زيارة الناس للشيوخ بين الرغبة في العلم والبركات

الناس قد مالوا لمن عنده الدين بل وشيخ شيوخ الدين يستمد قوته ومكانته، لأنه عند الناس يمثل الدين، يضفون عليه رداء القداسة وصاحب البركات يزوره الناس ليس للحوار والبحث عن الحقيقة، ولكنهم ينتظرون منه البركة والنصيحة، ويتوهمون بأن شيوخ الدين لديهم قدرة روحانية وطاقة إيجابية وأنوار إلهية تهبهم الراحة النفسية والسعادة العابرة، ونسوا أن الله نبه الرسول عليه السلام ليذكر قومه ونفسه بأن المسلمين سيسألون يوم الحساب كل عما قدمه في دنياه، وعن اتباعه شرعة الله ومنهاجه، ولن يتوسط لديه رسول ونبي، ولن يشفع له أب أو أخ أو والدته أو أي من أقاربه، كما قال الله سبحانه مخاطبا رسوله ليبلغ الناس تحذيره (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون ).. النحل (١١١).
وما يؤكد تلك الحقيقة الصادمة لكثير من المسلمين، الذين اتخذوا الروايات عقيدة لا تناقش بما نسبوه عن الرسول زورا وبهتانا مثل أن الرسول سيشفع للمسلمين بالنسبة للسنة وأن الحسين سيبلغ اتباعه الشيعة بأن الله غفر لهم ذنوبهم وخدع الرواة بتأليفاتهم الأساطير والأوهام واستسلموا لرواياتهم حين يواجهون يوم الحساب قول الله سبحانه،..(وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرجُ له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشورا / إقراء كتابك كفى بنفسك اليوم حسيبا ).. الإسراء (١٣/١٤).
فلن يسعف الإنسان يوم الحساب أمام الرحمن غير عمله، وسيحكم الله عليه على أساس قاعدة الحكم الأزلية في قوله سبحانه (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).. سورة الزلزلةُ.
ولذلك يجب على المسلم الحق أن يترجم أعماله وسلوكه وكأنه قرآناً يمشي على الأرض ليتبع صفات المؤمنين، كما جاءت صفاتهم في الذكر الحكيم قول الله سبحانه في منهاجه:
١- الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.
٢- ادفع بالتي هي أحسن.
٣- وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).
٤- خاطب الله رسوله يأمره بأن يبلغ عباده في قوله سبحانه (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا ًمبينا).
٥- خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).
٦- والذين هم عن اللغو معرضون).
تلك بعض صفات المؤمنين، فإن غاب أحد عن تلك الصفات فالله يتولاه بما يحكم عليه، وهم لا يظلمون.

هؤلاء ليس لديهم علم لأنهم لا يتدبرون في مقاصد آيات القرآن، ويستنبطون علماً منه عن فوائدها للناس التي تهديهم إلى طريق الحياة الطيبة وتحقق لهم الرحمة بينهم والعدل والإحسان، وتحريم الظلم بكافة أشكاله ووسائله لفظاً وظلماً لأنهم يعتمدون فقط على حفظ الروايات التي ألفها المفسرون والفقهاء في عصور مضت ويعيشون اليوم في تلك العصور، حيث توقف تفكيرهم، وأصبح أسيرا للأقدمين، كما كانوا يرددون في أقوالهم حينما يدعون إلى التدبر في الذكر الحكيم، وما ينفع الناس في حياتهم كما وصفهم الله سبحانه بقوله: (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة ونحن على آثارهم مهتدون).. الزخرف ( ٢٢).
لقد تجمد التفكر لديهم، وابتعدوا عن التدبر في القرآن الكريم بعدما كان القرآن، هجروا الكتاب المبين، وأصبحوا تابعين للفقهاء والمفسرين القدماء، علماً بأنهم يعلمون بأن الله سيسألهم يوم الحساب، هل اتبعوا آيات الذكر الحكيم، كما خاطب الله رسوله في خطاب التكليف له لحمل رسالة الله للناس، قوله (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم / وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون)؟.
حينئذ، فماذا سيكون جوابهم لرب العالمين؟ وماذا اعتذارهم حيث وصف قولهم رب العالمين بقوله (وقالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين) المؤمنون ( ١٠٦)… فاعترفوا بذنبهم وويل لهم من حساب أليم.

المفكر على محمد الشرفاء

مفكر وكاتب عربي مشغول بهموم أمته.. لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.. وينفذ مشروع عربي لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام.. الكاتب قدم للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى