاتيكان، لتعزيز الحوار بين الأديان.
– شارك الأزهر في منتديات ومؤتمرات دولية متعددة، مثل المنتدى العالمي للوسطية في الأردن، لتعزيز رسالة الإسلام المعتدل والتواصل مع علماء من مختلف الدول.
– إبرام اتفاقية تعاون مع جامعة كامبريدج البريطانية في عام 2014 لتبادل الخبرات في مجال البحث العلمي.
– التوقيع على مذكرة تفاهم مع مركز الحضارة الإسلامية بماليزيا في عام 2015 لنشر الوسطية والاعتدال.
– عقد اتفاقيات تعاون ثقافية مع عدد من الجامعات الصينية مثل جامعة بكين في عام 2016.
– استضافة مؤتمر السلام العالمي بالتعاون مع مراكز ومنظمات إسلامية دولية في عام 2017.
– توقيع بروتوكول تعاون مع المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في عام 2019 لمكافحة التطرف.
– عقد اجتماعات ومحاضرات مشتركة مع علماء وباحثين من جامعات غربية مثل أكسفورد وهارفارد.
– إطلاق برنامج زمالة باحث لاستضافة باحثين من جامعات أجنبية في عام 2022.
- برامج التوعية والتثقيف:
– تأسيس قسم الفكر العقائدي والتأهيل الأكاديمي في الأزهر (2014): تأسيس هذا القسم يهدف إلى تدريب العلماء على مكافحة التفسيرات المتطرفة وتعزيز التعاليم الوسطية والسلمية.[75]
– أطلق الأزهر برامج توعية لتعزيز الفهم الصحيح للإسلام وتفنيد الأفكار المتطرفة، خاصة بين الشباب وفي المجتمعات المحلية.[76]
– كذلك، عمل الأزهر على نشر رسالة الإسلام المعتدلة من خلال الإعلام، مستخدمًا البرامج الإذاعية والتلفزيونية. – إطلاق دورات تدريبية لتأهيل الخطباء (منذ 2013): تتم منح الخطباء التدريب اللازم لمناهضة الخطاب المتطرف وتعزيز القيم السلمية في خطابهم.
- إصدار المطبوعات والكتب:
– فمنذ عام 2013، قام الأزهر بنشر عدد من الكتب والمطبوعات التي تهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة حول الإسلام وتوضيح مواقف الإسلام من العنف والتطرف. بعض الأمثلة على هذه المطبوعات تشمل:[77]
- سلسلة “رسالة الأزهر: تضم هذه السلسلة مجموعة من الكتب التي تتناول موضوعات مختلفة مثل التسامح في الإسلام، العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، وتفنيد الأفكار المتطرفة.
- كتب توضح موقف الإسلام من العنف والإرهاب: هذه الكتب تقدم تحليلات دينية توضح أن الإسلام دين سلام وتسامح، وتبين أن الأعمال العنيفة والإرهابية لا تمت إلى تعاليم الإسلام بصلة.
- منشورات حول التاريخ الإسلامي والتراث: تهدف هذه المطبوعات إلى تعريف القراء بالتاريخ الغني للإسلام وتراثه الثقافي، وتقديم صورة أكثر دقة وشمولية عن الدين.
- مواد تعليمية ودراسية: أصدر الأزهر مواد تعليمية تُستخدم في الدورات التدريبية للأئمة والدعاة، تركز على التفسير المعتدل للنصوص الدينية وكيفية التعامل مع التحديات المعاصرة
- كتيبات توعية حول قضايا محددة: مثل الكتيبات التي تتناول قضايا مثل حقوق الإنسان في الإسلام، دور المرأة في المجتمع، وأهمية الحوار بين الثقافات.
- ترجمات لمؤلفات إسلامية كلاسيكية ومعاصرة: قام الأزهر بترجمة بعض المؤلفات الإسلامية الهامة إلى لغات مختلفة لتعزيز فهم الإسلام حول العالم.
هذه الأمثلة تظهر كيف استخدم الأزهر النشر والتوعية كأدوات لتعزيز فهم صحيح للإسلام ومكافحة المفاهيم المغلوطة والتطرف.
- مشاركة الشباب:[78]
– تشجيع مشاركة الشباب في مبادرات مكافحة التطرف، من خلال ورش العمل والندوات التي تهدف إلى تمكين الشباب وتعزيز قدراتهم في التصدي للأفكار المتطرفة.
– تنظيم مؤتمر الشابات العالمي بعنوان “الشباب الإسلامي والتطرف” (يوليو 2017): تم تنظيم هذا المؤتمر لدعم التفكير الواعي وتعزيز التسامح بين الشباب الإسلامي وتعقيدات التطرف.
-الملتقى الدولي للشباب المسلم والمسيحي (2015): عقد الأزهر ملتقى دوليًا للشباب المسلم والمسيحي بهدف تعزيز الحوار بين الأديان وبين الثقافات
هذه الجهود تعكس التزام الأزهر بمواجهة التطرف ونشر الفهم الصحيح للإسلام، مع التركيز على الحوار والتعايش السلمي.
- الإخفاقات الموسعة:
تقييم فعالية الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف منذ عام 2013 يتطلب النظر في عدة جوانب. الأزهر، باعتباره واحدًا من أكبر المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، لعب دورًا مهمًا في محاولة مواجهة التطرف. ومع ذلك، هناك بعض الإخفاقات التي يمكن تسليط الضوء عليها:[79]
- التحدي في مواكبة وسائل التواصل الاجتماعي: أحد التحديات الكبرى التي واجهت الأزهر هو التكيف مع العصر الرقمي واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بفعالية لمواجهة الخطاب المتطرف. الجماعات المتطرفة كثيرًا ما استخدمت هذه المنصات بكفاءة لنشر أفكارها.
- التحديات الداخلية والخارجية: واجه الأزهر تحديات في تحديث المناهج والتعامل مع الفكر المتطرف. على الرغم من جهوده في تجديد الخطاب الديني، إلا أنه واجه انتقادات بأن هذه الجهود لم تكن كافية أو سريعة بما يتناسب مع التطورات السريعة في المجتمع.
- المنهجية في التعامل مع الفكر المتطرف: رغم الجهود الكبيرة، يُنظر إلى الأزهر في بعض الأحيان على أنه لم يتمكن من التواصل الفعال مع الشباب أو التأثير في المجتمع بالشكل المطلوب لمواجهة التطرف.
- النقد الدولي والإقليمي: تعرض الأزهر لانتقادات من بعض الدول والمؤسسات الدولية لعدم اتخاذ موقف حاسم من بعض القضايا المتطرفة أو لعدم القدرة على مواكبة التغيرات السريعة في الفكر الديني والاجتماعي.
- الاستجابة للأحداث الطارئة: كان للأزهر دور في الاستجابة للأحداث الإرهابية والمتطرفة من خلال إدانة هذه الأفعال وتقديم خطاب ديني معتدل. ومع ذلك، فقد واجه انتقادات بأن هذه الاستجابات كانت ردود فعل لاحقة بدلاً من أن تكون استراتيجيات استباقية فعالة.[80]
- التعاون مع المؤسسات الأخرى: حاول الأزهر التعاون مع مؤسسات دينية وتعليمية أخرى لمواجهة الفكر المتطرف، لكن هذا التعاون كان محدودًا في بعض الأحيان بسبب الخلافات الإيديولوجية أو السياسية.
- دور الإعلام: يُنتقد الأزهر أحيانًا لعدم استخدامه الكامل لوسائل الإعلام الحديثة والتواصل الاجتماعي لنشر خطابه المعتدل، مما يُعتبر فرصة ضائعة للتأثير على الجمهور، خاصة الشباب.
- التعليم والتدريب: على الرغم من جهود الأزهر في تحديث المناهج التعليمية وتدريب الأئمة والدعاة، إلا أن هناك انتقادات تتعلق بعدم كفاية هذه الجهود لمواجهة التحديات المعاصرة.
- التأثير على المستوى الدولي: للأزهر دور بارز في الساحة الدولية، ولكن تأثيره في مواجهة التطرف على المستوى العالمي يُعتبر محدودًا في بعض الأحيان بسبب التحديات اللوجستية والثقافية.
- الدعم المالي والموارد: تحدي آخر يواجهه الأزهر هو الحصول على الدعم المالي والموارد اللازمة لتنفيذ برامجه ومبادراته بشكل فعال.
لذا يمكن القول أن: تحليل الإخفاقات التي يمكن ملاحظتها في مساعي الأزهر لتجديد الفكر ومكافحة التطرف يتطلب النظر في عدة جوانب متداخلة. أولًا، من المهم التعرف على التحديات الهيكلية والإدارية داخل الأزهر نفسه. على الرغم من وجود النية الصادقة للتجديد والتحديث، قد يواجه الأزهر صعوبات في تنفيذ هذه التغييرات بسبب البيروقراطية الداخلية أو المقاومة من بعض العناصر المحافظة داخل المؤسسة. هذه العقبات يمكن أن تؤدي إلى تباطؤ في وتيرة التجديد المطلوبة.[81]
ثانيًا، يواجه الأزهر تحديات في مواكبة التطورات التكنولوجية والإعلامية الحديثة. في عصر يتسم بسيادة وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، قد يكون من الصعب على الأزهر الوصول إلى الجمهور الشاب والتأثير فيه بالشكل المطلوب، خاصة إذا كانت وسائله التقليدية في الخطابة والتعليم لا تواكب الأساليب الحديثة للتواصل والتعبير.[82]
ثالثًا، هناك تحديات تتعلق بالتوازن بين الحفاظ على الهوية الإسلامية التقليدية والحاجة إلى التجديد. بعض الجهود المبذولة لتجديد الفكر قد تواجه انتقادات بأنها تتجاوز الحدود التقليدية للفكر الإسلامي، مما يؤدي إلى توتر بين الرغبة في التجديد والحاجة إلى الحفاظ على الأسس الدينية ، رابعًا، يتعين على الأزهر التعامل مع التحديات السياسية والاجتماعية الأوسع نطاقًا. في بيئة سياسية متقلبة، قد يجد الأزهر نفسه محاصرًا بين مطالب الحكومات والأنظمة السياسية من جهة وتطلعات الجمهور والمجتمع من جهة أخرى. هذا يمكن أن يحد من قدرته على التعبير الحر والنقدي.
أخيرًا، يجب أن نعترف بأن تجديد الفكر الديني ومكافحة التطرف ليست مهمة يمكن أن تحقق نجاحًا سريعًا أو سهلًا. إنها عملية طويلة الأمد تتطلب استمرارية الجهود والتزامًا مستمرًا. في هذا السياق، يمكن النظر إلى التحديات التي يواجها الأزهر على أنها جزء من عملية تطورية طبيعية في مواجهة تحديات معقدة ومتغيرة باستمرار.[83]
- الجهود المستمرة:
يعمل الأزهر على تحديث المناهج التعليمية وتطوير البرامج الدراسية لتتوافق مع المعايير العالمية والتحديات المعاصرة، مما يضمن تقديم تعليم ديني متوازن وشامل. بالإضافة إلى ذلك، يستمر الأزهر في تنظيم ورش العمل والمؤتمرات الدولية التي تجمع علماء ومفكرين من مختلف الأديان والثقافات لتعزيز الحوار والتفاهم المتبادل.[84]
و يركز الأزهر على تدريب الأئمة والوعاظ لتمكينهم من التعامل بفعالية مع التحديات الفكرية والأيديولوجية. يتم توظيف وسائل الإعلام الحديثة والتواصل الاجتماعي لنشر الخطاب المعتدل والوصول إلى جمهور أوسع، خاصة الشباب.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى الأزهر إلى تعزيز التعاون الدولي من خلال الشراكات مع مؤسسات دينية وتعليمية حول العالم. هذه الجهود تهدف إلى بناء جسور التفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة، كما يشجع الأزهر البحث العلمي في العلوم الإسلامية، مما يساهم في تطوير فهم أعمق للقضايا المعاصرة وكيفية معالجتها من منظور إسلامي. هذه الجهود المستمرة تعكس التزام الأزهر بدوره كمؤسسة دينية رائدة في تجديد الفكر الإسلامي ومواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية في العصر الحديث.[85]
بالإضافة إلى ما ذكرته سابقًا، يستمر الأزهر في تطوير مبادراته الموجهة نحو الشباب، وهي جزء حيوي من استراتيجيته لتجديد الفكر الديني، حيث يعمل على إنشاء منصات تفاعلية تستهدف الشباب، مما يوفر لهم مساحة للنقاش والتعبير عن آرائهم بشأن قضايا دينية واجتماعية مختلفة. هذه الجهود تهدف إلى تعزيز الفهم المعتدل للإسلام وتحصين الشباب ضد الأفكار المتطرفة. كذلك، يعمل الأزهر على تعزيز الفهم الوسطي للإسلام عبر الإعلام، من خلال إنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية ومحتوى رقمي يوجه خطابًا دينيًا معتدلًا وشاملًا. هذا يساعد في توسيع نطاق تأثير الأزهر ويصل إلى جماهير أكبر، بما في ذلك الجاليات الإسلامية خارج مصر.
أيضًا، يعمل الأزهر على تقديم الاستشارات والفتاوى التي تتناول قضايا معاصرة، بما يتماشى مع القيم الإسلامية ويحترم السياقات الاجتماعية والثقافية المتنوعة. هذا يعكس جهوده في تقديم توجيه ديني يتسم بالواقعية والتوازن. إلى جانب ذلك، يعمل الأزهر على تعزيز دوره كمركز للتعليم الديني على المستوى العالمي، من خلال تقديم برامج تعليمية تجمع بين العمق الديني والمعرفة المعاصرة. هذا يشمل تطوير الدورات التعليمية التي تتناول قضايا عصرية مثل حقوق الإنسان، الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بما يتوافق مع القيم الإسلامية.[86]
كل هذه الجهود تدل على أن الأزهر يبذل قصارى جهده للبقاء كمؤسسة دينية مؤثرة وفعالة في العصر الحديث، مع التركيز على تحديث الفكر الديني ومواجهة التطرف بطرق مبتكرة وشاملة. هذا يسهم بشكل كبير في تعزيز الفهم الصحيح للإسلام ونشر قيم السلام والتعايش بين الشعوب والثقافات المختلفة.
ب-آراء المحللين والخبراء:
تقييم فعالية الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف يختلف بين المحللين والخبراء. بعضهم يشيد بدور الأزهر كمؤسسة دينية تاريخية ومحورية في مكافحة التطرف، مشيرين إلى جهوده المستمرة في تحديث التعليم الديني وتعزيز الحوار بين الأديان. يرون أن الأزهر يلعب دورًا حاسمًا في تقديم تفسيرات معتدلة للإسلام ومكافحة الأفكار المتطرفة من خلال التعليم والتوعية.[87]
من ناحية أخرى، يرى بعض الخبراء أن الأزهر يواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، خاصةً فيما يتعلق بالتواصل مع الجيل الشاب واستخدام وسائل الإعلام الحديثة بفعالية. يعتقدون أن الأزهر يحتاج إلى تطوير استراتيجيات أكثر فعالية للوصول إلى الشباب ومواجهة التطرف الذي ينتشر بسرعة عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
كذلك، يشير بعض المحللين إلى الحاجة إلى المزيد من الجهود في تحديث المناهج التعليمية وإدماج مناقشات حول القضايا المعاصرة بطريقة تتوافق مع السياقات الاجتماعية والثقافية الحديثة.
إضافة إلى ذلك، يناقش بعض الخبراء والمحللين أهمية التعاون بين الأزهر والمؤسسات الأخرى، سواء كانت دينية أو تعليمية أو حكومية، في مواجهة التطرف. يرون أن التحديات الفكرية والأيديولوجية الحالية تتطلب جهودًا مشتركة وتبادل الخبرات والموارد. هذا التعاون يمكن أن يساعد في تعزيز الخطاب المعتدل وتوسيع نطاق تأثير الأزهر.[88]
كما يشدد بعض الخبراء على أهمية التوازن بين الحفاظ على الهوية الدينية والتقاليد وبين الانفتاح على الأفكار الجديدة والمعاصرة. يرون أن الأزهر يمكن أن يكون جسرًا يربط بين التقاليد الإسلامية العريقة والتحديات الحديثة، وهذا يتطلب مرونة وابتكار في الأساليب والمناهج.
بالإضافة إلى ذلك، هناك توافق بين العديد من المحللين على أن مواجهة التطرف لا تقتصر على الأبعاد الدينية فقط، بل تشمل أيضًا الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. يرون أن الأزهر يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية شاملة تعالج جذور التطرف وأسبابه.
ومع ذلك، يلاحظ بعض الخبراء وجود تحديات تتعلق بمدى سرعة استجابة الأزهر للتغيرات الاجتماعية والفكرية. يرون أنه على الرغم من الجهود المبذولة، فإن هناك حاجة لمزيد من السرعة والمرونة في التكيف مع الواقع المعاصر، وخاصة في مواجهة التطرف الذي يتطور بسرعة عبر الإنترنت، كذلك، يشير بعض المحللين إلى ضرورة زيادة التركيز على البعد الدولي للخطاب الديني. في عالم مترابط، يُعتبر الأزهر لاعبًا مهمًا على المسرح العالمي، ويمكن لخطابه أن يكون له تأثير كبير خارج حدود مصر.[89]
أخيرًا، هناك تقدير عام بين الخبراء للدور الذي يمكن أن يلعبه الأزهر في تعزيز السلام والتفاهم بين الأديان والثقافات. حيث يرون أن الأزهر، بتاريخه الطويل وتأثيره الواسع، لديه القدرة على أن يكون قوة إيجابية في العالم، ليس فقط في مواجهة التطرف، بل وفي بناء جسور الحوار والتفاهم على مستوى العالم.[90]
استنتاجات وتوصيات لتعزيز دور الأزهر:
أولا: نتائج الدراسة:
بناءً على التحليل الشامل لدور الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف في مصر منذ عام 2013 حتى 2023، يمكن تلخيص أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة كالتالي:
- تعزيز الفكر الإسلامي الوسطي: أظهر الأزهر قدرته على تعزيز ونشر الفكر الإسلامي الوسطي، مواجهًا التفسيرات المتطرفة للنصوص الدينية وتقديم فهم معتدل ومتوازن لها
- التأثير في المحافل الدولية: لعب الأزهر دورًا فعالًا في المحافل الدولية من خلال تنظيم والمشاركة في مؤتمرات وحوارات تروج للسلام والتسامح.
- فعالية البرامج التعليمية والتوعية: تبين أن برامج التعليم والتوعية التي نفذها الأزهر كانت مهمة في توجيه الشباب والطلاب وتعزيز فهمهم للإسلام المعتدل.
- تحديات الوصول والتأثير على الشباب: واجه الأزهر تحديات في الوصول إلى الشباب والتأثير عليهم بشكل كامل، خاصة في ظل وجود جماعات متطرفة تنافسه في هذا المجال.
- القيود السياسية والمؤسسية: تأثرت جهود الأزهر بسبب القيود السياسية والمؤسسية التي قد تحد من قدرته على اتخاذ مواقف مستقلة وجريئة.
- تحديات التكنولوجيا والإعلام الجديد: أظهرت الدراسة أن الأزهر يحتاج إلى تطوير استراتيجيات أكثر فعالية لاستخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في مكافحة التطرف.
- المرونة والتجديد في الخطاب الديني: توجد حاجة للأزهر لتبني نهج أكثر مرونة وتجديدًا يتوافق مع التحديات المعاصرة.
- تحديات الاندماج والتفاعل المجتمعي: واجه الأزهر تحديات في تعزيز الاندماج والتفاعل مع مختلف قطاعات المجتمع المصري، الأمر الذي يتطلب جهودًا مكثفة لبناء جسور التواصل والفهم المتبادل.
- التأثير على السياسات العامة والتشريعات: أثر الأزهر في بعض الجوانب على السياسات العامة والتشريعات المتعلقة بمكافحة التطرف وتعزيز الاعتدال، مما يشير إلى أهمية دوره كمؤسسة دينية في المجال العام.
- الحاجة إلى تحديث المناهج والأساليب التعليمية: توصلت الدراسة إلى أن هناك حاجة لتحديث المناهج والأساليب التعليمية التي يستخدمها الأزهر لتكون أكثر ملاءمة للتحديات المعاصرة وجذب اهتمام الشباب.
- تحديات النقد والتقييم الذاتي: واجه الأزهر تحديات في مواجهة النقد الذاتي والخارجي، مما يستدعي تطوير آليات للتقييم المستمر والاستجابة الفعالة للانتقادات.
- التوازن بين الحفاظ على التقاليد والتجديد: تشير الدراسة إلى تحدي الأزهر في الحفاظ على التوازن بين الحفاظ على التقاليد الدينية والتجديد لمواكبة التطورات المعاصرة.
- الحوار بين الأديان كجزء من مكافحة التطرف: أظهر الأزهر التزامًا بالحوار بين الأديان كوسيلة فعالة لمكافحة التطرف وتعزيز التفاهم والتسامح.
- تحديات الوصول للفئات المهمشة: توصلت الدراسة إلى أن الأزهر واجه صعوبات في الوصول إلى فئات معينة من المجتمع، مثل المهمشين أو المعرضين لخطر التطرف، مما يتطلب استراتيجيات موجهة بشكل خاص لهذه الفئات.
- تأثير الأحداث الجيوسياسية: أظهرت الدراسة أن التغيرات الجيوسياسية في المنطقة أثرت على جهود الأزهر، سواء بشكل إيجابي من خلال توسيع فرص التعاون الإقليمي، أو بشكل سلبي من خلال زيادة التحديات الأمنية.
- التعاون مع المؤسسات الأخرى: كانت هناك جهود ملحوظة من الأزهر للتعاون مع مؤسسات تعليمية ودينية أخرى، سواء داخل مصر أو على المستوى الدولي، لتعزيز فعالية مكافحة التطرف.
- التحديات في تحديث الصورة العامة للأزهر: تواجه المؤسسة تحديات في تحديث صورتها وجعلها أكثر جاذبية للأجيال الشابة، مع الحفاظ على هيبتها وسلطتها الدينية.
- الاستجابة للتحديات الجديدة: أظهرت الدراسة أن الأزهر بحاجة إلى تطوير قدرته على الاستجابة بسرعة وفعالية للتحديات الجديدة التي تظهر، سواء كانت فكرية أو تكنولوجية أو اجتماعية.
- الحاجة إلى تقييم مستمر وتحسين: كشفت الدراسة عن الحاجة إلى تقييم مستمر لفعالية البرامج والمبادرات التي يقودها الأزهر وتحسينها بناءً على النتائج والتغذية الراجعة.
اخيرا : تظهر هذه النتائج التحديات المتنوعة والديناميكية التي يواجهها الأزهر في مكافحة الخطاب المتطرف، مشددةً على أهمية تطوير استراتيجيات شاملة ومرنة لمواجهة هذه التحديات بفعالية في السياق المعاصر.
ثانيا : توصيات الدراسة:
استنادًا إلى الدراسة التي تناولت دور الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف في مصر من عام 2013 حتى 2023، تبرز عدة توصيات ومقترحات لتعزيز فعالية هذا الدور.
أولاً، من الضروري تطوير وتحديث المناهج التعليمية داخل الأزهر لتشمل موضوعات تعزز الفهم العميق للإسلام الوسطي وتفند الأفكار المتطرفة.
ثانيًا، يجب على الأزهر تكثيف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية للوصول إلى الشباب بشكل أكثر فعالية، مع تقديم محتوى جذاب ومناسب لهذه الفئة.
ثالثًا، تعزيز التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات الحكومية يعتبر أساسيًا لبناء جبهة موحدة ضد الخطاب المتطرف.
رابعًا، من المهم أن يعمل الأزهر على توسيع دائرة الحوار والتفاهم مع مختلف الجماعات الدينية والثقافية لتعزيز التسامح والتفاهم المتبادل.
خامسًا، يجب على الأزهر تطوير آليات لقياس وتقييم فعالية برامجه ومبادراته في مكافحة التطرف، مما يساعد في تحسين هذه الجهود بمرور الوقت.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الأزهر تعزيز دوره كمنصة للحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، ليس فقط على المستوى الوطني ولكن أيضًا في الساحة الدولية. هذا يشمل تنظيم مؤتمرات وورش عمل تجمع بين علماء من مختلف الديانات والمذاهب لمناقشة القضايا المشتركة والتحديات العالمية. أيضًا، من المهم الاستثمار في البحث والدراسات التي تتناول أسباب التطرف وأفضل السبل لمواجهته، مع الأخذ في الاعتبار السياقات الثقافية والاجتماعية المختلفة.
من الضروري كذلك أن يقوم الأزهر بتقديم برامج تدريبية للأئمة والدعاة لتحسين مهاراتهم في التواصل والحوار، وتزويدهم بأدوات فعالة لمواجهة الأفكار المتطرفة. كما يجب التركيز على دور الأزهر في تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التسامح والتعايش السلمي من خلال برامج توعوية موجهة لجميع فئات المجتمع.
بالإضافة إلى الجوانب السابقة، يجب على الأزهر أيضًا التركيز على تطوير استراتيجيات فعالة لاستخدام الإعلام الجديد والمنصات الرقمية. من خلال إنشاء محتوى رقمي جذاب وموجه خصيصًا للشباب، يمكن للأزهر أن يعزز تأثيره في هذه الفئة المهمة والحيوية.
كما يجدر بالأزهر العمل على بناء شبكة من العلاقات مع المؤسسات التعليمية الأخرى، بما في ذلك المدارس والجامعات، لتوسيع نطاق برامجه التعليمية والتوعوية. هذا يساعد في ترسيخ قيم الاعتدال والتسامح منذ الصغر ويعمل على تشكيل وعي جديد قادر على مواجهة الأفكار المتطرفة.
من المهم أيضًا أن يستمر الأزهر في تطوير برامجه التدريبية لتشمل تقنيات حديثة في مجال التواصل والإقناع، والتي تتعلق بكيفية مواجهة الخطاب المتطرف بفعالية. يمكن أن يشمل ذلك دورات في فنون الخطابة، تقنيات التواصل الاجتماعي، وكذلك تدريبات على التعامل مع وسائل الإعلام.
في النهاية، ينبغي للأزهر تعزيز دوره كجسر للتواصل بين الثقافات والحضارات، لا سيما في هذه الأوقات التي تشهد تزايد التوترات العالمية. من خلال تعزيز التفاهم المتبادل والحوار البنّاء، والاستمرار في تطوير برامجه الداخلية لتشمل جميع الأصوات والتيارات الفكرية ضمن المؤسسة، وكذلك تعزيز الشمولية والتنوع يمكن أن يعزز من مصداقية الأزهر ويجعل رسائله أكثر جاذبية لمختلف شرائح المجتمع.
من خلال تطبيق هذه التوصيات، يمكن للأزهر تعزيز دوره الريادي في مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية المرتبطة بالخطاب المتطرف، مما يسهم في تحقيق مجتمع أكثر أمانًا وتماسكًا
السيناريوهات المستقبلية:
فمنذ 2013 وحتى 2023، اتخذ الأزهر عدة مبادرات واستراتيجيات لمواجهة التطرف، وهي فترة شهدت تغيرات سياسية واجتماعية ملحوظة في مصر والمنطقة. تتنوع هذه المبادرات من تحديث المناهج التعليمية وتطوير برامج لتدريب الأئمة، إلى تنظيم حملات توعية والتعاون الدولي. في هذا الإطار، يمكن تصور عدة سيناريوهات محتملة حول نتائج دراسة تغطي هذه الفترة، فتقيم فعالية وتأثير هذه الجهود في مواجهة الخطاب المتطرف وتعزيز الفهم الوسطي للإسلام.[91]
تعكس هذه الفترة أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية في تشكيل الخطاب العام والمساهمة في بناء مجتمع متوازن ومستقر. الأزهر، بتاريخه الطويل ومكانته، يقف في موقع فريد للتأثير على هذه العملية. تتطلب دراسة هذا الدور تحليلاً عميقًا للاستراتيجيات والمبادرات المتخذة، وتقييماً لنجاحاتها وتحدياتها.
بالنظر إلى دور الأزهر في مواجهة الخطاب المتطرف في مصر منذ عام 2013 وحتى 2023، يمكن تصور عدة سيناريوهات محتملة حول النتائج التي قد تظهر في دراسة تغطي هذه الفترة:
- نجاح ملحوظ في تجديد الخطاب الديني: هذا السيناريو يتضمن أن الدراسة قد تُظهر نجاح الأزهر في تحديث مناهجه التعليمية، تطوير برامج التدريب للأئمة والوعاظ، وتعزيز الحوار بين الأديان، مما أسهم في تقليص نفوذ الخطاب المتطرف.
- تحديات مستمرة في مواجهة التطرف: في هذا السيناريو، قد تشير الدراسة إلى أن الأزهر واجه تحديات كبيرة، مثل صعوبة التواصل مع الجيل الشاب والاستخدام المحدود لوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، مما أثر على فعالية جهوده.
- التقدم في التعاون الدولي والمحلي: التعاون مع مؤسسات أخرى يوفر فرصة لتبادل الخبرات وتعزيز الحوار البنّاء. هذا السيناريو يمكن أن يكون فعالًا في مواجهة التطرف على نطاق واسع ويعزز السلام العالمي.
- تحولات في السياسات والاستراتيجيات: في هذا السيناريو، قد تكشف الدراسة عن تطورات أو تحولات في السياسات والاستراتيجيات التي اتبعها الأزهر على مر السنين في مواجهة التطرف، مع تحليل لفعاليتها وتأثيرها.
- تقييم متباين حسب المناطق والجماعات: قد تُظهر الدراسة أن تأثير الأزهر في مكافحة التطرف كان متباينًا، حيث كان له نجاح في بعض المناطق أو مع بعض الجماعات، بينما كان أقل فعالية في مناطق أو مع جماعات أخرى.
- تحديث استراتيجيات الاتصال: هذا السيناريو يعترف بأهمية وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية في العصر الحديث. استخدام هذه الأدوات بفعالية يمكن أن يزيد من تأثير الأزهر بين الشباب ويساعد في مواجهة التطرف الذي ينتشر عبر الإنترنت.
- مواجهة التحديات الجديدة: القدرة على التكيف مع التحديات الجديدة، مثل التطرف الرقمي، تعتبر أساسية لفعالية الأزهر في المستقبل. هذا يتطلب استراتيجيات مبتكرة ومرنة
من بين هذه السيناريوهات، يرى الباحث أن النهج المتكامل الذي يجمع بين تطوير التعليم، تحديث استراتيجيات الاتصال، التعاون الدولي، والاستثمار في البحث والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، أفضل فرصة لمواجهة التطرف بفعالية. هذا النهج يأخذ في الاعتبار الحاجة إلى التواصل بفعالية مع الشباب واستخدام التكنولوجيا الحديثة، مع الحفاظ على الأسس الدينية الثابتة.
يتمثل جوهر هذا النهج في الاعتراف بأن التطرف ليس مشكلة يمكن حلها بمقاربات بسيطة أو من جانب واحد. بدلاً من ذلك، يتطلب التطرف استجابة متعددة الأبعاد تشمل تحسين جودة التعليم الديني، تقديم رسائل تواصل واضحة ومؤثرة، تعزيز التعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتوجيه البحث والموارد نحو فهم أعمق للأسباب الاجتماعية والاقتصادية للتطرف
في النهاية، يمكننا استخلاص بعض النقاط الرئيسية. الأزهر، كمؤسسة دينية تاريخية في مصر، لعب دورًا محوريًا في تحديد مسار الفكر الإسلامي والتصدي للأفكار المتطرفة. عبر السنوات، قام الأزهر بتحديث مناهجه التعليمية وتعزيز البرامج التي تهدف إلى تعميق فهم الإسلام المعتدل وترسيخ قيم التسامح والحوار، فمن خلال إنشاء أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى، وتطوير برامج التعليم الإلكتروني، سعى الأزهر إلى تطوير أدواته التعليمية وتوسيع نطاق تأثيره. الحملات التوعوية والبرامج الإعلامية، بالإضافة إلى التعاون الدولي، كلها أمثلة على جهود الأزهر في مواجهة التطرف.
ومع ذلك، فإن الأزهر يواجه تحديات متعددة. فالتغييرات السريعة في المجتمع، خاصةً مع تزايد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، تتطلب من الأزهر تطوير استراتيجيات مبتكرة وفعالة للتواصل مع الأجيال الجديدة. كما أن الحاجة إلى تحقيق توازن بين الحفاظ على التقاليد والانفتاح على الأفكار الجديدة تمثل تحديًا مستمرًا.[92]
من خلال الدراسات والتقييمات المختلفة، يتضح أن الأزهر يُعتبر ركنًا أساسيًا في جهود مكافحة التطرف في مصر والعالم الإسلامي. رغم التحديات، يبقى الأزهر مؤسسة ذات تأثير ومكانة كبيرة، قادرة على المساهمة بشكل فعال في تعزيز الفكر الديني المعتدل ودعم السلام والتعايش بين الشعوب والثقافات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الأزهر مركزًا للتفكير الديني العميق والمناقشات حول القضايا الأيديولوجية والفكرية المعاصرة. من خلال مؤتمراته وورش العمل، يوفر الأزهر منبرًا للحوار البنّاء وتبادل الأفكار، مما يساعد على تعزيز فهم متعدد الأبعاد للتحديات التي تواجه العالم الإسلامي والمجتمع الدولي. هذا النوع من الحوار يسهم في بناء جسور التفاهم بين مختلف الثقافات والأديان، ويعزز السلام والتعايش السلمي.
في مواجهة التحديات المعاصرة، يحتاج الأزهر إلى استمرار تطوير استراتيجياته وبرامجه لضمان بقائها متواكبة مع التطورات العالمية. يشمل ذلك تبني تكنولوجيا التعليم الحديثة، تعزيز البحث العلمي، وتوسيع نطاق التعاون الدولي. كما أن التفاعل مع الجمهور الشاب واستخدام وسائل الإعلام الرقمية بفعالية يمثلان جوانب حيوية يجب التركيز عليها.
يُعد الأزهر مثالاً للمؤسسة التي تستطيع أن توفق بين الحفاظ على القيم والتقاليد الدينية والانفتاح على الفكر الحديث والمعاصر. هذا التوازن يعتبر أساسيًا لتحقيق تأثير دائم ومستدام في مواجهة التطرف وتعزيز الفهم الصحيح للإسلام.
وأخيرًا، تظل مساهمة الأزهر في مواجهة التطرف وتجديد الفكر الديني عنصرًا أساسيًا في استقرار وتنمية المجتمعات. من خلال جهوده المتواصلة، يمكن للأزهر أن يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مستقبل الفكر الديني وتعزيز قيم السلام والتسامح في مصر والعالم الإسلامي على حد سواء.
___________________________________________________
[1] رجب, إيمان. (2016). تقييم أوّلي لسياسات مكافحة الإرهاب في مصر. آفاق سياسية، (3)، 32.
[2] Ragab, E. (2016). Counter-Terrorism Policies in Egypt: Effectiveness and Challenges. IEMed. Available on www.iemed.org.
[3] Hellyer, H. A. (n.d.). Al-Azhar and the battle of ideas against extremist Islamism. Atlantic Council. Available on: www.atlanticcouncil.org.
[4] الطيب, أحمد. (2017). دور الأزهر في التصدي لخطاب الكراهية والتطرف. مجلة الأزهر, 1(2), 55.
[5] Gabra, M. (2016). The Ideological Extremism of Al-Azhar. The Washington Institute. Available on www.washingtoninstitute.org.
[6] محمد، جمال. (2017). استراتيجية الأزهر في مواجهة الفكر المتطرف. مجلة كلية التربية ببنها، 27(107)، ص-594.
[7] جاد، محمد. (2019). جهود الأزهر في مواجهة ظاهرة التطرف الفكري. مجلة كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، 3(15)، 290-318.
[8] المرجع السابق ذكره ، ص: 318.
[9] صلاح، أحمد. (2015). الخطاب الديني المعتدل في ظل التيارات المتطرفة: دراسة تحليلية لخطب وبيانات مشيخة الأزهر منذ 2013. المجلة العلمية لجامعة المنوفية، 1(2)، ص: 120.
[10] المرجع السابق ذكره ، ص: 124.
[11] الأهواني، حسن. (2020). دور الخطاب الديني للأزهر في الوقاية من الإرهاب. مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات. 23(2)، ص: 167.
[12] عبد العال، محمود. (2014). دور الخطاب الديني في مواجهة الإرهاب: رؤية مقاصدية. مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية، 26(54)، 69-114
[13] Abdullah, S. (2014). A Brief History of Al-Azhar University. International Journal of Middle East Studies, 8(4), pp: 575.
[14] Elsayed, A. (2019). Al-Azhar through the Ages: Evolution and Development. International Journal of Middle Eastern Studies, 52(2), 237-258.
[15] Reid, D.M. (2015). Cairo University and the Making of Modern Egypt. Cambridge: Cambridge University Press. Chapter 5 focuses on Al-Azhar’s developments in the late 19th and early 20th centuries.
[16] عمارة، محمد. (2002). رحلة الأزهر وأثره في الحياة العلمية. القاهرة: دار الشروق، ص: 28 .
[17] لشافعي، محمد. (2019). دور شيخ الأزهر في التصدي لخطاب الكراهية والتكفير. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 46، ص145-170.
[18] السيد، رضوان. (2004). نشأة الأزهر وتطوره. القاهرة: مكتبة وهبة، ص: 32-35.
[19] Zeghal, M. (1996). Religion and Politics in Egypt: The Ulema of Al-Azhar, Radical Islam, and the State (1952–94). International Journal of Middle East Studies, 28(3), pp:371-399.
[20] الجبرتي، عبد الرحمن. (1990). تاريخ الأزهر الشريف. القاهرة: دار الفكر العربي، ص:16.
[21] Norshahril Saat. (2018). The Al-Azhar University: A Historical Sketch (Chapter 2) – Tradition and Islamic Learning. Cambridge University Press. Available on: https://www.cambridge.org/core/books/tradition-and-islamic-learning/alazhar-university-a-historical-sketch/5B2F79AFC499EE0FD4A10D9F4165938C
[22] الشربيني، محمد. (2019). وثيقة الأخوة الإنسانية: الآمال والتحديات. مجلة الدراسات الإسلامية المعاصرة، 11(21)، ص: 72.
[23] Al-Azhari, T. (2018). The role of Al-Azhar in combating extremism through education and training. Journal of Islamic Studies and Culture, 6(2), pp:55-66.
[24] El-Tayeb, A. (2016). Al-Azhar’s efforts in presenting the moderate teachings of Islam. International Journal of Middle East Studies, 49(4),pp: 629-647.
[25] Hoffman, V.J. (2016). The Essential Role of Al-Azhar in Egyptian Society and Culture. International Journal of Middle East Studies, 48(4), pp: 771-789.
[26] عبد الحميد، سامية. (2017). جهود الأزهر في مواجهة التحديات الفكرية المعاصرة في المجتمع المصري. المصرية لعلم الاجتماع، المجلد 5، العدد 55، ص 127.
