عاطف زايد يكتب: علي الشرفاء .. صوت السلام الذي سبق نوبل

مؤسسة رسالة السلام أصدق من نوبل لأنها تنشر الوعي وتنبذ التطرف والغلو
في عالمٍ تتداخل فيه الشعارات مع المصالح، وتُوزع الجوائز على من لا يستحقونها، يظل اسم المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي علامة مضيئة في طريق الوعي الإنساني، وصوتًا نقيًا يعلو فوق ضجيج السياسة والتزييف.
فبينما تُمنح جائزة نوبل للسلام أحيانًا لمن أشعلوا الحروب، يتقدم الشرفاء بفكره الإنساني ليرسم ملامح سلامٍ حقيقي ينبع من داخل الإنسان، ويستمد نوره من رسالة الإسلام التي قامت على الرحمة والعدل والمساواة.
إن مؤسسة رسالة السلام التي أسسها الشرفاء تُعد اليوم أصدق من نوبل، لأنها لا تمنح جوائز شكلية، بل تنشر الوعي وتحارب الجهل، وتواجه الغلو والتطرف بالكلمة الطيبة والفكر المستنير، وتعمل على تصحيح المفاهيم التي شوهت صورة الدين وأفسدت عقول الشباب.
نوبل التي كافأت المتناقضين:
لم تعد نوبل مرادفًا للسلام بقدر ما أصبحت عنوانًا للتناقض. منحت الجائزة لمن مارس الاحتلال مثل إسحق رابين وشيمون بيريز، ولمن قادوا الحروب مثل هنري كيسنجر وباراك أوباما، رغم أن التاريخ يسجل عليهم قرارات تسببت في معاناة الشعوب.
وفي كل مرة يتكرر السؤال: كيف تتحول الجائزة التي أنشئت لنشر السلام إلى وسام يُعلّق على صدور من خاضوا الصراعات باسم السلام؟
الشرفاء ورسالة السلام.. مشروع وعي عالمي
من خلال مؤلفاته الفكرية مثل بين الروايات والآيات، وومضات على الطريق، والرسالة المحمدية، أسس علي الشرفاء لمشروع فكري متكامل هدفه تحرير العقل العربي من أسر الروايات المغلوطة، وإعادة الأمة إلى القرآن الكريم باعتباره مصدر الهداية والرحمة.
يرى الشرفاء أن السلام لا يُفرض بالقوة، ولا يُشترى بالجوائز، بل يُبنى على وعي الإنسان بحقوق غيره، وعلى فهم الدين كمنظومة للعدل لا للعنف.
إنها ثورة فكرية سلمية تعيد الإسلام إلى معناه الإنساني، وتجعل من الكلمة الصادقة أقوى من كل سلاح
حين تكرم نوبل قاطع المياه وتنسى صانعي السلام:
بلغت المفارقة ذروتها عندما منحت نوبل للسلام إلى آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، الذي لم يلبث بعد تكريمه أن حول سد النهضة إلى سلاحٍ سياسيٍ لقطع شريان الحياة عن مصر والسودان.
فأي سلامٍ يُمنح لمن يحرم الشعوب من الماء؟ وأي منطقٍ يُكرم من يهدد الملايين بالعطش؟ لقد أصبحت نوبل في تلك اللحظة عنوانًا للزيف، بينما بقي صوت الشرفاء ينادي بالعدل والرحمة كطريقٍ وحيد للسلام.
في الخاتمة، يمكن القول إن نوبل فقدت روحها.. والشرفاء يمنحون العالم معنى السلام. لقد فقدت جائزة نوبل روحها حين كرّمت من قطع الماء وأشعل الحروب، بينما بقيت رسالة الشرفاء تمنح الحياة بالكلمة والعقل.
فالشرفاء لا يسعى إلى المجد الشخصي، بل إلى وعيٍ جماعيٍ يعيد للإنسان إنسانيته، وللأمة نورها الفكري.
نوبل تكرم السياسيين، أما الشرفاء فيكرم الإنسان.
نوبل تمنح جوائز مؤقتة، أما الشرفاء فيمنح رسالة خالدة من القرآن للناس جميعًا. لقد سبق الشرفاء نوبل لأنه لم يطلبها، بل تجاوزها بمعناه الإنساني؛ فحين تُمنح الجائزة لقاطع المياه، ويُغفل من يروي القلوب بفكر النور والرحمة، يدرك العالم أن السلام الحقيقي يسكن في فكر علي الشرفاء الحمادي، لا في لجان تمنح وتنسى.