السيد عبدالنبي راشد يكتب: الفرص الممكنة في الولاية الجديدة للرئيس السيسي

في صباح الـ30 من سبتمبر 2023، انتابتني تخوفات شديدة، وأنا أشاهد حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر “حكاية وطن” في العاصمة الإدارية الجديدة، ففي هذا التوقيت كُنت خارج البلاد، أتباع كغيري من رجال الأعمال المصريين، الذين يعملون بالخارج ويستثمرون في الداخل، شئون شركاتي في أحد الدول العربية الشقيقة، ففي هذا التوقيت، زادت سرعة ضربات قلبي، وأنا استمع للرئيس عبر شاشة التليفزيون، وهو يقول، إن “المصريين أمامهم فرصة للتغيير في الانتخابات الرئاسية القادمة”، ووقتها تلا الرئيس السيسي قوله تعالى: “قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
ربما استعجالي في فهم مضمون كلمات الرئيس، هو الذي جعلني أعطى تفسيرات فردية قبل التعمق في المعاني التي احتواها خطاب سيادته، فقد تخوفت من أن الرئيس السيسي لا ينوي الترشح لولاية ثالثة، وأنه قرر الاكتفاء بولايتين فقط، وهو الأمر الذي جعلني لدقائق-أي قبل تحليلي لمفردات كلمات خطابه، أعيش في حالة قلق أسبابها الخوف من المستقبل على مصر وشعبها، خاصة وأن ارتباك العالم والتهديدات القادمة من دول الجوار، تجبرنا أن نتمسك بالرئيس السيسي لولاية جديدة تعبر بها مصر إلى بر الأمان.
وللتذكر أنه في هذا التوقيت، لم يكن الرئيس السيسي، أعلن عن ترشحه رسمياً، لكن كانت هناك إرهاصات أولوية من قبل عددا من الأحزاب السياسية، التي أعلنت دعم ترشح سيادته لولاية جديدة. وبدأت هذه الأحزاب، ومن بينها حزب مستقبل وطن الذي يحظى بالأغلبية في مجلس النواب وحزب المصريين الأحرار وحزب حماة وطن.
ما يقرب من 72 ساعة، عشتها في قلق وتوتر، وهي المسافة الفاصلة بين توقيت كلمات الرئيس في 30 سبتمبر، وإعلانه رسميًا الترشح في الثاني من أكتوبر، لقد أحسست في بداية جلسات مؤتمر “حكاية وطن” أن الفرص ستضيع، وفي نهايته تأكدت أن الفرص ممكنة لمصر حتى تعبر من انعكاسات اضطرابات العالم عليها، فبمجرد أن انتهت كلمة الرئيس في الجلسة الختامية لمؤتمر حكاية وطن، التي قال فيها أنه يدعو كل المصريين لاختيار من يصلح في الاستحقاق الانتخابي، وأنه يحترم إرادة المصريين التي يعمل بها ولها، وأنه سيواصل العمل باستمرار أملا في أن ينال التوفيق من الله عز وجل، تيقنت بعدها أن سيادته يتولى شئون مصر لفترة رئاسية ثالثة، فهذا لم يكن تخمينا بأن الأمر محسوم لسيادته، بل من خلال قراءتي للواقع كأحد رجال الأعمال المصريين الذين يحسبونها بالورقة والقلم، وجولاتي بين الناس كنت على علم بأن منافسة الرئيس السيسي من قبل أي من المرشحين ستكون صعبة للغاية، من منظور تقديرات الناس والبحث عن الفرص الممكنة، ووعي الشعب المصري بالمخاطر والتهديد التي تحاط بمصر.
تقريبا أقل من ستين ساعة، ونشاهد الرئيس السيسي بين ممثلي الشعب المصري في مجلس النواب بالعاصمة الإدارية، يؤدى اليمين الدستوري رئيسا لمصر بالفترة الرئاسية الثالثة من 2024 إلى عام 2030، التي في تقديري هي فترة الفرص الممكنة لمصر. يومين بالتمام والكمال وتستعد العاصمة الإدارية، التي تُعد بمثابة الانجاز الكبير لاستقبال لفيف من الشخصيات العامة مصريين وعرب وغيرهما، ليشاهدوا حفل تنصيب سيادة الرئيس السيسي، لولاية ثالثة يقسم فيها سيادته على المحافظة على النظام الجمهوري واحترام الدستور والقانون، ورعاية مصالح الشعب، واستقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه.
هذه الولاية الثالثة، التي تبدأ ساعات عملها فعليًا في الثاني من أبريل 2024، ستكون أهم ست سنوات في تاريخ الدولة المصرية، لما تمثله من فرص ممكنة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي المتمثل في سيادة ونشر السلام المجتمعي. فأما الفرص على المستوى السياسي، فقد ظهرت بوادرها في مخرجات الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس السيسي، لإرساء مبادئ الجمهورية الجيدة أو الولاية الثالثة كما أراها. فتتمثل أهم الفرص السياسية في مشروع قانون الانتخابات البرلمانية والمحلية الذي رفعه مجلس أمناء الحوار لسيادته، فقراءتنا لما تم تقديمه للرئيس في هذا الشأن، يشير إلى احتمالات تطبيق نظام انتخابي جديد يسمح بفرص ممكنة لعدد كبير من الأحزاب السياسية والمستقلين لدخول البرلمان، بالتالي هناك فرص ممكنة لتجديد النخبة البرلمانية في الولاية الثالثة للرئيس السيسي، كما أن مشروع قانون المحليات المتفق عليه من قبل مجلس أمناء الحوار الوطني والمشاركين من القوى السياسية المتنوعة، يشير إلى ضبط مفاصل الدولة وتحقيق الرقابة الصارمة على كل أجهزة المحليات بالمحافظات والمدن، بالتالي تشهد الفترة الثالثة للرئيس عودة المجالس الشعبية التي تنشط الحياة السياسية في مصر.
ومن الفرص السياسية ننتقل إلى الفرص الاقتصادية التي تنعكس اجتماعيا على واقع الدولة المصرية، وباعتباري هنا أحد رجال الأعمال المصريين الفاعلين في السوق الاستثماري المحلي والخارجي، أتوقع أن تشهد الولاية الثالثة للرئيس انعكاسات تجديد البنية التحتية في ربوع مصر، وبالتالي مزيد من الفرص الاستثمارية التي تحقق مزيد من فرص العمل، وتحد من التضخم وتخفض السعار، وبالتالي يسعد الناس ويُحقق السلام الاجتماعي في نواحي الدولة المصرية.
سيادة الرئيس، نحن نثق في سيادتكم على تحمل الأمانة، والمسؤوليات الجسام التي اختارك الله سبحانه تعالي وشعبه للقيام بها، ويا شعب مصر العظيم إن ما تم إنجازه في كل القطاعات خلال الولايتين السابقتين للرئيس السيسي، هو فخر عظيم، ويدعوكم لمزيد من الصلابة والتماسك في مواجهة المشككين والخونة الذين لا يحبون الخير لمصر، ويحزنون في حالة تحقيق الفرص الممكنة.