لواء أحمد زغلول يكتب.. مصر العقل الاستراتيجي وصانع التوازن الإقليمي

التحرك المصري تجاه غزة.. ضبط التوازن وتهدئة الأوضاع

تأتي زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، إلى إسرائيل في إطار الدور التقليدي لمصر كقوة راسخة في ضبط التوازن الإقليمي. الهدف الأساسي للزيارة كان متابعة الملفات الإنسانية والأمنية المتعلقة بقطاع غزة، بما في ذلك الاهتمام بالمدنيين والأسرى، إضافةً إلى التأكيد على منع أي تصعيد عسكري محتمل، حيث إن مصر تعتمد في هذه الملفات على خلفية طويلة من التعامل مع قطاع غزة، سواء عبر الوساطة بين الفصائل المختلفة أو التنسيق مع الأطراف الدولية.

هذه الخبرة تجعل القاهرة قادرة على التدخل بشكل استباقي لتجنّب تفاقم الأزمات، دون الانسياق وراء أي استفزازات أو حملات دعائية، والرسالة المصرية واضحة: التهدئة والاستقرار أولوية، والقوة الحقيقية تكمن في القدرة على ضبط التوترات قبل أن تتحول إلى صراع مفتوح.

هذا التوازن الاستراتيجي يعكس قدرة مصر على التوفيق بين الأمن القومي والبعد الإنساني والسياسي.

لبنان •• متابعة دقيقة للأوضاع وتعزيز الاستقرار

تولي مصر اهتماماً مستمراً بالشأن اللبناني، متابعةً التطورات السياسية والأمنية عن كثب. القاهرة تدرك أن لبنان يمثل عنصراً حيوياً في الاستقرار الإقليمي، وأن أي تصعيد هناك يمكن أن تكون له انعكاسات مباشرة على الأوضاع في المنطقة بأسرها.

وتعتمد السياسة المصرية على الحفاظ على قنوات اتصال مستمرة مع مختلف الأطراف اللبنانية، مع تعزيز الحوار لتجنّب أي تصعيد محتمل، كما أنها تركز على تقديم رؤية معتدلة ومقاربة متوازنة دون الانحياز لأي طرف، بما يرسخ صورة مصر كوسيط عقلاني وموثوق في أزمات المنطقة.

وهذا الدور يعكس القدرة المصرية على الجمع بين الرؤية الاستراتيجية والبعد الإنساني في التعامل مع الأزمات الإقليمية، ويعزز مكانتها كقوة محورية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

السودان •• الوساطة الاستراتيجية وضبط التوتر

في السودان، وبعد الأحداث الأخيرة في مناطق مختلفة، برز الدور المصري كعامل موازن لاستقرار البلاد ومنع أي تأثير سلبي على الأمن الإقليمي.

والسياسة المصرية في السودان تقوم على فتح قنوات التواصل مع جميع الأطراف، ودعم الحلول السياسية العملية بما يضمن استمرار الأمن والاستقرار دون الانزلاق إلى صراعات مفتوحة.

والنهج المصري يركز على تحليل المواقف بدقة، والتدخل الاستراتيجي في الوقت المناسب.

هذه السياسة تعكس قدرة القاهرة على إدارة الأزمات بشكل عقلاني مع حماية مصالح المنطقة بأسرها.

ليبيا •• إدارة الملفات المعقدة وتحقيق التوازن

تستمر مصر في لعب دورٍ محوري في ليبيا، حيث تعمل على تهدئة الأوضاع ومنع تحولها إلى أزمة مفتوحة.

وتتميز السياسة المصرية بالقدرة على التعامل مع الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية في آنٍ واحد، مع مراعاة حماية السيادة الوطنية والتوازن الإقليمي.

والتحركات المصرية في ليبيا تعكس تخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى، حيث تُدار الملفات بحذر شديد مع التركيز على الوساطة بين الأطراف المختلفة لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض.

هذه السياسة تعزز صورة مصر كقوة عقلانية قادرة على إدارة الأزمات المعقدة دون الانسياق وراء أي تصعيد عسكري أو سياسي.

القوة الناعمة والريادة الاستراتيجية لمصر

تجمع جميع هذه التحركات حول رؤية واحدة: أن مصر، كقوة عقلية واستراتيجية، قادرة على إدارة الأزمات قبل تفاقمها.

القيادة المصرية تركز على الآتي: التحليل الواقعي والدقيق للأحداث قبل اتخاذ أي قرار. واستخدام الأدوات الدبلوماسية والأمنية بحكمة. وحماية مصالح المنطقة وضبط التوازن الإقليمي دون مغامرات أو سياسات مضرة.

تمثل الدبلوماسية المصرية، مزجاً بين العقلانية والواقعية العملية، مع احترام التوازنات الإقليمية والدولية، ما يجعل القاهرة المرجعية الأساسية لجميع الأطراف لإدارة الأزمات وحماية الاستقرار.

مصر صمام الأمان الإقليمي وصانع التوازن

من غزة إلى لبنان، ومن السودان وليبيا إلى مختلف أركان المنطقة، تظهر مصر كقوة راسخة وعقلٍ استراتيجي قادر على الحفاظ على التوازن الإقليمي.

الكلمة المصرية تصل بوضوح إلى كل الأطراف لتؤكد أن الحكمة والرصانة يمكن أن تحافظا على الاستقرار، وأن الانزلاق نحو الصراعات ليس حتمياً.

مصر اليوم قوة راسخة، وعقل استراتيجي، وريادة تاريخية في إدارة الأزمات الإقليمية، وحارس الاستقرار في المنطقة.

لواء أحمد زغلول

اللواء أحمد زغلول مهران، مساعد مدير المخابرات الحربية الأسبق، وعضو الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية. كما أنه خبير متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى