دستور الإسلام هو القرآن

 آمن المسلمون بالإسلام وصدّقوا بكتاب اللهِ (القرآنِ الكريم) الذي تضمّن رسالة الله للناس للدخول في دين الله الإسلام، ودستور الإسلام هو القرآن ولا شيء يُضاف إليه أو يُنقِصُ منه. وإن حدث ذلك فقد اعتدى الإنسان على رسالة الله التي أنزلها على رسوله الكريم، وقد أكّد لنا اللهُ في كتابه الذي يؤمن به المسلم وهو شرط لكل إنسان ليّصِحَ إسلامه في قول الله سبحانه: (اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) (الزمر: 23). (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّـهِ حَدِيثًا) (النساء: 87). ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) (النساء: 122).

مقولات تسببت في نشر الكراهية:

وقال سبحانَه مُبطِلاً كلَّ الأحاديث والمقولات التي تسبّبت في التحريض على القتل بين المسلمين، وسفك دماء الأبرياء وتفريق المسلمين إلى طوائف وشِيعِ وأحزابٍ، ونشر خطاب الكراهية، وتشجيع العدوانَ، لذلك قال اللهُ سبحانه مخاطباً رسوله عليه السلام بصيغة استنكارية، حيث يقول له: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6).

فإذا كان أحسن الحديث حديث الله وأصدق الحديث حديث الله، وأصدق القول قول الله، وذلك قول الله الذي بلغه الرسول بلسانه عن ربه للناس، فهل من المنطق أن يؤلف الرسول أحاديث من تأليفه في الوقت الذي قال للناس أن كلام الله وآياته أحسن الحديث وأصدق الأقوال؟

آيات الله تدعو للسلام والرحمة والحرية:

ثم يخاطب الله رسوله بصيغة استنكارية كيف يتّبع المسلمون أحاديثَ غير أحاديث الله في آياته في قوله سبحانه: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) الجاثية (6). آياته التي تدعوهم للسلام والرحمة والحرية والعدل، وتحريم العدوان وتحريم قتل الانسان والابتعاد عن عبادة الأوثان سواءٌ من الحَجَرِ أو عبادة البشر عن طريق الأولياء وغيرهم من الأدعياء وعلى ما يبدو سيظلُّ فكر المسلمِ عاجزاً عن التحرّر من أثر السابقين وأساطير الأقدمين طالما هجر القرآن وصدق الرواة والروايات التي أصبحت بديلًا عن الآيات، فرقت المسلمين ونشرت الفتن وتخاصم الأخوة وتصارع الأشقاء وتقاتلت الفرق المختلفة وسفكت دماء المسلمين.

مرجعيات بشرية متناقضة:

وتم تخريب الديار وتشرد الصغار بفعل الروايات والمرجعيات البشرية المتناقضة والحاقدة على بعضها، وكل منهم يبحث عن الجاه والسلطان وأصبحوا أحزابًا استبدت بهم الكبرياء والتعالي على غيرهم، وكل منهم يعتقدون أنهم المختارون من الله ليكونوا عباده المخلصين -الفرقة الناجية- وغيرهم، مآلهم جهنم بما كفروا بالروايات وإحجامًا عن اتباع مرجعياتهم المخادعة التي عبثت برسالة الإسلام وخدعت المسلمين واستدرجتهم إلى طريق الشيطان وما أسموها كذباً وتحريفاً بالسنة النبوية، وجعلوا من أنفسهم حراس العقيدة كما فعل (فرسان المعبد من المسيحين المتعصبين للكاثوليكية وكانت بدايتهم الحروب الصليبية) من اتباع وسيظل أكثر المسلمين المخدوعين بالروايات يرددون في كل عصر كما وصفهم الله سبحانه: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (البقرة: 170).

آمن المسلمون بالإسلام وقدسوا السابقين:

ألم يقل الله سبحانه مبينًا للناس أن كل عصر يتحمل مسؤوليته دون غيره من العصور ولا شأن للناس أن يتحملوا مسؤولية من سبقهم، أو أن يتبعوا أفكارهم وعقائدهم أو يلتزموا بتفسيراتهم ويقدسوا فقائهم، لذا فعلى المسلمين في كل عصر التدبر في كتاب الله لمعرفة مراد الله لعباده من خير وحياة طيبة للناس، ومعرفة الحقيقة في مقاصد الآيات والحكمة الإلهية منها لمنفعة البشرية التي تحميهم من الضلال وتبين لهم طريق الحق من الباطل، كما قال الله سبحانه: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) البقرة (134).

مما تعني الآية أن أفكار العصور السابقة وعقائد الأقدمين غير ملزمة لكل عصر؛ بل على أهل كل عصر أن يتدبروا آيات القرآن ويستنبطوا ما ترمي إليه من مراد الله ومقاصدها لمصلحة الإنسان ومنفعته في الدنيا والآخرة ليصحح المسلم مساره وينفض عنه غبار الماضي وآثاره وما خلفه من تراث أصاب المسلمين بالنكبات والكوارث وحتى لا يكون حسابهم يوم القيامة مثل الذين سبقوهم من عشرات القرون، حيث سيواجهون موقفاً عسيراً يوم الحساب إذا استمرّ المسلمون في هجر القرآن الكريم إلى ما شاء الله.

كيف نفهم مقاصد آيات الله؟

وللأسف بالرغم من أن المسلمين يقرؤون القرآن لم يصلوا إلى مقاصد آياتِه التي يُستَشَفّ من بعضها أنّ الله سبحانه وعلى لسان رسوله الذي قال في يوم حجّة الوداع قول الله سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3)، وقول الله سبحانه: (وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ ) (الأنعام: 115)

المفكر على محمد الشرفاء

مفكر وكاتب عربي مشغول بهموم أمته.. لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.. وينفذ مشروع عربي لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام.. الكاتب قدم للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى