سد النهضة الأثيوبي وحقائق تاريخية

د. حسن سليمان.. عضو الهيئة الاستشارية للمركز.
في الأول تجدر الإشارة إلى أن سد النهضة يقام على أراضي مصرية بإقليم بنى شنغول االذي اغتصبته أثيوبيا من “الإقليم الجنوبي للمملكة المصرية” السودان حاليا عام 1902
وتبدأ القصة مع بدايات الاحتلال الانجليزي للسودان حيث وصل الاحتلال الانجليزي إلى أم درمان حينها تدخلت إثيوبيا واحتلت مساحات شاسعة من السودان المصري، شملت مناطق فازوغلي والروصيرص، حينها تمت مفاوضات بين الإنجليز والأحباش مع الملك منليك الثاني، وتمخض هذا الاتفاق على توقيع معاهدة أديس أبابا في العام 1902، حيث نصت تلك الاتفاقية أيضا على ترسيخ الحقوق المائية لمصر في مياه النيل.
وهنا وجب التنويه إلى أنه في 15 مايو 1902 تم توقيع معاهدة بشأن الحدود المصرية مع الحبشة (إثيوبيا)، وهي الاتفاقية التي تم الحصول على صورتها الأصلية من الأرشيف البريطاني، والتي تعهد فيها ملك الحبشة بعدم تشييد أو السماح بتشييد أي عمل على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنه منع جريان المياه إلى النيل، إلا بالاتفاق مع حكومة جلالة الملكة البريطانية وحكومة مصر بالسودان، وفق ترجمة نصوص المعاهدة.
وتنص تلك المعاهدة، والتي تمت بين من لا يملك بتنازله لمن لا يستحق عن إقليم بني شنقول ذي الأغلبية العربية المسلمة، وذلك نظير أن يسحب الأحباش قوات احتلالهم من منطقة فازوغلي والروصيرص عند منطقة باردا بمبدي، التي تعد المدخل الشرقي للنيل الأزرق في الشريط الحدودي وأن يسحب “الأحباش” قواتهم التي هاجمت منطقة القلابات، ويتم تسلمها إلي السلطات المصرية الانجليزية علي اعتبار أنها أراضي مصرية.
أما عن أهالي إقليم بني شنقول الذي احتلته أثيوبيا بموجب معاهدة أديس بابا عام 1902، فلم يعترفوا بالاحتلال الإثيوبي حتى وقتنا هذا، حيث تعتبرهم أثيوبيا مواطنين من الدرجة الثانية، وقام أهالي الإقليم بثورة وتمرد كبير عام 1931، مطالبين بعودة إقليمهم إلي الدولة المصرية علي أساس أن أراضيهم وشعبهم جزء لا يتجزأ من مصر، وتم قم ثورتهم بوحشية من قبل السلطات الحبشية.
ثم عاد أهالي الإقليم للمطالبة بحكم ذاتي خلال فنرو حكم الإمبراطور هيلاسيلاسي ومنقستو، وخاضوا صراع مسلح لتحقيق مطالبهم، ولا تزال قبائل بني شنقول المصرية الأصل تعتبر وصفها بأنها قبائل إثيوبية بمثابة إساءة لها ولتاريخها، خاصة وأن إقليم بني شنقول سواء من الناحية الاجتماعية أو الجغرافية أو السياسية يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الأراضي السودانية الحالية، ولا يزال الإقليم وقبائله مرتبط ارتباط روحيًا وإنتمايا للسودان، وذلك على الرغم من انقضاء أكثر من قرن منذ احتلاله من قبل الأثيوبيين.
تأسيساً على ما سبق، يجب على السودان المطالبة بالإقليم المغتصب من أراضيها ويجب أن تجد السودان الدعم العربي اللازم والواجب لاسترداد حقوقها في أراضيها المنهوبة، وتحثيث أمال قبائل الإقليم في العودة للوطن الأم.
في النهاية، يمكن القول إنه إذا كانت إثيوبيا حالياً تنكر حقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل بموجب معاهدة 1902 بحجة أنها تمت بين المحل الانجليزي، فيجب أن يتم إلغاء المعاهدة بكافة بنودها وعودة إقليم بنى شنغول إلى السودان، وهذا الإقليم يشمل السد وكامل المساحة التي تقع فيها البحيرة خلف السد.