على محمد الشرفاء يكتب.. مصادرة العقل ومبدأ الحرية المقدس

معروف منذ الأزل أنه إذا اقترب الذئب من عرين الأسد مترين ولم يسمع صرخة الأسد يستمر في سيره نحو العرين، فإذا وصل إلى بعد متر منه يتشجع ثم يتجاوز الخط الأحمر حتى يصل إلى خمسين مترًا. حينها تجري خلفه بعض الثعالب تمد يدها له وتدعمه ليستمر في سيره مباشرة نحو الأسد.
مباشرة يواجه الأسد أمامه ضباعًا وذئابًا وثعالب، فيعيد النظر: هل يهجم على الذئب بعدما تجمع معه الحلفاء أم ماذا يفعل؟
فإن استسلم للخلف الشرير سيقضي عليه، والأفضل أن يلاطف الذئب ومن معه. وهنا سقط الأسد في حساب خاسر ليس في مصلحته، وبدأ بملاطفة الذئب يضحك معه ويلعب معه، ويقول له: احلف أنك لا تريد قطع الماء عني. فرد عليه الذئب وأتباعه من الثعالب: كلا، فأنت أخونا ولا نريد لك إلا الخير. فقال: هيّا نوقع اتفاقية معًا دون أن يتم ذكر توقف الجميع عن التقدم أو الانسحاب.

ولكن للأسف لم يحدث، وبدأ الحلف يتقوى ويخطط ويبني الأسوار والحواجز أمام عرين الأسد، والأسد يتفرج ولا يحرك ساكنًا، وبدأت الأسوار ترتفع والحواجز تكبر على مدى أكثر من عشر سنوات، والأسد يرى الخطر يقترب منه وليس بيده حيلة، لأنه ليس لديه خطة واستراتيجية مدروسة يستطيع بها إيقاف الذئب وأتباعه.

إلى أن وصل الأسد إلى نقطة اليأس: إما الصدام وإما الاستسلام. وهكذا تكون النتائج في كل العصور إذا استبد الإنسان برأيه ولم يشاور شركاءه في الوطن، ولم يطلق العقول لتتحرر من الخوف حتى تستطيع أن تخرج ما في العقول من حلول وأفكار لقضايا تتعلق بالملايين وأحلامهم.

فبأي حق تتم مصادرة العقل الذي كرم الله به الإنسان لتحديد طريق المستقبل؟
دعواتي أن يعاد النظر في مبدأ الحرية المقدس الذي وهبه الله للناس ليكتشفوا طرق المستقبل ومواجهة الخطر، فإذا جاء الخطر يهدد الجميع ولن يستثني أحدًا، فليتقِ الناس شعوبهم وأوطانهم ويحافظوا على مكتسباتهم، ولم يعين الله أحدًا وكيلًا عنه ليحكم الناس كما يرى…؟

تلك الكلمات خواطر محزنة وليست مرت عبر مئات السنين من الكبت والاستبداد والإجرام وتم تقديس المستبدين ورعاية المتكبرين وتراجع الايمان بالله رب العالمين بالرغم ان الله سبحانه وضع قاعدة لمن يرغب في الاسلام واشترط على الانسان أن يؤمن اولا بالآيات القر آنية التي احتوت شرعة الله ومنهاجه لتتحول صفاته كصفات الانبياء وحينئذ يتم وصفه بأنه مسلم حقا
وهكذا يعرفنا الله عن المسلمين كما يلي؛ ( ياعبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون / الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ) الزخرف (٦٨/٦٩).

المفكر على محمد الشرفاء

مفكر وكاتب عربي مشغول بهموم أمته.. لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.. وينفذ مشروع عربي لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام.. الكاتب قدم للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى