في “لقاء الأربعاء”: عبير عصام.. ننفذ مشروع وطني لدعم سيدات الصعيد اللاتي يرغبن في الاستثمار
أعد اللقاء وأشرف عليه: د. عبدالناصر مأمون
كتبت اللقاء- نادين مطر وصوره- أحمد خالد
في الـ 27 من ديسمبر الجاري، أنهى مركز رع للدراسات الاستراتيجية، عامه الثالث بفاعلية مختلفة من حيث الضيف والموضوع، ومحاور الحديث، حيث استضاف المركز في “لقاء الأربعاء” الذي يعقده منذ أشهر، الأستاذة عبير عصام رئيس الاتحاد الإقليمى للجمعيات والمؤسسات بالجيزة وعضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري، مناقشًا الدور الاجتماعي لسيدات الأعمال، في تنمية المجتمعات المحلية وفي الصعيد على وجه التحديد، طارحًا سؤالًا تبدوا إجابته جديدة على العديد من الخبراء والمتخصصين في هذا الشأن، وهو: ما هي حدود العلاقة بين مجتمع سيدات الأعمال وجغرافيا “المسئولية المجتمعية” في مصر؟.
حضر “لقاء الأربعاء” الذي أداره الدكتور أبوالفضل الإسناوى المدير الأكاديمي لمركز رع، عدد من المتخصصين في علم الاجتماع السياسي وخبراء الاقتصاد، بالإضافة إلى باحثي المركز ، وهو ما أثرى النقاش مع الأستاذة عبير عصام، وجعل مخرجاته تمثل مشروعات بحثية وضعها المركز في أجندة أعماله خلال عام 2024.
في بداية اللقاء لفت المدير الأكاديمي لأهمية بروز فئة جديدة في مجتمع الأعمال بمصر ودورها في تنمية المجتمعات المحلية، خاصة من أقصى جنوب مصر، والذي تمثله السيدة أ. عبير عصام، كما تناول د. أبوالفضل الدور البارز للمجتمع الأهلي بالشراكة مع الحكومة في جهود التنمية الشاملة بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن هناك فاعلون جدد في المجتمع المصري أصبحوا أكثر تأثيرًا مع الدولة في مكافحة الفقر في المناطق النائية والبعيدة عن مركز العاصمة “القاهرة”، هم غير مرئيون من قبل وسائل الإعلام، ويحتاجون إلى إظهار دورهم، وهو ما قد يُحد من ظاهرة المستفيد الدوار، مؤكدًا على ضرورة التشبيك بين كل القوى المؤثرة في المجتمع المصري سواء رجال الأعمال وسيدات الأعمال ومؤسسات المجتمع الأهلى المنظمة تحت إطار التحالف الوطني للعمل الأهلى التنموي أو الكيانات التي تعمل منفردة أو المجموعات الخدمية السائلة التي لا تعمل تجت مظلة واضحة.
وفي ذات السياق، استعرضت أ. رضوى محمد رئيس برنامج دراسات السياسات العامة بالمركز ورقة عمل حول الدور الاجتماعي لسيدات الأعمال في صعيد مصر وأبرز الكيانات الأهلية في الجنوب، حيث أكدت على التغير والتطور الكبير الذي شهدته محافظات الصعيد مع زيادة دعم الدولة والذي أدى لتمكين المرأة في كافة محافظات الجنوب وذلك من خلال قيام الدولة بوضع استراتيجية وطنية لتمكين المرأة 2023 والذي ساهم بدوره في التمكين الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي للمرأة في الصعيد.
واستعرضت رئيسة برنامج دراسات السياسات العامة بتقسيم محاور النقاش إلى 5 محاور أساسية وهي:حدود الدور الاجتماعي لسيدات الأعمال في مصر ومحددات هذا الدور وحدود فعالية الدور الاجتماعي لهن سواء بصورة فردية أو مؤسسية. والمعوقات التي تواجه سيدات الأعمال في صعيد مصر لاستدامة النشاط الاجتماعي. والدور الملموس للجمعيات والمؤسسات الأهلية لزيادة دور سيدات الأعمال. والآليات الهامة التي تساهم في استمرار نشاط سيدات الأعمال خاصة الآليات التمويلية والتسويقية. والدور المستقبلي التشاركي الذي يعمل على تعزيز دور سيدات الأعمال في المجتمع المصري.
وأشارت أ. رضوى محمد لبروز مصطلح نخبة سيدات الأعمال المعاصرة واللاتي تمكن من مساعدة صانع القرار في تنفيذ سياسات التنمية، حيث قامت وزارة التجارة والصناعة بالاستعانة بسيدات أعمال مصر عام 2022 لتسهيل إجراءات التراخيص الصناعية وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار، بالإضافة إلى استقبال محافظ الأقصر وفد من سيدات الأعمال لمناقشة تجهيزات إقامة المؤتمر الدولي السنوي التاسع لجمعية سيدات أعمال مصر 21، كما أنه ووفق تقرير لمجلة فوربس تم تصنيف 12 سيدة أعمال مصرية ضمن أقوى 104 سيدة في الشرق الأوسط.
وأضافت أ. رضوى أنه بتتبع النشاط الذي تقوم به سيدات الأعمال في صعيد مصر، نجد أن هذه الفئة الواعدة تشارك بشكل فردى أو مؤسسي حيث أن هناك بعض السيدات التي تؤدى دور اقتصادي كبير وبدأت في تصدير منتجاتها إلى الخارج، أما على المستوى المؤسسي، فعلى الرغم من عدم انتشار المنهج المؤسسي التكاملي بشكل كبير إلا أنها تمارس دور هام وملحوظ مثل “مؤسسة النداء” والتي تقوم بمشروعات بالتعاون مع الجهات الوطنية وتتكامل جهودها مع جهود المبادرة الرئاسية “حياة كريمة ” كما أنها تعقد شراكات دولية مع شركاء التنمية.
كما أشارت إلى جمعية سيدات الأعمال في أسيوط كأحد النماذج التي تقوم بدور هام في تقديم مشروعات تنموية حيث نفذت مشروع “فرصة” بالتعاون مع وزارة التضامن وهيئة إنقاذ الطفولة والتي تساهم في مساعدة السيدات لتخطي دائرة الاحتياج وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي لهم.
من جانبها استعرضت السيدة أ. عبير عصام في البداية تجربتها وظروف نشأتها وانتقالها من أقصى جنوب مصر إلى مدينة السادس من أكتوبر والتي ساهمت في بناء شخصيتها ووصولًا إلى تصديها للعمل في مجال العقارات والذي أضاف لها خبرات كبيرة، فضلًا عن اهتمامها المبكر بتعزيز دورها في خدمة المجتمع بالانضمام إلى عضوية جمعية الشابات المسلمات، ونشاطها بصفة خاصة في إقليم الصعيد.
كما تناولت أهم المعوقات التي تواجه المرأة في مجال ريادة الأعمال في الصعيد والتي تتمثل في مشكلة التدريب والتأهيل والتثقيف؛ فعلى صعيد التثقيف ساهم انتشار الجامعات بمحافظات الصعيد، إلا أن التأهيل والتمكين الاقتصادي الحقيقي عبر رعاية المشروعات ودعمها هو العامل الأبرز في المعادلة، ويأتي في المقام الثاني معضلة التمويل والتكامل؛ حيث أن السيدات صاحبات الأعمال يحتجن إلى مساندة بعضهن البعض، كما يتعلق نجاح التمكين الاقتصادي لرائدات الأعمال بالقدرة على تسويق المنتج وهو ما يظهر في تكامل دور المجتمع الأهلي وتوسع معارض الحرف اليدوية (تراثنا وديارنا) إلى جانب الاهتمام بترويج تلك المنتجات بالخارج من خلال مكاتب التمثيل التجاري، والتي اهتمت الدولة بتعزيز انتشارها وزيادة عددها خلال السنوات الماضية إلى ما يزيد عن 52 مكتبًا.
وأشارت السيدة عبير عصام إلى أهمية مجتمع الأعمال وبصفة خاصة المجلس العربي لسيدات الأعمال والذي تشرُف برئاسة مجلس أمنائه في خدمة المجتمع عبر أنشطته في مختلف محافظات الجمهورية، ومنها مبادرة “رزقك في بيتك” التي استهدفت دعم المجتمع المحلي بمدينة السادس من أكتوبر على مواجهة تداعيات جائحة كورونا.
وأشارت السيدة أ. عبير عصام، في حديثها إلى أنها أنشأت مدرستين للتطوير العقاري، من بين إجمالي 62 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية بأنحاء البلاد، بغية تقديم تعليم متخصص عالي القيمة لنحو 300 طالب في إطار اضطلاع مؤسسة عمار العقارية بدورها المجتمعي، وبتكليف من رئاسة مجلس الوزراء بشأن أهمية توفير عمالة ماهرة تواكب احتياجات أسواق العمل بالخارج وفقًا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار اهتمام الدولة بالتوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية.
وأشار المدير الأكاديمى للمركز د. أبو الفضل الإسناوي إلى فكرة “جغرافيا المسئولية”، حيث أن معظم مجتمع الأعمال يتمركز في العاصمة وذلك نتيجة لتوافر الإعلام والخدمات في القاهرة، كما أشار إلى أهمية فتح مجال العقارات ضمن تجربة المدارس التكنولوجية في إطار رؤية السيد الرئيس لتصدير العمالة الماهرة، حيث أضافت السيدة أ. عبير عصام أنه يُشترط في تلك المدارس لقبول الطالب حصوله على 90% بالشهادة الإعدادية، وبالتالى فإن الطالب ينضم لهذه المدرسة بكامل رغبته.
وتناولت مشاركة خبراء وباحثي المركز النقاط التالية:
- أشاد د. محمد أبو سريع عضو الهيئة الاستشارية بالمركز إلى دور اللقاء في نقل النماذج من واقع خبرة عملية للمجتمع البحثي، وذلك للحصول على ترابط الخبرة العملية مع الدراسة الأكاديمية، كما أكد على أهمية ما تحدثت عنه السيدة أ. عبير عصام عن ضرورة تكامل الأدوار بين رائدات الأعمال وضرورة تحقيق تنمية متوازنة ليس فقط فى العاصمة المصرية ولكن فى كافة أقاليم الدولة.
- من جانبه وجه د. حسام البقيعي رئيس وحدة الدراسات الدولية تساؤلًا حول طبيعة العلاقة بين المؤسسات والجمعيات الأهلية والدولة وطبيعة الهدف من تعزيز الدور الاجتماعي للشركات خاصة في مجال مدارس التكنولوجيا التطبيقية.
وقد أجابت السيدة أ. عبير عصام بأن العلاقة بين الدولة والمؤسسات والجمعيات الأهلية، وطيدة وهو ما ظهر في اعتماد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي 2022، عامًا لمنظمات المجتمع المدني والذي يعتبر تكريمًا كبيرًا لدور هذه المؤسسات كشريك في جهود التنمية، ولفتت إلى حرصها على إتاحة الفرصة لتوسيع مشاركة المرأة فى المجتمع، نالت سيادتها السبق والريادة بأن تكون أول سيدة تترأس اتحادٍ إقليمي للجمعيات والمؤسسات الأهلية والذي يضم نحو 8000 جمعية أهلية.
كما أضافت أن مدارس التكنولوجيا التطبيقية يتم اعتبارها استثمار ومسئولية مجتمعية في الوقت ذاته، فالخريج يحصل على عمله إما في مشروعات الدولة بالخارج، أو باستفادة شركة عمار منه في إحدى مشروعاتها.
- وحول استفسار أ. ضياء نوح المنسق الأكاديمي للمركز بشأن دور مجتمع سيدات الأعمال في تنشيط دور رائدات الأعمال بشكل أكبر في تنمية المجتمعات المحلية بالصعيد للنهوض بمشاركتهن في مجتمع الأعمال، وأكدت السيدة أ. عبير عصام، أن لديها مشروع وطني لدعم السيدات وتشجيع أفكارهن لزيادة مشاركتهن الفاعلة في المجتمع، ومعاونة السيدات التي تقبل على الاستثمار، منتقدة غياب التوعية الإعلامية اللازمة لإلقاء الضوء على تلك الجهود.
- وفي إطار تساؤل د. أشرف الدبش في النقاش عن وجود جمعيات أهلية متخصصة لمساعدة المبدعين من الجنوب والطالبات المغتربات في القاهرة، أشارت أ. عبير إلى قيامها بمساعدة المتفوقين من الجنوب في إكمال دراستهم الجامعية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي.
- من جانبها لفتت أ. سارة أمين مسئول برنامج دراسات الخليج العربي إلى احتياج سيدات الأعمال لبعض الآليات ومزيد من الدعم للمساهمة في استمرارية هذه المشروعات، وذكرت جهود الدولة فى قرية تونس وإقامة ورش وأفران بدعم من الدولة وإقامة مبادرة مستورة.
- واقترح أ. وليد عيسى ضيف المركز تدريس بعض الحرف المصرية التي تواجه خطر الاندثار في المدارس التكنولوجية التطبيقية.
وفي ختام اللقاء قدم المدير الأكاديمي د. أبو الفضل الإسناوي أحدث إصدارات المركز هدية تذكارية للسيدة أ. عبير عصام، موجهًا الشكر والتقدير باسم إدارة المركز وهيئته العلمية لسيادتها.
شارك باللقاء رئيس برنامج الدراسات الأوروبية أ. وردة عبد الرازق، ومسئول برنامج الدراسات الإفريقية أ. عبير مجدي، والباحثتين بالمركز أ. نادين مطر وأ. ساجدة السيد.