عاطف زايد يكتب.. علي الشرفاء سبق أوروبا في التحذير من خطر الإخوان

قبل أن تبدأ أوروبا في مراجعة مواقفها، كان المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي قد أطلق تحذيراته الواضحة من خطر الفكر الإخواني على الدين والمجتمع.

فمنذ سنوات طويلة، نادى بتحرير الخطاب الديني من سلطة الكهنوت السياسي الذي يستخدم الدين ستارًا للهيمنة.

أكد الشرفاء أن جماعة الإخوان لم تكن دعوة إصلاح، بل مشروعًا للسيطرة والتغلغل في مؤسسات الدول تحت غطاء الدعوة والعمل الخيري.

وفي كتبه “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي” و*“رسالة الإسلام.. سلام ورحمة وعدل وحرية”* كشف مبكرًا زيف الخطاب الإخواني، وبيّن أن الإسلام رسالة رحمة وعدل، لا وسيلة حكم أو مشروع سلطة.

لقد سبق الشرفاء فكر الغرب، إذ رأى الخطر قبل أن تكتشفه أجهزة الاستخبارات، واستند إلى منهج قرآني يجعل من الوعي والعقل وسيلتين لحماية الإيمان من الاستغلال.

تحول الموقف الأوروبي: من التسامح إلى المواجهة

لم تعد أوروبا تتغاضى عن نشاط جماعة الإخوان كما في العقود الماضية. فمع تصاعد موجات التطرف وتنامي الخطاب الانعزالي، بدأت العواصم الأوروبية تتخذ مواقف صارمة ضد التنظيم الذي طالما تخفّى خلف ستار “العمل الدعوي” و”الوسطية”.

فرنسا شددت قوانينها ضد ما تسميه “الانفصالية الإسلاموية”، وألمانيا وضعت الجمعيات الإخوانية تحت الرقابة الأمنية، أما النمسا فسنّت تشريعات تحد من التمويلات القادمة من الخارج. كلها إشارات إلى أن أوروبا أدركت أخيرًا أن الخطر لم يكن دينيًا بل سياسيًا، هدفه اختراق المجتمعات من الداخل وبث أفكار تقوّض الاستقرار الوطني.

القانون الأمريكي الجديد: “ميسي” يدق ناقوس الخطر

وفي الولايات المتحدة، جاء ما يعرف إعلاميًا بـ”قانون ميسي” ليضع جماعة الإخوان تحت المجهر. فالتقارير الأمنية والبرلمانية أشارت إلى وجود أنشطة تمويلية وفكرية مشبوهة تتعارض مع مبادئ الدستور الأمريكي.

هذا التحرك يعكس إدراكًا متأخرًا بأن الجماعات التي تستغل الدين لأغراض سياسية تشكّل تهديدًا للأمن الفكري والاجتماعي في أي دولة تسمح لها بالتمدّد بحرية.

بين وعي الشرفاء وصحوة الغرب

اليوم يتقاطع فكر الشرفاء مع التحولات السياسية في الغرب، لكن الفارق أن الشرفاء لم يحتج إلى تقارير استخبارات أو حوادث إرهاب ليدرك الخطر، بل استند إلى منهج قرآني واضح يعيد الدين إلى جوهره الإنساني البعيد عن التوظيف السياسي.

بينما بدأت أوروبا تتخذ إجراءاتها بعد أن لامست النار، كان الشرفاء يدعو منذ عقود إلى إصلاح الفكر وتجفيف منابع التطرف من الجذر.

الشرفاء وعي عربي يسبق الزمان

لقد آن للعالم العربي أن يعي أن معركة الفكر هي الأهم، وأن فكر علي الشرفاء الحمادي يقدم خريطة طريق للنجاة من التطرف الذي أرهق المجتمعات وأساء إلى الدين.

فأوروبا اليوم تتراجع عن خطئها بعد أن اكتشفت زيف الإخوان، أما الشرفاء فقد سبق الجميع بفكرٍ مستنير وضع العقل والرحمة أساسًا للدين، لا الخوف والخداع.

وهكذا يثبت الزمن أن من يملك فكر الوعي والصدق يسبق الساسة والمشرّعين، لأن البصيرة لا تحتاج إلى قانون لتستنير، بل إلى ضميرٍ حر يؤمن أن الإسلام رسالة حياة لا مشروع سلطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى