واقع قد يتغير..العرب بين أحلام الوحدة والأوهام

هل تدرك الدول العربية ماذا تستفيد من تحقيق الاتحاد سياسيا؟ وهل لديها النية الصادقة فى خلق كيان عربي قوي يحمى استقلالها ويضاعف استثماراتها فى أقطاره لتكون قوة اقتصادية عالمية يحسب لها العالم ألف حساب، تمتلك جيشا موحدا قويا قادرا على حماية مصالح الأمة العربية، لتخلق حلفا أمنيا وعسكريا كحلف الناتو؟ وما الذي يعيق الدول العربية، وهي لديها من عناصر اللغة والتاريخ المشترك والمصير الواحد والتكامل الجغرافي والمناخي، مما يؤهلها لتكون قوة عسكرية وقوة اقتصادية تحمي ثرواتها وترتقي بمستوى الحياة الكريمة لشعوبها، ولا تكون كما يحدث اليوم كل الذئاب والثعالب توجه سياسة بعض الدول العربية وتتدخل فى أمورها فى الصغيرة والكبيرة، تنشر فيها الفتن وتنشأ فيها الحروب الأهلية ليتحقق للصوص الفرصة فى نهب ثرواتها، وأبنائها يتفرجون على المشهد المأساوي دون مبالاة، تسقط سوريا وتنهار العراق ويتمزق اليمن ويتشرد شعبها، وتعبث المليشيات والمرتزقة فى ليبيا والجامعة العربية تتفرج منتظرة أن يتدخل مندوب من أمريكا أو الدول الغربية ليصلح بين الأخوة العرب.
أليست تلك مسؤولية عربية؟ وتأتي في مقدمتها الجامعة العربية، أين القيادات العربية؟ أين الالتزام العربي بالأمن القومي للدول العربية؟ أين الشهامة والكرامة للذود عن حق العرب؟ أين الشعارات التي سقطت تحت أنقاض الدمار وتناثرت تذروها رياح الغضب وتعصف بالعروبة؟ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ.
مما سبق، وتأسيساً عليه، يمكن طرح العديد من الأسئلة الأخرى، لعل أهمها:
1- ما المميزات التي ستتحصل عليها أي دولة عربية من خلال اشتراكها فى الاتحاد؟
2- هل تدرك الدول العربية ماذا تريد من الاتحاد العربي هل سيدافع عن استقلالها وهل يستطيع حمايتها من أي غزو خارجي؟
3- هل الدول العربية مستعدة أن تتخلى عن أنانيتها واستقلال قرارها ليكون تحت تصرف القيادة المشتركة؟
4- هل الدول العربية مستعدة للاستغناء عن الكبرياء والرياء والاستعلاء وحب الذات وتضخمها بحيث تقبل الانخراط فى عمل عربي مشترك وصادق؟
5- هل تدرك الدول العربية مدى الفوائد التي تتحصل عليها نتيجة الاتحاد من حيث تبادل المصالح الاقتصادية والأمن العربي الجماعي الذي يحمي الأمن القومي للدول العربية؟
6- هل تدرك الدول العربية حجم التبادل التجاري والتكامل بين أعضاء الاتحاد وما سيتحقق من ذلك من عوائد عظيمة تربط المصالح الاقتصادية بين الشعوب التي تحيط العلاقات بين العرب بسياج متين أساسه المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة بين الأقطار العربية والتعاون في إنشاء مصانع مشتركة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للوطن العربي بدلا من أن يظل العالم العربي سوقا استهلاكية تستنزف ثرواته لمصلحة شعوب أخرى وتظل الشعوب العربية تعاني من الفقر والقصور الخطير في مستوى التقدم والتطور والازدهار ليظل الوطن العربي عالة على غيره من الدول .
7- هل من مصلحة أعداء الأمة العربية أن تتحقق وحدة عربية بين الدول العربية علما بأنه سبق أن تم اتفاق بين وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا على تقسيم الوطن العربي تحت اسم (خطة سايكس بيكو) سنة 1916 م وذلك ما حدث وهل استفاد العرب من دروس الماضي ويعود اليوم نفس الموال لتقسيم منطقة الشرق الأوسط وتوزيع التركة العربية على المستعمرين الجدد؟ طالما ربطنا مستقبلنا ومستقبل أجيالنا باللصوص التي تحكم بعض الدول الغربية، والتي تستهدف نهب ثروات الوطن العربي وإبقائه مصدر ارتزاق وتسخيره للاسترقاق والاستسلام الكامل لتنفيذ أجندات لا تخدم المصلحة العربية العليا ولذلك سيظل العرب فى حالة ارتهان للغير إلى مالا نهاية حتى ينضب فى الوطن العربي البترول والغاز ثم يتركوا لنا دولا هشة تعيش عالة على هيئة الإغاثة الدولية التابعة للأمم المتحدة لإرسال المساعدات الغذائية للدول العربية وحينها لاينفع الندم بعد أن أسرفنا فى تقديم ثروات الدول العربية إكراميات لأمريكا كما حدث فى عهد( ترامب) مئات المليارات من الدولارات فى سباق عربي من يدفع أكثر قدمت هدية ومكرمة دون مقابل دليلا على الكرم العربي اللا محدود.
سيظل العرب صم بكم عمي فهم لا يبصرون / ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) وهو ما نعيشه اليوم من الخراب والدمار فى سوريا والعراق واليمن والصومال ولبنان وليبيا والبقية تأتي.
لماذا لأن العرب لم يطيعوا الله فى أمره سبحانه بقوله 🙁 وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103)،ولم يؤمنوا بتحذيره بأمره لهم (وأطيعوا الله وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 46).
تنازعوا وتقاتلوا منذ وفاة الرسول عليه السلام وارتكبوا المجازر خلفاء بني العباس والأمويين واستمر مسلسل الدماء ينسكب على رمال الصحراء هدرا دون جدوى إلى يومنا هذا، تشردت الشعوب وقتلت النساء وغرق الأطفال ومات الملايين من الجوع وما زلنا نتحدث أننا خير أمة أخرجت للناس وما زلنا معتمدين في كل أمور حياتنا ومعيشتنا وأمننا على الغرب والأمريكان فأي أمة نحن؟.
نقتل بعضنا ونسفك دماءنا ونبعثر ثرواتنا وشعوب أمتنا تعيش فقيرة متسولة لقمة العيش تبحث عمن يحميها ويصبح للأسف حاميها حراميها لينهب ثرواتها ويخلق لها فرق الشر مثل تنظيم “داعش” و وتنظيم القاعدة وجماعة الإخوان للقيام بارتكاب الجرائم ثم يذهب العرب لمن شكل تلك الطوائف وأمرهم بالتخريب والقتل يطلبون منه العون والحماية.
فأي أمةً نحن عنها نتحدث وهي تعيش في سبات عميق وأكبر مثل على تلك المأساة الأشقاء الفلسطينيون لم ينجحوا في توحيد صفوفهم بالرغم من أن حياتهم ووطنهم مرتبط بوحدتهم، فسلام على أمة تاهت في القفار وضاعت أحلامها بين الغبار وليس لنا ملجأ إلا الواحد القهار.