كيف أدت استراتيجية التطوير الشاملة إلى تحسين التصنيف العالمي للجيش المصرى؟

فرضت بعض التطورات فى المنطقة أن يكون الجيش المصرى على أهبة الاستعداد، وتبنيه خطة استراتيجية شاملة للتطوير، واستعراض قوته بشكل مستمر وعقد المناورات والتدريبات المشتركة مع الدول الأخرى، لاسيما بعد أن استطاع الجيش المصرى القضاء على الإرهاب الذى خلفته الجماعات التي تنسب نفسها للإسلام فى الداخل وإعلان رفضه أية تحركات خارجية قد تهدد من الأمن القومى المصرى، والظهور ضمن أقوى عشرة جيوش فى العالم منذ العام 2020 والحفاظ على تصدره الجيوش العربية والإفريقية عام 2021 وفقا لمؤشر القوة PWR index، الذى يصدره موقع Global Firepower المتخصص في تصنيف قوة الجيوش العالمية.
ويتناول هذا التقرير رصد وتحليل تطور الترتيب العالمى للجيش المصرى وفقًا لتصنيف مؤشر PWR index منذ عام 2009 ومقارنته بجيوش المنطقة، والجهود الحكومية المبذولة لتطوير قدراته وإمكانياته.
الترتيب العالمى للجيش المصرى:
وفقا لمؤشر القوة PWR index، والذى يصدره موقع Global Firepower المتخصص في تصنيف قوة الجيوش العالمية، بناءا على أكثر من 55 معيار لتقييم 140 دولة حسب قدراتها العسكرية منها الأسلحة والقوة البشرية والعوامل الجغرافية والموارد الطبيعية، والذى يعتبر أشهر المؤشرات التى يمكن الاعتماد عليها فى تصنيف الدول من حيث قوتها العسكرية، شهد تطور الترتيب العالمى للجيش المصرى خلال الفترة (2009-2021) تحسنًا ملحوظًأ، ليصعد من الترتيب السابع عشر فى عام 2009 إلى الترتيب الرابع عشر عام 2014، ثم يصبح من ضمن أقوى عشرة جيوش على مستوى العالم عام 2020، قبل انخفاض التصنيف إلى المركز الثالث عشر عام 2021، تأثرًا بتحسن بعض المؤشرات الداخلة فى حساب المؤشر لثلاث دول (البرازيل، إيطاليا، باكستان) أدت إلى انخفاض قيمة مؤشر القوة PWR index، والذى يعتبر انخفاضه هو المؤشر على تحسن ترتيب الدولة، حيث يعتمد مؤشر القوة على مؤشرات أخرى بخلاف عدد وأسلحة الجيوش، ومنها القوة البشرية والعوامل الجغرافية والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى ثبات مراكز أقوى 8 جيوش على مستوى العالم (الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، الهند، اليابان، كوريا الجنوبية، فرنسا، إيطاليا، المملكة المتحدة).
وبعقد مقارنة بين الدول التى تسبب تقدمها فى مؤشر القوة عام 2021 إلى تراجع ترتيب الجيش المصرى إلى المركز الثالث عشر، والذى يُعد مستوى متقدمًا أيضًا، نجد أن أبرز العوامل المؤثرة فى تقدم ترتيب هذه الدول ما يلى:
(*) البرازيل: والتى تحتل المركز التاسع عالميا، تحتل الترتيب السابع عالميا من حيث عدد السكان والذى يتجاوز 211 مليون نسمة مقابل 104.124 مليون نسمة فى مصر، ويؤثر بذلك على عدد حجم القوة العاملة وعدد الأفراد المتاحين للقتال والأفراد فى سن الخدمة العسكرية سنويًا، وبالتالى ارتفاع ترتيبها العالمى عن مصر فى هذه المؤشرات، كما تمتلك البرازيل احتياطى أجنبى قويًا على الرغم من ارتفاع ديونها الخارجية مقارنة بمصر، وعلى الجانب الأخر فى أعداد الطائرات سواء المقاتلة أو المهاجمة، وكذلك الأساطيل البحرية وحاملات الطائرات وعدد الموانئ ومحطات التبادل، فعلى سبيل المثال تحتل مصر الترتيب العاشر عالميا فى أعداد الطائرات مقارنة بالترتيب السابع عشر للبرازيل، والثانى عشر فى الطائرات المقاتلة مقابل 38 لنظيرتها، والثامن فى المركبات المدرعة مقابل 34 للبرازيل.
(*) باكستان: والتى احتلت الترتيب العاشر عالميا، تحتل الترتيب الرابع من حيث عدد السكان، والذى يتجاوز 223.5 مليون نسمة، ويؤثر بذلك على عدد حجم القوة العاملة وعدد الأفراد المتاحين للقتال والأفراد فى سن الخدمة العسكرية سنويًا، كما تملك باكستان عدد طائرات يبلغ 1364 طائرة متجاوزا نظيره فى مصر البالغ 1053، وعلى الرغم من ذلك تتفوق مصر على باكستان فى عدد طائرات الهيلكوبتر المهاجمة والتى يبلغ عددها 91 طائرة مقابل 53 طائرة بنظيرتها، مما يجعل القاهرة فى المركز السابع عالميا فى هذا المؤشر مقابل المركز 11 لباكستان، كما تتفوق مصر على باكستان فى عدد المركبات المدرعة وامتلاكها لاثنين من حاملات الطائرات.
(*) تركيا: يتفوق الجيش المصرى على الجيش التركى، والذى يأتى فى الترتيب الحادى عشر عالميا، فى عدد السكان وبالتالى عدد الأفراد المتاحين للقتال والأفراد فى سن الخدمة العسكرية سنويًا، كذلك من ناحية أعداد الطائرات المقاتلة والأسطول البحرى وحاملات الطائرات وعدد الموانئ محطات التبادل، ويرجع سبب سباق الجانب التركى فى الترتيب العالمى للجانب المصرى إلى زيادة ميزانية الدفاع لأنقرة عن مصر بمقدار نحو 7 مليار دولار وتركيز تركيا على زيادة أعداد الطائرات لديها خلال عام 2020 وامتلاكها لاحتياطي من النقد الأجنبى قوى.
(*) إيطاليا: والتى تحتل الترتيب الثانى عشر عالميا تمتلك ميزانية للدفاع تفوق نظيرتها فى مصر بنحو 20.5 مليار دولار ولديها احتياطى أجنبى قوى وشبكة أكبر من خطوط السكك الحديد، فيما يتفوق الجيش المصرى على نظيره الإيطالى والذى يأتى فى الترتيب الثانى عشر عالميا، فى عدد السكان وبالتالى عدد الأفراد المتاحين للقتال والأفراد فى سن الخدمة العسكرية سنويًا، كما يعتبر الجيش المصرى، هو الأقوى بما يمتكله من أسلحة ومعدات برا وجوا وفى حجم الأسطول البحرى وامتلاكه لاثنين من حاملات الطائرات.
المؤشر | مصر | البرازيل | باكستان | تركيا | ايطاليا |
قيمة مؤشر القوة (درجة)-كلما انخفضت قيمة المؤشر دل ذلك على زيادة قوة الدولة | 0.2216
|
0.2026 | 0.2073 | 0.2109 | 0.2127 |
إجمالى السكان (نسمة) | 104,124,440 | 211,715,973 | 223,500,636 | 82,017,514 | 62,402,659 |
إجمالى القوة المتاحة | 42,691,020 | 107,975,146 | 96,105,273 | 41,874,832 | 28,081,197 |
إجمالي القوى المتاحة الصالحة للخدمة | 35,860,457 | 85,300,366 | 75,923,166 | 35,174,859 | 22,745,769 |
الأفراد الذين يصلون إلى سن الخدمة العسكرية | 1,542,000 | 3,412,015 | 4,327,620 | 1,542,000 | 568,644 |
الانفاق العسكرى (مليار دولار) | 10 | 29.3 | 12.3 | 17,3 | 30,5 |
الدين الخارجي (مليار دولار) | 77.5 | 547,4 | 82.2 | 452,4 | 2,444 |
الاحتياطى من النقد الأجنبى (مليار دولار)- أخر تحديث للمؤشر فى 1 مارس 2021 | 35.89 | 374 | 18.5 | 107.7 | 151,2 |
إجمالى الطائرات | 1053 | 676 | 1364 | 1056 | 876 |
إجمالى الطائرات المقاتلة | 250 | 43 | 375 | 206
|
92 |
عدد طائرات الهيلكوبتر المهاجمة | 91 | 12 | 53 | 104 | 59 |
إجمالى عدد طائرات الهيلكوبتر | 304 | 117 | 331 | 471 | 410 |
عدد المركبات المدرعة | 11000 | 2000 | 9635 | 11630 | 8500 |
الأسطول البحرى (القطع البحرية) | 316 | 112 | 100 | 149 | 249 |
حاملة الطائرات Helo carriers | 2 | 1 | 0 | 0 | 0 |
عدد الموانئ ومحطات التبادل | 11 | 17 | 2 | 10 | 14 |
المساحة المغطاة بخطوط السكك الحديد (كم) | 5,083 | 28,538 | 7.791 | 8,699 | 20,255 |
ومما سبق، نجد أن المؤشر الخاص بحجم ميزانية الدفاع كان له دور فى التأثير على قيمة مؤشر القوة لمصر عام 2021 مقارنة بالدول الأربعة التى تقدمت فى الترتيب العالمى وكانت سببا فى تراجع ترتيب مصر بالمؤشر 4 مراكز والتى وقفت جائحة كورونا وما فرضته من أولويات بالموازنة العامة دون القدرة على زيادة هذه الميزانية، والتى بلغت 10 مليار دولار عام 2021 مقارنة بـ 11.2 مليار دولار عام 2020، كما أن تفوق بعض الدول فى عدد السكان وبالتالي الأفراد العسكريين كان عاملا مؤثرا أيضًا، ولكن على الجانب الأخر ظل الجيش المصرى متفوقا بإمكانياته البرية والجوية والبحرية، والذى أكدت عليها المؤشرات الأخرى الداخلة فى حساب مؤشر القوة.
مقارنة الجيش المصرى بجيوش المنطقة:
يعتبر الجيش المصرى، هو أقوى الجيوش الإفريقية وفى صدارة الترتيب العالمى للدول الإفريقية من حيث مؤشر القوة بشكل مستمر، وهو الثانى وفقا لهذا المؤشر على الشرق الأوسط بعد أن أصبح فى الترتيب الثالث عشر عالميا للعام 2021، مقارنة بالمركز الأول بمنطقة الشرق الأوسط العام السابق 2020.
الجهود الحكومية المبذولة لتطوير الجيش المصرى:
جاء التقدم فى الترتيب العالمى للجيش المصرى منذ عام 2012 وحفاظه على الوجود بمقدمة الجيوش العربية والإفريقية ووقوعه ضمن أقوى عشرة جيوش فى العالم عام 2020، نتيجة لسياسة ناجحة هادفها الأساسى تقوية دعائم القوات المسلحة المصرية برا وجوا وبحرا، من خلال مجموعة من الجهود المتمثلة في تبنى استراتيجية تطوير شاملة ركزت على كل ما يتعلق بالقوات المسلحة وليس فقط شراء المعدات والسلاح، فقد شملت شراء حاملات المروحيات والفرقاطات ولنشات الصواريخ وإدخالها للخدمة بالقوات البحرية وأسراب المقاتلات والمروحيات المقاتلة والهجومية الروسية والفرنسية كالرافل للخدمة بالقوات الجوية وناقلات الجند المدرعة المتطورة، إلى جانب الاتجاه نحو توطين العديد من الصناعات الدفاعية وافتتاح عدة قواعد بحرية وجوية (قاعدة محمد نجيب العسكرية، سيدى برانى العسكرية، قيادة الأسطول الجنوبي بالبحر الأحمر) وتطوير مشروعات الطرق والسكك الحديدية ومشروعات تطوير المرافئ البحرية والجوية والبرية.
هذا إلى جانب الحرص على تنويع مصادر السلاح المصرى بين الأمريكى والروسى والفرنسى والصينى، وزيادة معدلات صفقات السلاح، والحرص على تمتع القوات المسلحة بأعلى درجات التدريب واختباره من خلال المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة مع جيوش دول أخرى،
إجمالا يمكن القول، إن الجيش المصرى على الرغم من وقوعه بالترتيب الثالث عشر عالميا بمؤشر القوة للعام 2021، إلا أنه من الناحية الفاعلية ووفقا لنتائج العديد من المؤشرات الداخلة فى حساب المؤشر يعتبر من ضمن أقوى عشرة جيوش فى العالم، حيث ساعدت خطة التطوير النوعى والكمى التى اعتمدتها القوات المسلحة المصرية منذ عام 2014 على زيادة قوة الجيش المصرى واستعداده للتصدى بكل حزم وقوة وسرعة ودقة عالية لمن يفكر بالمساس بأمن مصر القومى.