من منطلق الدولة المسئولة.. إلى أين تتجه صناعة السيارات فى مصر؟

فى ظل الاهتمام الرئاسى والحكومى بخلق بيئة مواتية لتحفيز وتشجيع وتوطين صناعة السيارات فى مصر، استغلالا لموقع مصر الاستراتيجي والإمكانيات التى تؤهلها أن تصبح الدولة الأولى عربيًا وإفريقيا فى صناعة السيارات، تفقد الرئيس “عبد الفتاح السيسى” فى 30 أبريل 2021، المجمع المتكامل والمقر الجديد لسوق السيارات علي طريق القاهرة العين السخنة، والذى يعتبر البديل لسوق مدينة نصر المركزي للسيارات بالحي العاشر، تبلغ مساحته نحو 57 فدانا بسعة ٤٠٠٠ سيارة، ويتضمن سلسلة معارض وساحات للسيارات المستعملة والجديدة ومجموعة متكاملة من الخدمات من مراكز فحص وصيانة، واستراحات وكافيهات لخدمة الرواد والعاملين بالمجمع ومكتب للشهر العقاري ووحدات لمرور والشرطة وأفرع للبنوك لتسهيل المعاملات المالية على التجار والموردين.

وجاء هذا المشروع، ضمن الاستراتيجية الوطنية للاتجاه نحو تشجيع سوق السيارات فى مصر، والتصنيع المحلى، للوصول إلى رفع نسبة المكونات المنتجة محليًا في مجال التصنيع من 17% إلى 46% من المنتج النهائي وتصنيع 5000000 سيارة سنويًا بحيث يتم تصدير 100000 سيارة منها، بحلول عام 2022.

وسيتم فيما يلى استعراض واقع صناعة السيارات فى مصر، وأبرز الجهود الحكومية المبذولة فى مجال توطين صناعة السيارات فى مصر، وأثارها الإيجابية المتوقعة.

واقع صناعة السيارات فى مصر:

شهدت صناعة السيارات فى مصر تأخرًا كبيرا لسنوات عديدة، عما حولها من دول إفريقية استطاعت أن تحجز مقعدها بين أعلى الدول المنتجة للسيارات حول العالم، وفى القارة السمراء كالمغرب وجنوب إفريقيا، فلم تكن صناعة السيارات فى مصر بالمستوى الذى يجب أن تكون عليه دولة مثلها تطل على بحرين الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وقناة السويس ولديها من الموانئ والإمكانيات التى تؤهلها أن تكون الأولى عربيا فى ذلك القطاع الهام؛ خاصة وأن هناك طلب محلى متزايد على جميع أنواع المركبات (ملاكي-أتوبيسات-نقل ومقطورات-خدمة عامة-أخرى).

 ففى عام 2019 زاد عدد إجمالى المركبات المرخصة والموجودة بالحركة على مستوى الجمهورية بنسبة74% عن عام 2012،  لتبلغ 11.5 مليون مركبة مقابل 6.6 مليون عان 2016.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على احصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء

كما يوجد من الاتفاقيات التى تساعد مصر فى التقدم فى هذا المجال؛ ومنها اتفاقية أغادير (بين كل من الأردن ومصر وتونس والمرغب) والتى تنطبق على السيارات المستوردة للإتجار فقط والتى تنص على الإعفاء الجمركي لصادرات وواردات دول الاتفاقية من السيارات بشرط ألا تقل نسبة المكون المحلي عن 40 %، كذلك واتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية والتى تشتمل من ضمن بنودها خفض بنسبة 10% من ضريبة الوارد من السيارات منذ عام 2010  بدلا من 40% كانت مطبقة حتى وصلت إلى صفر عام 2019.

أما عن تاريخ صناعة السيارات فى مصر منذ زمن طويل، ففى عام 1951 بدأت أول شركة عالمية في إنشاء مصنع لها بمصر “فورد” بالإسكندرية لإنتاج وتجميع إنتاجها من السيارات، وفى عام 1959 تم إنشاء النصر للسيارات وهى أول شركة مصرية متخصصة فى صناعة السيارات لتجميع السيارات المدنية ولكن شهدت تلك الشركة انخفاضاً حاداً فى الاستثمارات منذ عام 1967، ثم دخلت بعد ذلك العديد من الشركات الأجنبية سوق صناعة السيارات، وفي عام 2000 تم تقسيم شركة النصر إلى أربع شركات لإعادة هيكلة ديونها وبيعها للقطاع الخاص.

وفى يناير 2010 أعلنت وزارة التجارة والصناعة بأنه سيتم تطبيق مخططات جديدة ومعايير الجودة في خلال 8 أشهر على مكونات السيارات المستوردة ولكنها توقفت بسبب أحدث ثورة 25 يناير 2011. ووفقا لتقرير على الموقع الإلكترونى للرابطة المصرية للصناعات المغذية للسيارات، يوجد فى مصر نحو 20 شركة رئيسية مسجلة تعمل فى مجال تصنيع وسائل النقل بأنواعها المختلفة خلاف شركات بناء الأبدان والتجهيزات وأكثر من 375 منشاة مسجلة بالهيئة العامة للتنمية الصناعية تعمل فى مجال الصناعات المغذية للسيارات وأعمال التجهيزات، يعمل بها نحو 50 ألف عامل.

ويوجد حاليا فى مصر عدد من الشركات الأجنبية المصنعة للسيارات منهم(Mercedes, BMW, Peugeot, Suzuki, Hyundai, Nissan, Daewoo, Citroen, Chrysler, Opel, Kia, and Tofas)

وبتتبع إنتاج مصر من السيارات خلال الفترة (1999-2020)، نجد أنه رغم تذبذبه خلال تلك الفترة ووصوله إلى 119.9 ألف سيارة عام 2008، إلا أنه شهد انخفاضاً واضحاً خلال الفترة 2011-2019 وبلغ 18.5 ألف سيارة عام 2019، وبمقارنة ذلك بعام 2008 نجد أن صناعة السيارات انخفضت بنسبة 84.5%، واحتلت مصر المركز 37 عالمياً بين الدول المنتجة للسيارات، ثم ارتفع عدد السيارات المنتجة إلى 23.8 ألف سيارة عام 2020.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على إحصائيات المنظمة الدولية لصناعة السيارات

تكليفات ومتابعة رئاسية:

منذ تولى الرئيس “عبد الفتاح السيسى” فترة رئاسته الأولى عام 2014، أصبح نشاط الصناعة ضمن الملفات ذات الأولوية على طاولة الحكومة المصرية، ولم يكن الاهتمام بالنشاط الصناعى قاصرًا على السلع المصنعة بصفة عامة، بل هناك تركيز واضح على نوعية هذه السلع ومدى احتياج السوق المصرى إليها وقدرتها على إحداث فارق ملحوظ بميزان المدفوعات فى حالة زيادة الاعتماد على التجميع والتصنيع المحلى، حيث باتت تشكل الواردات من سيارات الركوب وأجزاؤها وقطع الغيار ما يزيد عن 2.5% من إجمالى الواردات المصرية، وكانت أعلى قيمة هى 8.43% عام 2015، ثم تراجع الطلب بشكل ملحوظ عام 2017 تأثرا بتعويم الجنيه ولكن ظلت هذه النسبة أعلى من 4%، وعادت إلى الارتفاع مرة أخرى عامى 2018 و2019، لتصل إلى 6% عام 2019.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على إحصائيات مركز التجارة العالمى

وظهر هذا الاهتمام الرئاسى من خلال التكليفات والمتابعة الرئاسية المستمرة لتصنيع السيارات فى مصر لاسيما السيارات الكهربائية ومتابعة استراتيجية الدولة لتوطين الصناعة، ومن بينه عقد الرئيس “السيسى” اجتماعا مع رئيس الوزاراء “مصطفى مدبولى” وعدد من الوزاراء فى 9 مارس 2020، تناول الاجتماع استعراض الاستراتيجية القومية لتوطين صناعة المركبات والصناعات المغذية لها في مصر.

وفى 25 يوليو 2020 وجه الرئيس “السيسى” الحكومة بالتركيز على الآفاق المستقبلية لصناعة المركبات الكهربائية وذلك بالتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، وشهدت الشهور الأربعة الأولى من العام الحالى عدة توجيهات وتكليفات ومتابعة رئاسية فى هذا الاتجاه، ففى 18 يناير 2021، وجه الرئيس “السيسي” خلال اجتماع حضره رئيس الوزراء “مصطفى مدبولى” ومساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية ووزراء الكهرباء وقطاع الأعمال العام والتجارة والصناعة والإنتاج الحربي، ورئيس الهيئة العربية للتصنيع، بمراعاة مبدأ توفير كافة عوامل النجاح للمشروع القومي لتصنيع السيارات الكهربائية في مصر كنهج ثابت لجميع المشروعات والمبادرات التي تنفذها الدولة لضمان تحقيق الأهداف المخطط لها.

كما أصدر الرئيس “السيسى” فى 11 أبريل 2021، توجيها رئاسيا بتوطين صناعة السيارات الكهربائية في البلاد للانتقال من مرحلة التجميع إلى التصنيع المحلى خلال اجتماع حضره رئيس الوزراء وعدد من الوزراء، تم خلاله استعراض الاستراتيجية القومية لتوطين صناعة المركبات الكهربائية والصناعات المغذية لها في مصر، بالإضافة إلى تفقد الرئيس “السيسى” إلى المجمع المتكامل والمقر الجديد لسوق السيارات علي طريق القاهرة العين السخنة فى 30 أبريل 2021.

جهود حكومية:

بذلت الحكومة المصرية العديد من الجهود الرامية إلى التوسع فى صناعة السيارات فى السنوات الأخير، بداية من تشجيع الطلب للسيارات الكهربائية وعقد اتفاقًا مع إحدى الشركات الصينية الكبرى لتصنيعها بمصر حتى تصل إلى التصنيع المحلى الكامل تدريجيا وإنشاء مجمعات تحمل بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية فى هذا المجال، والتعاون مع الشركات الأجنبية العالمية لتوطين الصناعة، وإنشاء أكبر مصنع إطارات سيارات بالعين السخنة.

بالإضافة إلى وضع استراتيجية توطين صناعة السيارات، تستهدف زيادة نسبة المكون المحلي بما في ذلك الصناعات المغذية للمكونات، والعمل على إنشاء المجمع المتكامل والمقر الجديد لسوق السيارات علي طريق القاهرة العين السخنة وهو البديل لسوق مدينة نصر المركزي للسيارات بالحي العاشر، ويمكن توضيح أبرز هذه الجهود فيما يلى:

(*) جعل توطين صناعة السيارات ضمن مستهدفات استراتيجية وزارة التجارة والصناعة 2020: حيث استهدفت الاستراتيجية التركيز على صناعة السيارات ضمن مجموعة أخرى من الصناعات، بالإضافة إلى إنشاء تجمع مكونات السيارات والصناعات المغذية فى مدينة السادس من أكتوبر ومحور قناة السويس، وقد استقبلت الهيئة القومية لقناة السويس عدة طلبات من الشركات العالمية للاستثمار فى المنطقة التجارية لصناعة  السيارات.

(*) وضع استراتيجية توطين صناعة السيارات ومتابعة رئاسية مستمرة لها: وهى استراتيجية تم إعدادها العام الماضى 2020، وجه الرئيس “السيسى” فى أبريل 2020 بضرورة الإسراع لإطلاق هذه الاستراتيجية، والتي ترتكز محاورها على تعميق التصنيع المحلي والحفاظ على الاستثمارات الحالية وجذب استثمارات أجنبية جديدة، بالإضافة إلى التحول التدريجي لاستخدام وسائل النقل المستدام التي تستهلك الغاز الطبيعي ضمن المشروع القومي لتحويل مركبات النقل الجماعي للعمل بالغاز، وكذلك الاعتماد على استخدام السيارات الكهربائية لمسايرة التقدم العالمي في صناعة السيارات والحفاظ على البيئة، وسيتم كل هذا من خلال إقرار السياسات المطلوبة وإعداد البنية التحتية اللازمة وتوفير البيئة التشريعية والحوافز الاستثمارية ذات الصلة بالإضافة إلى اعتماد آليات تحفيز الطلب على المركبات التى تعمل بالكهرباء والغاز الطبيعى.

وفى 11 أبريل 2021، وجه الرئيس “السيسى” بتحقيق الأهداف الرئيسية من استراتيجية توطين صناعة السيارات، والانتقال من مرحلة التجميع إلى مرحلة حديثة الجوانب تشمل زيادة نسبة المكون المحلي والصناعات المغذية للمكونات.

(*) العمل على إنشاء المجمع المتكامل والمقر الجديد لسوق السيارات علي طريق القاهرة العين السخنة: والذى يعتبر البديل لسوق مدينة نصر المركزي للسيارات بالحي العاشر، تبلغ مساحته نحو 57 فدانا بسعة ٤٠٠٠ سيارة، ويتضمن سلسلة معارض وساحات للسيارات المستعملة والجديدة ومجموعة متكاملة من الخدمات من مراكز فحص وصيانة، واستراحات وكافيهات لخدمة الرواد والعاملين بالمجمع ومكتب للشهر العقاري ووحدات لمرور والشرطة وأفرع للبنوك لتسهيل المعاملات المالية على التجار والموردين.

(*) المشروع القومى لصناعة السيارات الكهربائية: والذى تم خلاله توقيع شركة النصر للسيارات فى يونيو 2020، مذكرة تفاهم مع أكبر الشركات الصينية المنتجة للسيارات “دونج فينج” تستهدف إنتاج السيارة (نصر E70) بنسبة تصنيع محلى تبدأ بـ 50% وترتفع تدريجيا لتصل إلى 100%، ويُقدر ثمن السيارة  بنحو ٣٠٠ ألف جنيه، وذلك بعد دعمها من قبل الحكومة المصرية. وفى فبراير 2021، تم توقيع اتفاقية بين وزارة الإنتاج الحربي ووزارة التجارة والصناعة ومصنع إنتاج وإصلاح المدرعات (مصنع 200 الحربي) وشركة صناعة وسائل النقل MCV، تستهدف التعاون المشترك في مجال نقل وتوطين تكنولوجيا تصنيع الأوتوبيسات الكهربائي.

ووفقا لخطة شركة النصر للسيارات، فإنه سيتم إنتاج وتصنيع أول سيارة بالكهرباء في النصف الأول من عام ٢٠٢٢، وإنشاء ٣ آلاف محطة شحن سريع على مدى ثلاث سنوات لخدمة مالكى السيارات الكهربائية، كذلك تلقت مصر عروض من من شركات عالمية للاستثمار فى مجال شحن السيارات الكهربائية منها شركات أمريكية وبريطانية وإيطالية وصينية وألمانية.

(*) تشجيع استخدام السيارات الكهربائية: لا يمكن كتابة النجاح لتصنيع السيارات الكهربائية بدون إصدار قرارات تشجع هذا النوع من السيارات، بما يساعد على زيادة الطلب المحلى عليها يتقابل مع العرض المستهدف ويساعد على خلق وفورات الحجم مع مرور الوقت، ولهذا في عام 2018 طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوطين صناعة السيارات الكهربائية حيث أصدر الرئيس “عبد الفتاح السيسى” قرارا فى عام 2018، بإعفاء السيارات الكهربائية من الجمارك، كما أعلنت وزارة الداخلية أنها ستوفر لأصحاب السيارات الكهربائية لوحات تسجيل مؤقتة حتى يتم الانتهاء من الإجراءات المطلوبة، كما تم العمل على توفير محطات للشحن.

هذا بالإضافة إلى إطلاق المبادرة الرئاسية “تحويل وإحلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعى”، والتى بدأ العمل بها فى مطلع العام الحالى 2021، تنفيذا لتوجيهات الرئيس ” السيسى” في 12 يوليو 2020، خلال افتتاح عددًا من المشروعات القومية، حيث طالب بضرورة تفعيل العمل بالخطة الموضوعة بشأن الاعتماد بشكل كبير على الغاز الطبيعى في وسائل النقل العام والخاص، ويتيح هذا البرنامج للمواطن وأصحاب “التاكسي”، و”الميكروباصات”، استبدال مركباتهم التي مر على إنشائها 20 عاماً بأخرى حديثة تعمل بالوقود المزدوج (البنزين والغاز الطبيعي)، إلى جانب توفير السيارات المصنعة بالأساس للعمل بالغاز الطبيعي وإحلالها كبديل للسيارات المتقادمة.

ويساعد الاعتماد على السيارات المجمعة في السوق المحلى خلال المرحلة الأولى للمبادرة، والتى تستهدف إحلال 250 ألف مركبة من سيارات ملاكي وأجرة وميكروباص، على زيادة الإنتاج المحلى من السيارات وبهذا تستفيد هذه الصناعة من وفورات الحجم، وبالتالي تحقق صناعة السيارات في مصر استيعاب أكبر للطلب المحلى، يمكنها من تطوير الصناعة وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج.

(*) تحالف وطنى لتصنيع إطارات السيارات محليًا: وقعت كل من الشركة القابضة للصناعات الكيماوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، والهيئة القومية للإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع اتفاقًا، يهدف إلى توحيد الجهود وتحقيق التكامل في صناعة الإطارات وإحياء هذه الصناعة وتعميقها محليًا، بما يمكن من تلبية احتياجات السوق المحلي وإحلال الواردات من الإطارات بالإضافة إلى التصدير للخارج، ونتج عن هذا الاتفاق إعداد الجهات الثلاثة دراسات إنشاء اكبر مصنع إطارات سيارات في مصر، بدأ تنفيذه فى يناير 2019 بالعين السخنة، والذى سيساهم في وقف استيراد إطارات بنحو 556 مليون دولار سنويا، حيث سيتم من خلاله تصنيع إطارات المركبات من كافة الأنواع ومنها سيارات الركوب والنقل والأوتوبيسات والجرارات الزراعية والمعدات الثقيلة طبقا للمواصفات القياسية، على أن يتم انتاج  5 مليون إطار سنويا يتم زيادتها فى مراحل لاحقة إلى 7.7 مليون إطار.

(*) تقديم تسهيلات تمويلية لقروض السيارات: أصدر البنك المركزى المصرى قرارًا فى التاسع عشر من ديسمبر 2019، برفع الحد الأقصى لنسبة إجمالى أقساط القروض لأغراض استهلاكية والتى تشمل القروض بغرض شراء سيارات للاستخدام الشخصى إلى 50% بدلا من 35% من مجموع الدخل الشهرى للفرد، بما يؤدى إلى تنشيط حركة البيع والشراء في سوق السيارات المصري.

 وبالتالي، تشجيع التصنيع المحلى، مع الزيادة المتوقعة فى الطلب على قروض السيارات نتيجة هذا القرار، خاصة وأن نحو 80% من مبيعات السيارات يعتمد على نظام التقسيط وفقا لتصريح صحفى لرئيس رابطة تجار السيارات “أسامة أبو المجد” فى 24 ديسمبر 2019، مما سيساعد فى خروج هذا السوق من حالة الركود التى كان شهدها منذ اتخاذ البنك المركزى قراره فى يناير 2016، بخفض نسبة إجمالى أقساط القروض لأغراض استهلاكية، إلى 35% بعدما كانت تتراوح بين 50-60% من مجموع الدخل الشهري، وتعويم الجنيه فى نوفمبر 2016 والذي أدى إلى ارتفاع كبير فى أسعار السيارات.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على إحصائيات المنظمة الدولية لصناعة السيارات

أثار إيجابية:

تحمل الجهود الحكومية الأخيرة فى مجال توطين صناعة السيارات بمصر، العديد من الأثار الإيجابية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية:

 (&) الآثار الاقتصادية: تساعد هذه الجهود على خفض فاتورة الواردات المصرية من خلال خفض الواردات من السيارات وأجزاؤها وقطع الغيار، والواردات من المواد البترولية نتيجة التركيز على إنتاج السيارات الكهربائية والعاملة بالغاز الطبيعى حيث كانت تشكل الواردات البترولية أكثر من 16% من فاتورة الاستيراد، قبل انخفاض هذه النسبة إلى 14.2% في العام المالى السابق 2019/2020، والذى كان مدفوعا أيضًا بخفض أسعار النفط العالمية في النصف الأول من عام 2020 تأثرا بجائحة كورونا والخلاف داخل أوبك، بالإضافة إلى الاتجاه نحو التصدير وبالتالى خفض عجز الميزان التجارى المصرى وزيادة النقد الأجنبى.

 (&) الأثار الاجتماعية: توفير المزيد من فرص العمل بمختلف مجالات تصنيع السيارات وخفض أسعارها بالسوق المحلى.

(&) الأثار البيئية: والناتجة عن استخدام الغاز الطبيعى والكهرباء كوقود للسيارات وليس البنزين، مما يساعد فى خفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى؛ بما يتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ والتى تُعد مصر أحد الدول الموقعين عليها، والتي كانت أهم بنودها تعهد المجتمع الدولي بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها “دون درجتين مئويتين”، بجانب توقيعها على اتفاق باريس للمناخ، واهتمام القيادة السياسية بقضية التغير المناخى فى مصر والقارة الإفريقية منذ عام 2018، ودعم توجه الدولة فى تحسن المناخ بحسب رؤية مصر 2030، والاتجاه إلى زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة.

المصدر: إعداد الباحثة، بالاعتماد على إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء

في النهاية يمكن القول، إن اهتمام القيادة السياسية والحكومة المصرية لتهيئة بيئة مواتية ومشجعة لتصنيع السيارات وجاذبة للاستثمارات الأجنبية فى هذا المجال خلال السنوات الأخيرة سيؤدى إلى طفرة حقيقية فى مجال تصنيع السيارات المحلية فى مصر، بما ينبئ بتغيير مشهد صناعة السيارات فى مصر بالكامل بحلول عام 2022، بما يتلائم مع مزايا الموقع الاستراتيجى لمصر وما لديها من إمكانيات.

قمر ابو العلا

باحثة مشاركة بوحدة دراسات مصر، وباحثة دكتوراة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، شاركت في العديد من التقارير والدراسات الاقتصادية والاجتماعية في الشئون المصرية والخارجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى