بعد موافقة “البرلمان”.. ما هي التداعيات المحتملة لقانون الري الجديد؟
شيماء محمود- رئيس برنامج الدراسات البرلمانية.
أحال مجلس النواب في إطار جلسته المنعقدة بتاريخ 28 يناير 2018 مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون الموارد المائية والري إلى لجنة مشتركة من لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة السمكية ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، وذلك لدراسته وعرضه على المجلس بعد إعداد التقرير الخاص بها. وعلى الرغم من قيام اللجنة المشتركة بعقد (27) اجتماعاً للنظر فيه، والتي امتدت خلال الفترة (11فبراير 2018- 3 نوفمبر 2019) وخلال أدوار الانعقاد العادي الثالث والرابع والخامس من الفصل التشريعي الأول، فإنه لم يتم عرض التقرير على المجلس ومن ثم لم تقم الهيئة التشريعية السابقة بالفصل في مشروع القانون.
وفي إطار تمسك الحكومة بمشروع القانون، فقد أحال المجلس في جلسته المنعقدة بتاريخ 14 يناير 2021 مشروع القانون إلى اللجنة المشتركة إعمالاً بالمادة رقم (180- الفصل الثاني) من اللائحة الداخلية للمجلس، وقد قامت اللجنة بدورها بعقد اجتماعاً بتاريخ 31 يناير 2021 والذي وافقت في إطاره على الصورة النهائية لمشروع القانون المعروض بالصيغة المعدلة، وقد وافق مجلس النواب على مشروع قانون الموارد المائية والري في مجموعه في إطار جلسته المنعقدة بتاريخ 30 مارس 2021 مع تأجيل الموافقة النهائية إلى جلسة لاحقة، وهو ما تم بالفعل في إطار الجلسة المنعقدة بتاريخ 27 يوليو 2021 وذلك بعد أن وافق المجلس على المادة (105) من مشروع القانون، والتي تم تقديم طلب بإعادة مداولتها من قِبل وكيل اللجنة التشريعية.
وتأسيساً على ما سبق، نحاول في التحليل إلقاء الضوء على مشروع القانون بمختلف أبعاده وجوانبه، وكذا الهدف منه مع التطرق إلى اللغط المثار حوله فضلاً عن تداعياته المحتملة.
فلسفة مشروع القانون:
يأتي مشروع قانون الموارد المائية والري في إطار الاتجاه نحو تبني برامج للتنمية الشاملة وتحسين إدارة المياه ورفع كفاءة استخداماتها والبحث عن مصادر غير تقليدية للمياه تدعم محاور الميزان المائي، كما أن مشروع القانون جاء كخطوة جادة لتحقيق الأمن المائي ولصون الأصول الضخمة المتعلقة بالموارد المائية والتي تتمثل في (55) ألف كم مجاري مائية من الترع والمصارف فضلاً عن (48) ألف منشأة ( محطات، كباري، قناطر، سحارات) ممتدة بطول نهر النيل، خاصة أن القانون الحالي يعتريه العديد من السلبيات والتي يصعب معها الحفاظ على تلك الأصول أو رفع كفاءتها، فضلاً عن تداخل نصوصه وتشابكها مع نصوص القوانين الأخرى ذات الصلة بالموارد المائية، وتعدد الجهات المستخدمة للمسطحات المائية الأمر الذي سمح بنفاذ الكثير من المخالفات والتعديات على المجاري المائية من خلال شيوع مسئوليات التعامل مع المورد المائي.
أهداف ومقاصد:
تتمثل أهداف مشروع القانون كما جاءت في تقرير اللجنة المشتركة والتي تأتي متسقة مع فلسفته فيما يلي:
(*) دعم الرؤية المستقبلية لإدارة مصادر الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة ليقوم بتقنين الاستخدامات المائية ويضمن عدالة توزيعها ويحدد التقنيات الملائمة لإدارتها من خلال حظر زراعة المحاصيل الشرهة للمياه فى غير المساحات الصادر بتحديدها قرار وزاري وذلك بعد التنسيق مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وكذلك حظر تعديل نظم الري المطور أو تشغيل طلمبات على المساقى المطورة، والاعتماد على مصادر جديدة للمياه عند التخطيط لتنفيذ مشروعات تنموية وعمرانية جديدة مثل المياه المحلاة بالمناطق الساحلية والمياه الجوفية بالمناطق الصحراوية مع إنشاء نظم لمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في مجال الزراعة، حظر إقامة مزارع أو أقفاص سمكية بالمجاري المائية حفاظاً على نوعية المياه، وحظر إقامة أي منشآت في مخرات السيول أو تنفيذ أعمال لحجز مياه الأمطار والسيول الجارية في الأودية الطبيعية، فضلاً عن الاستفادة من مياه السيول والأمطار لدعم الميزان المائي.
(*) وضع إطار قانونى لحماية الخزان الجوفى بما يضمن استدامته وحقوق الأجيال المقبلة وحظر حفر أى آبار للمياه الجوفية دون ترخيص من وزارة الموارد المائية والرى مع إلزام المنتفعين بتركيب نظم للتحكم فى معدلات السحب، وكذا حظر التخلص من مخلفات حفر آبار البترول أو المياه العادمة إلا بترخيص من الوزارة حفاظاً على الخزان الجوفي من التلوث.
(*) وضع آلية للحفاظ على منشآت ومنافع الري ونقل ولاية بعض الأملاك العامة والمنشآت ذات الصلة بالموارد المائية لتبعية الوزارة ومنها مخرات السيول ومنشآت الحماية والأودية الطبيعية ومنخفضات وقناة مفيض توشكى لتوفير الحماية لها.
(*) الحد من ارتفاع معدلات التلوث بالمجاري المائية المنتشرة فى مصر وتحديد منطقة مقيدة بمحاذاة مجرى نهر النيل للحفاظ على شريان الحياة وحظر تنفيذ بعض الأعمال والنشاطات دون ترخيص فى المنطقة المحظورة.
(*) إشراك المنتفعين بالمياه فى إدارة جزء أو أجزاء من أنظمة الري من خلال إنشاء روابط لمستخدمي المياه ومجالس للمياه على المستوى المحلي والإقليمي والقومي تتحمل تكاليف تشغيل وصيانة جزء أو أجزاء من شبكات الري وتقليل الفاقد منها وتخفيف الأعباء المالية عن كاهل الدولة في صيانة وحماية بعض المجاري المائية الخاصة فضلاً عن تحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المائية المتاحة في ظل ندرتها.
(*) وضع أسس وقواعد للتصدى لبعض الظواهر والمتغيرات التى طرأت خلال الفترات السابقة واستحداث بعض المواد لإجازة تقنين وضع اليد على الأراضي المقام عليها مبانٍ ومنشآت وخاصة بالمنطقة المقيدة لمجرى نهر النيل، وكذا دراسة تقنين مآخذ المياه المخالفة في حالة استيفاء الشروط والضوابط بما يتيح منع انتشارها وتحجيم آثارها السلبية على الخطة القمية للموارد المائية.
(*) الانتفاع الأمثل بالأملاك العامة ذات الصلة بالموارد المائية والري والتى انتهى الغرض من تخصيصها، على أن يحدد الوزير تسليمها بالكامل لأملاك الدولة أو احتفاظ الوزارة بكل أو جزء منها لدعم أنشطة تحسين وتطوير شبكات ومرافق ومنشآت الموارد المائية والري وبما يتفق مع أحكام القانون المدني.
(*) معالجة العوار القانوني الذى شاب القانون القائم وخلوه من التعاريف الدقيقة والمحددة للألفاظ والمصطلحات المتعلقة بمنظومة الموارد المائية والري لسد باب الثغرات القانونية التى تؤدى لخلل فى إجراءات التطبيق، فضلاً وضع آلية لتحصيل تكاليف أعمال الإحلال والتجديد للمصارف المغطاة وإنشاق المساقي المطور.
(*) الحد من التعديات على المجارى المائية وضمان حسن سير المرفق ومنع إهدار المياه بتغليظ العقوبات على مخالفات الأحكام الواردة بنصوص القانون المعروض بما يشكل رادعًا حقيقيًا للمتعدين ويتيح إدارة الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة.
ملامح مشروع القانون:
جاء مشروع القانون في أربع مواد إصدار و(132) مادة مبوبة في (10) أبواب مقسمة بدورها إلى عدة فصول، وقد اشتملت الديباجة على كافة القوانين والقرارات الوزارية المتعلقة بالموارد المائية ذات الصلة بالتعامل مع المجاري المائية، وقد قام مشروع القانون المقدم من الحكومة بالإبقاء على نص المادة “36 مكرر (1)” المعدلة بالقانون (213( لسنة 1994، ونص المادة (103) من القانون رقم (12) لسنة 1984 واستمرارية تطبيقهما وهما تختصان بإنشاء صندوق تطوير المساقي المطورة، وصندوق رد الشئ إلى أصله وذلك لضمان استمرارية الوزارة في تنفيذ الأعمال التي تمولهما موارد الصندوقين.
وقد اختص الباب الأول من مشروع القانون بالموارد المائية والأملاك العامة والأملاك الخاصة ذات الصلة بها، في حين اختص الباب الثاني بحقوق الانتفاع بمصادر وطرق الري والصرف الخصوصية، وقد تطرق الباب الثالث إلى الشأن الخاص بتوزيع المياه، بينما اختص الباب الرابع بروابط مستخدمي المياه وتطوير وتحسين نظم الري والصرف، وقد تناول الباب الخامس الأمور المتعلقة بري وصرف الأراضي الجديدة، بينما تناول الباب السادس حماية مجرى نهر النيل وجسوره، وقد تطرق الباب السابع إلى الأمور المتعلقة بالمياه الجوفية، في حين اختص الباب الثامن بالأمور المتعلقة بحماية الموارد والمنشآت المائية والشواطئ، وقد جاء الباب التاسع مختصاً بالأحكام العامة والختامية، وأخيراً اختص الباب العاشر بالعقوبات المقررة على مخالفة نصوص مشروع القانون.
وقد قامت اللجنة المشتركة بإدخال العديد من التعديلات على مشروع القانون، كما تم إضافة بعض التعديلات بعد طرح مشروع القانون للمناقشة العامة بالمجلس، وتتعلق تلك التعديلات بالمواد الخاصة بالرسوم، حيث أقر المجلس تخفيض خمسة أنواع من الرسوم لرفع العبء عن كاهل المواطن المصري، وتتمثل تلك الرسوم في رسم الأعمال الخاصة داخل الأملاك العامة والذي تقرر تخفيضه من مليون جنيه إلى (500) ألف جنيه، وتخفيض رسوم تشغيل طلمبات المياه إلى (250) جنيه سنويا بدلاً من (5000) جنيه لمدة خمس سنوات، وإعفاء الطلمبات ذات سعة (100) لتر من الرسوم، كما أقر تخفيض رسم ري الأراضي الجديدة إلى (200) ألف جنيه بدلاً من (300) ألف جنيه، وتخفيض رسم حفر البئر الجوفي بحد أقصى (1000) جنيه بدلاً من (10) آلاف جنيه، وأيضا خفض رسوم المياه بالمزارع السمكية من (50) ألفا إلى (10) آلاف جنيه.
دوافع الإصدار:
يوجد ثمة العديد من التحديات التي دفعت لإصدار مشروع القانون والتي تتمثل فيما يلي:
(&) التناقص المستمر في حصة الفرد من المياه في ظل الزيادة السكانية المطردة وثبات حصة مصر من مياه نهر النيل وزيادة الطلب على المياه نظراً للتوسع الزراعي والعمراني والصناعي، حيث يبلغ التعداد السكاني لمصر ما يزيد عن (102) مليون نسمة، وهو ما يجعل متوسط نصيب الفرد من المياه لا يتجاوز (560) متر مكعب سنوياً، في حين أن الفقر المائي وفقاً للأمم المتحدة يقع عند (1000) متر مكعب للفرد سنوياً، ومن المتوقع أن يصل عدد سكان مصر عام 2050 إلى حوالي (150) مليون نسمة الأمر الذي يعني أن نصيب الفرد من المياه سيتراجع إلى أقل من (400) متر مكعب للفرد في العام.
ويوضح الشكل رقم (1) معدل الزيادة السكانية لمصر وفقاً لإحصائيات البنك الدولي، ويلاحظ تسجيل عام 2020 أدنى قيمة لمعدل النمو السكاني حيث بلغ (1,9%) مقارنة بنحو (2%) عام 2019، ولكن في الوقت ذاته تعتبر هذه النسبة مرتفعة مقارنة بالموارد المائية المتاحة، والجدير بالذكر أنه في حال ما إذا استمرت الزيادة السكانية بهذا المعدل فإنه من المتوقع أن يصل نصيب الفرد عند حد الندرة المائية عام 2100.
وتسعى الدولة المصرية على تلافي تأثير الزيادة السكانية عن طريق سن تشريعات جديدة من شأنها الحفاظ على الموارد المائية المتاحة، ومن خلال ضخ العديد من الاستثمارات لخفض الفجوة بين الموارد المائية والاحتياجات المتصاعدة، وذلك من قبيل مشروعات التحلية والحفاظ على المياه وبرامج ترشيد وتطوير الري الحديث في الأراضي الزراعية التي تستهلك ما يقرب من (82%) من المياه حيث بلغت إجمالي مساحة الأراضي المنزرعة عام 2019 نحو (16,2) مليون فدان- أنظر الشكل رقم (2) الموضح أدناه.
فضلاً عن إعادة تدوير المياه وخاصة مياه الصرف الزراعي وذلك لاستغلال كافة مصادر المياه ويمثل تدوير المياه نحو (25%) من الاستخدام الحالي للمياه، وقد بلغ إجمالي كمية مياه الصرف الزراعي المعاد استخدامها في الزراعة (6,5) مليار متر مكعب عام 2019/2020 وذلك وفقاً لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ويوضح الشكل رقم (3) توزيع هذه المياه على أقاليم الدلتا.
(&) ارتفاع معدلات تلوث المياه السطحية والجوفية وتدهور نوعية مياه الري نتيجة إلقاء مياه الصرف الصناعي والصحي بالمجارى المائية فضلاً عن زيادة معدلات استخدام المخصبات والمبيدات الكيميائية مما يقوض من الاتجاه إلى استخدام الصرف الزراعي واستشراء ظاهرة التعدى على منشآت ومنافع الري.
(&) تزايد الحاجة إلى دعم الميزان المائي وتلبية الاحتياجات المائية المتنامية في ظل محدودية الموراد المائية المتاحة بالتوسع في برامج إعادة استخدام مياه الصرف الصناعي والصحي والزراعي المعالجة وزيادة الاعتماد على استخدام المياه الجوفية والأمطار والسيول والمياه المحلاة.
(&) التغيرات المناخية وآثارها على البيئة المحلية والإقليمية بما تحمله من مخاطر هطول الأمطار وخطورة اندفاع السيول وارتفاع منسوب مياه البحر وزيادة معدلات طغيان المياه وتأكل الشواطئ البحرية فضلاً عن زيادة حدة فترات الجفاف.
لغط مُثار:
ترددت العديد من الشائعات حول قيام الحكومة ببيع المياه للفلاحين بمقتضى المادة (38) من مشروع القانون الجديد، حيث تقضي المادة قبل تعديلها على أنه لا يجوز بغير ترخيص من الوزارة إقامة أو تشغيل أي آلة رفع ثابتة أو متحركة تدار بإحدى الطرق الآلية (الميكانيكية) أو غيرها لرفع المياه أو صرفها على مجري نهر النيل أو المجاري المائية أو شبكات الري والصرف العامة أو الخزانات سواء لأغراض الري أو الصرف أو الشرب أو الصناعة أو غيرها وكذا رفع المياه من بحيرة ناصر، ويصدر الترخيص لمدة لا تزيد على خمس سنوات قابلة للتجديد وبعد أداء رسم ترخيص بما لا يجاوز خمسة آلاف جنيه ويستحق نصف الرسم عند تجديد الترخيص، وتنظم اللائحة التنفيذية الإجراءات والبيانات والشروط اللازمة لذلك.
وقد قام المجلس بعد مناقشة هذه المادة بالتوافق على تعديلها ليصبح نصها كالتالي “لا يجوز بغير ترخيص من الوزارة إقامة أو تشغيل أي آلة رفع ثابتة أو متحركة تدار بإحدى الطرق الآلية (الميكانيكية) أو غيرها لرفع المياه أو صرفها على مجري نهر النيل أو المجاري المائية أو شبكات الري والصرف العامة أو الخزانات سواء لأغراض الري أو الصرف أو الشرب أو الصناعة أو غيرها وكذا رفع المياه من بحيرة ناصر، ويصدر الترخيص لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد وبعد أداء رسم ترخيص بما لا يجاوز 250 جنيه عن كل سنة، وتنظم اللائحة التنفيذية الإجراءات والبيانات والشروط اللازمة لذلك، ويعفي من هذا الرسم الطلبمات أقل من 100 متر والتي تروي مساحات لا تجاوز 10 أفدنة”
وفي شتى الأحوال فإن الحكومة ملتزمة بتوفير المياه لكافة المنتفعين بالقطاع الزراعي في مصر ولا صحة لما تردد من مزاعم بيع المياه للفلاح، حيث أنها شائعات ترددها قوى الشر لإثارة الغضب لدى الرأي العام، وتستهدف الدولة من إصدار قانون الري الجديد الذي أقره مجلس النواب نهائياً حسن استغلال الموارد المائية من خلال تطبيق منظومة الري الحديث، ولعل المبادرة الرئاسية الحالية لتبطين الترع دون تحصيل أي رسوم من الفلاحين بهدف ترشيد استخدام المياه في الزراعة وزيادة الإنتاجية الزراعية خير دليل على ذلك.
والجدير بالذكر، أن معظم ماكينات الرفع التى يستخدمها المزارعين ترفع المياه من المساقى الخاصة بهم وهذه الماكينات لا يُفرض عليها أى رسوم، حيث أن المادة (38) من القانون تخص ماكينات الرفع الموضوعة على الترع العامة وليس المساقى الخاصة وهى حالات محدودة، حيث أن هذا الأمر يستلزم عمل دراسة هيدروليكية للترعة بما لا يؤثر على الميزان المائي لها وبما لا يؤثر على وصول المياه للنهايات، ضماناً لحصول كافة المنتفعين على حصصهم المائية.
تداعيات مشروع القانون:
يوجد العديد من التداعيات المتوقعة عند تنفيذ مشروع القانون ويمكن إلقاء الضوء على أهمها كما يلي:
- زيادة الاعتماد على مصادر المياه الجديدة عند تنفيذ المشروعات التنموية والعمرانية الجديدة من قبيل (المياه المحلاة بالمناطق الساحلية – المياه الجوفية بالمناطق الصحراوية) وذلك إلى جانب إنشاء نظم لمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها فى مجال الزراعة.
- تراجع بعض الظواهر والمتغيرات التي طرأت خلال الفترات السابقة مثل إقامة منشآت أو أعمال لحجز مياه الأمطار والسيول الجارية في الأودية الطبيعية أو تحويلها عن مسارها الطبيعي، والتخلص من المنتجات البترولية أو المخلفات الناتجة بطريقة غير صحية، والتعدي على المجاري المائية، فعلى سبيل المثال بلغت إجمالي التعديات على نهر النيل حتى يونيو 2021 نحو (63263) تعدياً، وذلك عن طريق تغليظ العقوبات على مخالفات الأحكام الواردة بنصوص القانون بما يشكل رادعا حقيقيًّا للمتعدين.
- الحد من ارتفاع معدلات التلوث بالمجارى المائية، وكذلك الحد من تبديد أو إهدار الموارد المائية وتحديد منطقة مقيدة بمحاذاة مجرى نهر النيل، وحظر تنفيذ بعض الأعمال والنشاطات دون ترخيص في المنطقة المحظورة.
- وضع إطار قانونى لحماية الخزان الجوفى، بما يضمن استدامته وبالتالي الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، حيث يحظر القانون حفر أى آبار للمياه الجوفية دون ترخيص من وزارة الموارد المائية والري، مع إلزام المنتفعين بتركيب نظم للتحكم فى معدلات السحب، وكذا حظر التخلص من مخلفات حفر آبار البترول أو المياه العادمة إلا بترخيص من الوزارة وذلك حفاظاً على الخزان الجوفى من التلوث.
- تطوير استخدام نظم الري الحديث في الأراضي الزراعية وتفعيل دور القطاع الخاص وروابط مستخدمي المياه في تحمل بعض مسئوليات إدارة وصيانة أجزاء من نظم ومرافق الري والصرف، والتحديد الدقيق للأملاك العامة للري وتنظيم حالات الترخيص بأعمال خاصة داخل حدودها، وتنظيم العلاقة بين ملاك وحائزي الأراضي أو مستأجريها فيما يخص حق الانتفاع والارتفاق بالمساقي والمصارف الخصوصية المشتركة، بالإضافة لحظر أي عمل يمس خط المسار الطبيعي للشواطئ المصرية، ونقل أي رمال من الكثبان الرملية بمنطقة الحظر الشاطئية بدون ترخيص.
- معالجة أخطار تلوث المجارى المائية بمياه الصرف الصحي الزراعي والصناعي والاستزراع السمكي بالمجارى المائية، وهى من العوامل التي تزيد من تكاليف تنفيذ برامج إعادة الاستخدام لتلك المياه لأكثر من مرة باعتبارها أحد محاور الميزان المائى لسد الفجوة المائية بين الاحتياجات الفعلية وحصة مصر المائية.
- الحد من زراعات الأرز المخالفة وذلك وفقاً للمادة (31) من القانون الجديد والتي تقضي بحظر زراعة الأرز والمحاصيل ذات الاحتياجات المائية العالية في غير المساحات المحددة بالقرار الوزاري، وذلك بفرض القانون من خلال مادته (124) عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنية ولا تزيد على عشرة آلاف جنيهاً عن الفدان أو كسر الفدان في حالة عدم الالتزام بالمناطق المخصصة لزراعة الأرز.
وتقوم الدولة بتقنين زراعة الأرز لكونه من المحاصيل الشرهة للمياه، والجدير بالذكر أنه وفقاً للقرار الوزاري رقم (٣٠٥) بتاريخ ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٠ الخاص بوزارة الموارد المائية والري بالتنسيق مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والمتضمن التصريح بزراعة الأرز لعام ٢٠٢١ في عدد (٩) محافظات بمساحة قدرها ٧٢٤ ألفا ومائتي فدان، بالإضافة لمساحة ٢٠٠ ألف فدان من سلالات الأرز الموفرة للمياه مثل الأرز الجاف وغيرها، ومساحة ١٥٠ ألف فدان تُزرع على المياه ذات الملوحة المرتفعة نسبياً، وهو ما يقل عن المساحة المحصولية للأرز للأعوام السابقة وفقاً لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء- أنظر الشكل رقم (4).
تأسيساً على ما سبق، يمكن القول أن نصوص مشروع القانون تعد بمثابة الضامن الأول والشريك الرئيسي لتنفيذ استراتيجية وزارة الموارد المائية والري – التي ارتكزت على أربعة محاور تتمثل في (الترشيد، التنمية، التوعية، وتهيئة المناخ الملائم)- المعنية بالحفاظ على الموارد المائية للدولة المصرية، وتحقيق الاستخدام الأمثل للمياه بغية توفير احتياجات شتى القطاعات داخل الدولة، ولتجنب سلبيات التعديات على المجاري المائية التى أصبحت من أكثر الظواهر المؤثرة على تحقيق التنمية المستدامة، ويحد مشروع القانون من خلال نصوصه التشريعية الواضحة شيوع المسئولية وتنازع الاختصاصات بين الجهات المستخدمة للمجاري المائية لتحقيق آفاق التنمية المستدامة في مصر في ضوء الموارد المائية المتاحة، كما أن مشروع القانون يأتي متسقاً مع مختلف محاور استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030.
.