“مسلم” في لقاء الأربعاء.. الحالة الحزبية دون توقعات الشارع والجبهة الوطنية حرك المياه الراكدة

كتابة: ضياء نوح وزياد مصطفى- تصوير رضوان جابر

في إطار مشروع برلمان 2025 لاستشراف مسار العمل الحزبي والمؤثرات المحتملة في تشكيل التحالفات الانتخابية والسياسية، أطلق مركز رع للدراسات الاستراتيجية أولى ورش العمل يوم الأربعاء 30 أبريل 2025 باستضافة د. محمود مسلم أمين الإعلام بحزب الجبهة الوطنية ورئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بمجلس الشيوخ، وأدار النقاش د. أبو الفضل الإسناوي المدير الأكاديمي للمركز والخبير بالشئون البرلمانية، بحضور عدد من الخبراء والباحثين والصحفيين.


وأشار “الإسناوي” في بداية اللقاء إلى أهمية استشراف تشكيلة البرلمان المقبل ودور الأحزاب الجديدة في إثراء المشهد الانتخابي وتشكيل التحالفات الانتخابية المقبلة، مستعرضًا تاريخ التحالفات الحزبية في النظام السياسي المصري التي استندت في غالبها على المصالح الانتخابية قصيرة المدى دون النظر للاعتبارات السياسية والأيديولوجية على غرار تحالف الوفد و”الإخوان” في ثمانينيات القرن الماضي وصولًا لـ”التحالف الديمقراطي” بقيادة “الإخوان” ومشاركة الوفد الليبرالي والكرامة الناصري في انتخابات 2012 التي شهدت ظهور تحالفات أكثر تجانسًا من الناحية الأيديولوجية مثل “الكتلة المصرية” بقيادة المصريين الأحرار والتجمع والمصري الديمقراطي وكذلك “الكتلة الإسلامية” (السلفية) بقيادة حزب النور، وصولًا لـ”ائتلاف دعم مصر” في 2015 و”القائمة الوطنية من أجل مصر” في 2020.

 

من جانبه أشار د. محمود مسلم إلى أن الحالة الحزبية دون توقعات الناس بالنظر لعدد الأحزاب الذي يفوق 80 حزبًا، بينما يشارك في مجلس النواب الحالي 13 حزبًا يتقدمهم مستقبل وطن بعدد 316 مقعدًا وأقلهم تمثيلًا حزب إرادة جيل بمقعد واحد، مضيفًا أن ظاهرة التحالفات الحزبية صاحبت انتخابات القوائم على امتداد تاريخ الممارسة النيابية المصرية، خاصة مع اتساع دوائر القوائم التي يضم بعضها نحو 100 مقعد بنحو 20 مليون ناخب، بما يفوق قدرة أي حزب على المنافسة منفردًا. واستدل مسلم بتجربة المكسيك في حل الأحزاب التي لا تحصل على ما يؤهلها للتمثيل النيابي تلقائيًا لأن الحزب ليس جمعية أهلية ولا ينبغي أن تعتمد بعض الأحزاب على التعيين، وإنما أن تتواجد في القواعد وتمثيل الناس.

وفيما أشار إلى تفضيل أحزاب الأغلبية لنظام القوائم المطلقة مقابل أحزاب المعارضة التي تفضل القوائم النسبية، قال مسلم إن نظام القوائم النسبية يواجه تحديات “عدم الدستورية” في تجارب 1987 و1990 و2012، نظرًا لطبيعة تمثيل وترتيب الفئات الخاصة في القوائم.

وفي معرض حديثه عن تجربة الجبهة الوطنية، أشار د. محمود مسلم إلى أن الحزب حرك المياه الراكدة في الحياة الحزبية، مضيفًا أن “الجبهة الوطنية” حصل على 550 ألف توكيل شعبي منذ تأسيسه، وهو الحزب الوحيد الذي تضم جمعيته التأسيسية بكاملها رموزًا وطنية غير مختلف عليها ولهم تجارب سابقة في العمل العام بمختلف المجالات. وقال عضو مجلس الشيوخ، إن حزب الجبهة الوطنية يمثل رقمًا مهمًا وصعبًا، ولكنه لا يسعى للأغلبية في الانتخابات المقبلة.

وذكر مسلم، أن حزب الجبهة بقيادة د. عاصم الجزار يطبق الديمقراطية في اختياراته الداخلية بقيادات وأمانات الحزب المركزية وأمانات المحافظات عبر تشكيل لجنة كبيرة لاختيار القيادات لحين تمكن الجبهة من إجراء انتخابات داخلية. ويفخر الحزب بانضمام عدد كبير من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ إلى صفوفه.
وأضاف أمين الإعلام بحزب الجبهة الوطنية، أن الحزب منفتح على التواصل مع الناخبين على الأرض وعبر موقعه الإلكتروني وصفحته الرسمية، ويلمس تفاعلًا جماهيريًا إيجابيًا ومتنوعًا سواء على الصعيد الجغرافي أو الفئوي، ويعزز ذلك توجه الحزب بأن يكون بيت خبرة كبير قادر على إيصال احتياجات ومطالب الناس والتفاعل معها، مشيرًا إلى تكليف د. عاصم الجزار رئيس الحزب للجنتي الإسكان والشئون التشريعية ببحث تعديلات الحكومة على مشروع قانون الإيجار الجديد واستضافة عينة من الملاك والمستأجرين كنوع من التفاعل في القضايا الجماهيرية.

وفي إطار مداخلات الخبراء والباحثين، استطلع مستشار المركز د. محمد أبو سريع رؤية أمين الإعلام بحزب الجبهة الوطنية حول تركيبة العضوية في البرلمان المقبل من حيث التمثيل الحزبي والمستوى التعليمي، أشار “مسلم” إلى تراجع نواب الخدمات منذ 2011 وتسبب تقسيم الدوائر الكبير في الفترات اللاحقة وخاصة في انتخابات 2020 إلى تناقص تمثيل النواب المستقلين. وحول تقييم أداء النواب اقترح د. محمود مسلم أن يستعين النواب بمساعدين من الباحثين لضمان تعزيز التفاعل مع قضايا الجمهور ومساعدة النواب على متابعة احتياجات ناخبيه بكفاء وفاعلية.

وحول تساؤل كبير باحثي المركز د. حسام البقيعي عن أسس تشكيل التحالفات الانتخابية في مصر وتغليب الظرف السياسي على الأيديولوجيا، أشار د. محمود مسلم إلى التجارب التاريخية التي تحالف فيها الوفد مع “الإخون في 1987 وفي 2012، وأن اختلاف الظرف السياسي عقب ثورة 30 يونيو عززت الالتفاف حول الدولة.

وفي سياق مداخلته بشأن شكل القوائم الانتخابية، قال الخبير المشارك بمركز رع وأستاذ العلوم السياسية في جامعة أسيوط د. أحمد الشورى، إن الاستخلاصات الأهم حول انتخابات القوائم تندرج تحت بندين رئيسيين أولهما أن القوائم النسبية تعطي تمثيلًا عادلًا بينما المغلقة تدعم تحقيق الاستقرار السياسي، واقترح الشورى الاستعانة بالنظام الانتخابي في ألمانيا (صوتين لكل ناخب) الذي يدمج بين التصويت المباشر لأي من المرشحين والتصويت لاختيار قائمة حزبية، لافًا إلى أهمية دور المرشحين المستقلين للتعبير عن مصالح الناس، نظرًا لعدم قدرة الأحزاب في مصر على تجميع وتمثيل المصالح.
وفي إطار الرد على مداخلة د. أحمد الشورى وتساؤله حول عدم سعي حزب الجبهة الوطنية للأغلبية وأهم الفئات التي يستهدفها الحزب، أشار د. محمود مسلم إلى أن التباين بشأن النظام الانتخابى يعتمد على وجهات النظر “ولا نستبعد وجهة النظر القانونية” ، وقال “مسلم” إن حزب الجبهة الوطنية لايستهدف فئة واحدة من المجتمع بل يجب على كل حزب أن يستهدف جميع الفئات ليكون له قاعدة شعبية. وأضاف أمين الإعلام بـ”الجبهة” أن الحزب لا يسعى للأغلبية فى انتخابات 2025، لأن السعى للأغلبية فى هذا الوقت القصير أمر صعب، وأردف أن الحزب يتحرك في مسارين، ويتضمن المسار الأول استكمال التشكيلات في المحافظات واستكمال الهيكل، والمسار الثاني للانخراط والاستعداد فى الانتخابات المقبلة.

وفي تناول مستشار مدير المركز للتخطيط الاستراتيجي د. أشرف الدبش لدور “أحزاب الوجاهة” في الحياة السياسية ومدى إمكانية وضع شروط لاستمرارها مع تبني رؤية لدعمها وإعادة هيكلتها، نظرًا لأن دمج الأحزاب غير متاح من الناحية القانونية لتمتع كل حزب بشخصية اعتبارية وعمليًا لا يمكن أن يتنازل أحد من رؤساء الأحزاب عن الوجاهة لصالح حزب آخر. وفي سياق رده أشار د. محمود مسلم إلى أن دعم الدولة للأحزاب (ماليًا) في الماضى عزز توجه البعض لتأسيس أحزاب للاستفادة من ذلك الدعم، معللًا رفضه من حيث المبدأ أي شكل من أشكال الدعم أن الهدف الأساسي لأي حزب السعي للوصول إلى السلطة، وبالتالي يجب على الأحزاب الضعيفة أن تُحل وتعيد ترتيب نفسها وتُغير كوادرها.

