مجدي طنطاوي يكتب.. حين كانت مصر وطنًا من نور

في زمنٍ ليس ببعيد، كانت مصر وطنًا لا تُقاس مساحته بالجغرافيا، بل بعقول أبنائه ونُبل أرواحهم؛ زمنٌ كانت فيه الكلمة سيفًا، والفكر تاجًا، والهوية وضوحًا لا يحتاج إلى تبرير.
كانت القاهرة تمشي على إيقاع صوت أم كلثوم، وتفكر بعقل العقاد، وتحلم بشِعر شوقي، وتغني بكلمات رامي، وتتعلم على يد مشرفة، وتثور بكلمات سعد زغلول. لم تكن تلك مجرد أسماء، بل أعمدة قامت عليها روح الأمة.
لم يكن الماضي مثاليًا، لكنه كان صادقًا. كان الناس مختلفين، نعم، لكن انتماءهم لوطنٍ واحد لم يكن موضع شك. أمّا اليوم، فنعيش في زمنٍ ضبابي تاه فيه المعنى، وساد فيه الصخب، حتى صارت الكتابة بلا روح، والغناء بلا إحساس، والفكر بلا مرجعية.
لسنا نطلب عودة الماضي، بل عودة الروح التي كانت فيه، فالوطن لا يُبنى بالأبراج فقط، بل بالكلمة الصادقة، والكرامة المرفوعة، والانتماء العميق.
فهل تعود مصر كما كانت؟
ربما لا نملك الجواب، لكننا نملك السؤال… وحين نبدأ بالسؤال نكون قد بدأنا الطريق.