ما تفعله الجائحة بالسينما
د. وحيد عبدالمجيد
قائمة ضحايا جائحة كورونا طويلة. فى صدارتها بالطبع من فقدوا حياتهم، ومن تركت فيهم الإصابة بالفيروس آثارًا طويلة المدى، والطواقم الطبية التى قام أفرادها بأدوار بطولية، وراح بعضهم ضحية أداء الواجب.
أما ضحايا الإجراءات الوقائية فقد يصعب تقدير قيمة خسائرهم التى لم تنته بعد. شركات كثيرة صغيرة ومتوسطة أفلست، وأفراد لا يُحصون فقدوا وظائفهم، أو تدهور مستوى معيشتهم. وقطاعات كاملة أوقف العمل فيها كليًا أو جزئيًا لفترات غير قصيرة، ومن بينها صناعة السينما التى خسرت الكثير.
لم أجد بعد إحصاء دقيقًا عن خسائر السينما العالمية فى عامين. توجد تقديرات عامة متفاوتة عن هذه الخسائر تعتمد على شواهد يُختلف بشأنها. أكثرها تشاؤمًا يتوقع أن تصل الخسائر إلى ما يقرب من مائة مليار دولار حتى نهاية ٢٠٢٣. وهى تشمل خسائر شركات الإنتاج، وصالات السينما، والعاملين فى الصناعة من فنانين وفنيين وإداريين.
وليس واضحا هل تأخذ هذه التقديرات فى الحسبان أن خسائر دور العرض يمكن أن تستمر نتيجة تعود أعداد متزايدة من محبى الفن السابع على مشاهدة الأفلام عبر منصات رقمية، والتوسع السريع الذى حققه بعضها مثل نتفليكس. سيبقى بالتأكيد من يُعدون الشاشة الفضية، وطقوس المشاهدة فى دور العرض، أحد أهم العناصر التى لا يكتمل العمل السينمائى لديهم بدونها. ولهذا، ربما يكون صعبُا تقدير المدى الذى يمكن أن يبلغه انتعاش صناعة السينما عام ٢٠٢٢, قياسًا على الفرق بين العامين الماضيين. فقد اختلفت التقديرات بشأن مستوى هذا الانتعاش عام ٢٠٢١ مقارنةً بسابقه، إذ تتراوح بين ٢٥ و٤٠%.
والملاحظ أنه لم يقترب من الجائحة سوى عدد ضئيل من الأفلام معظمها تسجيلى. وللناقد السينمائى اللبنانى الكبير محمد رضا تفسير وجيه هو أن التمثيل تحت أقنعة الوجه لا يتحمله الفنانون والمشاهدون على حد سواء لأن ملامح وجه المُمثل وانفعالاته أساسية فى أدائه الدور، وفى حكم المشاهد على الفيلم. غير أن هذا كله لم يحل دون أن ينتهى العام بفيلم مُهم فى موضوعه جاء فى وقته ليدقَ جرسَ إنذار جهير ، وهو ما نبقى معه غدا.
نقلا عن صحيفة الأهرام.