على الشرفاء يكتب: مواقف مشرفة.. مصر القلب العربي النابض

هكذا علمنا التاريخ عن مواقف مصر المشرفة التي تتعامل مع العرب معاملة الشقيق الحقيقي، وتقف معهم في كل قضاياهم دون ثمن ولا منة ولا مصلحة سياسية أو مادية؛ إنما تستمد قيمها العربية من تاريخ عريق أثبتته بالدم والمال والعرق والنضال، وتضحيات أبنائها بدمائهم في سبيل القضايا العربية، ذلك هو قدرها سياسيًا وجغرافيًا وقوميًا؛ فهي بمثابة القلب في الجسد العربي المتهالك والمتصارع على أتفه الأمور.
وتبقى مصر فوق كل الصغائر والمؤامرات ضدها من بعض أشقائها، تؤدي واجبها بكل التفاني والإخلاص، مترفعة عن السفاسف من المواقف السلبية، ولا تخلط الأوراق بين الواجب القومي، وبين رد الفعل على من يقوم بطعنها بخناجر مسمومة من الخلف، وستظل وفية لعروبتها وقائدة لمسيرة أمتها العربية ومدافعة عن أشقائها، ولو أخطأ البعض في حقها، فالعظيم لا يؤثّر فيه الصغار.
مواقف مشرفة:
وما تقوم به مصر من موقف الشهامة والوفاء لأشقائها الفلسطينيين، وصدها لمحاولات تهجير سكان غزة، وما قدمته في الماضي للفلسطينيين من تضحيات بأبنائها ودعمها السياسي والمادي والمعنوي، هي مواقف مشرفة لن تنسى أبدًا. فمصر لن تبخل على أشقائها وهم يواجهون وحشًا مفترسًا لا يراعي حقوق الإنسان، ولا يسلم بحق الشعب الفلسطيني، برغم قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ضاربًا بعرض الحائط موقف المجتمع الدولي ومواقفه لصالح القضية الفلسطينية. لذلك بادرت مصر بالطرق الدبلوماسية لوقف الجرائم ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ومحاولات إسرائيل لتركيعه للاستسلام والتسليم بحق إسرائيل في أرضه. كذلك جمعت مصر العرب حول موقف يتبنى رفض تهجير أهل غزة من القطاع، ورفض رؤية ترامب عن خروج الفلسطينيين من بلدهم وتوزيعهم على دول أخرى.
ففي الـ11 من فبراير الجاري، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء حديثه مع رئيسة الوزراء الدنماركية، ميته فريدريكسن، على ضرورة إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه الفلسطينيين، مؤكدًا على ضرورة ضمان الحفاظ على حقوقهم ومقدراتهم في العيش على أرضهم. فقد أجرى الرئيس السيسي العديد من المحادثات مع القادة العرب والأجانب لدعم الموقف المصري والعربي الرافض للتهجير. فمنذ أن أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعوته بتهجير سكان غزة من القطاع، أكد الرئيس المصري مرارًا رفضه لتهجير سكان غزة، ووصف الإجراء بأنه سيكون غير عادل بالنسبة للفلسطينيين، وشديد الضرر على الأمن القومي المصري.
ولم تتوقف الدولة المصرية في دعمها للفلسطينيين، ومنع تهجير سكان غزة عند هذا الحد، بل أعلنت مصر، لدعم موقفها عن استضافتها قمة عربية طارئة في 27 فبراير الجاري، لتناول التطورات المستجدة والخطيرة للقضية الفلسطينية”. ولمزيد من تثبيت الموقف المصري والعربي الرافض لرؤية “ترامب” عن تهجير سكان غزة، أعلنت مصر، إنها تكثف اتصالاتها مع الدول العربية ومنها الأردن والسعودية والإمارات لتأكيد الرفض في المنطقة لتهجير الفلسطينيين. وتبحث مصر مع دول عربية أخرى كيفية إعادة إعمار غزة وإزالة الركام بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية التي دمرت القطاع.
كما دعت جمهورية مصر العربية، لقمة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي، وذكرت الخارجية المصرية في بيان أن “هناك توافقًا مبدئيًا على عقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بعد الانتهاء من فعاليات القمة العربية الطارئة، وذلك للتأكيد على ثوابت الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي بشأن القضية الفلسطينية”. كما أكد البيان الذي كتبته مصر، أن القمة ستشدد على “التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير والعيش في وطنه وعلى أرضه”.
مصر القوية:
وما يعبر عن قوة الدولة المصرية، هو تمسكها بموقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، فما نشرته الصحف المصرية والعربية عن عدم حضور الرئيس السيسي أي محادثات في البيت الأبيض إذا كان جدول الأعمال يشمل تهجير سكان غزة،- يؤكد على أن مصر تظل هي القلب العربي النابض، وأنها ستظل واقفة بكل قوة وشرف وإخلاص مدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني في كل المحافل الدولية، موظفة علاقاتها الدولية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ٢٤٢ القاضي بانسحاب إسرائيل إلى ما قبل حدود سنة ١٩٦٧م، والتسليم بقرارات الأمم المتحدة وبحقوق اللاجئين، وتعويض الشعب الفلسطيني ماديًا عمّا دمرته إسرائيل بحربها المجنونة الحاقدة والمتطرفة باستخدامها القوة الغاشمة ضد شعب أعزل فتكت فيها بالأبرياء، وقتلت الأطفال ودمرت المساكن. ولذلك وصفهم الله سبحانه بقوله: «كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ» (المائدة: 79).