الدين عند الله الإسلام
حينما كلف الله رسوله بحمل خطابه للناس ورسالته من أجل إرشادهم وهديهم إلى طريق الحق والنور، الذي حمله لهم رسوله الكريم ليبلغهم بآيات القرآن الكريم، ليبين لهم سبل العيش الكريم في ظل التراحم والعدل وحرية العقيدة للناس أجمعين يدعوهم في كتابه الكريم إلى تطبيق تشريعاته واتباع عظاته والتعامل فيما بين الناس بقيم الفضيلة والأخلاق الكريمة في منهاجه الإلهي ليسيروا على هداه في الحياة الدنيا في ظل الأمن والسلام دون خوف أو فزع يضيق عليهم سكينتهم.
وقد وضع الله للناس حق الاختيار في الطريق الذي يقررون إتباعه، إما طريق الحق وإما طريق الباطل، فقال سبحانه.. (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) سورة (طه:123-124)، كما أمر الله سبحانه كل الناس بالتقيد بإتباع كتابه، وحكمة آياته ليحقق لهم المنفعة والخير في الحياة الدنيا ويجازيهم يوم القيامة بما طبقوه من التشريعات الإلهية وإتباع منهاجه في التعامل والسلوك متبعين الأخلاق القرآنية ومنفذين الابتعاد عن محرماته، وقال سبحانه يدعوهم بإتباع قرآنه.. (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ) سورة (الأعراف:3)، يحذرهم سبحانه بعدم اتباع كتب غير القرآن وفتاوى لم يتنزل بها سلطان وأكاذيب تم تزويرها على عقيدة الإنسان، وبالتالي سيجدون أنفسهم يوم القيامة في خسران، ولذلك جعل الله القرآن المرجعية الوحيدة لدين الإسلام حتى لا يضللهم أعوان الشيطان، ومن أجل ذلك حذرهم سبحانه من التفرق، ومن أن تأخذهم أقوال البشر بعيدا عن دين الإسلام، وقد حذر المسلمين من التفرق بقوله.. (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) سورة (الأنعام: 159)، فالله يبلغ رسوله بأن المسلمين سيتفرقون إلى فرق وطوائف، وسوف يؤدي ذلك إلى الصراع والقتال فيما بينهم إلى سفك دماء الأبرياء واستباحت المحرمات والاعتداء على التشريعات الإلهية لتحل البغضاء بدل المودة، ويحل الخصام بدل الوئام لأنهم عصوا أمر الله، كما أمرهم بإتباع كتاب الله واتبعوا كتب البشر، وما سمي بالأئمة والمفسرين وناقلي الروايات، فتفرقوا وفق تعدد المرجعيات البشرية التي غررت بالمسلمين واستدرجتهم إلى طريق الباطل بما شحنت العقول بالسموم والروايات الكاذبة والتحريف، فوقع الخلاف بين المسلمين وتعددت المذاهب، وأضلتهم عن دين الإسلام حين ابتعدوا عن رسالة الإسلام التي بلغها الرسول الأمين عليه السلام.
والشرط الأساسي لصحة إسلام المرء اعتماده كليا على مرجعية القرآن كما أمر الله الناس بقوله.. (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، وحذرهم بقوله.. (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) فأبوا إلا أن يعصون الله، فحق عليهم عقابه، ولذلك قال سبحانه مخاطبا رسوله الكريم وآمرا له (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) سورة (الزخرف: 43-44)، تؤكد الآيتين الكريمتين أن مرجعية الإسلام، هو كتاب الله وآياته مرجعية وحيدة لدين الإسلام، ولذلك كلفه الله سبحانه بالتمسك بقرآنه، وأمر بتذكير قومه باتباعه والتمسك بكتابه، وسوف يسألون عنه يوم القيامة وعن مدى تمسكهم بكتابه في حياتهم الدنيا وكل على أساسه سينال جزاءه، لذلك يؤكد الله على الناس بقوله.. (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) سورة (آل عمران: 85).
فما عاشه المسلمون في الماضي، ويعيشونه اليوم من تفرق إلى جماعات وطوائف، إنما سببه إلى اختلاق مذاهب متعدد ما أنزل الله بها من سلطان، ومن يريد الإسلام الحق والإسلام الخالص عليه أن يؤمن بوحدانية الله لا شريك له، وبكتاب الله الذي لا ند له، وبرسوله محمد عليه السلام إمامًا أوحدا كلفه الله وحده بتبليغ كتابه للناس وعلمهم إقامة شعائر العبادات من صلاة وزكاة وصيام وحج، كما علم الناس قيم الإسلام وأخلاقياته من خلال ممارستها على أرض الواقع في علاقاته المختلفة مع كل الناس دون تفرقة لدين أو مذهب، وذلك من أجل أن يتأسى المسلمين به ويتخذوه قدوة في تعاملهم بالإحسان والمعروف والرحمة والعدل ودعوتهم للتعاون في كل ما يحقق مصالحهم وأمنهم واستقرارهم كما قال سبحانه.. (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان) سورة (المائدة: 2)، ذلك هو الإسلام دين شرعته ومنهاجه القرآن.