بعد المواجهات الإسرائيلية- الإيرانية.. حان الوقت لاستراتيجية بناء النظام العربي

كشف المواجهات المحسوبة بين إسرائيل وإيران، ودور الولايات المتحدة في تحديد مستوى ومعدل وتوقيت الهجوم المتبادل بين الدولتين، وهو ما أدى إلى حفظ ماء الوجه لقيادات الدولتين، وذلك حسب المتابعين من الخبراء والمقربين، الذين اعتبروا أن ما حدث يشير إلى مخاطر أمنية متزايدة من قبل القوى الإقليمية غير العربية التي على رأسها دولتي إيران وإسرائيل، على المنطقة العربية التي تحتاج بعد ما حدث إلى إعادة النظر في منظومتها الأمنية، التي تتطلب استراتيجية موحدة وجديدة للدولة العربية تساعدهم على الردع أو الرد لما قد يحدث مستقبلا.

إن الأمة العربية على ثقة بوعي قياداتها وإدراكهم لمسؤولياتهم التاريخية لمواجهة المستقبل مستعينين بالله سبحانه وتعالى وبما مر على الوطن العربي من كوارث ومصائب كان سببه غياب نظام عربي موحد الصف والهدف، قادر على مواجهة الأخطار.

فلنجعل الماضي حافزًا لمواجهة المستقبل وأن تتم الاستفادة من دروسه لتفادي الأخطاء وتجاوز المحن لتضيء القيادات العربية نور الأمل لدى الشعوب العربية وتضع حدًا للابتزاز والتشكيك في سلامة النوايا.

ولذلك تتطلب المرحلة القادمة وضع استراتيجية تعيد بناء النظام العربي ليتحقق للدول العربية ما تطمح إليه شعوبها من تطور وتعاون بين أقطارها لحماية مصالح الأمة العربية ومواجهة ما يترددها من أخطار تسعى لطمس هويتها واسترقاق شعوبها ونهب ثرواتها، يتطلب ما يلي:

استراتيجية جديدة:

إنشـاء مجلس الأمـن القومي العربي بحيث يشكل مـن قادة القوات المسلحة في الدول العربية وتتبعه أمانـة خاصة مقـرها في الجامعة العربية حيث يتولى المجلس القومي التخطيط الاستراتيجي والعسكري بحيث يكون مسؤولًا عن تنفيذ مايلي:

(*) وضع النظم والإجراءات الكفيلة بتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك والموقعة من قبل الدول العربية كافة.

(*) تحقيق الاتصال بالقيادات العسكرية في الدول العربية والقيام بالتنسيق فيما بينها.

(*) ترتيب التعاون بين القوات المسلحة في الدول العربية مع بعضها البعض بواسطة إجراء المناورات السنوية ضمن برنامج معدٍ لذلك لكي يتمكن كل فريق من التعرف على نوعية السلاح عند الفريق الآخر وتوحيد المصطلحات العسكرية إلى حين يتم التوصل إلى تحقيق وحدة كاملة في النظم والمعلومات والتواصل المستمر عن طريق تبادل الخبرات بين الدول العربية وزيادة الكفاءات والقدرات القتالية للقوات المشتركة وتنظيم الدورات التدريبية في المدارس التعليمية للضباط وضباط الصف والجنود لرفع كفاءتها والنهوض بها.

(*) وضع الخطط اللازمة لاتخاذ أية إجراءات تتطلبها المصلحة القومية سواء كانت للدفاع عن دولة عربية تعرضت للعدوان أو التدخل لمنع الاشتباك بين دولتين عربيتين حدث بينهما خلاف كاد أن يؤدي إلى تصادم حتى نمنع ما يحدث من كوارث كما حدث في القرن المنصرم.

(*) يتم تعيين أمانة عامة لمجلس الأمن القومي للقيام بالمسؤوليات المشار إليها أعلاه وإعداد جدول أعمال اجتماعات المجلس وإعداد التقارير عن نتائج أعمال المجلس لرفعها لمجلس الدفاع العربي لاعتماد القرارات والمصادقة على جدول زمني لتنفيذها.

(*) يتم تعيين أمين عام لمجلس الأمن القومي برتبة عالية ورفيعة وتقوم كل دولة بترشيح الأمين العام حسب التسلسل الأبجدي المعمول به في نظام الجامعة العربية على ألا تتجاوز مدته ثلاث سنوات فقط وذلك يتيح لكل دولة عربية أن يكون أمين عام المجلس القومي مرشحا من قبلها، بحيث تضمن العدالة في توزيع المسئوليات دون استثناء دولة دون غيرها كما أنه يتيح ذلك الأسلوب فرصة للأمة العربية لإبراز الكفاءات والقدرات التي ستكون في خدمة المصلحة القومية للأمة العربية.

صياغة علاقات إنسانية جديدة:

المجوس يكرهون العرب، ويبحثون عن الانتقام بعد تدمير إيوان كسرى وانهيار إمبراطورهم كسرى، واليهود يبحثون عن الانتقام، بعد ما أجبروهم العرب بالهجرة، وطردهم من خيبر، والمسيحيون يخططون للانتقام بعدما غزا العرب ديارهم، وسبوا نساءهم، ونهبوا ثرواتهم باسم الفتوحات باسم الإسلام كذبا وزورا على دين الرحمة والعدل والإحسان الذي يدعو للسلام وحولوه إلى دين يسعى للبغي والعدوان  واحتلال  الأوطان.

والإسلام برئ مما أفترى عليه أصحاب المطامع الذين ظلموا الإنسان، والله حرم الظلم على الإنسان وأكد على احترام حقوقه دون نقصان. نسي العرب ما قاموا  به من بغي وظلم وعدوان ضد الشعوب الأوروبية،  والمعتدى عليه لا ينسى  بل سيظل يبحث  عن الانتقام، أما المعتدي والظالم تناسى جرائمه، ونام  قرير العين ، وغاب عنه الإدراك  بأن المعتدى عليه سيغلبه النسيان.

فمتى يصحو العرب ويدركوا جرائمهم ويقدموا الاعتذار  وتطوى صفحة سوداء في تاريخهم ليعاد صياغة علاقات إنسانية بين العرب والأطراف الثلاثة، ليعيش العالم في سلام دائم كما أمر الله سبحانه في القرآن،  بقوله للناس جميعاً: ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)- المائدة “2”.

المفكر على محمد الشرفاء

مفكر وكاتب عربي مشغول بهموم أمته.. لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.. وينفذ مشروع عربي لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام.. الكاتب قدم للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى