بعد افتتاح “سايلو فودز “.. ما هو موقع الصناعة في الاستراتيجية المصرية؟
مثل النهوض بقطاع الصناعة الوطنية نهجاً إستراتيجياً للدولة المصرية، وأولوية متقدمة في خطط التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث تم العمل على وضع خطة منهجية متكاملة وتنفيذ عدد من المبادرات للارتقاء بهذا القطاع وتحديثه، وتعميق التصنيع المحلي من خلال التوسع في إقامة المجمعات الصناعية، وتوفير مستلزمات الإنتاج، وتقديم تيسيرات غير مسبوقة لتشجيع المستثمرين على الاستثمار في هذا القطاع ، الذي يرتبط بعلاقات تشابكية مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، فضلاً عن رفع القدرة التنافسية للمنتج المصري سواء في الأسواق الداخلية أو العالمية.
ومن هذا المنطلق، كان اجتماع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والسيدة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعةيوم 26يوليو 2021. حيث وجه السيد الرئيس في هذا الإطار بالتوسع في مخطط إنشاء المجمعات الصناعية في مناطق جغرافية جديدة على مستوى الجمهورية وتوفير الموارد المالية اللازمة لذلك، مع إتباع استراتيجية تعميق المكون المحلي، وربطها لوجستياً بشبكة الطرق والمحاور والبنية التحتية الجديدة على مستوى الجمهورية.كما لفت السيد الرئيس النظر إلى ضرورة القيام بدراسات معمقة لنقل التكنولوجيا الصناعية الحديثة في المجالات ذات الأولوية بالشراكة مع كبرى الشركات العالمية ذات الخبرة العريقة بما يضمن استدامة واستقرار توطين تلك الصناعات داخل مصر على المدى الطويل. ومن هذا المنطلق، نعرض أهم الجهود المصرية التى اتبعتها مصر فى مجال دعم القطاع الصناعى، والتي كان أخرها افتتاح السد رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي المدينة الصناعية الغذائية “سايلو فودز ” بمدينة السادات،التي تضم عددا من المصانع، منها مصنع البسكويت، ومطحن الدقيق، ومصنع المكرونة، ومصنع المخبوزات، ومصانع طباعة وإنتاج العلب الكرتونية.
الجهود المصرية للنهوض بالصناعة :
تعددت الجهود التى بذلتها الحكومة المصرية من أجل تعزيز دور الصناعة فى الاقتصاد المصرى، وتتمثل أبرزها فيما يلى:-
(*) تحفيز الاستثمار الصناعي: وحول الاستثمارات الصناعية بخطة عام 20/2021، قدرت الاستثمارات لقطاع الصناعة التحويلية بنحو 80.6 مليار جنيه في عام الخطة.ومن أجل تشجيع المستثمرين على الاستثمار فى هذا الإطار، تم طرح 14.757 مليون متر أراضي صناعية في عام 2020 عبر خريطة الاستثمار الصناعي بـ 13منطقة صناعية ( مدن العاشر من رمضان والسادات وبرج العرب – القطامية – بورسعيد – الإسماعيلية – قنا – المنيا – أسيوط – الوادي الجديد – طيبة بالأقصر والمحلة بالإضافة إلى بني سويف).
(*) دعم التكنولوجيا الصناعية: من خلال التوسع في إنشاء حاضنات التكنولوجيا لتنمية القدرات التنافسية للمشروعات المتوسطة والصغيرة. والصناعات الدوائية والمنتجات العلاجية والوقائية للأمراض الوبائية والفيروسات. كما أن هناك توجه فى مصر لإنتاج السيارات الكهربائية، بالتزامن مع العمل على إنتاج السيارات التى تعمل بالغاز والطاقة النظيفة، بديلا عن استخدام البنزين والسولار، كما قامت وزارة التجارة والصناعة من خلال مجلس الصناعة للتكنولوجيا والابتكار بتقديم أكثر من 150 ألف استشارة فنية ودعم فني للورش والمصانع بالإضافة إلي خدمة رواد الأعمال واختبارات التطوير فضلا عن تنفيذ 11 مشروع لدعم الصناعة الوطنية في مجالات نقل التكنولوجيا الصديقة للبيئية وادارة المخلفات الصناعية وتقديم الحلول البيئية المبتكرة ونقل وتسويق التكنولوجيا و دعم الابتكار والإدارة البيئية السليمة للمواد ، والنفايات الكيماوية.
(*) دعم خطة الاحلال محل الواردات :تم اعداد استراتيجية التنمية الاقتصادية 2020/2021، وقدمتها وزارة التخطيط إلى البرلمان، وشملت إعداد قوائم بالسلع التي يجري استيرادها، والتي يمكن تصنيعها محليا وبمواصفات جيدة.وذلك بالاشتراك والتنسيق مع كافة الجهات الحكومية المعنية، وذلك في مختلف القطاعات الصناعية، بما فيها الصناعات الهندسية، ومكونات السيارات، ومنتجات الأجهزة المنزلية، وقطاعات الصناعات الكيماوية، والمنتجات البلاستيكية، وصناعات الغزل والأقمشة والملابس.كما شملت الخطة زيادة عدد المنتجات التي بدأ تصنيعها محليا لنحو 12 منتجا. فضلا عن زيادة التوسع فى الصناعات الغذائية للوفاء باحتياجات السوق المحلى بما يسمح بالاستغناء عن الاستيراد .
(*) إقامة المناطق والمجمعات الصناعية: من خلال سرعة استكمال المناطق الصناعية المتخصصة مثل (مدينة دمياط للأثاث – الروبيكى للدباغة – منطقة مرغم للصناعات البلاستيكية)، وزيادة عدد مراکز خدمات ما بعد البيع لتحسين جودة وتنافسية القطاع الصناعي. كما استهدفت وزارة التجارة والصناعة، من خلال هيئة التنمية الصناعية إقامة 17 مجمعًا صناعيًا بـ15 محافظة على مستوى الجمهورية، بتكلفة استثمارية إجمالية بلغت نحو 10 مليارات جنيه، وبإجمالي وحدات صناعية يبلغ عددها ما يتخطى الخمس آلاف وحدة، . وتم الانتهاء من إنشاء وتخصيص 4 مجمعات صناعية بدأ العمل بها فعليًا. ومن أهم نماذج المدن والمشروعات الصناعية الكبرى، مجمع الأسمدة الفوسفاتية والمركبة بالعين السخنة، حيث يعد أكبر مجمع لصناعة الأسمدة الفوسفاتية والمركبة في الشرق الأوسط بإجمالي تكلفة تنفيذ بلغت 16 مليار جنيه، ويوفر نحو 21.5 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.ومشروع مصنع الألياف الضوئية بالعين السخنة، الذى يعد أكبر مصنع للألياف الضوئية في إفريقيا والشرق الأوسط، باستثمارات تتخطى المليار جنيه. كذلك مشروع إنتاج السكر من البنجر بغرب المنيا، وهو أول مشروع صناعي زراعي متكامل للسكر، والأكبر في إفريقيا والشرق الأوسط، باستثمارات تبلغ قيمتها 1.5 مليار دولار، ويستهدف المشروع وصول قيمة صادراته سنوياً لـ 120 مليون دولار. يضاف إلى ذلك إنشاء مدينة الدواء الجديدة وهو المشروع الذي يهدف لتوفير الأدوية بأحدث التكنولوجيات العالمية بأسعار مناسبة، ومن المتوقع نمو الصادرات الدوائية المصرية لتصل قيمتها إلى 280.9 مليون دولار عام 2024.
(*) الإصلاح الضريبى: فى مجال الإصلاح الضريبى والجمرکی تم إعادة النظر فى إلغاء الضرائب العقارية المقررة على المنشآت الصناعية بالإضافة إلى الضريبة المفروضة على الأصول الرأسمالية والآلات للمصانع، وإحكام الرقابة على المنافذ الجمركية للحد من ظاهرة التهرب الجمركى وتشديد العقوبة على عمليات التهريب
(*) الإصلاحات التشريعية: تم إصدار قانون تيسير إجراءات منح التراخيص الصناعية ولائحته التنفيذية، وهو قانون التراخيص الصناعية رقم 15 لسنة 2017، إضافة إلى إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تفضيل المنتجات الصناعية المصرية في العقود الحكومية والتي تلزم الجهات المعنية بالتعاقد على منتجات محلية، وإعداد دليل إرشادي حول القانون ولائحته التنفيذية وتوزيعه على المنتجين والصناع وإتاحته على الوسائل الإلكترونية للتعريف بأحكامهما.
(*) تطوير منظومة التدريب الصناعى:عن طريق إضافة 8 مراكز للتدريب الصناعي المطورة، ليصبح عدد المتدربين المستفيدين 36.5 ألف متدرب، وزيادة عدد المعلمين الذين يتم رفع كفاءتهم المهنية إلى 200 معلم بنهاية عام الخطة.
(*) دعم دور البنوك: حيث تم إعادة تفعيل دور بنك التنمية الصناعية لتقدیم خدمات ائتمانية لقطاع الصناعة بشروط ميسرة، وتفعيل دور هينة ضمان مخاطر الائتمان فى دعم الصناعات الصغيرة لتمكينها من الحصول على الائتمان.
نتائج الدعم:
زادت مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى ليصل إلى 1.17 % للعام المالى 2019\2020 مقارنة ب 16% فى العام المالى 2013\2014، حيث بلغ معدل نمو القطاع الصناعي 6.3% خلال عام 2019/2020 بالرغم من تداعيات أزمة كورونا، ومن المتوقع زيادة مساهمة هذا القطاع بنحو 21% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى 2020 /2021، وتمثل صادراته نحو 65% من جملة الصادرات المصرية، ويُوظف نحو 15% من جملة المشتغلين.وبلغت الزيادة في الاستثمارات العامة المنفذة بقطاع الصناعات التحويلية 7 أضعاف، حيث سجلت 49 مليار جنيه عام 2019/2020 مقارنة بـ 6.1 مليار جنيه عام 2013/2014.
وفيما يتعلق بالبنية الأساسية للقطاع الصناعي، يلاحظ زيادة عدد المنشآت الصناعية بنسبة 19%، حيث وصلت لـ 42 ألف منشأة عام 2020 مقارنة بـ 35.3 ألف منشأة عام 2014، في حين زاد عدد العاملين بالقطاع الصناعي بنسبة 15% حيث وصل لـ 2.3 مليون عامل عام 2020 مقارنة بـ 2 مليون عامل عام 2014.كذلك هناك 149 منطقة صناعية على مستوى الجمهورية، تضم 14.9 ألف مصنع، عملت على توفير نحو 1.2 مليون فرصة عمل.كما أن هناك 6 مجمعات صناعية جار الانتهاء من تنفيذها ضمن خطة إنشاء 13 مجمعاً صناعياً، تضم 4317 وحدة صناعية مرفقة من المقرر أن توفر نحو 43 ألف فرصة عمل.
هذا فضلاً عن زيادة قيمة الإنتاج الصناعي (بالأسعار الجارية) كما هو موضح بالشكل رقم (1) بنسبة 163.8%، حيث سجل 942.4 مليار جنيه عام 2019/2020، مقارنة بـ 357.3 مليار جنيه عام 2013/2014.
وتأسيساً على ما سبق، يظهر واضحا الاهتمام غير المسبوق من الإدارة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي أولى هذا القطاع أولوية رئيسية ليس لكونه قاطرة التنمية الاقتصادية فى مصر فحسب، بل إنه أحد أهم الدعائم لتحقيق الاستقرار الاجتماعي من خلال توفير فرص العمل وتشغيل الشباب وزيادة دخل المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم. هذا فضلا عن تركيز الضوء على توطين الصناعة اعتمادًا على الموارد المحلية وسلاسل الإمداد الداخلية ، وتخفيض الاعتماد بدرجة أو بأخرى على العالم الخارجي في دعم البناء الصناعي، ومن هنا، تم إحياء استراتيجية الإحلال محل الواردات وتعميق التصنيع الـمحلي .ومازالت الجهود المصرية مستمرة فى مجال دعم القطاع الصناعى، خاصة فى ظل وجود صناعات الواعدة ستكون محل الاستثمار خلال السنوات القادمة مثل صناعة الألواح والخلايات الشمسية وصناعة البرمجيات والمكونات الإلكترونية الدقيقة ومستحضرات الدواء.