قراءة في انتخابات رئيس الجابون

د. محمود صلاح
توجه الناخبون في الجابون يوم السبت الموافق 12 أبريل من عام 2025، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية تنافسية تشهدها البلاد، لأول مرة بعد اعتماد الدستور الجديد، ومرور 19 شهرًا من الإطاحة بالرئيس المخلوع علي بونجو، أخر رئيس من عائلة بونغو، الذين حكموا البلاد لمدة 56عاماً، وذلك من خلال الانقلاب العسكري في ٣٠ أغسطس ٢٠٢٣، والذي قادة العميد برايس أوليغي نغيما، والمرشح للانتخابات كمستقل.
تنافس على مقعد الرئاسة ثمانية مرشحين، أبرزهم الرئيس المؤقت، بريس أوليغي نجيما، ورئيس الوزراء السابق، آلان كلود بيليه باي نزي، الذي يعتبر اقرب المنافسين للرئيس المؤقت. وتمثل الانتخابات الرئاسية، مرحلة مهمة بالنسبة للشعب الجابوني، الذي يبلغ عدده حوالي 2.3 مليون نسمة، يعيش اغلبهم في ظروف اقتصادية صعبة، رغم ما تمتلكه البلاد من موارد نفطية هائلة.
عقدت الانتخابات الرئاسية بعد اتخاذ العديد من الإجراءات التي قامت بها الحكومة العسكرية، وذلك للانتقال من الحكم العسكري إلي الحكم المدني، وأسفرت هذه الإجراءات عن تعديل الدستور، مما أعطي الشرعية لأعضاء المؤسسة العسكرية حق الترشح وفقاً للدستور للمناصب السياسية، كذلك تم إلغاء منصب رئيس الوزراء، كما تم وضع قيودًا على مدة الرئاسة، التي أصبحت محددةً بولايتين كل منهما سبع سنوات، وإلغاء نظام الانتخابات المكون من جولتين،وفي نوفمبر 2024، ومن خلال الاستفتاء الدستوري تمت المصادقة علي هذه الإجراءات.
خريطة المتنافسين:
وافق المجلس الدستوري على ترشيح ثمانية من أصل ثلاث وعشرين مرشحاً، قد تقدموا للانتخابات الرئاسية،وبسبب عدم استيفاء المعايير القانونية، تم رفض خمسة عشر مرشحاً، المرشحون الثمانية الذين تم اختيارهم من قبل المحكمة الدستورية في الجابون، من أجل المشاركة في الانتخابات الرئاسية، هم بريس أوليغي نغويما، البالغ من العمر 50 عامًا، وهو رئيس المرحلة الانتقالية، بعد الانقلاب الذي قادة ضد رئيس الدولة علي بونغو، حيث كان يتولي بريس كلوتير أوليغي نغيما منصب رئيس الحرس الجمهوري، ويحظى بدعم أكبر أحزاب المعارضة، وهو حزب الاتحاد الوطني، وكذلك بدعم تجمع البنائين، والتي تضم نقابات ومنظمات غير حكومية، وشخصيات، وجمعيات، والكثير من السكان المحليين يعتبرون أن تجمع البنائين، هي آلة حرب، ويقدم برايس أوليغي نغيما نفسه علي أنه منقذًا للبلاد من هيمنة عائلة بونغو التي احتكرت السلطة وحكموا البلاد لمدة 56عاماً، ويتبني شعارات، التحرير، وإنعاش الاقتصاد، أما المرشح الثاني، فهو آلان كلود بيليه باي نزي، البالغ من العمر 57 عامًا، وكان يشغل منصب رئيس وزراء للرئيس المخلوع علي بونغو، وهو العضو التنفيذي السابق للحزب الديمقراطي الغابوني، الذي كان يترأسه، علي بونجو، ويقدم نفسه علي أنه مرشح المعارضة، وهو زعيم منصة المعارضة “معًا من أجل الغابون”، ويركز على أهمية الإصلاح الاقتصادي، ويرى أن منافسه الرئيسي، الجنرال بريس أولغي أنغيما، ما هو إلا امتدادًا لعهد علي بونغو، الذي أدي إلي افتقار الشعب، كما ترشح الطبيب، ستيفان جيرمان إيلوكو، باسم حركة تسمى “تجمع قوس قزح واسع”، التي يتزعمها، وعضو مؤسس لمنصة معًا من أجل الجابون، التي انفصل عنها لاختلاف وجهات النظر بينة وبين رئيس وزراء الجابون السابق آلان كلود بيلي بي انزيه، كما ترشح المحامي، جوزيف لابينسيه إيسيجون، البالغ من العمر 53 عامًا، ويقدم نفسه علي أنه مرشح المعارضة والتجمع.
هذا بالإضافة إلى ترشح رجل الأعمال، أكسل ستوفين إيبينغا، البالغ من العمر 44 عامًا، وهو زعيم حركة “البديل”، وقد كان، مرشحاً في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 26 أغسطس 2023، وخسرها، كما ترشح المهندس، آلان سيمبليس بونغوريسن، البالغ من العمر 57 عامًا، كما ترشحت سيدة وحيدة، هي زينابا غنينغا تشانينغ، البالغة من العمر 36 عامًا، وهي تعمل في مجال المقاولات.
قراءة في النتائج:
أسفرت النتائج النهائية علي فوز العميد برايس أوليغي نغيما، وقائد الانقلاب والرئيس الانتقالي بالانتخابات الرئاسية ، حيث حصل على 588 ألف و74 صوتا، أي بنسبة94.85% من أصوات الناخبين، وحصل اقرب منافسيه في الانتخابات الرئاسية، آلان كلود بيلي بي نزي، وقد حصل على 19 ألفا و265 صوتا، أي بنسبة3.11%من الأصوات، وحصل جوزيف لابينسيه إيسيجون، على ثلاثة ألاف وسبعمائة صوتاً، أي بنسبة 0.60%، كما حصلت زينابا غنينغا تشانينغ، علي ألفان وأربعمائة وتسعة عشر صوتاً، أي بنسبة 0.39%، آلان سيمبليس بونغوريسن، وحصل علي ألفان ومائتان وتسعة وتسعون صوتاً، أي بنسبة 0.37%، كما حصل ستيفان جيرمان إيلوكو، علي ألفان ومائتان وأربعة عشر صوتاً، أي بنسبة 0.36% أكسل ستوفين إيبينغا، وحصل علي ألف وثلاثة مائة صوتاً، أي بنسبة0.22%، تييري إيفون ميشيل نغوما، حصل على ستمائة وواحد صوتاً، أي بنسبة 0.10%، وذلك وفقاً لما أعلنته المحكمة الدستورية في الجابون يوم الجمعة 25 ابريل 2025، للنتائج النهائية للانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 أبريل 2025، وبذلك يصبح أول رئيس للجابون بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في 2023، لولاية أولى تستمر لمدة 7 سنوات، ووفقاً للدستور يحق له الترشح لولاية ثانية بعد انتهاء الولاية الأولي. وقد أعلن رئيس المحكمة الدستورية أن 642 ألفا و632 ناخبا قد أدلوا بأصواتهم، وقد ذكر أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية قد بلغت 70.11%.، وهي أعلى نسبة منذ عام 1993.
انعكاسات النتائج:
علي الرغم من اعتراف آلان كلود بيلي باي نزيه، بفوزبريسي أوليغي نغيما، بالانتخابات الرئاسية، إلا أنه شكك في الانتخابات، ووصفها بأنها غير حرة، وأعرب عن أسفه للنصر الذي انتُزِعَ في ظروفٍ غامضة ومشكوك فيها، وأكد استمراره في الحياة السياسية، وتمنى التوفيق للرئيس الجديد للبلاد. وعن موقف الأحزاب السياسية من نتائج الانتخابات، فهي انقسمت، بين مؤيد ومعارض، الفصيل الأول، من الحزب الديمقراطي الجابوني، بقيادة علي أكبر أونانغا الوزير السابق، وذلك في بيان صحفي عن رفضه لنتائج الانتخابات الرئاسية التي أعلنتها وزارة الداخلية، ووصفها ، بإنها مهزلة انتخابية فاضحة، وأن هناك غياب للشفافية والحياد، وبأنها كانت عملية مغلقة وغير شاملة،كما تعكس هذة الانتخابات استمرار السلطة في يد من قاموا بالانقلاب العسكري في أغسطس 2023، كما انتقد وبشدة فرانسيس نكيا نزغيه، وهو عضو بارز في الحزب الديمقراطي الغابوني، الانتخابات الرئاسية ، وأشار إلي استخدام مرشح المجلس العسكري، لموارد الدولة ووسائل الإعلام العامة، لدعمه من اجل الفوز بالانتخابات، ودعا الي مواجهة ما اعتبره محاولة للاستيلاء على السلطة، ولابد من وجود بديل قائم على الوحدة والعدالة والديمقراطية. أما الفصيل الثاني، من الحزب الديمقراطي الجابوني، فقد أعلنوا تأييدهم لنتائج الانتخابات الرئاسية، كما أشادوا بالجنرال واعتبروه أضاف واقع سياسي جديد للبلاد، وكذلك أشاد بعض الأحزاب السياسية الموالية للجنرال، بنتائج الانتخابات.