د. محمد الجمال يكتب.. في حق كامل الوزير

اكتب في حق رجل لا يعرف المستحيل، رجل لم يتعود أن يتوارى خلف المكاتب أو أن يترك الأزمات تتراكم دون أن يقتحمها. الفريق كامل الوزير، وزير النقل والصناعة، هو نموذج للمسؤول الذي يعمل أكثر مما يتحدث، والذي اختار أن يكون في الصفوف الأولى مهما كلفه الأمر. في السنوات الأخيرة شهدنا جميعًا كيف تغير وجه قطاع النقل في مصر، وكيف تحولت الطرق المتهالكة إلى شبكة تمتد آلاف الكيلومترات، فتم إنشاء ما يقارب 6500 كيلومتر من الطرق الجديدة وتطوير 8500 كيلومتر من الطرق القائمة، مع عشرات المحاور على النيل والأنفاق التي ربطت الدلتا بالصعيد وربطت القرى المعزولة بالمدن الكبيرة، لتصبح مصر اليوم بين الدول الأولى عالميًا في جودة الطرق.

أما السكك الحديدية التي ظلت لعقود عنوانًا للتأخر والحوادث، فقد دخلت مرحلة تحديث شامل رفعت عدد الركاب من 700 ألف يوميًا عام 2014 إلى 1.2 مليون يوميًا عام 2024، مع خطة للوصول إلى 2 مليون راكب بحلول 2030، كما تضاعفت حركة البضائع لتقترب من ثمانية ملايين طن سنويًا. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل بدأت مصر تدخل عصر الجر الكهربائي والقطار السريع الذي يمتد لمسافة ألفي كيلومتر، إلى جانب القطار الخفيف والمونوريل الذي يخدم شرق وغرب القاهرة الكبرى.

ولم يكتف كامل الوزير بهذا، بل حين كُلّف بوزارة الصناعة حمل الملف بنفس الروح القتالية، واضعًا أهدافًا واضحة لرفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي من 14% إلى 20% بحلول 2030، ومضاعفة فرص العمل من 3.5 مليون إلى 7 ملايين وظيفة. لم تكن هذه مجرد وعود، بل خطة متكاملة تستند إلى إحياء 28 صناعة وطنية واعدة، وإلى شراكات مع شركات عالمية مثل هيونداي روتم لتوطين التكنولوجيا وضمان أن يكون الإنتاج محليًا والتصدير هدفًا رئيسيًا. الرجل لا يعمل بمعزل عن الآخرين، بل يحضر المؤتمرات مع المستثمرين المصريين بالخارج، ويوقع اتفاقيات تعاون مع دول مثل بلغاريا لنقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات، مؤكدًا دائمًا أن التنمية عمل جماعي لا ينسب إلى فرد مهما كان موقعه.

قد يسأل البعض، لماذا إذن كل هذا الهجوم عليه؟ والإجابة ببساطة أن النجاح له ثمن، وأن من يقتحم الملفات الصعبة عليه أن يتحمل الضغوط. حادث المنوفية الأخير كان فاجعة إنسانية بكل المقاييس، لكنه لا يمحو حقيقة أن الوزير يقود أكبر عملية تحديث للبنية التحتية في تاريخ مصر. وهو نفسه لم يهرب من المسؤولية، بل قال بوضوح: “أنا سعيد بالهجوم”، لأن الانتقاد كما أكد يمنحه فرصة لشرح الحقائق، بل مضى أبعد من ذلك حين صرح: “سأبقى في موقعي حتى آخر يوم في حياتي”، وهو ما يعكس يقين رجل يعرف أن ما يفعله ليس وظيفة بل رسالة يؤديها.

ولعل أجمل ما يمكن أن يقال في حقه هو ما يردده البسطاء من الناس الذين لمسوا التغيير في حياتهم اليومية. فالعامل في أسوان الذي صار يقطع المسافة إلى القاهرة في وقت أقل وبوسائل نقل أكثر أمانًا، والفلاح في الدلتا الذي ينقل محصوله عبر طرق جديدة دون أن يتلف في الطريق، والطالب الذي يركب قطارًا حديثًا بعد أن اعتاد الزحام والتأخير، كل هؤلاء يشهدون بأن ما تحقق لم يكن مجرد مشروعات على الورق، بل واقع يغير حياة الناس. وهذه القصص الصغيرة قد لا تُذكر في التقارير الرسمية، لكنها الدليل الأصدق على أن جهد الوزير لم يذهب سدى.

الحق يقال، كامل الوزير ليس فوق النقد، لكن من الظلم أن يُختزل تاريخه في حادثة واحدة أو أن يُختزل عمله في العاصمة وحدها. الرجل أعاد رسم شبكة النقل والصناعة في كل ربوع الدولة، من العلمين إلى أسوان، ومن دمياط إلى سفاجا، لتصبح التنمية شاملة بحق. وإنصافًا للتاريخ لا بد أن نردد أن الهجوم قد يملأ العناوين، لكنه لا يغير من الحقيقة شيئًا، والحقيقة أن كامل الوزير رجل يبني ويعمل بإخلاص، وأن مصر مدينة له بطفرة لا يمكن إنكارها.

ولمن يهاجمونه اليوم أقول، إن النقد حق، لكن التجني ظلم، وإنصاف الرجال يكون بالنظر إلى الصورة كاملة لا إلى مشهد عابر. كامل الوزير سيبقى، بحجم ما أنجز، شاهدًا على أن الإرادة الصلبة يمكن أن تعيد رسم وجه وطن بأكمله.

د. محمد الجمال

د. محمد الجمال، كبير الهيئة الاستشارية بمركز رع للدراسات، هو خبير في شئون الصناعات والاستثمار. حاصل على بكالوريوس في الهندسة الكهربائية – جامعة القاهرة، وحاصل على دكتوراه في الهندسة الكهربائية – أكاديمية فينكس، الولايات المتحدة الأمريكية. هو عضو في مجلس الأعمال المصري الفنلندي منذ عام 2013، ورئيس شعبة الألومنيوم باتحاد الصناعات المصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى