الوعي العام بضرورة الاعتماد على الطاقات المتجددة
د. محمد يونس- أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بنين، جامعة الأزهر.
مع ارتباط تلوث الهواء بمصادر الطاقة الأحفورية وأيضا بالإنتاج والتصنيع, سلكت الكثير من الدول خطى ناجحة في مجالات التقنين والترشيد الخاص بالإنتاج والاستهلاك للطاقة وذلك بإدخال أساليب وتكنولوجيات نظيفة للإنتاج, واستخدام الأدوات الاقتصادية الحافزة لترشيد الاستهلاك والحد من التلوث, فاتخذت العديد من الدول عددا من الإجراءات منها الاقتصادية (التدخل في الأسعار) والترشيدية (ترشيد الاستخدام) والتكنولوجية (استخدام الوقود الأنظف) والقانونية (تطبيق معايير وقوانين البيئية) وبما أن الطاقات البديلة لن توفر ما يستلزمه العالم من البترول المستخدم حاليا, حيث يصعب تعويض الكميات المستهلكة من البترول حاليا على الأقل في المستقبل القريب, فإنه من المحتمل أن أغلب الدول سترجع لاستخدام مزيج طاقوى تقليدي ومتجدد ويمكن الاعتماد في هذا على مصادر الطاقة النووية. وعلى الرغم من تكرار الكثير من النداءات نحو تعظيم الاعتماد على المصادر البديلة للطاقة, إلا أن البدائل التي يمكن إضافتها إلى حزمة الطاقة لبلد ما تظل مرهونة بتوافر شروط ثلاثة, أولها: الإتاحة التكنولوجية, أو تحقق نسبة مشاركة محلية مقبولة, وثانيها: توافر الكفاءات البشرية, وأخيرا الجدوى الاقتصادية.
أيقن العلماء منذ سنوات عديدة إمكانيات مصادر الطاقة المتجددة ومدى كفاءتها في إمداد المجتمع بالطاقة غير الملوثة للبيئة, وعلى خط متوازي حدثت تطورات كبيرة في تكنولوجيات الطاقة المتجددة وأسواقها, حيث توقع تقرير الأمم المتحدة الصادر في أكتوبر من سنة 2002 بأن الخسائر العالمية الناجمة عن الكوارث الطبيعية تتضاعف كل عشرة أعوام وتصل التكاليف التي تنجم عن التغيرات المناخية إلى 150 مليار سنوياً, وتؤدى هذه التغيرات المناخية القاسية إلى ضغوط على البنوك وشركات التأمين الخاصة إلى حد يؤدى بها إلى الإفلاس, وتنبأ التقرير أيضا أن هذه الاحتمالات سوف تصبح أشد خطورة على الدول النامية وذلك عندما يرتفع منسوب مياه البحار وتجف الأمطار, ويرجع هذا إلى الضعف الشديد تجاه هذا التحدي التنموي وكذلك ضعف قدرتها على التكيف, حيث سيؤثر تغير المناخ على جميع القطاعات الاقتصادية وخاصة الإنتاج الزراعي وسيعرضها للمزيد من الضغوط الكامنة في استهلاك المياه والوصول إلى مصادر الطاقة, فالحقيقة أن تغير المناخ بدأ في تقويض مكاسب تنموية تحققت على مدى عقود بشق الأنفس وبالتالي تدعو الحاجة إلى بذل جهود منسقة ومتسقة للتعجيل بالتصدي لهذا التحدي التنموي العالمي.
ويوضح التقرير ضرورة تحول العالم نحو مسار اقتصادي يعتمد على مصادر الطاقات المتجددة, وهذا ليس فقط لأن المصادر التقليدية ستنضب بل لوصول قدرة النظام البيئي ذروتها على التحمل حيث أن ما مقداره 18456 تيراوات من الطاقة الكهربائية المنتجة عالمياً ينتج عنه 28999 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون ويعتبر هذا الرقم في تزايد مستمر خاصة مع بروز اقتصاديات الدول الناشئة, ناهيك عن تكاليف التدهور البيئي والصحي والاجتماعي الناجم عنها.