منّ يَخْلُف”رجل الله” في العراق؟

حين أعلن رجل جورج بوش الابن في العراق بول بريمر في يونيو 2003 أنه يعتزم تعين لجنة لكتابة دستور جديد للعراق أصدر السيستاني توبيخًا شديد اللهجة في هيئة فتوى، إن الدستور يجب أن ينبع من إرادة الشعب العراقي، مستشهدًا ضمنًا بكتاب جان جاك روسو “العقد الاجتماعي”، وأصرّ أن تتولى جمعيةُ تأسيسيةُ منتخبةُ صياغةَ الدستور قبل طرحة للاستفتاء الشعبي العام، وقيل وقتها إنه لم يّكن يعرف السيستاني، وسأل باستخفاف “ألا يمكننا الحصول على فتوى مختلفة من آيةٍ آخر من آيات الله؟ بدا سؤال بريمر في ظِل التسلسلات الهرمية للسلطة الشِيّعية أشّبْه بسؤال عما إذا كان بإمكاننا الحصول على فتوى بابوية من بابا آخر.

وسارت خطة إدارة جورج دبليو بوش لتغير النظام في العراق، بالإطاحة بحزب البعث الاشتراكي العلماني في عام 2003 على نحو خاطئ بكل المقاييس التي كان من الممكن توقعها وتلك التي لا يمكن توقعها، وتنفست الولايات المتحدة الصعداء عندما أظهر السيد السيستاني حكمةً قلّ نظيرها، انطلاقًا من قناعته بأن الاحتلال الأمريكي سيزول في نهاية المطاف، وأن الشيعة سيرثون الحكم في العراق.

نشأة السيستاني:

وُلد السيستاني في الرابع من أغسطس 1930 في مدينة مشهد بإيران، وبدأ تعليمه في الخامسة من عمره بمدرسة دار التعليم الديني لتعلُّم القراءة والكتابة، وفي عام 1941 وبتوجيهِ من والده هاجر إلى مدينة قُّم لإكمال دراسَتِه.

وفي عام 1951 هاجر من قُمْ إلى مدينة النجف في العراق، وسكنْ مدرسة “البخارائي العلمية”ثم عزم السفر إلى مشهَد عام 1961 بعد أن حصل على درجة الاجتهاد من معلميه السيد الخوئي والشيخ الحليّ، وكانت نادرة جدًا؛ تقديرًا لموهبته الاستثنائية، ولم تدم إقامته في مشهد سوى ستة أشهر ثم عاد إلى النّجَف الأشرف ليقيم فيها منذ ذلك الحين، وبدأ إلقاء محاضراته التي تناولت عددًا من القضايا الفقهية، وأصبح أستاذًا لمرحلة البحث الخارج في الحوزة العلمية وهي أكثر مراحل الدراسة تقدمًا، درّس السيستاني الفقه والأصول، وفي مطلع السبعينات برز كواحد من الجيل الجديد من نخبة المجتهدين وأحد خيرة طلاب السيد الخوئي، وفي الثمانينات وسع السيستاني فصوله لتشمل محاضرات في الحديث والرجال وهو علم التحقق من متن الروايات وسندها عن النبي والأئمة، لكنه ظل مجهولًا لا تعرفه سوى نخبة مختارة من الحوزة العلمية، كتب السيستاني أكثر من أربعين مؤلفًا بقيت معظمها في شكل مخطوطات غير منشورة، ونشرت خمسة عشر منها بناءًا على دروسه التي خطّها طلابه.

وفي عام 1986 راحت الدائرة المحيطة بالسيد الخوئي تهيئته كمرجع مستقبلي، خاصة بعد الوفاة المفاجئة للسيد نصر الله التبريزي والمعروف بالمستنبط في ديسمبر 1985، والذي كان يوصف بأنه مرجع مستقبلي، وكان صهر السيد الخوئي، وكان في النجف ما لا يقل عن عشرة مجتهدين مؤهلين من مدرسة السيد الخوئي، أثبتوا جدارتهم كمراجع محتملين، من خلال نشرهم أبحاثًا تدعم مؤهلاتهم، مما جعلهم متقدمين على السيستاني من منظور التسلسل الهرمي الاجتماعي للحوزة، ولتواضع السيستاني ورغبته في تجنب الأضواء بالإضافة إلى مهاراته العلمية راح الخوئي وبعض مستشاريه المقربين يطلبون من السيستاني تحمل المزيد من المسئولية،وفي ديسمبر 1988 وعندما مرض الخوئي وزاره السيستاني قدمه إماماً للصلاة في مسجد الخضراء المجاور لضريح الإمام علي، وهو المسجد الذي كان الخوئي يدرّس ويؤم الصلاة فيه منذ عقود، وكان لتلك الخطوة التأثير المطلوب في إبراز دور السيستاني وبات معروفاً لرجال الدين والعامة وبدئوا قبوله بصفته الخليفة المختار والطبيعي للخوئي الذي توفي في أغسطس 1994، وأمَّ السيستاني صلاة الجنازة.

وراح كبار الشخصيات في النجف تشير إلي السيستاني علي انه المرجع وكان منهم أية الله السيد علي البهشتي أقرب أصدقاء الخوئي، والشيخ البروجردي، كما راح مكتب الخوئي الذي يقوده ابنه السيد محمد تقي يُحيل الاستفسارات الدينية إلي السيستاني، وتولي منصب الخوئي في التدريس في مسجد الخضراء، وقد لقي التأييد خارج النجف بعد مدة، ومع تنامي مرجعيته من خلال الترسيخ التدريجي، وتعايشت مرجعيته مع أكثر من عشرين مرجعية أخري شيعية في العالم،وهناك عاملين ساعدا في تأسيس مرجعية السيستاني وتوسيعها إلي بلدان أخرى، الأول كان بفضل جهود صهره وممثله جواد الشهرستاني المقيم في قم والذي فتح مكاتب باسمه في الشرق الأوسط بدايةً والعالم لاحقًا، كما نشر أعماله ونظم شبكة الوكلاء وجمع الأموال الشرعية، وتوزيع المساعدات الخيرية،ودفع رواتب الطلاب بالحوذات العلمية بإيران وسوريا ولبنان وأماكن أخرى، أما العامل الثاني فكان وفاة كبار المراجع الأخرى من جيل الخوئي بعد وقت قصير من وفاته، وتحول الملايين من اتباع الخوئي إلى السيستاني ما منحه أفضلية على غيره، وفي النجف بات في موضع لا ينازعه فيه أحد خاصة بعد وفاة السبزاوري الذي كان يكبره بعشرين عامًا وكان زميلًا للخوئي، وكانت مرجعيته معروفه علي نطاق واسع، وفي قم أدت وفاة آيات الله محمد رضا الكلبايكاني والشيخ محمد علي الأراكي ومحمد الروحاني إلى تحول أتباعهم إلى السيستاني، الذي أكسبه العدد الأكبر من الأتباع بين المراجع الأخرى، واكتسب السيستاني منصب المرجع الأبرز بين المسلمين الشيعة، وبعد 2003 تحول السيستاني إلى المرجع الأعلى.

كيف أنقذ السيستاني العراق:

في نوفمبر 2003 وعندما كانت سلطة الائتلاف المؤقتة التي نصّبتها الولايات المتحدة تنهار أما المعارضة العراقية أعلن بريمر بعد مشاورات في واشنطن أن الإدارة الأمريكية سترعى انتخابات قائمة على المندوبين، في محاولة مفضوحة لاختيار نخبة صغيرة تُنصّب بها شخصية تفضلها، دعا السيستاني إلى مظاهرات حاشدة للمطالبة بانتخابات ديمقراطية، يدلي فيها كل فرد بصوته، كما طالب بإشراف الأمم المتحدة عليها، وعندما خرج الآلاف في بغداد والبصرة تلبيةً لدعوته عاد بوش وبريمر عن قرارهما.

وفي إبريل 2004 حاول بريمر اعتقال مقتدي الصدر، فاندلعت ثورة واسعة النطاق، واستولى جيش المهدي على مراكز الشرطة، وعلى القواعد العسكرية التابعة لقوات التحالف في جنوب البلاد، واشتبكت معهم قوة من مشاة البحرية الأمريكية في مدينة النجف ولم تنتهِ تلك المعارك إلا بتدخل السيستاني.

وعندما استغل عدد من علماء الشيعة مرض السيستاني وذهابه إلى لندن لتلقي العلاج من مشكلات في القلب وطالبوا الجيش الأمريكي بالقضاء على جيش المهدي الذي يمثل في رأيهم ثلة من الأشرار غير المنضبطين الذين يهددون مكانتهم،ولم يخف الجيش الأمريكي سعادته لتحقيق مطلبهم، فاندلع القتال مرة أخري في مدينة النجف، وكاد الأمريكيون أن يقصفوا ضريح الأمام عليّ كرم الله وجهّ،بعد أن لجأ إليه مقتدي الصدر،وظهرت حيرة الجيش الأمريكي الذي طن أنه حصل علي ضوء أخضر من زملاء السيد السيستاني، وعندما علم السيستاني بما يجري نهض من فراش المرض في لندن وسافر إلى الكويت وتوجه برًا إلى البصرة، ودعا جميع الشيعة إلى التوجه سيرًا إلى النجف، ورغم القتال الدائر في المدينة توجه الآلاف إليها، هدأ القتال بتدفق الحشود إلي شوارع وأزقة المدينة، فقد خشي الطرفان التورط في مذبحة ضد المدنيين، وهو ما أنقذ مرقد الإمام، وحال دون اندلاع انتفاضة شيعية ضد الولايات المتحدة.

وتلبية لرغبة السيستاني عينت الأمم المتحدة الدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي مشرفًا على العملية الانتخابية في العراق، كذلك أصر السيستاني على أن تُرشح الأحزاب الشيعية نفسها للانتخابات بقائمة موحدة الائتلاف العراقي الموحد الذي حصل على 50%من الأصوات مما مكنه من تشكيل الحكومة وتحول البرلمان المنتخب إلى جمعية تأسيسية كُلفت بصياغة الدستور بصبغة شيعية.

وفي عام 2006 وفي ذروة الحرب الأهلية بين سنة العراق وشيعته في بغداد انسحب السيستاني من أي دور احتجاجًا، وفي 2011 انسحبت الولايات المتحدة وتركت وراءها كما توقع السيستاني حكومة عراقية تهيمن عليها السلطة الشيعية.

وعندما سيطر داعش علي شمال العراق وغربه وطرد الجيش العراقي المُعاد بناءه من الموصل في 2014، فانهار الجيش العراقي بالكامل، وبدت بغداد والنجف وكربلاء في مرمى تنظيم “داعش” الإرهابي، أصدر السيستاني فتوى يدعو فيها الشباب العراقي إلى حمل السلاح وقتال “داعش”، وفسر معظم الشيعة العراقيين فتواه بأنها دعوة إلى تشكيل ميليشيات شيعية (إلى جانب تشكيلات سنية وعشائرية) لقتال “داعش”، فتشكلت الكثير منها فيما عُرف بالحشد الشعبي، وانخرطت في القتال ثم تلقت الدعم والتمويل والتدريب من الحرس الثوري الإيراني، وأدوا دورًا هامًا في هزيمة داعش، وشكلوا أحزابًا مؤيدة لإيران في العراق.

ولا يخلوا سجل السيستاني من بعض المواقف الملتبسة تركزت على ثلاثة مواضيع أولها يتعلق بدوره في ضمان تفوق الإسلام السياسي الشيعي في اللحظات المفصلية كما يرى الساسة العراقيين من السنة والأكراد والعلمانيين، أما الثاني يتمثل في هيمنته على المرجعية وسيطرته على المراقد مما أدى إلى تهميش المراجع الأخرى، وثالث تلك الموضوعات هو قيامه بتفويض العديد من الشخصيات للقيام ببعض المهام التي اعتاد الناس قيام المرجع الأعلى بها مثل أن يؤم الناس في الصلاة، ويزور المجتمعات ويلقي الخطب في المناسبات المهمة، مثلما فعل أسلافه.

ولكن من المؤكد أن السيستاني لعب دورًا محوريًا في تشكيل عراق ما بعد 2003، من خلال التصدي لخطط المحتل الأمريكي، ورفض نظرية روح الله الخُميني التي توجب تولي رجال الدين سدة الحكم في غياب الإمام، وكان يرى أنهم يجب ألا يتدخلوا إلا عندما تكون بنية المجتمع في خطر، كما حدث عند صياغة الدستور أو وضع إطار للانتخابات، وكان يرى أن هذا الدور المحدود لرجال الدين لا يجوز لهم تأديته إلا بتفويض كاف من الشعب، وعلى الرغم من كل ذلك لم يكن السيستاني يحظى دائمًا من عامة الشعب العراقي بالطاعة التي يستحقها.

مستقبل مرجعية النجف بعد السيستاني:

ثّمَة مخاوف وتساؤلات لها ما يبررها حول مستقبل مرجعية النجف بعد السيستاني (أطّال الله في عمره)، فالرجل الذي بلغ الثالثةُ والتسعين في أغسطس الماضي متجاوزًا عمر أستاذه الخوئّي، ويمتلك أطول مرجعية في التاريخ المعاصر،تأثيره على وضع المرجعية ومؤسساتها تأثير عميق يصعب معه تصور خليفة له ينافسه أو يقترب من نفوذه، فكثيرًا ما ساعدت تَدخّلاته في السياسة العراقية في استقرار سفينة العراق وسط الأمواج التي أحاطت به خاصة بعد 2003، حتى أن الكثيرين يتساءلون عن مدى السوء الذي كان من الممكن أن تؤول إليه الأمور في العراق لولا الرجل، لذا فإن مجرد التفكير في فترة ما بعد السيستاني تَقُضْ مضاجع كثير من الناس، سيكون ذلك أحد أهم الأحداث في تاريخ العراق الحديث، ونهاية فصل من فصول عراق ما بعد 2003، لأنه ساعد في تشكيل الدولة العراقية بوضعها الحاليّ، وأبقى العراق موحدًا، وزاد من هيبة  الشيعة في العالم، وسيدخل سِجل المراجع بمكانة أسطورية.

أما مرجعية النجف وحوزتها العلمية  التي أُعيْد إحيائها بعد2003، وعودة كثير من نخبة الأساتذة ضَمِن أن المرشحين للمرجعية بعد السَيّد السِيسْتَاني سيكونون من النجف، ومن غير الوارد انتقال المرجعية إلى قم، فستبقى المرجعية في النجف حتى لو تفوقت إيران في عدد المراجع الكبار بعد السيستاني، وهناك أسباب رئيسية  لعدم انتقال المرجعية إلى قُمّ، فعلى مر التاريخ ظلت النجف مقرًا للسلطة الدينية الشيعية، حتى عندما كان الأمر يتعلق بإيران، كالثورة الدستورية في العقد الأول من القرن العشرين، كما تُفضِل حوزة قُمّ في العموم السلطة الدينية في النجف على ولاية الفقيه التابعة للدولة الإيرانية، حتى لو لم تظهر في النجف مرجعية عليا فإن السلطة الدينية على شيعة العراق لا يمكن أن تنبُع من إيران، خاصة عندما يتعلق الأمر بالشؤون السياسية وإدارة المراقد والحوزة العلمية، كما أن حوزة النجف في أفضل أحوالها إذ يبلغ عدد طلابها نحو20 ألف طالب، وفيها أكثر من 1000 مجتهد منهم 70 على الأقل يدرّسون أعلى مستوى من الفقه (بحث الخارج)، يمكن القول إن المرجعية باتت أقوى من أي وقت مضى من حيث عدد أتباعها ونفوذها وازدهارها وشبكاتها، وأن السيطرة على العتبات والإشراف على الوقف الشيعي يعني أن النجف ستصبح أقوى في المستقبل بسبب زيادة مواردها والنمو المطرد لأعداد طلابها فضلًا عن زيادة هيبتها واستقلالها عن الدولة مما منحها ميزة مقارنة بالحوزات الأخرى.

وفي الوقت نفسه تحتاج المرجعية للتطوير وعلى الجيل القادم من المراجع أن يواصل التحديث، وأن يتفاعل مع الناس ويكون أكثر تواصلًا من السيد السيستاني، خاصة مع الاستياء الكبير من الإسلاميين في المشهد السياسي العراقي، وإن أرادت المرجعية الاحتفاظ بمكانتها بعد السيستاني فعليها أن تتبنى أدوات حديثة تتواصل من خلالها مع أتباعها، والحفاظ في الوقت نفسه على مسافة ما من السياسة والمساهمة الإيجابية في المجتمع.

وأيًا كان ما يحمله المستقبل للنجف يظل دور السيد السيستاني بصفته مرجعًا، دورًا لا نظير له، ومن الصعب تخيل أن يمارس أحد ذات الدور الذي يمارسه السيد السيستاني في المستقبل القريب.

من يخلف 《رجل الله》 في العراق؟

حتى اللحظة ما من خيار واضح المعالم لخليفة السستاني، ومن الممكن أن يعتمد ذلك على وقت الرحيل وعلى من سيبقى على قيد الحياة من كبار المراجع الآخرين في النجف، ومن شبه المؤكد أن الاختيار سوف يجري من كبار علماء النجف ممن يدرّسون مرحلة بحث الخارج وممن لديهم أكبر عدد من الطلاب، ويحظون بأكبر تأثير بين الشريحة المهمة من الطلاب والأتباع، تلك الكتلة التي ساعدت السيستاني في الوصول إلى المنصب بعد وفاة الخوئي، وكذلك ساعدت الخوئي بعد وفاة الحكيم، وسيقدمون الدعم للمرجع الذي يرونه أكثر علمًا والذي ينبغي اتباعه، وسيخلقون زخمًا له لتولي المنصب، ومن أهم زعماء تلك الكتلة نجل السيستاني محمد رضا الذي يشبه يوسف الحكيم الابن الأكبر لمحسن الحكيم الذي أدار مكتبه، ووجه الناس لاتباع الخوئي بعد وفاة والده، وكذلك محمد تقي الخوئي في توجيه أتباع والده لاتباع السيستاني، وقد يستخدم محمد رضا نفوذه الكبير بين المجتهدين وأهل الخبرة لبناء الزخم المطلوب لخليفة والده، ومن الممكن أن يحاول السيستاني نفسه الكشف عن خليفته بصورة غير مباشرة كي لا يرى أحد في المرجعية أنها شئ يُوهَبْ ويُوَرث، ويمكن تقسيم الفقهاء في مرحلة ما بعد السيستاني حسب التراتبية العمرية والدراسية والمزاملة في البحوث  إلى ثلاث طبقات:

(&) الطبقة الأولي: وتضم فقهاء كبار من جيل السيستاني مثل الشيخ إسحاق الفياض وكذلك الشيخ بشير النجفي

(&) الطبقة الثانية: تضم فقهاء مثل الشيخ باقر الإيرواني، والشيخ هادي آل راضي والشيخ حسن الجواهري والسيد محمد باقر الحكيم والسيد محمد جعفر الحكيم.

(&) الطبقة الثالثة: وتضم تلك الفئة محمد رضا السيستاني، ورياض الحكيم وعلي السبزواري وصادق الخرسان .

ويرجح المراقبون ثلاثة أسماء من الطبقة الثانية الشيخ باقر الإيرواني، والشيخ هادي آل راضي والشيخ حسن الجواهري

ولكن يظل آية الله محمد باقر الإيرواني أوفر حظًا لخلافة السيستاني، وقد بدأ الإيرواني الاستعداد بالفعل لذلك بفتح ديوانه الخاص، الخطوة التي حظيت بترحيب المجايلين له.

ويبلغ الشيخ الأيرواني 72عامًا قضي منها 30عامًا في تدريس بحث الخارج، كذلك خمسة عشر عامًا مدرسًا لما يعرف بالسطوح العليا التي تعادل درجة الماجستير في الجامعات الحديثة، إضافة لوجود شبكة واسعة من الطلاب تعد بالمئات في عدة دول مثل العراق وإيران وأفغانستان وباكستان والسعودية وقطر والبحرين، وكان الخوئي والسيد محمد باقر الحكيم من أبرز أساتذة الإيرواني يليهما السيستاني، ويحمل الإيرواني الجنسية العراقية ودرس في قم، وينتمي الإيرواني إلى عائلة من أصول أرمينيا واستقر أجداده قبل أكثر من مائتي عام في العراق قادمين من إيران.

ختامًا، يعتبر موقع المرجع الشيعي الأعلى ثالث أهم منصب ديني في العالم بعد البابا الكاثوليكي في الفاتيكان، والإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، وتواجه المرجعية العليا في النجف اليوم تحديًا خطيرًا لاحتمال الفراغ بعد السيستاني (أطّال الله في عمره).

لا يمكن التنبؤ بشكل قطعي بهوية خليفة السيستاني، وسوف تكون الأمور أكثر تعقيدًا في حالة نشوب خلال بين قيادة المؤسسة التابعة للسيستاني، وقد يتسبب ذلك حال حدوثه في انقسامات في الوسط الشيعي مما قد يتسبب في إضعاف موقع المرجعية نفسه، إلى الدرجة التي يتوقع فيها البعض انتهاء موقع المرجعية بعد السيستاني،كما يرى البعض أن فترة ما بعد السيستاني سوف تشهد تعدد المراجع الذين يحظى كل منهم بأتباع مختلفين، فهناك مراجع يحظون بأتباع كثيرين مثل الشيخ النجفي الذي يحظى بتأييد قوي في باكستان، كذلك الشيخ الفياض الذي يعد مرجع لكثير من الشيعة الأفغان.

د. حسام البقيعي

رئيس وحدة دراسات العالم، الباحث حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة القاهرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى