تعقيد مستمر: ما مصير خطة ترامب لتسوية الحرب الأوكرانية؟

شهد محمود-باحثة مساعدة

في أروقة الدبلوماسية العالمية، تثير خطة السلام الأمريكية المقترحة لإنهاء النزاع بين روسيا وأوكرانيا جدلًا واسعًا، حيث يصفها بعض الأمريكيين الداعمين لأوكرانيا بأنها “خيانة واضحة” لكييف، نتيجة الضغوط الكبيرة التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب على الحكومة الأوكرانية لقبول خطة سلام تبدو غير عادلة إلى حد كبير، بما في ذلك فرض مهلة محدودة للموافقة على الخطة، قبل أن يتراجع عن موقفه ويتريث في مناقشة البنود مع الأطراف المعنية.
تثير هذه الإجراءات تساؤلات عدة حول طبيعة الخطة ودوافعها، وما إذا كانت تهدف أساسًا إلى تعزيز مصالح أمريكية أكثر من كونها خطوة لتحقيق حل عادل للنزاع. كما تتساءل الأطراف المعنية عن مدى إنصاف الخطة لأوكرانيا، وما إذا كانت الظروف الحالية في البلاد، من ضغوط عسكرية واقتصادية وتحديات سياسية داخلية، تزيد من شدة الضغط وتضع كييف أمام خيارات حاسمة وصعبة.

محددات الموقف الأمريكي

(*) الرغبة في صناعة إرث سياسي وشخصي: يدفع ترامب بقوة نحو تمرير اتفاقية السلام المقترحة بين روسيا وأوكرانيا، رغم تعثر الجهود الدبلوماسية السابقة، وهو إصرار لا يمكن فهمه بمعزل عن حساباته الشخصية. فقد أعاد ترامب وضع زيلينسكي أمام معادلة ضاغطة: إما التنازل عن جزء من الأراضي، أو المخاطرة بخسارة أهم حليف عسكري وسياسي.ويمثل اهتمام الرئيس الأمريكي بتقديم نفسه كـ”صانع الصفقات” أحد أهم المحركات لهذا الموقف؛ إذ يسعى إلى تسويق أي اتفاق، بغضّ النظر عن تعقيداته، باعتباره إنجازًا شخصيًا لرفع أسهمه داخليًا وخارجيًا. ويتعزّز هذا التوجه بذكره المتكرر رغبته في الحصول على جائزة نوبل للسلام، ما يجعل أي تسوية محتملة وسيلة لبناء إرث يقدمه كصانع للسلام أنهى واحدة من أصعب الحروب المعاصرة، وبذلك ويصبح الاتفاق بالنسبة لترامب أداة لإعادة تشكيل صورته السياسية أكثر منه مبادرة لحل النزاع[1].

(*) توظيف الاتفاق لتحقيق مكاسب اقتصادية واسعة للولايات المتحدة: تكشف بنود الاتفاقية عن عوائد اقتصادية غير مسبوقة لواشنطن؛ إذ ينص البند 13 في خطة السلام الأمريكية بصورتها الأولية، على إعادة دمج روسيا تدريجيًا في الاقتصاد العالمي، لا يخدم موسكو فقط، بل يسمح للولايات المتحدة باستعادة حجم التجارة التي خسرتها خلال سنوات الحرب والعقوبات.
ويقضي البند 14 باستثمار 100 مليار دولار من الأموال الروسية المجمّدة تحت الإدارة الأمريكية في إعادة إعمار أوكرانيا، مع منح واشنطن 50% من العوائد الناتجة عن هذه الاستثمارات. كما تُستخدم بقية الأموال داخل آلية مشتركة أمريكية – روسية لتمويل مشاريع محددة.هذا البند يكشف بوضوح محاولة الولايات المتحدة التحكم المباشر في رأس المال الروسي المجمّد وتوجيهه بما يخدم مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، لتتحول الاتفاقية إلى أداة مالية تمنح واشنطن نفوذًا واسعًا يتجاوز حدود الصراع نفسه[2].

(*) التباينات داخل الإدارة الأمريكية: تشكل الانقسامات داخل الإدارة الأمريكية أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على مسار عملية السلام في أوكرانيا. فبينما يتبنى وزير الخارجية ماركو روبيو موقفًا قريبًا من الرؤية الأوروبية، مؤكدًا أن أوكرانيا لن تقبل بتوقيع وثيقة استسلام رغم الضغوط الشديدة[3]، شارك روبيو في مباحثات جنيف لإعادة صياغة خطة السلام المؤلفة من 28 بندًا، في مسعى لجعلها أكثر قبولًا لدى كييف، وفي المقابل يدفع نائب الرئيس جي دي فانس – بدعم من المبعوث ستيف ويتكوف وصهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر – نحو رؤية أكثر تشددًا، تقوم على الاعتقاد بأن “السلام يحتاج إلى أشخاص واقعيين لا دبلوماسيين فاشلين”، وفق تعبيره[4].
ويبرز أيضًا الدور المتزايد لوزير الجيش دانيال دريسكول، الذي اكتسب نفوذًا على الرغم من أن منصبه ليس من المواقع التقليدية المشاركة في المفاوضات بهذا الحجم. ويُنظر إلى تدخله على أنه تقليص لدور وزير الخارجية ومحاولة لتهميشه في الملف. إذ يرى دريسكول أن الجيش الأوكراني يوشك على الانهيار، وأن إنهاء الحرب أصبح أمرًا ضروريًا حتى لو أسفرت التسوية عن نتائج تميل لمصلحة روسيا. هذا الرأي يتناقض مع تقييم كلٍّ من رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين ومبعوث ترامب لأوكرانيا وروسيا كيث كيلوج، اللذين يعتقدان أن القوات الأوكرانية لا تزال تمتلك القدرة على قلب موازين الحرب[5].

(*) ضعف أوراق كييف التفاوضية: يمكن القول إن توقيت طرح إدارة ترامب لخطة السلام لم يكن عشوائيًا، بل جاء بالتزامن مع مجموعة من العوامل الداخلية والميدانية التي أضعفت الموقف الأوكراني. فإلى جانب أزمة الثقة والفساد التي أسهمت في إضعاف موقف الرئيس زيلينسكي ودفعت واشنطن للاعتقاد بأن كييف ستكون مضطرة للقبول، يواجه الجيش الأوكراني ضغطًا ميدانيًا شديدًا. إذ يشير إغناتوف وعدد من المراقبين العسكريين إلى أن القوات الأوكرانية تتعرض لضغط روسي كبير على الخطوط الأمامية وتواصل التراجع بشكل تدريجي[6]. كما أشار مسؤول رفيع في البيت الأبيض إلى أن أوكرانيا ستضطر لقبول الصفقة نظرًا لضعف موقف زيلنسكي الحالي”[7].

يعكس هذا استغلالًا متعمدًا من قبل واشنطن لهذه الظروف كأداة ضغط دبلوماسي، ما يضع أوكرانيا في موقف ضعيف على طاولة المفاوضات، وبالتالي يرفع احتمال فرض شروط قد لا تتوافق مع مصالحها الاستراتيجية. وبذلِك يمكن القول إن ترامب اختار هذا التوقيت بعينه، مع تبني أسلوب الضغط، لتسريع عملية المفاوضات وضمان شروط تخدم أهدافه السياسية وتنهي حربًا طويلة أقحمته فيها إدارة بايدن.

التباينات الأوروبية و الأوكرانية مع واشنطن

لم توافق أوروبا على المسودة الأمريكية الأولية التي تضمنت 28 بندًا، وقامت بإعادة صياغتها وتقليصها إلى 19 بندًا فقط، في مقترح مضاد يعكس رؤية أوروبية مختلفة جوهريًا عن النهج الأمريكي. ويظهر التباين بين المسودتين بوضوح في عدة محاور رئيسية كالآتي:

(&) الصراع حول مصير الأراضي المحتلة: تتبنى المسودة الأمريكية طرحًا يمنح روسيا مكاسب إقليمية واسعة، إذ تنص على الاعتراف بمناطق دونيتسك ولوهانسك وشبه جزيرة القرم كأراضٍ روسية بشكل رسمي. ورغم أن بعض أجزاء دونيتسك لا تزال تحت سيطرة أوكرانيا، تُلزم المسودة كييف بسحب قواتها منها بالكامل، وهو ما يُعد تنازلًا جوهريًا لأنها لم تخسر كل هذه المناطق عسكريًا، وبالتالي تُجبر على التراجع دون هزيمة ميدانية كاملة. كما تقترح المسودة تحويل دونيتسك إلى منطقة منزوعة السلاح، لكنها في الوقت ذاته تمنع روسيا من دخولها، في صياغة تبدو غامضة وتطرح تساؤلات حول من يمتلك السيطرة الفعلية على الأرض. وفيما يتعلق بخيرسون وزابوريجيا، تُجمّد المسودة الوضع القائم عند خط المواجهة.
على الجانب الأوروبي، يتّخذ الموقف منحًى مختلف جذريًا؛ فالمسودة الأوروبية لا تتضمن أي اعتراف بضمّ روسيا لهذه المناطق، وتُصر على أن أي تغيّر في السيطرة الإقليمية على جانبي خط الجبهة يجب أن يكون موضوع مفاوضات منفصلة، وليس جزءًا من اتفاق وقف إطلاق النار نفسه. ويعكس هذا الموقف رغبة أوروبية واضحة في عدم شرعنة مكاسب روسيا العسكرية، والحفاظ على إبقاء ملف الأراضي مفتوحًا على طاولة التفاوض.[8]

(&) إشكاليات انضمام أوكرانيا للناتو: يُعد ملف انضمام أوكرانيا لحلف الناتو من أبرز نقاط الاعتراض الأوكرانية والأوروبية على المسودة الأمريكية، نظرًا لكونه أحد الأسباب الجوهرية التي أدت إلى اندلاع الحرب في الأساس. فالمفارقة أن حربًا اشتعلت نتيجة رغبة كييف في الاقتراب من الناتو قد تنتهي وفقًا للصياغات المقترحة بتقليص أو تجميد هذا الحق ذاته. وتنص المسودة الأمريكية على إدراج بند في الدستور الأوكراني يمنع انضمام كييف إلى الحلف، إلى جانب التزام موازٍ من الناتو بعدم قبولها مستقبلًا. هذا المقترح لا يقيد أوكرانيا قانونيًا فقط، بل يتحول إلى قيد استراتيجي طويل الأمد يحرمها من أهم ضمانة أمنية كانت تسعى إليها منذ سنوات.

على الجانب الآخر، يقترح التعديل الأوروبي أن أي انضمام مستقبلي سيكون ممكنًا فقط بموافقة جماعية من جميع أعضاء الناتو. هذا الشرط يُبعد فرصة أوكرانيا في الانضمام للحلف على المدى القريب، لكنه لا يغلق الباب نهائيًا، ما يعني أن خطر تجدد الصراع يظل قائمًا. في كلتا الحالتين، تصبح فرصة انضمام أوكرانيا للناتو ضعيفة للغاية، وهو ما يجعل النتيجة النهائية بمثابة خسارة استراتيجية لأوكرانيا، إذ خاضت حربًا مدمّرة على أمل الحصول على ضمانة أمنية، حتى في أفضل السيناريوهات، تجد أنها مؤجلة وغير مضمونة.

(&) إعادة هيكلة الجيش الأوكراني: شكّل بند تقليص الجيش الأوكراني نقطة اعتراض رئيسية، لأنه مرتبط مباشرة بقدرة كييف على حماية نفسها بعد انتهاء الحرب. ففي الوقت الذي كان فيه الجيش يضم نحو 250 ألف جندي قبل الغزو، إلا أنّه تضخّم خلال الحرب ليصل إلى حوالي 900 ألف. ومن ثم جاءت المسودة الأمريكية مطالِبةً بخفضه إلى 600 ألف في وقت السلم. ورغم أن هذا الرقم يبدو كبيرًا مقارنة بما كان عليه سابقًا، فإنه يظل أقل بكثير مما تعتبره كييف ضروريًا للحفاظ على مستوى ردع مقبول أمام روسيا، التي تتفوّق عليها حجمًا وعتادًا. ولذلك جرى تعديل الحدّ ليصبح 800 ألف جندي.

(&) غموض الضمانات الأمنية المقترحة: في ظلّ المقترح الأمريكي الذي يتضمن تقليص حجم الجيش الأوكراني، تطرح واشنطن مجموعة من الضمانات التي لا تبدو كافية من وجهة نظر كييف. إذ تفتقر هذه الضمانات إلى تحديد واضح لطبيعتها وآليات تنفيذها، ولا تقدّم الولايات المتحدة تصورًا دقيقًا للإجراءات التي يمكن أن تُتَّخذ في حال تعرُّض أوكرانيا لاعتداء روسي مستقبلي. كما يعبّر عدد من الجنود الأوكرانيين عن محدودية ثقتهم في الضمانات المطروحة من جانب الإدارة الأمريكية الحالية، معتبرين أنّ تعهداتهم لا ترقى إلى مستوى الضمانات الفعلية[9].

وقد جاء هذا البند بصيغة مُعدَّلة في المقترح الأوروبي، الذي شدّد على ضرورة أن تكون الضمانات “قوية” لا مجرد موثوقة، مطالبًا بأن تقترب قوة الالتزام الأمريكي من مستوى المادة الخامسة في حلف الناتو، والتي تنصّ على أن أي اعتداء على دولة عضو يُعد اعتداءًا على جميع الأعضاء. وفي الوقت الذي تُدرج فيه واشنطن فكرة إنشاء لجنة عمل مشتركة أمريكية – روسية لمعالجة قضايا الأمن وتنفيذ بنود الاتفاق، يقترح الجانب الأوروبي إنشاء آلية أمنية مشتركة أوسع نطاقًا تُشارك فيها الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا والدول الأوروبية، بما يضمن إطارًا أكثر توازنًا وشفافية للإشراف على تنفيذ أي تسوية محتملة[10].
وفي هذا السياق، يردّ وزير الخارجية ماركو روبيو على الحلفاء مشيرًا إلى أن الضمانات الأميركية ستُناقش فقط بعد إبرام معاهدة السلام[11]، وهو ما قد لا يكون مضمونًا أو مرضيًا بالنسبة لكييف. إذ تربط إدارة ترامب وقف إطلاق النار بموافقة روسيا على ضم أراضٍ إضافية، ورفض انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وتقليص حجم جيشها، بينما تؤجّل ضمانات الحماية الأمريكية إلى ما بعد توقيع الاتفاقية.

السيناريوهات المحتملة لمسار الأزمة

في ضوء ذلك يبقى مشهد التسوية في أوكرانيا أمام مسارين محتملين:

(-) قبول الخطة مع تقديم كييف تنازلات تُرجّح كفة موسكو:

يطرح هذا السيناريو احتمال انتهاء الحرب عبر اتفاق هشّ تُقدَّم فيه أوكرانيا تنازلات جوهرية، أبرزها التخلي النهائي عن حقها في الانضمام إلى الناتو أو السماح بأي وجود عسكري للحلف على أراضيها. ويأتي هذا القبول ليس عن قناعة أوكرانية، بل نتيجة ضغوط مركّبة داخلية وخارجية، ويمكن الاستدلال على ذلك عبر ثلاثة مؤشرات رئيسية:

الضغط الأمريكي مقابل محدودية الدور الأوروبي: رغم اصطفاف الاتحاد الأوروبي المعلن خلف كييف، تبقى الولايات المتحدة الداعم العسكري والسياسي الأكبر لها، وهو ما يجعل زيلينسكي عاجزًا عمليًا عن تحدّي واشنطن أو المخاطرة بخسارة حليفه الأول. وقد أشار زيلينسكي نفسه إلى هذه المعضلة بقوله إن “الضغط على أوكرانيا بلغ أوجه… وقد تواجه البلاد خيارًا صعبًا للغاية: إما فقدان الكرامة أو فقدان شريك رئيسي”.

تفاقم تداعيات أزمة الفساد الأوكراني: تهزّ الفضيحة الحالية البنية السياسية في كييف، خصوصًا بعد استقالة مدير مكتب الرئيس أندري يرماك، أحد أكثر الشخصيات نفوذًا والمسؤول عن قيادة الوفد الأوكراني في المفاوضات السابقة. ومع سقوط وزيرين آخرين من وزراء زيلينسكي في الفضيحة، تتزايد هشاشة الموقف الداخلي، بما يجعل زيلينسكي أكثر قابلية للرضوخ للضغوط الدولية[12].

إشارات روسية إيجابية نحو المقترح الأوروبي المعدّل: أعلن الرئيس بوتين أن موسكو اطّلعت على المسودة الأوروبية الجديدة، وأنها قد تشكّل “أساسًا” لاتفاق سلام محتمل، مع الإشارة إلى الحاجة لصياغة بعض النقاط “بلغة دبلوماسية”. ورغم استمرار الخلاف حول نقاط محددة، فإن هذا الموقف يعكس استعدادًا روسيًا أوليًا للتعاطي مع المقترح، وهو ما يزيد من الضغوط الواقعة على كييف للموافقة على الإطار المطروح.[13]

(-) استغلال ترامب لفشل المفاوضات لصالح رؤيته السياسية:

يفترض هذا السيناريو أن تصل المفاوضات إلى طريق مسدود، كما حدث في محطات سابقة منذ 2022، نتيجة تمسّك كل طرف بمواقفه الجوهرية. ففي الجانب الأوكراني، يظلّ الحفاظ على المناطق التي لا تزال تحت سيطرة كييف شرطًا أساسيًا لتجنّب هزيمة سياسية تُعدّ “مُهينة” داخليًا، خصوصًا مع تراجع شعبية القيادة الحالية واتهامات الفساد التي تضغط على شرعية القرار السياسي. على الجانب الآخر، يتشدد الكرملين في موقفه، مدعيًا أن روسيا باتت تمتلك زمام المبادرة ميدانيًا، وأن أي تسوية يجب أن تشمل انسحاب القوات الأوكرانية من كامل إقليم دونباس، بما فيه منطقتا لوهانسك ودونيتسك.

في ظل هذا التعثر، قد يلجأ ترامب إلى وقف أو تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا، متهمًا كييف بأنها الطرف المسؤول عن عرقلة السلام. كما يؤكد بعض الساسة الأمريكيين على أن الهزيمة الأوكرانية أصبحت مسألة وقت لا أكثر، وأن العقوبات على روسيا والدعم المقدم لأوكرانيا لن يغيرا من مسار الأولى في استكمال الحرب.
ومع الأخذ في الاعتبار سابقة تجميده للمساعدات من قبل، يبقى احتمال أن يُقدم ترامب على قطع الدعم بالكامل واردًا إذا نفد صبره من تعثر المفاوضات، وهو نوع من التهديد يشكل ضغطًا مباشرًا على أوكرانيا بالأساس.

في المحصلة، تبدو التطورات الميدانية والسياسية وكأنها تدفع بالأزمة نحو مسار يقرب أوكرانيا من قبول اتفاقية تُرجّح ميزان القوى لصالح موسكو، مدفوعةً بضغوط أمريكية مكثفة، وتحديات داخلية تهزّ شرعية القيادة الأوكرانية، وتوظيف روسي ذكي للهجمات العسكرية لتعزيز أوراق التفاوض. ويشكّل الهجوم الواسع في 29 نوفمبر 2025 مثالًا واضحًا على هذا النهج، حيث استخدم الكرملين التصعيد العسكري كوسيلة لإظهار أن استمرار الحرب يكلّف كييف أكثر مما قد تخسره على طاولة المفاوضات.
وهكذا، تظل صورة المشهد مفتوحة على احتمالات متعددة، رهنًا بمدى قدرة كييف على الصمود وإعادة ترتيب أوراقها في لحظة هي الأصعب منذ اندلاع الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى