استراتيجية شاملة: كيف ساهم البنك الزراعي المصري في دعم التنمية خلال الـ 4 سنوات الأخيرة؟

فى الوقت الذى كان فيه للنشاط الزراعى نصيب كبير من الإصلاحات والإنجازات التى شهدتها جميع الأنشطة الاقتصادية بعد ثورة 30 يونيو 2013، كان للبنك الزراعى المصرى دورًا بارزًا فى الإنجازات التى تمت بهذا النشاط الحيوى، من خلال التسهيلات العديدة للمزارعين والمبادرات التى تم الإعلان عنها ومساهمته الكبيرة فى دعم وتمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والمبادرة الرئاسية (حياة كريمة) وغيرهم من السياسات والبرامج والمساهمة تمويل الأنشطة الاقتصادية الأخرى أيضًا، كما شهد البنك عملية تطوير شاملة على كافة المستويات سواء على مستوى تحسين جودة الخدمات المصرفية، أو من خلال تنويع المنتجات واستحداث منتجات جديدة، وتأسيسًا على ما سبق، سيتم فيما يلى رصد وتحليل لأبرز سياسات ومبادرات وبرامج البنك الزراعى المصرى بعد ثورة 30 يونيو وحتى تاريخه.

تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر:

ساهم البنك الزراعى فى تقديم العديد من التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر عبر جهاز تنمية المشروعات، وهو الجهاز الذى تم إنشاؤه بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 947 لسنة 2017 والمعـدل بالقرار رقم2370  لسنة 2018 ليحل محل الصندوق الاجتماعى للتنمية المنشأ عام 1991، حيث يشارك البنك فى تقديم التسهيلات الائتمانية لكافة المجالات وبالأخص فى التنمية الزراعية الشاملة والتنمية الريفية والبيئية من خلال إقراض العملاء في برامج ومشروعات الإنتاج النباتى والثروات الحيوانية والداجنة والسمكية وإنتاج العسل ومشروعات التنمية الريفية والبيئية والتسويق والتصنيع الزراعى والإنشاء والتطوير، هذا إلى جانب تقديم التمويل  إلى كافة الأنشطة الاقتصادية الأخرى بخلاف الأنشطة الزراعية كالتمويل العقارى والتأجير التمويلى والتشييد والبناء والمعلومات والاتصالات وغيرهم من الأنشطة، وكذلك التسهيلات الائتمانية للأنشطة البنكية الأخرى.

كما عمل البنك على دعم وتمويل المشروع القومى لإحياء البتلو، والذى يستهدف تحقيق اكتفاء الذاتى من اللحوم الحمراء لتقليل الفجوة الغذائية؛ حيث يمول البنك حاليا نحو 18,500 مربى بإجمالى نحو 238 ألف رأس وبتمويل تجاوز  مبلغ ثلاثة مليارات جنيه.

المساهمة فى المبادرة الرئاسية (حياة كريمة):

بخلاف التسهيلات المتعددة التى قام بها البنك الزراعى خلال السنوات الأخيرة بهدف تحقيق التنمية الريفية، لم يكتفي البنك الزراعى بتمويل المشروعات التى تدخل ضمن نطاق المبادرات التى يعلن عنها فقط، بل يشارك البنك الزراعى بخطة عمل مكثفة فى كل المراكز والقرى التى تستهدفها المبادرة الرئاسية (حياة كريمة) والتى تعتمد على تنفيذ مجموعة من الأنشطة الخدمية والتنموية التى من شأنها ضمان حياة كريمة للمواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجا في الريف والمناطق العشوائية في الحضر، واتخذت مساهمة البنك فى هذه المبادرة اثنين من الأشكال، هي:

(*) إطلاق برنامج “باب رزق”: من خلال إطلاق برنامج التمويل متناهى الصغر (باب رزق) فى أكثر من 200 قرية؛ بهدف توفير التمكين الاقتصادى للمرأة الريفية اقتصاديا وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب؛ وذلك من خلال قيام البنك بتخصيص نحو 100 مليون جنيه لتمويل البرنامج، الذى يمنح قروضا ميسرة تبدأ من 2000 جنيه حتى 10 آلاف جنيه دون أى مصاريف بنكية وتقديم العديد من التسهيلات.

(*) إنشاء فروع جديدة بالريف: ضمن خطة توسيع نطاق عمل البنك الزراعى وتسهيل الوصول إلى خدماته، قام البنك بالتوسع فى إنشاء فروع جديدة للبنك فى القرى التى تتضمنها  مبادرة (حياة كريمة) وتطوير فروع البنك القائمة بها، بالإضافة إلى توفير ماكينات الصراف الآلي  بجميع القرى.

تسوية ديون المتعثرين:

أطلق البنك الزراعي المصري مبادرته الوطنية لتسوية ديون كافة عملاء البنك المتعثرين في 24 يناير 2021، والتي يستفيد منها 328 ألف عميل تتراوح مديونياتهم من 25 ألف أو أقل إلى 10 مليون جنيه، وذلك في إطار الدور الوطني للبنك الزراعي المصري وحرصه على تنمية وتطوير القطاع الزراعي وعودة مئات الآلاف من الفلاحين والمنتجين الزراعيين إلى العمل والإنتاج مرة أخرى، حيث تتيح المبادرة إجراء تسوية كاملة لمحفظة القروض المتعثرة في البنك، والتي تبلغ نحو 6.3 مليار جنيه وتتضمن 3.9 مليار جنيه إجمالي أصل مديونيات ونحو 2.4 مليار جنيه إجمالي عوائد متراكمة، على أن تنتهي هذه المبادرة في 30 يونيو 2021، وسيحصل البنك ما قيمته 1.750 مليار جنيه من المبادرة مقابل إعفاء المزارعين من المبلغ المتبقي، كما سيتم التنازل عن كافة القضايا والأحكام القضائية الصادرة ضدهم وإبراء ذمتهم من أي مديونية.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على بيانات صحفية للبنك الزراعى المصرى

وتقسم هذه المبادرة العملاء المتعثرين إلى شريحتين، تتضمن الشريحة الأولى العملاء الذين يبلغ أصل مديونياتهم 25 ألف جنيه أو أقل فقط، ويستفيد منها نحو 307 آلاف عميل ومعظمهم من صغار المزارعين، ويبلغ إجمالي أصل المديونيات التي سيتم إسقاطها عن هؤلاء العملاء نحو 415 مليون جنيه، بالإضافة إلى العوائد التي تبلغ نحو 226 مليون جنيه، وسيتم التسوية في هذه الحالة بالإعدام النهائي لكامل المديونية.

أما الشريحة الثانية، فتشمل العملاء الذين تتجاوز أصل مديونياتهم 25 ألف جنيه وحتى 10 ملايين جنيه سواء للأفراد أو الشركات، ويبلغ عددهم نحو 21 ألف عميل بإجمالي أصل مديونيات قيمتها نحو 3.5 مليار جنيه بالإضافة إلى العوائد التي تبلغ نحو 2.2 مليار جنيه، حيث سيقوم البنك في هذه الحالة بإسقاط 50% فقط من هذه الديون، بشرط سداد العميل 50% من أصل المديونية.

وتحقق هذه المبادرة عددا من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية من بينها:

  • تعزيز نتائج مبادرة الرئيس “عبد الفتاح السيسى” لتنمية الريف المصري.
  • تعزيز جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة قطاع عريض من العاملين في القطاع الزراعي .
  • دعم المزارعين ومنتجي الثروة الحيوانية .
  • دعم وتحفيز عملاء البنك المتعثرين لتمكينهم من التعامل مجدداً مع الجهاز المصرفي .
  • إعادة المتعثرين من صغار المزارعين ومنتجي الثروة الحيوانية لسوق العمل والإنتاج.
  • تحسين مستوى معيشة قطاع عريض من العاملين في القطاع الزراعي .
  • استعادة شريحة كبيرة من العملاء المتعثرين للتعامل مجددا مع البنك الزراعي المصري وفق ضوابط ائتمانية جادة.
  • تحقيق أقصى عائد من الإنتاج الزراعي والحيواني وزيادة فرص العمل في هذا القطاع
  • مد جسور الثقة مع عملاء البنك للتأكيد على قدراته على مواصلة تقديم كافة أوجه الدعم والتمويل لصغار المزارعين .
  • إعادة فتح صفحة جديدة مع عملاء البنك المتعثرين ممن لديهم الرغبة في مواصلة الإنتاج.
  • السماح للعملاء بالحصول على تمويلات جديدة من البنك وفقاً للبرامج والمبادرات التمويلية التي يتيحها البنك لعملائه بتيسيرات وتسهيلات كبيرة لتمويل مشروعات الإنتاج الزراعي والحيواني.

المساهمة فى المشروعات القومية الكبرى:

انطلاقًا من دور المسئولية المشتركة يقوم البنك بشكل مستمر بعمل زيارات ميدانية تستهدف تفقد المشروعات الزراعية الكبرى بجميع المحافظات، خاصة المناطق التنموية الجديدة التي تحتضن المشروعات القومية الكبرى، وذلك بهدف تقديم كافة سبل الدعم والتمويل الممكنة لتلك المشروعات بما يحقق الهدف الحكومي بدعم المميزات التفضيلية التي يتمتع بها القطاع الزراعي وزيادة حجم الاستثمارات.

المشاركة فى تدشين المنصة الزراعية الإلكترونية:

دشنت وزارة الزارعة والبنك الزراعي المصرى المنصة الإلكترونية AgriMisr.com، لتصبح المنصة الأولى والوحيدة المتخصصة في كل عمليات دعم القطاع الزراعي في مصر، بالتعاون مع شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية “e-finance”، وتوفر هذه المنصة عددا من الخدمات، وهى:

