الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة.. رؤية مستقبلية
د. محمد يونس عبدالحليم- أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة – جامعة الأزهر
في ضوء الزيادة المستمرة في الطلب على الطاقة في مصر تبرز أهمية مراجعة سياسات إنتاج واستهلاك الطاقة في مصر، حيث تعاني مصر من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية الناضبة، والمتمثلة في كل من البترول والغاز الطبيعي، حيث تصل نسبة إنتاج هذه المصادر إلى أكثر من 90% من إجمالي إنتاج الطاقة في مصر، وذلك بالرغم من محدودية الاحتياطيات المتوفرة من هذه المصادر والتي لا تتناسب مطلقاً مع معدلات زيادة استهلاك الطاقة في مصر وتهدد هذه المشكلة كلاً من استدامة الطاقة وبالتالي استدامة التنمية والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة في هذه الموارد الطبيعية الناضبة، كما تهدد امن الطاقة، الذي هو جزء من الأمن القومي، وأيضاً ينتج عن هذه المشكلة عدم القدرة على تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة خاصة الغاز الطبيعي الذي يمكن دخوله في صناعات هامة لتحقيق قيمة مضافة أعلى، وتشغيل عمالة أكثر وجلب موارد اكبر من النقد الأجنبي وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
ويتطلب ذلك وضع استراتيجيات جديدة لها تقوم على التوجيه بقوة وسريعاً إلى إنتاج واستهلاك مصادر جديدة ومتجددة للطاقة، خاصة مع التطور الكبير والمستمر في تكنولوجيا إنتاج واستهلاك مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة في كثير من دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، والاهتمام العالمي بتشجيع التوجه إلى استخدام هذه المصادر بهدف استدامة البيئة والتنمية بصفة عامة، حيث تعتمد الكثير من الدول على الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح كمصدر تكميلي للمصادر غير المتجددة للطاقة، وأخرى تعتمد على طاقة الكتلة الحيوية.
ويتوفر لمصر مصادر عديدة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة مثل: الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالإضافة إلى طاقة الكتلة الحيوية، خاصة تلك التي يمكن إنتاجها من الكميات الهائلة من المخلفات الناتجة عن كافة الأنشطة البشرية والصناعية والزراعية وغيرها، بعض هذه المصادر يتم استخدامها بالفعل (مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) بشكل محدود بالرغم من توفرها، والبعض الآخر مثل الكتلة الحيوية التي يتم الاستفادة منها بشكل عملي واسع وهناك مصادر أخرى لم تصبح متاحة بعد ولم يتم استغلالها بعد مثل الطاقة النووية التي يثار جدل واسع حول جدواها ومحددات استخدامها.
إن الوضع الحالي لإنتاج واستهلاك الطاقة في مصر يفرض الحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة بالتوجه نحو استخدام الطاقة المتجددة والتي تتوافر مصادرها الأولية بدرجة واسعة غير مستغلة حتى الوقت الحاضر.
وترتبط الطاقة بعملية التنمية ارتباطاً عضوياً من حيث أنها المصدر الأساسي للقدرة على جميع أنواع الأعمال الذهنية والجسدية والآلية، ولما كان العمل يشكل القاعدة الأساسية لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فإن توفر الطاقة بالشكل المناسب وبالكميات المطلوبة لأداء العمل يعد شرطاً ضرورياً لإحداث التنمية، ويعتبر توافر خدمات الطاقة اللازمة لتلبية الاحتياجات البشرية ذو أهمية قصوى بالنسبة للركائز الأساسية الثلاثة للتنمية المستدامة.
ويؤثر الأسلوب الذي يتم به إنتاج هذه الطاقة وتوزيعها واستخدامها على الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لأي تنمية متحققة.
ولذلك فإن الأمر يتطلب عرض لمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر وبعض المفاهيم الأساسية للطاقة، ومناقشة الوضع الحالي لإنتاج واستهلاك الطاقة في مص وما يواجهه من تحديات، وكذلك الإمكانيات المتاحة لإنتاج واستخدام الطاقة من المصادر الجديدة والمتجددة في مصر، ومناقشة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية المترتبة على استخدام مصادر الطاقة التقليدية والإجراءات القانونية والتشريعية المتبعة للحد من هذه الآثار بصفة عامة، ودور الطاقة الجديدة والمتجددة في الحفاظ على البيئة. ودور الطاقة الجديدة والمتجددة في تحقيق أبعاد التنمية الاقتصادية المستدامة.