لماذا اُختير برنامج تنمية “الصعيد” ضمن أفضل الممارسات العالمية؟
حققت الحكومة المصرية نجاحاً دولياً بعد إعلان الأمم المتحدة عن إدراج برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر ضمن منصة أحد أفضل الممارسات لتحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، ومنها القضاء على الفقر، وتوفير المياه والطاقة النظيفة، والمساواة بين الجنسين، والصناعة والابتكار، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية، والصحة، والتعليم. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ذلك تم من خلال رصد خطة الأنشطة المختلفة التي تم تطبيقها بمحافظتي سوهاج وقنا، وهو ما يعد اعترافاً أممياً بنجاح التجربة المصرية وإشادة بما تقوم به الحكومة لإحداث تغيير شامل في الوضع التنموي ودفع عجلة التنمية والاقتصاد في صعيد مصر .
ملامح البرنامج:
تنفذ الحكومة المصرية برنامج التنمية المحلية فى صعيد مصر في الفترة الزمنية من 2016-2021، والذي يستهدف تعزيز التنمية المحلية المستدامة وخلق فرص عمل منتجة، وذلك للحد من الفقر في محافظتي سوهاج وقنا. ويقدر إجمالي نفقاته بـ 957 مليون دولار أمريكي (يقدم منها البنك الدولي للإنشاء والتعمير قرضاً قدره 500 مليون دولار أمريكى، بالإضافة إلى مساهمة من الحكومة المصرية قدرها 457 مليون دولار)، ويعمل البرنامج بشراكة بين 5 وزارات هي: التخطيط والتنمية الاقتصادية والتنمية المحلية والتجارة والصناعة والمالية والتعاون الدولي.
ويهدف البرنامج في الأساس إلى تحسين بيئة الأعمال من أجل تنمية القطاع الخاص وتدعيم قدرات الحكومة المحلية لتوفير بنية أساسية ذات جودة، والذي من شأنه إحداث طفرة في الاستثمار بالمحافظتين. كما يعمل البرنامج على وضع نموذج تنموي جديد يُدعم تطبيق اللامركزية من خلال خطط تشاركية منبثقة من مشاركة مجتمعية حقيقية تعكس الاحتياجات المحلية .ويُنفذ البرنامج بآلية التمويل القائم على النتائج، حيث يتم سحب دفعات القرض استنادا إلى تحقيق ستة مؤشرات تنموية يتم على أساسها أوجه الإنفاق المحددة في وثيقة البرنامج.
أهداف ومكونات البرنامج:
يستهدف برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر محافظتين من إجمالي محافظات الصعيد، وهما قنا وسوهاج اللتين وقع عليهما الاختيار بناءاً على مجموعة من معايير واضحة، وهي: عدد السكان، ومعدلات الفقر، والقرب الجغرافي، والقدرات الاقتصادية ومدى توافر الخدمات الأساسية واستعداد المحافظات.
يشمل البرنامج مكونين أساسيين، الأول: هو تحسين بيئة الأعمال والتنافسية من خلال تقديم نهجًا متكاملًا على مستوى المحافظات، بما يشمل تحسين الوصول محليا للخدمات المحسنة المقدمة من الحكومة لمؤسسات الأعمال مثل: التسجيل والترخيص وتصاريح البناء، بما يحقق تحفيز الاستثمار وإزالة المعوقات الخاصة بالشركات وتحسين الإدارة والخدمات في المناطق الصناعية.
كما يتكون البرنامج من خطة رئيسية لتحديث المناطق الصناعية، وهي تركز على تحسين وتنمية المناطق الصناعية من خلال خطة لرفع مستوى المناطق الصناعية والتي تشمل احتياجات البنية التحتية والصيانة لكل منطقة من المناطق الصناعية بمحافظتي سوهاج وقنا، إلى جانب تنمية التكتلات الاقتصادية بالمحافظتين وعددهم 12 تكتل من خلال إعداد استراتيجيات تنمية لكل تكتل ومتابعة تنفيذ الخطة. هذا بالإضافة إلى مكون مشترك يخص إشراك المواطنين ومؤسسات الأعمال فى عملية التنمية.
وفي سبيل تحقيق ما سبق، قامت الحكومة المصرية بإعداد خطة استثمارية متوسطة الأجل لكل من محافظة سوهاج وقنا، وفقا لتحديد سقف تمويلي معلن مسبقاُ للمحافظة، وتوزيع الاعتمادات بين المراكز بصيغة تمويلية شفافة تتيح لكل مركز إعداد خطته بشكل واضح وتشاركي من خلال عقد جلسات تشاور مع المواطنين بكل مركز، حيث تم تقسيم المشروعات التنموية المطلوبة بتلك المحافظات، وتقدير حجم المبالغ المالية المستهدفة لتلك المشروعات كما هو موضح في الجدول رقم (1) .
انجازات البرنامج:
لقد حقق برنامج التنمية المحلية لصعيد مصر العديد من الانجازات التي أهلته ليكون ضمن أفضل الممارسات التنموية العالمية، وتتمثل أبرزها فيما يلى:-
(*) بلغ إجمالي عدد المشروعات التي تم تمويلها بالمرحلة الأولى وحتى العام المالي 2020/2021 حوالي 3589 مشروع بالمحافظتين(عدد 2187 مشروع بمحافظة سوهاج، وعدد 1402 مشروع بمحافظة قنا) بتكلفة إجمالية قرابة 9.5 مليار جنيه (5 مليار لمحافظة سوهاج وقرابة 4.5 مليار لمحافظة قنا) موزعة على قطاعات مياه الشرب والصرف الصحي والطرق والنقل وتغطية الترع والتنمية الاقتصادية وتدعيم الوحدات المحلية، حيث تم تنفيذ 115 مشروع مياه شرب وصرف صحي بإجمالي قيمة قدرها 2.759 مليار جنيه.
وتشتمل المرحلة الأولى في محافظة سوهاج على تكتل الأثاث بطهطا، والذي يضم حوالي 1500 ورشة منتجة، ويعمل بها حوالى 6000 عامل، وتكتل التلى والمنسج بشندويل، وهو يشمل 15 وحدة إنتاجية رئيسية يعمل معها مجموعات من السيدات المنتجات يبلغ عددهن حوالى 900 عاملة، وتكتل العسل الأسود بنجع حمادى، ويضم حوالى 300 عصارة يعمل بها 3000 عامل، وأيضا تكتل الفركا بمدينة نقادة ويضم 15 وحدة إنتاج رئيسية يعمل معها مجموعات من الحرفيين يبلغ عددهن حوالى 1000 عامل.كما بلغ إجمالي عدد مشروعات برنامج الطرق والنقل بخطة المرحلة الأولى وحتى العام المالي 2020/2021 حوالي 964 مشروع بإجمالي تكلفة قدرها 2.016 مليار جنيه بالمحافظتين، بإجمالي أطوال 214 كيلو رصف و91 إعادة تأهيل للطرق، وتم إعطاء أولوية لمشروعات الطرق ذات العائد الاقتصادي وبخاصة الطرق المؤدية إلى المناطق الصناعية والأسواق والتي تُحسن الاتصالية بين المدن وبعضها وبحيث تكون شبكة الطرق متكاملة وبخاصة للمناطق الصناعية
(*) قام البرنامج بتخصيص موازنة استثنائية في العام المالي 2020/2021 قيمة قدرها 120 مليون جنيه من مخصصات القرض، وساهمت وزارة الصحة بمبلغ 53 مليون جنيه لدعم الإجراءات الاحترازية والأنشطة الصحية لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا بمحافظتي سوهاج وقنا.
(*) بالشراكة مع وزارة التجارة والصناعة، تم تحديث أربع مناطق صناعية بمحافظتي سوهاج وقنا (غرب جرجا وغرب طهطا بسوهاج والهو وقفط بقنا) بإجمالي استثمارات قدرها 3.6 مليار جنيه، وذلك من إجمالي استثمارات قدرها 6 مليار جنيه مخصصة للمناطق الصناعية الأربع بالمحافظتين.
(*) الخدمات التي يقدمها برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر، استفاد منها نحو 5 ملايين مواطن مصري لتمثل 50% من تلك النسبة سيدات الصعيد. حيث تم توفير إجمالي عدد 206 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، كما بلغ عدد الشركات والوحدات الإنتاجية المستفيدة 3300 شركة (691 شركة بالمناطق الصناعية، رخص المحلات 2252، المشاركين في تنمية التكتلات 278)، وأدي لتخفيض ملحوظ في معدلات الفقر بمحافظتي سوهاج وقنا، فضلا عن التطور اللافت للنظر في الهياكل المؤسسية وقدرات الكوادر البشرية العاملة بالإدارة المحلية بالمحافظتين، وهو ما دفع الحكومة المصرية والبنك الدولي للموافقة على المد الجغرافي للبرنامج لمحافظتي المنيا وأسيوط خلال المرحلة المقبلة.
(*) تم دعم وتطوير أداء المراكز التكنولوجية عن طريق ميكنة الإجراءات داخل المركز التكنولوجي، حيث تم ميكنة جميع المراكز التكنولوجية وعددها 14 مركز بمحافظة سوهاج و9 مراكز بمحافظة قنا، كما تم العمل على إصدار جميع الرخص مميكنة، وذلك لمتابعة أداء المراكز التكنولوجية. كما تم تبسيط الإجراءات من خلال الانتهاء من إعداد «دليل الخدمات المقدمة للمواطنين بالوحدات المحلية» بمحافظتي قنا وسوهاج، لتعريف العاملين بالوحدة المحلية إجراءات الخدمة في جميع المراحل، بما في ذلك المستندات اللازمة للحصول على الخدمة، والمدة القانونية التي تستغرقها، والرسوم المطلوبة وفقًا للقانون وإضافة رسم مقابل خدمة مميزة وذلك للاستفادة منه في توفير مكافآت وحوافز للعاملين بالمراكز والصرف منه على أعمال الصيانة التي يحتاج إليها المركز التكنولوجي.
(*) استفادت 138 قرية من تحسين خدمات المياه والصرف الصحي وإنشاء محطة طاقة شمسية في محافظة سوهاج. كما تم الانتهاء من تنفيذ 12 مشروعا، بتكلفة كلية 433.3 مليون جنيه، منها 9 مشروعات لمياه الشرب، بتكلفة 112.2مليون جنيه، و3 مشروعات للصرف الصحى، بتكلفة 321.1 مليون جنيه. وبالنسبة لقطاع تحسين البيئة تم الانتهاء من تنفيذ 275 مشروعا بتكلفة 283.7 مليون جنيه، أما قطاع الكهرباء والإنارة فشهد الانتهاء من تنفيذ 287 مشروع بتكلفة 132.2 مليون جنيه.
(*) بلغ إجمالي عدد البرامج التدريبية التي تم تنفيذها 147 برنامج تدريبي بإجمالي 5056 متدربا بالمحافظتين، على التخطيط والمتابعة والتقييم والتواصل مع المواطنين وآليات تنفيذ البرنامج والسلامة والصحة المهنية، ومهارات استخدام النظام الإلكتروني الجديد، والتعامل مع الجمهور والتواصل وقياس رضا العميل.
(*) جاري تنفيذ خطة عمل للمشاركة بجناح كبير ومتميز في معرض “تراثنا”، الذى يعقد في أكتوبر 2021، وتطوير تصميمات ومنتجات جديدة لخمس تكتلات: الفركه والفخار بقنا والتلي والأثاث والمنسوجات اليدوية بسوهاج، كما شارك البرنامج في معرض تراثنا العام الماضي 2020 بجناح ضم ثلاث تكتلات: التلي والأثاث بسوهاج والفركه بقنا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مشاركة البرنامج كانت ناجحة جدا من حيث تقديم الكتلات بالمعرض والتسويق لها والتعريف بها، بالإضافة لحجم المبيعات الذي ساهم في التخفيف من وقع الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا على أعضاء تلك التكتلات.
تأسيسا على ما سبق، يتضح أن برنامج التنمية المحلية لصعيد مصر يعمل على وضع نموذج تنموي جديد يُدعم تطبيق اللامركزية من خلال خطط تشاركية منبثقة من مشاركة مجتمعية حقيقية تعكس الاحتياجات المحلية، بما يحقق الرؤية الشاملة لتنمية مصر 2030 من خلال الميزات النسبية والمقومات التنافسية لكل محافظة، حيث يعمل البرنامج بشكل متكامل يعمل على التشبيك والربط بين كافة قطاعات محافظات الصعيد. ويساعد أيضا على تقديم حلول جذرية للتحديات التنموية التي يعاني منها صعيد مصر. كما يدعم البرنامج تحقيق ستة من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة على رأسها الهدف الأول القضاء على الفقر من خلال ضخ استثمارات مخططة وكثيفة في مجالات البنية الأساسية وتهيئة بيئة ممكنة للأعمال وتطوير التكتلات الاقتصادية ذات الميزة التنافسية، حيث أسهمت هذه التدخلات في خلق مئات الآلاف من فرص العمل وزيادة الدخل الحقيقي لسكان المحافظتين، وتخفيض مستويات الفقر متعدد الأبعاد، كما أسهم البرنامج في تحقيق الهدف السادس المياه النظيفة والنظافة الصحية من خلال ضخ ما يقرب من 40% من استثماراته في مجال إنشاء مشروعات الصرف الصحي المتكامل وتحسين خدمات مياه الشرب، وهو ما ساهم في زيادة معدلات التغطية بهذه الخدمات لمستويات غير مسبوقة بالمحافظتين. ومازالت الجهود المصرية مستمرة نحو تنمية صعيد مصر، ورفع مستوى شمولية هذا البرنامج ليتسع للعديد من المحافظات الأخرى، بما يعزز التنمية المستدامة الحقيقية والاحتوائية لمختلف أنحاء مصر.