المفكر العربي على محمد الشرفاء يكتب: القرآن رسالة الديان
جاء في القرآن الخطاب الإلهي الذي أنزله الله على رسوله الكريم، قوله سبحانه في تحديد مهمة الرسول الموكلة اليه من الله سبحانه وتعالى لخلقه من البشر كما يلي:
- (كِتابٌ أُنزِلَ إِلَيكَ فَلا يَكُن في صَدرِكَ حَرَجٌ مِنهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ) (الاعراف:2)، ممايعني ليس عليك مسؤلية أخرى أو تأتي من عندك بأقوال لم تكن من آيات القران الكريم المكلف بإبلاغها للناس وأن تكليف الرسول محدد في الاية التالية في قوله سبحانه
- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا(46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) ) (الأحزاب: 45-47)، تؤكد الايات أعلاة تكليف الرسول من الله بالدعوة الى الله ومجاهدة الكافرين بالقرآن الكريم، وشرح أهداف رسالة الاسلام للناس والمنهاج الإلهي الذي ينظم قواعد السلوك الانساني في التعامل مع الناس وشريعة الله التي وضعت أحكاما لتحقيق العدالة ومنع الاعتداء على المحرمات والحد من ارتكاب الجرائم الأحلاقية والاختلاس والسرقة والاضرار بالغير وحماية الانسان من الاضرار بنفسه وحمايته من الطرق التى تؤذيه وتشكل خطورة عليه وعلى أسرته وعلى مجتمعه . فمن اتبعك وآمن بك فسوف يجزيه الله أجرًا عظيماويسكنه جنات الخلد، كما تؤكد مسؤلية الرسول يبشر الناس بمن يتمسك بكتاب الله ويطبق منهاجه وينفذ شريعته. فالله وعده بقوله سبحانه: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ) (طه: 123)، في حياته الدنيا والآخرة وتحذير الناس من عدم اتباع كتاب الله ستكون نتيجته الخسران في الدنيا والآخرة لأن من أعرض عن القرآن فقد توعده الله بقوله سبحانه ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ) (طه: 124).
- قال الله سبحانه إن القرآن كلام الله وآياته بلغها الرسول الأمين للناس بلسانه تأكيدا للآية التالية (فَإِنَّما يَسَّرناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَومًا لُدًّا) (مريم: 97)، فالرسول محمد عليه السلام مكلف بتبليغ آيات القران للناس وتبيان حكمة الله في العبادات والأحكام وشرح مقاصد الآيات لمنفعة الناس وصلاحهم لتعريف الناس بأن القرآن محفوظ بأمر الله من العابثين والمضلين حيث يقول سبحانه (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (48)) (الحاقة: 40-48)، تلك الآيات تبلغ الناس بأن رسول الله الأمين من المستحيل يتقول أو أن ينسب لله سبحانه أقوالا لم تتضمنها آيات القرآن الكريمواستحالة أن يفتري على الله وهو الذي خلقه واختاره ليكون خاتم الأنبياء فصاغ شخصيته وهيأه لاستلام أعظم مهمة لرسول ليخرج البشرية بآيات الله من الظلمات الى النور ليحقق لهم الحياة الكريمة في ظل الأمن والسلام والرحمة والعدل والتكافل الاجتماعي لن يأتي بأقوال تتعارض مع كلام الله من اضافة أو حذف بعض آيات الكتاب أو ماتم تضليل المسلمين به بشأن الآيات المنسوخة ولن يأتي الرسول بشئ من عنده مالم يكلفه الله وحده في رسالته والتي تضمنتها آيات القرآن الكريم فهذه الآية تبطل كل الإدعاءات الباطلة وما نسب للرسول من أكاذيب وبهتان وظلم بمايسمى بالأحاديث التي ساقتها روايات الضلال والبهتان والافتراء على الله ورسوله الأمين.
- ثم تؤكد ذلك الموقف الآية التالية التي أبطلت كل حديث بكل الحسم والقوة دون ريب أو شك عندما يخاطب الله رسوله بصيغة إستنكارية في قوله سبحانه ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) (الجاثية:6)، فلم تبقى حجة لدى مؤلفي الروايات المفترين على الله ورسوله فحسابهم عند الله يوم القيامة عذاب عظيم بما افتروه على الله ورسوله من أكاذيب.
- وإضافة لم اسبق يقول الله سبحانه مؤكدا أمره لرسوله ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)) (الزخرف: 43-44)، تعني الاية الكريمة أمرًا إلهيا للرسول الكريم أن يتمسك بالقران الكريم فهو عليه السلام بتمسكه بالقران وحده على الطريق المستقيم كما ينبه الله رسوله ويعظه أنك ستسأل عن القران يوم القيامة أنت وقومك ومدى اتباعهم للمنهاج الالهي وشريعته وهو ذكر لك ولهم ألذين سيسألون عنه يوم الحساب فهو الوسيلة الوحيدة التي تنجيهم من غضب الله وعقابه يوم الحساب ولن ينفعهم إتباعهم لأقوال خلقه فكلها باطلة ولن يكون لها قيمة يوم القيامة غير ألذين تمسكوا بالقرآن وماتضمنه من شرعة ومنهاجا واتبعوا آياته التي ستخرجهم من الظلمات الى النور.
ويحذر الذين اتبعوا بعض خلقه من الناس وآمنوا بمايقولون وعظموهم وقدسوا كلامهم فوق كلام الله وآياته فيوم القيامة يواجه الناس الحقيقة التى غيبها عليهم علماءهم وشيوخهم فيخاطبهم سبحانه بقوله: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَـؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64)) (القصص: 62-64)، وقال سبحانه وتعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)) (الفرقان: 27-30)، وهكذا يحرص الله من رحمته بعباده أن يتجنبوا طريق الباطل ويتبعوا طريق الحق الذي سيحقق لهم حياة كريمة في ظل الأمن والاستقرار اذا اتبعوا شريعة الله ومنهاجه في الحياة الدنيا ولن يتعرضوا للخسران في الدارين ويحل عليهم غضب الله وعقابه يوم الحساب لأن الله سبحانه يريد للناس كما يخاطبهم بقوله في كتابه المبين ( يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة: 185)، فليسعى كل انسان للرجوع الى الله والتمسك بقرآنه واتباع بيانه.
ومن مظاهر المؤامرة على القرآن، ومافعله الفقهاء في عقول المسلمين لكي يهجروا القرآن، أنهم وضعوا في عقيدة المسلمين الاحتفال بليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، علما بأن تلك الليلة التي مضت ولن تعود مرة أخرى منذ أربعة عشرقرنا، حيث قضت حكمة الله بتنزيل القرآن على رسوله الكريم فيها حدث عظيم،وخطاب من الله للناس ليبلغه الرسول عليه السلام للناس، ويبين لهم فيه شريعة الله ومنهجه لحياة الانسان في الدنيا، وتضع له خارطة الطريق لحياة كريمة، يكافأ الانسان باتباعه للقرآن في الآخرة بجنات النعيم، حيث جعلوا المسلمين يحتفلون بالظرف الزماني، وأهملوا بتذكير الناس بالاحتفال بالحدث العظيم بنزول القران، بحيث يتسابق المسلمون في العشر الأواخر من شهر رمضان بتدارس كتاب الله والتدبر في آياته واتباع عظاته، وتبيان حكمة تشريعاته وتطبيق منهاجه في سلوك الآداب القرآنيه، في تعامل الناس فيما بينهم بالرحمة والعدل والاحسان، وتحريم العدوان وقتل الانسان دون وجه حق ودراسة العبر التي أوردها القرآن، ليعلم الناس كيف يعاقب الله الظالمين ويردع الطغيان لتحصين الناس من الاجرام، وما يترتب عليهم من عقاب في الدنيا وعذاب يوم الحساب، وليس اهتمام بليلة انقضت ومضت، ولن يكون فيها للانسان اذا رآى وهما، واعتقد بأن الله يستجيب دعاؤه في ليلة ليست معلومة، والوهم استحالة أن يتحول الى حقيقة، علما بأن الله كلف رسوله عليه السلام بأن يبلغ الناس بقوله سبحانه (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (البقرة: 86)، فالله سبحانه يعرفنا بكتابه بأنه قريب من عباده في كل لحظة وبابه مفتوح للناس جميعا، فليدعوه متى يشاؤون في أي زمان ومكان بشرط أن يستجيبوا لما أنزله على رسوله من آيات تدعو الناس لكل ماينفعهم ويصلح حالهم في الدنيا ولآخرة، فليستعد الناس في هذه الليالي من رمضان بالعودة الى الله، وفتح صفحة جيدة مع الحي القيوم بالتوبة والاستغفار والقسم بأنهم سيتبعون شريعة الله ومنهاجه، ويلتزمون بتطبيق تشريعاته وعظاته ويتقون الله، فيما أمر قبل أن يفجأهم الأجل ويوم يبعثون يوم القيامة حين تقوم يصف الله سبحانه ذلك اليوم بقوله: (يَومَ يَأتِ لا تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلّا بِإِذنِهِ فَمِنهُم شَقِيٌّ وَسَعيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذينَ شَقوا فَفِي النّارِ لَهُم فيها زَفيرٌ وَشَهيقٌ (106) خالِدينَ فيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُريدُ (107) وَأَمَّا الَّذينَ سُعِدوا فَفِي الجَنَّةِ خالِدينَ فيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيرَ مَجذوذٍ(108)) (هود: 105-108)، فعلى الانسان أن يختار بين طريقين اما طريق الله واما طريق الشيطان.