لماذا مُنح “ولي العهد” وسام “القائد”

لمواقفه المشرفة في دعم القضايا العربية وحرصه على دعم الاستقرار في المنطقة، وتبنيه مبدأ السلام، منح البرلمان العربي  في الـ 10 من أغسطس الجاري، سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وسام “القائد” الذي يُعد أرفع الأوسمة التي يمنحها البرلمان للقادة.

 تسليم عادل العسومي رئيس البرلمان العربي، هذا الوسام لـ “ولي العهد” لم يكن فقط تقديرا تقديراً وعرفاناً من الشعب العربي لمواقف الأمير الرائدة في الدفاع عن القضايا العربية، وتعزيز العمل المشترك، بل هو فخر لكل مواطن سعودي، تلعب دولته دورا دوراً محورياً في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة العربية.

لقد بنيت الاستراتيجية المنضبطة التي يتبعها سمو الأمير محمد بن سلمان في التعامل مع الأزمات العربية، من المواقف الثابتة والمشرفة التي أخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تجاه القضايا العربية، وبالتالي اتفق تمامًا مع رئيس البرلمان العربي الذي أكد أن وسام “القائد” الذي تسلمه “ولي العهد” لم يأت من فراغ، بل تقديراً للإنجازات التنموية الشاملة والنهضة الحضارية المُشرِقة التي حققتها السعودية في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين وولي العهد معًا.

فالمملكة العربية السعودية، تحت قيادة خادم الحرمين وولي العهد، لم تبخل أبدًا في تقديم الغالي والثمين لأية دولة عربية تطلب، سواء كانت تعاني من أزمات أو مستقرة، فأدوار سمو الأمير محمد بن سلمان وسياساته تجاه الأمة العربية، تأتي من منطلق أن السعودية بمثابة دولة مسئولة في المنطقة، تسعى لاستقرار الكيان العربي في مواجهة منافسيه. ولعل صفات القيادة، ليست القيادة التقليدية بل القيادة المسئولة التي يتمتع بها “ولي العهد” الذي يعد رمزاً للإرادة الصلبة والعزيمة القوية، ونموذجاً لقائدٍ مُلهمٍ يستشرف آفاق المستقبل بعقلية طموحة ورؤية ثاقبة مستنيرة،- كانت سببًا في مساعي المملكة الدائمة والرامية لحل الأزمات العربية وعودة الأمن والاستقرار إلي المنطقة، في سياق تعزيز تنسيق مبادرات جهود السلام في كل دول الأزمات العربية.

من فلسطين إلى ليبيا إلى ثم السودان وغيرهم من الدول، وأدور المملكة العربية السعودية تحت قيادة خادم الحرمين وولي العهد في دعم الاستقرار الداخلي، لا تُعد ولا تحصى، وتعبر عن تاريخي طويل من الدعم المتنوع والمستمر، الذي تُضاعفه المملكة العربية السعودية في وفت الأزمات. فإذا قمنا بمسح شامل لدور الأمير محمد بن سلمان تجاه القضية الفلسطينية وأخرها الحرب الإسرائيلية على غزة، لوجدناه من أول المنادين لوقف إطلاق النار، وأول الداعمين لشعب غزة، حيث وجّه خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، في بداية الاعتداء الإسرائيلي على شعب غزة، بإطلاق حملة شعبية عبر منصة “ساهم” التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؛ لإغاثة الفلسطينيين في قطاع غزة، كما تبرع الملك سلمان للحملة بـ 30 مليون ريال، وتبرع سمو الأمير محمد بن سلمان بـ 20 مليون ريال.

الدعم المالي السعودي ظل متواصل للفلسطينيين، حيث يحرص الأمير محمد بن سلمان على انتظام المملكة في دفع حصتها السنوية المقررة لميزانية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، بل تحرص المملكة على إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة للمناطق المتضررة في قطاع غزة بمختلف الأساليب والطرق الممكنة، للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة في ظل الأزمة الإنسانية الراهنة التي تمر به.

لقد استمر “ولي العهد” منذ بداية الأزمة في أكتوبر الماضي حتى هذه اللحظة في إرسال رسائله الحاسمة لدعم القضية الفلسطينية والانتصار إلى الإنسانية فيما يخص ما يلاقيه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فكان سمو الأمير حاسمًا منذ بداية انطلاق الحرب، واضعًا تداعيات استهداف المدنيين من الفلسطينيين أمام كل المسئولين الدوليين، محذرًا من خطورة استمرار العدوان، فقد أجري “ولي العهد”  الأمير محمد بن سلمان اتصالاته بكل زعماء العالم، سواء مع   رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، مؤكدًا أن المملكة تعتبر استهداف المدنيين في غزة جريمة شنيعة واعتداءً وحشياً، مطالبًا بضرورة العمل على توفير الحماية لهم، ومشدّداً على أهمية تعزيز الجهود لوقف العمليات العسكرية وخفض التصعيد لتلافي تداعياته الخطيرة على الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

لم تتوقف اتصالات ومباحثات سمو الأمير في بداية التصعيد، فتحدث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مشددًا على ضرورة بذل الجهود الممكنة كافة لخفض التصعيد في غزة، مؤكّداً على رفض المملكة استهداف المدنيين بأي شكلٍ من الأشكال وعلى أهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني ووقف العمليات العسكرية ضد المدنيين والبنى التحتية التي تمس حياتهم اليومية. كما بعث سموه برسالة كانت في غاية القوة إلى أنطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة، مشيراً فيها إلى أهمية دور الأمم المتحدة ومؤسساتها في توفير ممرات إنسانية آمنة لتقديم الرعاية الطبية والاحتياجات الغذائية للمدنيين الذين هم تحت الحصار في غزة.

لم يترك “ولي العهد” سمو الأمير محمد بن سلمان، فرصة وإلا طالب فيها بوقف استهداف المدنيين الفلسطينيين، ففي القمة التي جمعت بين قادة مجلس التعاون الخليجي ورابطة “آسيان”،  طالب “ولي العهد” أمام 16 من قادة العالم، بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وضرورة وقف العمليات العسكرية ضد المدنيين والبنى التحتية التي تمس حياتهم اليومية، وتهيئة الظروف لعودة الاستقرار، وتحقيق السلام الدائم الذي يكفل الوصول إلى حل عادل لإقامة دولة فلسطينية وفق حدود 67 بما يحقق الأمن والازدهار للجميع”.

لم تتوقف جهود “ولي العهد” عند هذا الحد، بل وجه رسالة صريحة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مشدّدًا من خلالها على أهمية العمل على وقف العمليات العسكرية بغزة، لافتا إلى أن السعودية تسعى لتكثيف التواصل والعمل على التهدئة ووقف التصعيد بغزة، وأنها ترفض استهداف المدنيين أو تعطيل البنى التحتية.

وفي الـ6 من أغسطس الجاري أكد “ولي العهد” سمو الأمير محمد بن سلمان، خلال اتصال مع الرئيس الفرنسي “ماكرون” على أهمية خفض التصعيد وتجنب المنطقة خطر اتساع العرب، وقبل هذا التاريخ، بالتحديد في 16 مايو الماضي طالب سموه، المجتمع الدولي بدعم وقف إطلاق النار في غزة، وفي كلمته بالقمة العربية الـ32 بالمنامة، أكد سموه على أن المملكة العربية السعودية تدعم إقامة دولة فلسطينية والاعتراف الدولي بها.

ومن فلسطين إلى السودان وجهود المملكة العربية السعودية لا تتوقف في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين وولي العهد، فقد حرص سمو الأمير محمد بن سلمان منذ بداية الأزمة السودانية على وقف الحرب والعودة إلى مسار التفاوض بين طرفيها، ومن أجل تهيئة الأرضية اللازمة للحوار بين طرفي الحرب السودانية، وخفض مستوى التوتر، بما يضمن أمن واستقرار السودان وشعبه الشقيق، ويسهم في تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، جمعت المملكة العربية السعودية، بالتحديد في الأسبوع الثالث من الصراع ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بمدينة جدة في محاولة من المملكة لوقف الحرب المندلعة والعودة إلى مسار العملية التفاوضية. لقد ظلت المملكة العربية السعودية، طوال الفترة الماضية حريصة على دعم الاستقرار في السودان، ففي الـ 30 من يوليو الماضي جدد مجلس الوزراء السعودي، التأكيد على مواصلة المملكة مساعيها الرامية لحل الأزمة السودانية وعودة الأمن والاستقرار إليه.

ومن السودان إلى ليبيا، حرصت سياسة “ولي العهد” سمو الأمير محمد بن سلمان منذ بداية الأزمة الليبية حتى الوقت الراهن، التأكيد على رسالة واحدة، اعتبرها كل الخبراء والمراقبين، بمثابة الأهم، وهي دعم المملكة لحل ليبي- ليبي برعاية الأمم المتحدة، مع ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية.

ولم تغيب الصومال عن “والي العهد” لحظة واحدة، بل يحرص سموه طوال الوقت على تطوير التعاون المشترك وتنمية العلاقات بين البلدين بما فيه صالح الصومال وشعبها، ففي أبريل الماضي استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بمكة المكرمة وعزز من دعم الصومال في المسائل ذات الاهتمام المشترك.

في نهاية المقال، يمكن القول إن ما تم عرضه في السطور السابقة، يؤكد أن القضايا العربية ظلت حاضرة، وبقوة على الأجندة السعودية خلال الفترة الماضية، وأن سمو الأمير محمد بن سلمان لم يبخل في لحظة من اللحظات عن دعم أي حلول تقدم للأزمات العربية سواء من خلال الاتصال بالزعماء والرؤساء في العالم، أو من مبادرات سعودية خالصة تجمع بين الأطراف المتصارعة أو من خلال دعم مادي يقدم للدول والشعوب من أجل بناء السلم والسلام المجتمعي في منطقتنا العربية.

السيد راشد

السيد عبدالنبي راشد: رئيس الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية، وهو رجل أعمال مصري، متخصص في دراسات التنمية المستدامة، هو حاصل على بكالوروس إدارة الأعمال ثم دبلوم الدراسات الدبلوماسية والسياسية، كما أنه نائب رئيس مجلس إدارة شركة راشد للتطوير والاستثمار العقاري والصناعي بالمملكة العربية السعودية، ورئيس مجلس إدارة شركة النسر المحترف للمقاولات بالمملكة العربية السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى