اتجاهات البنك الزراعي المصري في نهاية 2024

في نهاية عام 2024 يستمر البنك الزراعي المصري في تنويع محفظة الخدمات التي يُقدمها للمواطنين، فلم يقتصر البنك على تقديم التمويل الزراعي والخدمات المصرفية فقط، بل يتجاوز دوره هذه الخدمات بشكل كبير، إذ شارك البنك الزراعي المصري كراعي رسمي لمؤتمر ” طريقك أخضر”؛ لدعم الشباب في إطلاق المشروعات الصغير ة والمتناهية الصغر، وهوالأمر الذي يستكمل مسار المسؤلية المُجتمعية التي يسلُكها البنك الزراعي منذ فترة.

وتأسيساً على ما سبق يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على سياسات البنك الزراعي في نهاية عام 2024، وانعكاسات هذه السياسات على الوضع الاقتصادي للدولة.

اتجاه واضح:

يُمكن الاستدلال على اتجاه البنك الزراعي المصري من خلال النقاط التالية:

(-) مشاركة مجتمعية فعالة: يُشارك البنك الزراعي المصري بفعالة كبيرة في الأنشطة التي تعمل على دعم الشباب، إذ نظمت مجلة الشباب تحت رعاية وحضور معالي السيد علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والأستاذ سامي عبد الصادق، القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي المصري، مؤتمر ” طريقك أخضر”، الذي يستهدف بحث سبل دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ،وتشجيع الشباب على إطلاق مشروعاتهم؛ للمساهمة في تحقيق التنمية الزراعية وتوفير فرص العمل، ويتضح من مستوى الحضور الاهتمام الكبير من قبل البنك الزراعي المصري بالشباب المصري ومحاولته استغلالهم بالشكل الأمثل الذي يُفيد الاقتصاد المصري.

وفي هذا الإطار شهد المؤتمر جلسة حوارية بعنوان ” اسأل الوزير” تضمنت لقاء مفتوحاً بين معالي السيد وزير الزراعة، والحضور من الشباب طلاب وخريجي كليات الزراعة بالجامعات؛ للإجابة على أسئلتهم والاستماع لمقترحاتهم؛ لإزالة أي معوقات قد تصادفهم عند بدء مشروعاتهم، وهو الأمر الذي يدل على أن البنك لا يُساعد الشباب على تمويل مشروعاتهم فقط، ولكن يُقدم لهم الدعم اللوجستي والفني؛لإنجاح مشروعاتهم.

(-) توظيف الشباب: تتأصل قناعات لدى البنك الزراعي المصري حول أهمية قوة الشباب، والتي يترجمها إلى سياسات ومبادرات على أرض الواقع، إذ أكد الأستاذ سامي عبد الصادق أن الشباب يشكلون قوة إيجابية كبيرة لدفع عجلة التنمية عند تزويدهم بالمعرفة والفرص والمهارات التي يحتاجون إليها، فالبنك الزراعي يُنفذ توجيهات البنك المركزي المصري حول تمكين الشباب من خلال مبادرات فعلية، مثل مبادرة رواد النيل التي تعمل على توفير الخدمات المالية وغير المالية لرواد الأعمال والشركات الناشئة، فهي تقدم خدمات الدعم المختلفة مثل خدمات تعزيز الابتكار ونشر التوعية عن طريق التدريبات والمنصات الرقمية وخدمات تطوير الأعمال و دعم ريادة الأعمال، حيث يضع البنك ضمن أولوياته تمكين الشباب الراغب في تأسيس مشروعاتهم؛ بهدف دعم النشاط الابتكاري وترسيخ مفهوم ريادة الأعمال واحتضان الشركات الناشئة وتوفير كافة الإمكانيات والتيسيرات بما في ذلك تزويدهم بالخدمات غير المالية؛ لتحسين بيئة عملهم، بما يسهم في توفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة في محيط مجتمعاتهم.

وبالإضافة إلى ذلك يأتي دعم البنك الزراعي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تجسيد فعال لمساهمة البنك في توظيف الشباب، إذ أن أكثر من 64% من محفظة البنك الإئتمانية موجهة لتمويل الأنشطة الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

وفي هذا الإطار قام البنك الزراعي بتوظيف نحو 5 ألآف شاب من أوائل خريجي الجامعات خلال السنوات الخمس الماضية؛ لضخ دماء جديدة في شرايين القوة البشرية للبنك، وفي عام 2023 وقع البنك الزراعي بروتوكول تعاون مع وزارة الشباب والرياضة وبنكي الأهلى ومصر؛ لتمويل الفرص الاستثمارية بمراكز الشباب، وهو الأمر الذي يدل على إيمان البنك بأهمية الشباب في عمليات التنمية المختلفة.

(-) دعم القطاع الزراعي: تتضمن استراتيجية البنك الزراعي في دعم القطاع الزراعي مساندة حقيقية للشباب من صغار المزارعين، فالبنك الزراعي المصري يوجه كافة جهوده لتنمية القطاع الزراعي، وتحقيق التنمية الريفية؛ لتوفير فرص عمل حقيقية للشباب للعمل على رفع مستوى دخولهم، وفي سبيل ذلك وجه البنك الزراعي قروض؛ لتمويل القطاع الزراعي والصناعات والانشطة الانتاجية المرتبطة به نحو 80 % من حجم محفظة ائتمان البنك، إذ ضاعف البنك خلال عام 2024 حجم التمويل الموجه لإنتاج المحاصيل الزراعية والتي يحصل عليها صغار المزارعين بفائدة 5%، ليبلغ حجم محفظة تمويل قروض المحاصيل الزراعية نحو 25.6 مليار جنيه استفاد منها نحو 252 ألف مزارع في كافة محافظات الجمهورية، بزيادة قدرها 8.2 مليار جنيه بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي والتي بلغ حجم التمويل فيها نحو 17.4مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2023 كما يوضح الشكل (1)، ما يؤكد حرص البنك على تعزيز مكانته كأحد أكبر البنوك المتخصصة في دعم وتمويل القطاع الزراعي.

الشكل (1) يوضح حجم محفظة تمويل قروض المحاصيل الزراعي

عوائد إيجابية:

إن استراتيجية البنك الزراعي في تنمية الشباب ودعم القطاع الزراعي، تُحقق مجموعة من العوائد الإيجابية، التي تتمثل في الآتي:

(-) ارتفاع مستويات التشغيل: يترتب على الدور الاجتماعي الذي يقوم به البنك الزراعي المصري في تنمية ريادة أعمال الشباب على تحسين بيئة العمل داخل الدولة المصرية، فمساندة الشباب لكي يقوم بمشرعاتهم الخاصة وتقديم الدعم الفني واللوجيستي لهم بعد البدأ في المشروع، يُحقق نسب توظيف مرتفعة بين الشباب، فتكامل هذا الدور مع الدور القومي للدولة المصرية في تحفيز المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر ، حقق انخفاض في معدلات البطالة كما يوضح الشكل (2) من 7.4% في الربع الرابع من عام 2021 إلى 6.5% في الربع الثاني من عام 2024.

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء

(-) خفض الهجرة إلي الخارج: تُعتبر هجرة الشباب والعقول من أكبر الآفات التي تُصيب مجتمعاتنا العربية، فالدول تقوى اقتصاديًا بسواعد أبنائها، وهو الأمر الذي يوضح أن السياسات التي تستهدف دعم الشباب داخل بلادهم، ستُحقق عوائد إيجابية كبيرة، حيث عندما يجد الشباب من يهتم بتمكينهم ومساعدتهم في الانخراط في الحياة العملية، سينخفض تفكيرهم في الهجرة وخاصة الهجرة غير الشرعية التي تحصد أرواح الكثير من الشباب، فتقليل هجرة الشباب يُعطي فرصة للاقتصاد المصري في الاستفادة من طاقة الشباب؛ لأنه بالشباب يتحقق التقدم والنمو.

(-) زيادة إنتاجية القطاع الزراعي: إن الدعم والتمويل الكبير الذي يُقدمه البنك للقطاع الزراعي، سيعمل على رفع إنتاجية القطاع الزراعي المصري، فالاهتمام بصغار المزارعين يُحقق عمالة زراعية ذات كفاءة كبيرة تعمل على تحقيق طفرة في القطاع، فحجر الأساس في التنمية الزراعية هو ” الفلاح”، فعندما يتم مساندته من قبل مؤسسات الدولة المختلفة، سينعكس ذلك على الانتاج الزراعي داخل الدولة، الأمر الذي يُحقق الأمن الغذائي الذي يُعد مطلباً محورياً للدولة المصرية في الوقت الراهن.

(-) رفع معدل النمو الاقتصادي: تتمثل الحصيلة النهائية لرفع معدلات التشغيل في الاقتصاد المصري وزيادة إنتاجية القطاع الزراعي، وبالتالي إنتاجية القطاع الصناعي في رفع معدلات النمو الاقتصادي داخل الدولة، فتحقيق نمو اقتصادي داخل الدولة المصرية لا يتأتي بجهد منفرد من قبل الحكومة، ولكن لا بد أن تساندها جميع مؤسسات الدولة، خاصة المؤسسات المصرفية، وهو ما تُجسده على أرض الواقع سياسات البنك الزراعي.

(-) تخفيض معدلات الفقر في المجتمع: إن تشجيع ريادة الأعمال في المجتمع، وإتاحة الفرص التمويلية المختلفة والميسرة، سيعمل علي إكساب المواطنين مصدر للدخل يحقق لهم حياه كريمة، ومن أهم الأمثلة التي تطرح في هذا النطاق، هو مشروع باب رزق للبنك الزراعي المصري الذي يدعم نمو المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في قري الريف المصري، ونتج عن هذا المشروع دعم المرأة الريفية والشباب بشكل كبير.

وفي النهاية يُمكن القول أن البنك الزراعي المصري في نهاية عام 2024 يستمر في تطبيق المسؤولية المجتمعية على أكمل وجه، فالبنك يسير وفق خطة عمل متكاملة وذات كفاءة عالية ، تُساند الدولة المصرية في تحقيق أهدافها التنموية، فالدولة في الوقت الراهن تحتاج إلى تكاتف جميع المؤسسات والبنوك، بنموذج عمل يتناسب مع النموذج الذي يُقدمه البنك الزراعي المصري، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.

رضوى محمد سعيد

رئيس وحدة الدراسات المصرية، والمشرف الرئيسي على برنامج الدراسات المصرفية بالمركز. الباحثة حاصلة على بكالوريوس اقتصاد، كلية اقتصاد وعلوم سياسية- جامعة القاهرة، الباحثة مهتمة بتحليل القضايا الاقتصادية الكلية، عملت كباحثة متخصصة في تحليل السياسات العامة المصرية بالعديد من الشركات المتخصصة ومراكز الفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى