109 محافظاً .. وتحديات كبيرة للمواطنين

د. عبدالحميد كمال- برلماني سابق وباحث فى المحليات

تعتبر حركة المحافظين الأخيرة الصادرة بالقرار الجمهوري 259 فى 3 يوليو 2024 الجاري هي الحركة رقم 7 التى أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليصبح عدد المحافظين الذين تم تعيينهم حتى الآن خلال 11 عاماً منذ الفترة الرئاسية الأولى 109 محافظاً.

ويكشف العدد بوضوح أن متوسط عمر المحافظين الوظيفي للعمل داخل المحافظات لا يتجاوز 9 أشهر، وهي غير كافية زمنياً لفهم مكونات كل محافظة وخصوصيتها وفي ظل محافظين ليس لديهم صلاحيات أصيلة في إدارة أعمالهم والممنوح لهم فقط للعمل، هو التفويض المركزي من قبل القيادات المركزية مع عدم وجود استقلال مالي لكل محافظة، وفي ظل مركزية شديده تصل إلى حد عدم استخراج تراخيص المخابر واعتماد البطاقات التموينية إلا عن طريق الحكومة المركزية.

وقد كشفت حركة المحافظين الأخيرة أنها غير كاملة، حيث تم تعيين 21 محافظاً جديداً وتجديد الثقة فى عدد 6 من المحافظين القدامي، كما جاء تعيين المحافظين من نفس الأوعية السابقة لاختيار المحافظين من بين ” القوات المسلحة – الداخلية – هيئة التدريس – القضاء وبعض المدنيين”.

حيث تم تعيين 2 مهندس وطبيبة واحدة “جاكلين عازر” التي تم تعيينها محافظاً للبحيرة لتكون السيدة رقم 3 بعد التجربة الأولى المهندسة نادية عبده للبحيرة، والثانية منال عوض “دمياط ” من بين السيدات .

كما لم يتم اختيار أي محافظ فى الحركة الجديدة من السلطة القضائية، كما كان متبعا في الوقت الذي كان فيه نصيب كبير فى الاختيارات من بين السادة اللواءات للقوات المسلحة والشرطة.

أما عن توزيع عمل المحافظين فكان وفق التقاليد القديمة، حيث توزيع المحافظين من القوات المسلحة على المحافظات الحدودية ” شمال سيناء  – جنوب سيناء – مطروح – الوادي الجديد – أسوان ومدن القناة (السويس، الإسماعيلية، بورسعيد) – يضاف لهم الإسكندرية بتعيين محافظ بدرجة فريق”.

أما المحافظين من الشرطة فقد تم توزيعهم على محافظات الوجه القبلي ” بني سويف – المنيا – سوهاج – أسيوط – قنا – الفيوم والجيزة ” ، وفي الوجه البحري ” الغربية – كفر الشيخ – الدقهلية والشرقية”.

وقد شهدت بلادنا تعيين 109 محافظاً خلال الـ 11 سنة، فترتي الرئاسة الأولى والثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث صدرت حركتان بتعيين المحافظين خلال عام 2015 الأولى تعيين 17 محافظاً بالقرار رقم 68 في فبراير، والحركة الثانية بالقرار 486 في 26 ديسمبر من نفس العام بتعيين 11 محافظاً.

وصدرت الحركة الثالثة للمحافظين بتعيين 6 محافظين فقط بالقرار 415 في 7 سبتمبر عام 2017، وصدرت الحركة الرابعة مختلفة لأول مرة بتعيين أصغر حركة ضمت 5 محافظين من بينهم أول سيدة تشغل منصب المحافظ فى بلادنا المهندسة نادية أحمد عبده صالح محافظاً للبحيرة، وذلك بالقرار رقم 93 في 16 فبراير من نفس العام.

بعدها عام 2018 أصدر الرئيس السيسي القرار رقم 30 في نهاية أغسطس بتعيين الحركة الخامسة ولأول مرة تتم حركة كاملة للمحافظين شملت 27 محافظاً لكل محافظات مصر بطول البلاد وعرضها من أسوان للإسكندرية قبلي وبحري، ومن سيناء حتى مطروح ومدن القناة والشرقية أي كامل المحافظات الـ 27 على مستوى الجمهورية.

وقد ضمت الحركة تعيين السيدة المهندسة منال عوض ميخائيل لتكون رقم 2 في ترتيب المحافظين من السيدات .

أما الحركة السادسة قبل الأخيرة في الفترتين الأولى والثانية لرئاسة الجمهورية، فقد صدرت بالقرار 596 في 27 نوفمبر 2019 والتي تم فيها تعيين 16 محافظاً.

والخلاصة تؤكد الآتى:
أولا: أن المحافظين الـ109 جاءوا من فئات وعناصر حسب الترتيب الآتى:
•القوات المسلحة.
•الشرطة.
•التعليم العالي.
•القضاء.
•وباستثناء بعض المهندسين أو المحاسبين، بينما لم يتم اختيار المحافظين من قيادات وزارة الإدارة المحلية أو خبراء التنمية المستدامة أو الباحثين في شئون المحليات والمهتمين بها.

ثانياً: رغم التوجيهات المتكررة التي تصدر للمحافظين مع صدور حركات التعيين والتي كانت آخرها تصريحات المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية والتي تضمنت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للمحافظين الجدد بضرورة:
•بذل أقصى جهد لخدمة المواطنين.
•تلبية احتياجات المواطنين والتعامل المباشر معهم.
•إيجاد حلول مبتكرة مع المواطنين في المحافظات.
•حل مشكلة تقنين الأراضي.
•استغلال الميزات التنافسية للتنمية بين المحافظات.
•حل مشاكل التصالح الخاص بالبناء .
•التأكيد على حل مشاكل القمامة والتجميل.

وقد عزز ذلك لقاء رئيس الجمهورية بالسادة المحافظين عقب حلف اليمين لحركة المحافظين الأخيرة لمزيد من التوجيهات.

ولكن يبقي السؤال، هو: هل تم متابعة التوجيهات على أرض الواقع من خلال وزارة التنمية المحلية أو حتى من خلال الاجتماعات المنتظمة لمجلس المحافظين برئاسة رئيس الوزراء؟

غير أن الواقع في المحافظات يكشف التالي:

ارتفاع عدد الشكاوي من المواطنين بأكثر من 2 مليون شكوي سنوياً عبر جهاز متابعة الشكاوى الحكومية ومبادرة صوتك مسموع الخاص بالإدارة المحلية، وقد أثبتت الأبحاث المنشورة أن أكثر من 80 % من الشكاوى للمواطنين كان بسبب تدني أو سوء خدمات المحليات وعدم رضاء المواطنين على الأداء.

كما كشفت الشكاوى حجم مشاكل البيئة والتجميل والنظافة وإهمال صيانة رصف الطرق الداخلية بالأحياء الشعبية وأطراف المدن مع الاهتمام بطرق وخطوط السير الرسمية للمسئولين في المحليات والحكومة المركزية.
•الاهتمام فقط بتجميل ما حول الدواوين الحكومية وطلائها.
•بينما يتم إهمال القمامة والصرف في الأحياء الشعبية .
•عدم ترشيد الإنفاق الحكومي على المنشآة الحكومية وشراء السيارات الفاخرة للمحافظين والسكرتير العموم وشراء الأساس الفاخر وعمل الديكورات والاهتمام بالتصريحات الإعلامية عبر القنوات التليفزيونية والصحف المحلية.
•فضلا عن ظاهرة التعديات على أراضي الدولة وانتشار الأسواق ومواقف سيارات الأجرة العشوائية.
•هذا غير ارتفاع مظاهر الفساد وهدر المال العام وتعثر المشروعات أو تأخيرها.
•وقد رصدت ذلك التقارير الرسمية الدورية للجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية وتقارير إدارة التفتيش بوزارة الإدارة المحلية وبعض الأحكام القضائية النهائية ضد بعض المحافظين أو نوابهم أو رؤساء بعض الوحدات المحلية، فضلا عن تقارير المتابعة للجنتي الخطة والموازنة وتقرير لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، وما ترصده اللجنة العليا لمكافحة الفساد من خلال مجلة ضمير الوطن والتقارير التي تنشر عنها.

يضاف إلى ذلك أبحاث مراكز بحوث الرأي العام منها تقارير مركز البحوث الاجتماعية والجنائية وتقرير المركز المصري لبحوث الرأي العام المعروف باسم “بصيرة ” واستطلاعات مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام عن المحافظين والمحليات.

هذا غير ما تنشره الصحف القومية – المستقلة – المعارضة من مقالات رأى وتحقيقات صحفية عن الإهمال والتراخي في المحليات.

يضاف إلى ذلك التحديات الخطيرة التي تواجه الحافظين أنفسهم:
• قلت خبرة المحافظين فى شئون المحليات وعدم التدريب المناسب لهم رغم خبرتهم العملية السابقة.
• عدم وجود استقلال مالي للمحافظات يسمح بأولويات الصرف.
• عدم وجود تشريع ينظم عمل المحافظين في مصر ويحدد الصلاحيات الأصيلة لهم وشروط الوظيفة والوجبات والحقوق ودورة العمل الزمنية للمحافظين بدورة محددة ما بين 4 – 5 سنوات تكون قابلة للقياس وتقييم الأداء.
• الصلاحيات للمحافظين على كامل أرض محافظاتهم بعيدا عن التدخلات المركزية.
• تفعيل الدستور فيما يخص المفاضلة بين الانتخاب أو التعيين للمحافظين طبقا لما نص عليه الدستور.

أخيراً سرعة إصدار قانون الإدارة المحلية تحقيقاً لتوصيات الحوار الوطني وسرعة إجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية لتمكين 65 ألف شاب من المشاركة في الحياة السياسية وصناعة القرار المحلي ومن أجل حل مشاكل المواطنين لعدم رضاهم عن الأوضاع المتردية فى خدمات “الصحة – التعليم – البيئة والتنمية” ومن أجل تحقيق أهداف الدستور نحو اللامركزية ومصر التي نريدها أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى