ما هي انعكاسات تمرير النواب لمشروع قانون فصل “موظفي الإخوان”؟
شيماء محمود- رئيس برنامج الدراسات البرلمانية
تصاعدت في الآونة الأخيرة دعوات بشأن تطهير المؤسسات الحكومية من عناصر تنظيم الإخوان، وذلك بعد تغلغلها داخل الجهاز الإداري للدولة، ولعل آخرها ما شهده قطاع السكك الحديد من تكرار العديد من الحوادث، وهو الأمر الذي أكد عليه وزير النقل “كامل الوزير” في كلمته بمجلس النواب خلال جلسته المنعقدة بتاريخ في 26 أبريل 2021، وقد وافق مجلس النواب في هذا السياق في جلسته المنعقدة في 28 يونيو 2021 على مشروع قانون مقدم من النائب “علي بدر” وأكثر من عُشر عدد الأعضاء لتعديل بعض أحكام القانون رقم (10) لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي في مجموعه وأحاله إلى مجلس الدولة وذلك طبقاً لحكم المادة (175) من اللائحة الداخلية للمجلس.
ومن هذا المنطلق، نعرض تحليلاً لمختلف أبعاد هذا التعديل الوارد على القانون والأسباب الكامنة وراء اتخاذه مع قراءة التداعيات المصاحبة له.
ملامح مشروع القانون:
قام مشروع القانون باستبدال المواد (1) و(2/ فقرة أولى) و(3) من القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي وذلك على النحو التالي:
(*) مادة (1): قامت بحصر الجهات التي يجوز فصل الموظفين أو العاملين بها بغير الطريق التأديبي على نحو يشمل كل من (وحدات الجهاز الإداري للدولة، وحدات الإدارة المحلية، الجهات المخاطبة بأحكام قانون الخدمة المدنية، الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، أشخاص القانون العام، شركات القطاع العام، شركات قطاع الأعمال العام، والعاملين الذين تنظم شؤون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة) وذلك دون المساس بما قد يكون مقرراً لبعض الفئات من ضمانات دستورية في مواجهة العزل.
كما قامت هذه المادة المستحدثة بإضافة حالة جديدة يجوز بمقتضاها فصل العامل بإحدى وظائف الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات والمؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية بغير الطريق التأديبي، ليصبح بذلك إجمالي تلك الحالات (5) حالات تتمثل في: (أ) إذا أخل بواجبات الوظيفة بما من شأنه الإضرار الجسيم بالإنتاج أو بمصلحة اقتصادية للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، (ب) إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، (ج) إذا فقد أسباب الصلاحية للوظيفة التي يشغلها لغير الأسباب الصحية، وكان من شاغلي وظائف الإدارة العليا، (د) إذا فقد الثقة والاعتبار، وكان من شاغلي وظائف الإدارة العليا، (ه) إدراج الموظف أو العامل على قوائم الإرهابيين وفقاً للقانون رقم (8) لسنة 2015 فيما يتعلق بتنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، وتعد هذه الحالة الأخيرة هي المستحدثة وفقاً لمشروع القانون.
(*) مادة (2): تم إدراج تعديل على الفقرة الأولى من المادة الثانية القائمة بالقانون الحالي بحيث تجيز لرئيس الجمهورية أن يفوض السلطة الأدنى منه مباشرة ممثلة في رئيس مجلس الوزراء في إصدار قرار الفصل وذلك تخفيفاً للعبء الإداري في ضوء اتساع رقعة الجهات المخاطبة بالقانون، بينما لم يُدرج تعديل على الفقرة الثانية منها والتي نصت إلى أنه “في جميع هذه الأحوال يجب أن يكون قرار الفصل مسبباً ويبلغ إلى العامل المفصول، ولا يجوز الالتجاء إلى الفصل بغير الطريق التأديبي إذا كانت الدعوى بطلب الفصل قد رفعت أمام المحكمة التأديبية”.
(*) مادة (3): نصت المادة الثالثة المستحدثة في الفقرة الأولى على أنه “يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في الطلبات التي يقدمها العاملون بإحدى وظائف الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات والمؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية، بالطعن في القرارات النهائية الصادرة بالفصل بغير الطريق التأديبي طبقاً لهذا القانون”، حيث تم حذف العبارة الأخيرة من نص المادة القائمة وهي “وأن تكون له فيها ولاية القضاء كاملة، على أن يتم الفصل في الدعوى خلال سنة على الأكثر من تاريخ رفعها”، ويأتي ذلك اتساقاً مع أحكام قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972 وتحديداً المادة (10/ بند العاشر) المتضمنة اختصاص مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات الصادرة بالفصل بغير الطريق التأديبي، والمادة (49) التي تنص على سلطة المحكمة في وقف التنفيذ وصرف المرتب كله أو بعضه إذا كان القرار صادراً بالفصل، كما تم استبدال الفقرة الثانية من المادة (3) بحيث يجوز للمحكمة بالنسبة لقرارات الفصل الصادرة أن تحكم بالتعويض بدلاً من الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه للأسباب التي ترى أن المصلحة العامة تفتضيها، بدون تحديد الفئة الوظيفية التي يشغلها الموظف أو العامل دون قيد على سلطة المحكمة.
الغرض من مشروع القانون:
يكمن الهدف من مشروع القانون في القضاء على العناصر الإرهابية العاملة في كل من الجهاز الإداري للدولة، وحدات الإدارة المحلية والجهات المخاطبة بأحكام قانون الخدمة المدنية، الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، أشخاص القانون العام وشركات القطاع العام، شركات قطاع الأعمال العام، فضلاً عن العاملين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة ومواجهتهم بصورة أوسع وأكثر شمولاً، والجدير بالذكر أنه قد سبق أخذ رأي كل من مجلس الدفاع الوطني، مجلس القضاء الأعلى، مجلس الدولة، هيئة النيابة الإدارية، والمجلس الأعلى للشرطة وذلك طبقاً لأحكام المواد (185، 203، 207) من الدستور.
كما أشار تحقيق اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة القوى العاملة إلى أن مشروع القانون المعروض على المجلس يأتي كاستحقاق دستوري للحفاظ على الأمن القومي المصري ولمكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية وذلك ضماناً لحسن الأداء الوظيفي والحفاظ على المال العام، كما أنه يأتي متسقاً مع المادة (237) من الدستور والتي تنص على أن ” تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله وتعقب مصادر تمويله وفق برنامج زمني محدد باعتباره تهديداً للوطن وللمواطنين مع ضمان الحقوق والحريات العامة.
اتجاهات بشأن مشروع القانون:
انقسمت الآراء حول مشروع القانون إلى اتجاهين رئيسيين، أما الأول فيتمثل في الاتجاه المؤيد، والذي يذهب أنصاره إلى أن هذا المشروع ضروري لتطهير مؤسسات الدولة من الفكر الراديكالي (المتطرف)، ويحافظ على الجانب الاجتماعي من خلال منح المعاش الكامل لمن يتقرر فصله، كما أنه يمنح من يتم فصله الحق في الطعن على القرار أمام القضاء الإداري، مع التأكيد على أنه لن يكون هناك احتمالية لاستخدام شبهة الانتماء الفكري للإخوان في شكاوى كيدية أو تعسف ضد العمال من خلال أجهزة الدولة المختلفة التي ستتابع تطبيق الرؤساء والمديرين في المؤسسات الحكومية للقانون، ومن ثم عدم السماح بأن يتم تكييفه وفقاً للأهواء والمصالح الذاتية.
بينما، يكمن الثاني في الاتجاه المعارض، والذي يذهب أنصاره إلى أن هذا القانون قد يفتح الباب على مصراعيه أمام الانتقام الكيدي بين الموظفين، وقد يتحول إلى أداة ضد أي معارض أو رافض لتصرفات الرؤساء بالمؤسسات الحكومية، كما أن فصل أشخاص لم يرتكبوا جرائم مهما كانت أفكارهم قد يزيد من وقائع الإرهاب في المجتمع ويحول أشخاصاً مسالمين إلى العنف والهدم بسبب فقدان مصدر الدخل.
انعكاسات محتملة:
ستتوقف التداعيات المحتملة والممكنة لهذا القانون على أمرين رئيسيين، وهما مدى الالتزام بضوابط وآليات التنفيذ الواردة به، وإخضاعه للحوار المجتمعي الشامل من قِبل ممثلين من الفصائل السياسية والقوى المجتمعية، وهو ما سوف يسهم في التقليل من حالة الجدل المثارة بشأنه ولاسيما النقاط المتعلقة بضوابط التنفيذ، ومن ثم تقليص احتمالية وجود إشكاليات مصاحبة للممارسة والتطبيق، والتي ستؤثر حتماً على كفاءة وفعالية هذا القانون في مواجهة الأفكار الراديكالية (المتطرفة) القائمة في إطار مؤسسات الجهاز الإداري للدولة، والتي من شأنها أن تقوض مسيرة الاستقرار والتنمية التي بدأتها الدولة المصرية منذ نحو سبعة أعوام مضت والتي بدأت منذ منتصف عام 2014م وصولاً لتأسيس الجمهورية الجديدة وذلك بما يتسق مع استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، والتي تمثل إطار التخطيط الاستراتيجي للدولة على مدى عقد ونصف من الزمان، ولاسيما المحور المتعلق بالكفاءة والشفافية في المؤسسات الحكومية.
وعلى ما سبق، يمكن التأكيد على أن تداعيات مشروعات القانون في حالة إقراره وفي ظل الحرص الكامل على ما تم الإشارة إلية سابقا، تتمثل فيما يلي:
(&) تقليل معدل الإضرار في القطاعات التي تعرض المواطنين للموت، والتي قامت جماعة الإخوان باستهدافها منذ ثورة الـ 30 من يونيو بهدف ضرب ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، تتمثل أهم هذه القطاعات في قطاع الكهرباء منها مشاكل ارتفاع الفواتير وسوء التعامل مع المتعاقدين أثناء التحصيل، وقطاع النقل والمواصلات منها على سبيل المثال حوادث القطارات، وقطاع التموين وهذا كان مُشاهد بعد الثورة، حيث لجأت بعض عناصر الجماعة إلي بقاء السلع التموينية في المخازن لفترة طويلة دون توزيعها. هذا بالإضافة إلى سرعة الانجاز وتقليل معدل الإهدار في الوقت إثناء العمل.
(&) ضبط أداء المسئولين وقيادات العمل، فوفقا لبعض المراقبين أنه بمجرد مراقبة الموظفين المتعاطفين مع فكر الجماعة الإرهابية تتحول مسئولية الانجاز والأخطاء في نفس الوقت على القيادة التي تتحمل المسئولية المباشرة. فربما يؤدى مراقبة أو فصل تلك العناصر من القطاعات المختلة مع مراعاة ما تم ذكره في بداية التقرير إلى وقوع المسؤولية الأدبية والقانونية والجنائية على قائد العمل.