[27] Ibrahim, S. (2017). The Role of Al-Azhar Mosque and Al-Azhar University in Egyptian Society. The Egyptian Center for Public Opinion Research (Baseera). Available on: https://www.baseera.com.eg/en/notes/the-role-of-al-azhar-mosque-and-al-azhar-university-in-egyptian-society/ .
[28] جاد، محمد. (2019). دور الأزهر في مواجهة التيارات المتطرفة في المجتمع المصري. مجلة كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، 3(15)، 290.
[29] جاد، محمد ، مرجع سابق ذكره ، ص: 318
[30] حسنين، خالد. (2016). موقف الأزهر من قضايا المجتمع المعاصر: دراسة وثائقية تحليلية من 2013 إلى 2016. مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية، 24(2)، 79-114.
[31] Berti, B. (2018). Egypt’s Jihadist Insurgency: A New Generation of Islamist Militancy. Oxford Research Encyclopedia of Politics. Available on: https://oxfordre.com/politics/view/10.1093/acrefore/9780190228637.001.0001/acrefore-9780190228637-e-1234
[32] Sebti, A. (2016). Radicalization and Violence in Egypt: Major Patterns, Trends, and Implications. Carnegie Middle East Center.,Available on: https://carnegie-mec.org/2016/03/08/radicalization-and-violence-in-egypt-major-patterns-trends-and-implications-pub-62961
[33] Abdalla, M. (2016). The roots of radicalism: Explaining extremism in Egypt. Cairo: American University in Cairo Press,pp: 50.
[34] El-Sherif, A. (2017). The crisis of political legitimacy and the rise of extremism in Egypt. International Journal of Middle East Studies, 49(4), pp:701-719.
[35] Ashour, O. (2021). Online radicalization: Social media and the youth factor in Egypt’s extremist landscape. Brookings Doha Center Analysis Paper, No. 17, pp: 23-30.
[36] الغنيمي، عادل (2019) “ثورة يناير وانعكاساتها على الأوضاع الأمنية في مصر”، مجلة السياسة والقانون، العدد 15، ص43.
[37] شلبي، أحمد (2017) “العنف السياسي في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013″، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مجلد الثامن ، العدد الرابع ، ص: 38- 45.
[38] جاد، عاطف (2016) “أثر الأوضاع الإقليمية والدولية على الاستقرار الأمني في مصر بعد ثورة يناير 2011″، مجلة البحوث الاقتصادية، المجلد 43، العدد 2، ص: 23.
[39] Omar, A. (2018). The Azhar’s strategies to counter radical discourse: An analysis. International Journal of Middle East Studies, 50(1), pp: 81.
[40] الشربيني، محمد (2020). “استراتيجية الأزهر في مواجهة خطاب التطرف والإرهاب”. مجلة كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، العدد 42، ص 255.
[41] المؤتمر الدولي الأول لمكافحة العنف ونبذ التطرف والإرهاب (2018). أعمال وبحوث المؤتمر الدولي الأول لمكافحة العنف ونبذ التطرف والإرهاب. القاهرة: جامعة الأزهر، متاح على الرابط التالي: https://www.europarabct.com/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-%D9%80-%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84/
[42] مؤتمر تجديد الفكر والعلوم الإسلامية (2020). أبحاث وتوصيات مؤتمر تجديد الفكر والعلوم الإسلامية. القاهرة: المركز العالمي لتجديد الفكر الإسلامي، متاح على الرابط التالي: https://www.sis.gov.eg/Story/197910/%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%2827-28-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-2020%29?lang=ar
[43] النجار، ماجد (2017). مرصد الأزهر لمكافحة الإرهاب: الدور والتحديات. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة القاهرة، ع(46)، ص 320-325.
[44] النجار ، ماجد ، مرجع سابق ذكره، ص: 330.
[45] حصاد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف لعام 2021، متاح على الرابط التالي: https://www.azhar.eg/ArticleDetails/ArtMID/10108/ArticleID/58174/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D8%B1%D8%B5%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D9%84%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-2021
[46] مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، متاح على على الرابط التالي : https://www.azhar.eg/fatwacenter/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2
[47] محاربة التطرف ـ أهمية المعالجات الفكرية، دور الأزهر الشريف، «مركز حوار الأديان» للتوافق والتعايش وتطوير المناهج الدراسية، المركز الأروبى، متاح على الرابط التالي: https://www.europarabct.com/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-%D9%80-%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-2/
[48] الفحام محسن (2022)، بيت العائلة المصرية …. والجمهورية الجديدة ، متاح على الرابط التالي: https://www.dostor.org/3713559
[49] الدسوقي، محمد (2017) “مركز الأزهر للترجمة: الرؤية والرسالة”، مجلة كلية اللغات، جامعة الأزهر، عدد 4، ص 235-265.
[50] علي، أحمد (2018) “معهد الشعبة الإسلامية بالأزهر.. النشأة والدور”، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة القاهرة، المجلد 56، العدد 2، ص 310-340.
[51] الأزهري، محمد (2020) “أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة.. الرسالة والتحديات”، مجلة دراسات إسلامية، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، عدد 13، ص 125-156.
[52] أحمد، صلاح الدين (2019) “الملتقى الـدولي الأول للشباب المسلم والمسيحي.. الأهداف والنتائج”، مجلة الحوار المتمدن، العدد 43، ص 32-45.
[53] أحمد، صلاح الدين ، مرجع سابق ذكره ، ص: 43.
[54] عامر، طارق (2016) “جهود الأزهر العالمية في مكافحة خطاب الكراهية والتطرف”، المجلة العلمية لجامعة الأزهر بغزة، سلسلة العلوم الإنسانية، المجلد 18، العدد 1، ص 320- 345.
[55] صادق، علي (2017) “دور المنظمة العالمية لخريجي الأزهر في نشر الوسطية والاعتدال”، مجلة الأزهر، عدد 11، ص 110-124.
[56] Omar, A. (2021). The Al-Azhar and Dar Al-Ifta joint effort in building a monitoring mechanism for extremism. International Journal of Middle East Studies, 54(3), 521-543.
[57] Khalil, T. (2020). Inside Egypt’s Al-Azhar and Dar Al-Ifta Observatory on Extremism: Mandate, Functions and Challenges. Brookings Doha Center Analysis Paper, No. 25, pp: 76.
[58] مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، متاح على الموقع الإلكتروني التالى : https://www.dar-alifta.org/ar
[59] محاربة التطرف ـ جهود دار الإفتاء المصرية في مواجهة التطرف الفكري، المركز الاروبى، متاح على الرابط التالي: https://www.europarabct.com/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-%D9%80-%D8%AC%D9%87%D9%88%D8%AF-%D8%AF%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1/#:~:text=%D8%AA%D8%B9%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B5%D8%AF%D9%8A%D8%A9%20%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81%D8%8C%20%D8%A3%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D9%81%D9%8B%D8%A7,%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85%20%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%85
[60] محاربة التطرف ـ جهود دار الإفتاء المصرية في مواجهة التطرف الفكري، المركز الاروبى، مرجع سابق ذكره.
[61] حسين القاضي، مؤشر الفتوى المقارن: الاستمرار والتغيير في الخطاب الإفتائي عالمياً، (دراسة مقارنة للفترة من عام 2018 حتى النصف الأول من عام 2021م)، مركز مسبار للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، مارس 2022، متاح على الرابط التالي: https://www.almesbar.net/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%B4%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%88%D9%89-2018-2021-%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82/#:~:text=%D8%B5%D8%AF%D8%B1%20%E2%80%9C%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%B4%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%20%D9%84%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%88%D9%89%E2%80%9D%20,2%20%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%20%D9%88600%20%D8%A3%D9%84%D9%81
[62] الموقع الرسمي للمركز ، على الرابط التالي: http://salamcenteronline.org/#firstPage
[63] Ahmed, A. (2018). Power dynamics: Al-Azhar’s relationship with the state and Islamists in Egypt. Mediterranean Politics Journal, 24(3), pp:106-125.
[64] Otterman, S. (2022). Autonomy under scrutiny: Al-Azhar’s agency amid political pressures in Egypt. Middle East Law and Governance Journal, 10(1), pp: 76–98.
[65] Williams, P. (2017). Azhar challenges: Confronting extremism in Egypt. Terrorism and Security Report, 14(4), pp: 24–32.
[66] Owen, R. (2016). Obstacles to Enlightenment: The Challenge of Al Azhar Reform in Contemporary Egypt. International Center for Religion and Diplomacy, pp: 76.
[67] Brown, N.J. (2017). The challenge of adapting to global developments: Al-Azhar in a changing world. Journal of Islamic Law, 10(2),pp: 135-165.
[68] Keshk, K. (2021). Modernist voices within Al-Azhar’s scholars in the 20th century. Religions Journal, 12(8), pp:632.
[69] Pierret, T. (2013). Traditionalist” vs “Islamists” in Al-Azhar: Neo-Sufis, Musta’baliyya, and the Egyptian State. Arab Studies Journal,pp: 53-74.
[70] الشاذلي، فتحي (2019) “دور الأزهر في مكافحة الفكر المتطرف.. الواقع والمأمول”. مجلة الفكر الإسلامي المعاصر، العدد 121، ص 55-99.
[71] سلامة، حسن (2017) “استراتيجيات الأزهر في مواجهة خطاب الكراهية والتطرف: دراسة تحليلية نقدية”. المجلة العلمية، جامعة الأزهر، سلسلة الدراسات الإسلامية، المجلد 19، العدد 2، ص 201- 213.
[72] Brown, N.J. (2019). Al-Azhar campaigns for “renewal, enlightenment, and moderation”. Carnegie Endowment for International Peace, Available on: https://carnegieendowment.org/sada/85621
[73] Barnett, C. (2018). Al-Azhar institute implements “moderate” reforms to Islamic educational curriculum. Religions Journal, 8(11), pp:34-56.
[74] Otterman, S. (2021). Al-Azhar expanding international partnerships to combat extremism. Middle East Policy, 22(3),pp: 98–124.
[75] Keshk, K. (2019). Al-Azhar anti-extremism messaging tested by critical youth. Arab Media & Society Journal, (29), pp: 14-18.
[76] Williams, P. (2020). Youth outreach key to al-Azhar anti-extremism efforts. Terrorism Monitor Journal, 12(3), pp: 34.
[77] جاد، ماجد (2016) “إسهامات المطبوعات الأزهرية في مواجهة التطرف الفكري”. مجلة كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، عدد 18، ص 320-350.
[78] سرحان، محمد (2020) “برامج الأزهر لتمكين الشباب كشركاء في التصدي للتطرف”. مجلة الفتح، عدد 89، ص55-71.
[79] الغزالي، أحمد (2017) “فعالية استراتيجية مؤسسة الأزهر في مواجهة التيارات المتطرفة خلال الفترة 2013-2017”. مركز البحوث والدراسات بدار الإفتاء المصرية، متاح على الرابط التالي: https://dftaa.journals.ekb.eg/
[80] Brown, N.J. (2017). Post-event ideological posture: Al-Azhar’s anti-extremism rhetoric questioned. Journal of Islamic Affairs, 5(2), pp: 217.
[81] Aboueldahab, N. (2020). Strategic deficiencies: Assessing Al-Azhar response to radicalization. Brookings Doha Center Analysis Paper, No. 23, pp: 87.
[82] Owen, R. (2019). Egypt’s Al-Azhar: The challenges of confronting extremism. Religions Journal, 10(11), pp:632.
[83] Ibid,pp: 640.
[84] الغامدي، عبدالله (2021) “جهود الأزهر في تجديد الخطاب الديني: رؤية استشرافية”، المجلة العلمية لجامعة الملك خالد للعلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، مج4، عدد1، ص 255.
[85] جاد، ماجد (2019) “دور مؤسسة الأزهر في مواجهة التيارات المتطرفة من منظور سوسيولوجي”، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، مج81، عدد4، ص310.
[86] المرجع السابق ذكره ، ص: 323.
[87] سلامة، حسن (2020) “جهود الأزهر الشريف في تحصين الفكر ضد الغلو والتطرف: دراسة تحليلية”، مجلة جامعة الأزهر بغزة للعلوم الإنسانية، مج22، عدد1، ص : 365.
[88] Dr H. A. Hellyer, Al-Azhar and the battle of ideas against extremist Islamism, September 18, 2017, Available on: https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/al-azhar-and-the-battle-of-ideas-against-extremist-islamism/
[89] American Enterprise Institute – AEI. (n.d.). To Reduce Radicalism in Egypt, Restore Al-Azhar. Available on: https://www.aei.org/foreign-and-defense-policy/middle-east/to-reduce-radicalism-in-egypt-restore-al-azhar/
[90] Ibid, https://www.aei.org/foreign-and-defense-policy/middle-east/to-reduce-radicalism-in-egypt-restore-al-azhar/
[91] الغامدي، عبدالله (2021) “جهود الأزهر في تجديد الخطاب الديني: رؤية استشرافية”، المجلة العلمية لجامعة الملك خالد للعلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، مج4، عدد1، ص 255-298.
[92] سلامة، حسن (2020) “جهود الأزهر الشريف في تحصين الفكر ضد الغلو والتطرف: دراسة تحليلية”، مجلة جامعة الأزهر بغزة للعلوم الإنسانية، مج22، عدد1، ص 320-365