ورد دكتور مسلم على سؤال طرحه أ. صلاح النصيري الصحفي عضو مجلس إدارة مؤسسة دار المعارف الصحفية، يتضمن محددات نجاح التحالفات الانتخابية في الفترة المقبلة، وأسباب عدم استقرار التحالفات الانتخابية منذ عام 2011،- قائلاً إنه من أهم أسباب عدم استقرار التحالفات الحزبية، هو العدد الكبير من الأحزاب الذي يتسبب في انهيار التحالفات وعدم استقرارها، وعن محددات نجاح التحالفات الانتخابية في الفترة المقبلة قال “مسلم” إنه من الضروري أن يتم مأسسة التحالفات على أسس واضحة مع التأكيد على وضع برامج متفق عليها من قبل المتحالفين تتفق مع رؤية هذه الأحزاب وتتناسب مع السياق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للدولة المصرية، مؤكدا على أن وحدة الأيديولوجيا بين المتحالفين أصبحت الأقل تأثيرًا في نجاح التحالفات.

وطرح د. مصطفى صلاح باحث ومتخصص فى العلوم السياسية بعض الأسئلة، ما الذى يميز الأحزاب المبنية على قاعدة واحدة لرؤيتها للدولة الوطنية سواء فى الأندماج أو التحالف؟ ومتى تنتهى حالة الظرف السياسى وآثارها على القوانين التشريعية فى مصر؟ ومتى يمكن رؤية حكومة حزبية؟ وكيف يمكن تقريب وجهات النظر بين الأحزاب وبين السلطة التنفيذية؟
وأجاب د. مسلم أن من مقومات نجاح أى حزب، هو حسن اختيار الكوادر التي تنفذ برنامج الحزب، ويجب أن تتميز هذه الكوادر بالتواصل الشعبي والسمعة الحسنة، ويجب أن يكون هناك توازن بين اختيار الأشخاص، مؤكدًا أنه لا يمكن الفصل بين التجربة الحزبية والوضع السياسي العام ، وأن سياق الانتخابات مختلف من مرحلة لمرحلة أخرى.

وردًا على طرح المنسق الأكاديمى لمركز رع أ. ضياء نوح سؤلاً حول دور قياسات الرأي العام (لدى حزب الجبهة) وتقييم الناخبين لسلوك بعض الأحزاب في تحديد شكل التحالفات الانتخابية المقبلة، وحدود تأثير المتغيرات الداخلية والوضع الأقليمى في إرساء نظام حزبى مستقر بحزبين رئيسيين على المدى القريب؛- أشار رئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بمجلس الشيوخ إلى أن حزب الجبهة يعبر عن نفسه مركزيًا ومن خلال الكوادر المنتمية إليه، مضيفًا أن “الجبهة” لديه أمانات فى كل التخصصات ولديه أمانات في كل المحافظات، وهناك خطة قادمة تشمل المراكز والقرى، وأوضح د. محمود أنه يتمنى وجود حزبين رئيسيين أو أكثر.

وفي إجابته عن سؤال طرحه أ. محمد ربيع مدير تحرير جريدة الأهرام المسائي، حول رؤية حزب الجبهة الوطنية للانتخابات البرلمانية المقبلة وتحركات بعض الأحزاب المصرية استعدادًا لانتخابات 2025، قال د. مسلم، إن حزب الجبهة يسعى إلى وجود ممثلين حقيقين عن الشارع، مع ضمان اختيار الكوادر الناجحة والمؤثرة، مؤكدًا “مسلم” على ضرورة أن تتفاعل الأحزاب مع كافة القضايا لاسيما في ظل الأوضاع السياسية المحيطة، وأن تتوقف بعض الأحزاب المصرية عن البيانات والتعيينات. وحول سؤال أ. عبدالله الصبيحي مساعد رئيس تحرير بوابة الأهرام الإلكترونية، هل يتبنى حزب الجبهة الوطنية رؤية اختيار القيادات بناءًا على قدرته على بناء قاعدة شعبية ولديهم خبرات داخل المجتمع لكي يستطيعوا أداء مسئولياتهم البرلمانية بشكل صحيح وخدمة المجتمع بشكل أفضل؟- أجاب د. محمود مسلم أن هناك مجهود كبير مبذول لاختيار القيادات، وأنه يجب أن يكون لديه قاعدة شعبية ومؤثرة في الدائرة الانتخابية التابع لها.

وردًا على سؤال د. جيهان جاد خبيرة الشئون الإفريقية ورئيسة برنامج دراسات البحر الأحمر بالمركز عن دور المرأة داخل الهيكل التنظيمي لحزب الجبهة الوطنية؛ أشار د. محمود مسلم إلى أن هناك عناصر نسائية كثيرة ومؤثرة في الهيئة التأسيسية للحزب وأن أكثر الفئات التى يستهدفها الحزب هم الشباب والمرأة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى