تأثيرات مستقبلية: موكب المومياوات الملكية ودعم السياحة في مصر
في موكب مهيب، يجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل في مصر، تم نقل 22 مومياء لملوك وملكات مصر القدماء من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط، وذلك يوم السبت 3 أبريل 2021 بحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى ، فى احتفالية عالمية على أعلى قدر من الابداع بكل معانيه . حقق هذا الحدث هدف غير منظور، ستظهر تأثيراته الإيجابية خلال الفترة القادمة، حيث بينت هذه الاحتفالية مدى جمال وعظمة مصر ، ومدى احترام المصريين لأجدادهم وتاريخهم. كما أنه حدث فريد من نوعه باعتباره غير قابل للتكرار في مصر ربما خلال العقود القليلة القادمة، بهذا الشكل وبهذه الروعة. ووسط تلك الأجواء الاحتفالية والشعور بعظمة تاريخ مصر وحاضرها ، كان علينا أن نعرض الأهمية السياحية والاقتصادية لتلك الاحتفالية ، حيث لم تقتصر أهميتها فقط فى كونها حدث تاريخى يعكس عراقة الحضارات المصرية بكل تطوراتها عبر الزمن . بل كانت الاحتفالية واختيار توقيتها مؤشر مهم لاعادة دعم القطاع السياحى لمصر.
دعم مباشر لقطاع السياحة لتجاوز آثار كورونا:
تعتبر هذه الاحتفالية أهم حدث تاريخى داعم ومروج لقطاع السياحة فى مصر، خاصة في ظل استمرار وباء كورونا، وتأثيراته السلبية على قطاع السياحة فى مصر وجميع دول العالم ، حيث تراجع عدد السياح ، وتراجع معه الايرادات السياحية فى عام 2020 ، وان كام قد بدء الوضع يتحسن نسبيا مع مطلع عام 2021 . استغلت وزارة السياحة والآثار حدث نقل المومياوات الملكية، وقامت بتدشين حملة دعائية دولية كبرى للترويج للحدث في الأسواق العالمية والعربية المصدرة للسياحة لمصر، مما سيساعد على عودة السياحة العربية والأوروبية والأسيوية . فى ظل أن القنوات العالمية قد بثت هذا الحدث لمدة ساعة كاملة، وهذا ما سيعود لمصر بالنفع . فضلا عن الترويج لهذا الحدث في عدد من الأسواق السياحية الهامة والتي تمثل أهمية بالنسبة للسياحة المصرية، ومن بين هذه الدول السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وبيلاروسيا، وأوكرانيا، وإنجلترا، واليابان، والولايات المتحدة الأمريكية، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا.
بالإضافة إلى ما يمثله المتحف القومي للحضارة المصريةمن اضافة وجهة سياحية جديدة فى مصر ، حيث سيتم وضع المتحف الجديد في جميع البرامج السياحية حال عودة السياحة إلى ما كانت عليه قبل جائحة كورونا ، فبدلا من عرض المومياوات في قاعتين صغيرتين بالمتحف المصري بالتحرير، أصبحت الآن طريقة عرضها متطورة جدا في قاعة واحدة بالمتحف القومي للحضارة. ، وسيشعر جميع السياح برغبة في رؤية المومياوات الملكية، خاصة فى ظل وجود تخفيضات لشركات السياحة لتشجيعهم لوضع المتحف في برامج الزيارة في القريب العاجل ، كما سيضع مناطق جديدة على الخريطة السياحية داخل القاهرة مثل مدينة الفسطاط التاريخية، والتي تضم “الكنيسة المعلقة وحصن بابليون أحد النقاط الهامة لمسار العائلة المقدسة” ومسجد عمرو بن العاص “أول مسجد بني في مصر وأفريقيا ” ودير بني عيزرا، بجانب تجديد شباب بحيرة عين الصيرة “عين الحياة”. هذا فضلا عن أن مصر مُقبلة على حدث تاريخي لا يقل أهمية عن الموكب هو افتتاح المتحف المصري الكبير ليشكل وجهة سياحية أخرى .
إن تنوع مصادر الآثار وتنوع العرض المتحفي وتنوع أنماط وأشكال السياحة يساعد على جذب المزيد من السائحين إلى مصر ، وزيادة الدخل القومي ودفع عجلة الإنتاج وزيادة العملة الصعبة للبلاد باعتبار السياحة مصدر دخل قومي وأساسي لمصر يصل الى 25% من إجمالى الدخل القومى لمصر ، ويعمل بها ما يزيد عن 7 مليون مصرى ذوى المؤهلات العليا والمتوسطة وحتى غير المتعلمين، كما يعظم متحف الحضارة الذي تم افتتاحه من حجم ودور الثروة المتحفية المصرية في شكلها المتطور، ليكون منارة للتعليم والتثقيف لكل محبي التاريخ حول العالم باستخدام تقنيات الديجيتال الحديثة لعرض قصص الحضارة الإنسانية بشكل جذاب.
موكب المومياوات ودعم المؤشرات الإيجابية لمستقبل السياحة في مصر:
لا شك أن أهمية هذا الحدث الذي شاهده العالم اجمع بإعجاب وتقدير لن تنحصر أهميته في الترويج السياحى لمصر على المدى القريب والمتوسط فقط، بل يتوقع أن تترك أثاراً إيجابية على مؤشرات الوضع السياحي الدولية ومكانة وموقع مصر بين الوجهات السياحية المنافسة، خاصة وأن هذا الحدث قد جاء متزامناً مع توقعات إيجابية لمستقبل السياحة في مصر، حيث أشارت مواقع السفر العالمية إلى مصر باعتبارها ضمن الدول الأكثر امانا مع اتخاذها العديد من الاجراءات الاحترازية فى ظل انتشار الوباء العالمى . فضلا عن أن مصر قد شهدت عدة افتتاحات أثرية فى عام 2020 لتصبح مزارات جديدة للسياح . كما فازت مصر بالمركز الثاني كأفضل وجهة للغوص في العالم لعام 2020 وفقاً لمجلة Dive NMagazine العالمية ، حيث تعد شواطىء مصر من اجمل الشواطىء في العالم. وقد كشف استطلاع حديث أن مصر جاءت في المرتبة الأولى عالميًا بين الوجهات السياحية الأكثر طلبا خلال الفترة الحالية، وفقا لاستقصاء الرأي الذي أجرته مجلة “Travel Inside “”،السويسرية المتخصصة في الشأن السياحي.، كما نشر موقع CNN Travel تقريرا مصورا استعرض فيه قائمة بالمقاصد السياحية التي رشحها الموقع للسائحين لزيارتها خلال العام الجديد 2021 ، والتى بلغ عددها 21 مقصدا من بينها مصر، حيث جاءت مصر في المرتبة الخامسة بعد انتركاتيكا (قارة القطب الجنوبى) – كندا – ديزنى – دبى، وهو ما يؤكد على الثقة والتميز التي يحظى بها المقصد المصرى، كما نشر موقع “CNN العربية” فيديو قصير عن هذه الوجهات السياحية. وكل هذه المؤشرات تعد نقطة تفاؤل بشأن ما سيكون عليه قطاع السياحة فى مصر فى عام 2021 .
كما احتلقطاع السياحة المصري المركز 65 عالميا بعد أن كان 74، كما تقدمت من المركز الـ60 إلى المركز 5 في استراتيجية الترويج والتسويق السياحي . وفي مؤشر تنافسية السياحة والسفر حققت مصر رابع أعلى نمو في معدلات الأداء على مستوى العالم في مؤشر تنافسية السفر والسياحة، ويقيس هذا التقرير معايير تنافسية السفر والسياحة في 140 دولة حول العالم، ويأخذ في الاعتبار أطر السياسات التي تضعها الدول، والتي من شأنها أن تساهم في تحقيق التنمية المستدامة في قطاع السياحة والتي تساهم بدورها في رفع تنافسية الدول ، وجاء تقدم مصر في هذه المرتبة كنتاج للنمو الملحوظ الذي حققته في 11 محوراً من المحاور الـ14 المكونة لمؤشر تنافسية السفر والسياحة، بالإضافة إلى تحسن أدائها في 6 من هذه المحاور بمعدلات تفوق الـ10 %
.كما مصر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الاستدامة البيئية، والموارد الثقافية، وسفر رجال الأعمال، كما كانت الأفضل أداء فيما يخص مؤشر الأمن والسلامة، والبنية التحتية والموانئ، والموارد الطبيعية.
خلاصة ما سبق ، تمتلك مصر أعظم الحضارات القديمة التى تؤهلها لأن تكون ضمن أكبر الوجهات السياحية فى العالم ، ولاسيما بعد الاكتشافات الاثرية الاخيرة منها اكتشافات سقارة والتي حازت على اهتمام عالمي كبير، والمتحف المصري الكبير المرتقب افتتاحه، فضًلا عن المقومات السياحية التي تتمتع بها . وفى ظل الجهود الكثيفة التى توجهها مصر نحو دعم وتطوير قطاع السياحة بها ، سيصب ذلك فى الأيام والشهور المقبلة فى شكل تزايد ملحوظ فى اعداد السياح ، وبالتالى الايرادات السياحية مما يدعم الاقتصاد المصرى.