  • مفهوم جديد لتسويق المنتجات الزراعية في مصر، وتوسيع قاعدة السوق وربط التجار بالمزارعين مع تنظيم حركة الوسطاء.
  • طرق الدفع والتحصيل الالكترونية والتقليدية وتجنب مخاطر التعاملات النقدية.
  • توفير حلقة وصل بين المنتجين والتجار والموزعين والمستهلك والدولة والمؤسسات المالية.
  • عروض مميزة على بيع المعدات والآلات والأجهزة التكنولوجية الحديثة.
  • توفر فرص استثمارية جديدة في المجال اللوجستي والتوزيع من خلال خدمات الحفظ والتعبئة والتغليف والتوصيل.
  • الإرشاد الزراعي والمعلوماتي للمنتجين (الطب البيطري- المهندسين الزراعيين).
  • المساهمة في تطبيق أحدث المعايير والمقاييس الدولية المرتبط بنظام الإنتاج والتصنيع الزراعي والداجني والحيواني والسمكي.
  • عرض وتجارة مدخلات ومستلزمات الإنتاج الزراعي والحاصلات الزراعية.
  • الوصول إلى أكبر قاعدة بائعين ومشتريين من مزارعين وشركات وتجار وموزعين
  • الوصول إلى الأسواق الدولية وتسهيل عملية التصدير.
  • الدفع الالكتروني وتحصيل الأقساط والربط مع قنوات التوزيع والتحصيل.

إطلاق استراتيجية التطوير 2021-2023:

استكمالا للسياسات التى اتخذها البنك الزراعى منذ ثورة 30 يونيو، والتي أحدثت طفرة حقيقة فى محفظة القروض بالبنك وساهمت فى دعم وتعزيز الجهود الحكومية لتطوير القطاع الزراعى، أعلن البنك فى الأول من ديسمبر 2020 عن استراتيجية الجديدة 2021 – 2023، والتى تشمل مجالات الدعم المالي والهيكلة المالية وتدعيم القاعدة الرأسمالية للبنك، ومجالات الدعم البشري وتقديم الاستشارات ومتابعة وتنفيذ مشروعات التطوير في مجالات التكنولوجيا ونظم الدفع، حيث ترتكز الاستراتيجية على عدد من المحاور من بينها أن يكون البنك ضمن أكبر البنوك فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تنمية القطاع الزراعى ودعم الفلاح والمزارع المصرى وتمويل سلاسل القيمة المضافة الزراعية ودعم خطط الدولة فى القرى وتنمية الريف المصرى، بالإضافة إلى جعل البنك الزراعى هو بنك الشمول المالى الأول فى مصر وذلك بإدخال شرائح جديدة من المواطنين إلى الجهاز المصرفي من خلال التوسع في إنشاء فروع جديدة للبنك في كافة المحافظات، ليرتفع عدد الفروع من 1200 فرع في الوقت الحالي إلى 2000 فرع.

مؤشرات ملموسة:

كان التطور الكبير فى حجم القروض التى قدمها البنك الزراعى منذ العام 2013/2014 شاهدًا على مدى التقدم والنجاح للسياسات التى اتبعها البنك منذ ثورة 30 يونيو، ففى العام 2018/2019 بلغ حجم القروض قصيرة الأجل التى قدمها البنك للسلف الاستثمارية 6.2 مليار جنيه مقارنة بـ 5 مليار فى العام 2013/2014، وبلغت القروض متوسطة الأجل نحو 7 مليار جنيه مقابل حوالى 3 مليار فى العام 2013/2014، أما القروض طويلة الأجل فقد بلغت 691.6 مقارنة بـ 193 مليار جنيه.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء

كما نلاحظ أن النمو الكبير والسريع فى محفظة القروض خلال هذه الفترة كان فى القروض متوسطة الأجل، والتي تشكل القروض الزراعية فيها ما يزيد عن 55% من حجم المحفظة الائتمانية.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

وبحسب أحدث الإحصائيات الصحفية المنشورة عن البنك الزراعي، فإن البنك شهد نمواً ملحوظاً في محفظة القروض خلال العام السابق 2020، حيث زاد حجم المحفظة من 34 مليار جنيه في مارس 2020 إلى 44.5 مليار جنيه بنهاية العام، وبلغت قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر نحو 31 مليار جنيه، بينما بلغ حجم محفظة الودائع نحو 73.5 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2020 مقارنة بنحو 63 مليار جنيه في مارس 2020، وعلى مستوى عدد حسابات المزارعين بالبنك فقد بات يتعامل مع البنك  نحو 3.5 مليون حساب للمزارعين.

حاصل القول، ساهمت سياسات البنك الزراعى المصرى منذ ثورة 30 يونيو فى دعم وتعزيز الجهود الحكومية بالقطاع الزراعى والمبادرة الرئاسية (حياة كريمة)، وهى السياسات التى اتسمت بإمكانية التطبيق والتوقيت المناسب والتأثير الملموس الفعال، وبما يتفق مع استراتيجية الدولة لتعظيم الفرص الإنتاجية الكامنة في مجال استصلاح الأراضي والإنتاج الزراعي في رؤية مصر 2030، بما سينعش القطاع الزراعى المصرى، ويساعد على سد الفجوة في السوق المحلى ما بين الإنتاج والاستيراد.

 

قمر ابو العلا

باحثة مشاركة بوحدة دراسات مصر، وباحثة دكتوراة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، شاركت في العديد من التقارير والدراسات الاقتصادية والاجتماعية في الشئون المصرية والخارجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى