لواء أحمد زغلول يكتب.. مصر يا أولَ نورٍ في الدنيا شقَّ ظلامَ الليل

مقال تحليلي توثيقي حول عبقرية مصر التاريخية ومكانتها في الحاضر والمستقبل
يتناول هذا المقال الطابعَ التاريخي والسياسي والفكري لمكانة مصر عبر العصور، مستنداً إلى مرجعيات حضارية موثَّقة، وأدوارها المتعاقبة في الدفاع عن الهوية العربية والإسلامية. كما يُسلّط الضوء على أسباب استهدافها التاريخي المتكرر، ويُوثّق جهودها في دعم القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مع تقديم توصيات وطنية استراتيجية لضمان استمرار ريادة مصر.
مصر ليست وطناً بل أمة:
“مصر يا أولَ نورٍ في الدنيا شقَّ ظلامَ الليل”، بهذه الكلمات تغنّى الفنان الكبير محمد ثروت فاختصر تاريخ أمة لا تعرف إلا المجد، ولا تنتمي إلا للنور.
مصر لم تكن في أي مرحلة مجرد دولة، بل كانت فكرةً وحضارةً ورسالةً.
مصر مركز الحضارة وموطن الإبداع:
(*) الحضارة المصرية القديمة: بدأت في الألفية الرابعة قبل الميلاد، وابتكرت الكتابة الهيروغليفية، وأرست نظم الحكم والعدالة والعقيدة، وكانت أول من صاغ مفهوم الدولة المركزية المنظمة.
(*) مصر في الفكر الديني: من إخناتون إلى الأديان السماوية، كانت مصر مركزاً للإلهام الروحي ومأوى للأنبياء والرسل.
(*) الجغرافيا الاستراتيجية: ربطت بين قارات العالم القديم، وكانت ولا تزال مفتاح التحكم في طرق التجارة الدولية، ولا سيما بعد حفر قناة السويس.
مصر الحصن الذي لا يُكسر:
شهدت مصر عشرات الغزوات على مرّ العصور، لكنها لم تُهزم حضارياً، ولم تفقد هويتها:
(-) الهكسوس: أول غزو شرقي استمر نحو قرن، وانتهى بطردهم على يد الملك أحمس.
(-) الغزو الفارسي واليوناني والروماني: رغم استيطانهم، لم يفلحوا في تذويب هوية المصري.
(-) الفتح الإسلامي:عام 641م، جعل مصر قلب العالم الإسلامي.
(-) العدوان الصليبي والمغولي: واجهته مصر بقوة، وأعادت التوازن للمنطقة بعد معركتَي المنصورة وعين جالوت.
(-) الحملة الفرنسية (1798م): كانت بداية صحوة ثقافية ونهضة قومية.
(-) الاحتلال البريطاني (1882–1956): واجهته مصر بثورات متعاقبة، وتوَّجت نضالها بجلاءٍ تام بعد العدوان الثلاثي.
لماذا كانت مصر مستهدفة دائماً؟
1. موقعها الجغرافي: يربط ثلاث قارات.
2. مواردها البشرية والطبيعية: من النيل إلى العقول.
3. دورها الثقافي والديني: مركز الوسطية والاعتدال.
4. قوتها الناعمة: الإعلام والأدب والفنون والتعليم.
5. أهميتها الجيوسياسية: مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط.
مصر والجمهورية الجديدة:
(*) نهضة شاملة في التعليم والبنية التحتية والاقتصاد الرقمي والطاقة النظيفة.
(*) قوة عسكرية رادعة ترتكز على تطوير متسارع في المنظومات الدفاعية.
(*) دبلوماسية محايدة وفعّالة تقوم على التوازن بين القوى الإقليمية والدولية.
(*) إدارة ذكية للموارد والتحديات، في ملفات المياه والإرهاب والأزمات المحيطة.
مصر والقضية الفلسطينية:
(-) دعم ثابت منذ 1948: عبر المشاركة العسكرية والسياسية.
(-) رفض التوطين أو التهجير: تعتبره تهديداً للأمن القومي المصري والعربي.
(-) دور الوساطة والمصالحة: ترعاه القاهرة بدبلوماسية محنكة دون انحياز.
(-) إعادة الإعمار: بشراكة حكومية وشعبية تقدم مصر نموذجاً للدعم الإنساني والسياسي.
خطاب الرئيس السيسي كان حاسماً: “لن نسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أرضنا أو دمائنا.”
التوصيات الوطنية والاستراتيجية:
1. تحصين الجبهة الداخلية عبر الإعلام والتعليم والهوية.
2. دعم القيادة السياسية والعسكرية في مواجهتها للتحديات الداخلية والخارجية.
3. تعزيز الوعي المجتمعي ضد محاولات التشكيك والإسقاط.
4. تنمية الانتماء لدى النشء والشباب عبر خطاب ثقافي متجدد.
5. مواصلة دعم القضايا القومية والعربية وعلى رأسها فلسطين.
6. الاستثمار في القوة الناعمة كذراعٍ مكمّلةٍ للقوة الصلبة.
7. تعميق الشراكات الاستراتيجية الدولية دون التفريط في السيادة.
مصر باقية لأنها وطن الرسالات:
مصر لم تكن يوماً مجرد حدودٍ على الخريطة، بل كانت نبضاً في قلب الأمة، ومن أرضها بدأ التاريخ، وعلى أرضها تستمر الرواية.
هي الحاضنة للأديان، المُلهِمة للحضارات، الحامية للأمة، والقائدة لشعوبٍ متعطشةٍ للكرامة.
ستبقى مصر كما أراد الله لها: نوراً يشق ظلام الجهل، وقوةً تردع العدوان، وحضارةً تسود لا تزول.