انعكاسات صعود “اليمين الشعبوي” على الإخوان المسلمين في أوروبا

قلق وترقب تعيشه جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا بسبب صعود الأحزاب اليمينية الراديكالية في البرلمان الأوروبي، وداخل برلمانات بعض الدول الأوروبية، مما يمثل تهديد وجودي لعناصر الجماعة المهاجرين منذ عقود، تزامن هذا مع احتقان أصاب الأوساط السياسية والشارع الألماني على إثر تظاهرات خرجت في ألمانيا منذ شهر من قبل متطرفين تدعوا لتطبيق الشريعة الإسلامية، كانت إحدى نتائجه تقديم الحكومة الألمانية مشروع قانون تعديلاً لقانون “الحق في الإقامة” يتضمن طرد الأجانب الذين يوافقون على فعل إرهابي أو يروجون له، ولايزال القانون المقدم منذ أيام ينتظر موافقة البرلمان الألماني ليدخل حيز التنفيذ.

بناء عليه؛ المناخ الذي أفرز هذه التحركات من جماعات الإسلام السياسي، وتحركات مضادة من الحكومات الأوروبية، خلق حالة من القلق المحمل بالمخاوف من حصول الأحزاب اليمينية على نسب تصويتية، تمكنهم من الهيمنة على التشريعات أو تشكيل حكومات في بعض الدول الأوروبية، أو تكوين تحالفات داخل البرلمان الأوروبي يشكل قوة موجهة، تلك التخوفات تتمثل في توقع قيام اليمين الراديكالي بمجموعة من التدابير والإجراءات فور تمكنه، من شأنها تهديد مصالح جماعات الإسلام السياسي، خاصة الإخوان المسلمين بل تهدد وجودهم داخل أوروبا، مما يثير التساؤلات؛ ما الإجراءات المتوقعة من اليمين المتطرف التي تدعو جماعة الإخوان إلى القلق؟، وما مصير عناصر جماعة الإخوان في حالة التضييق عليهم في أوروبا نتيجة الإجراءات المتوقعة؟.

تصويت عقابي:

شهدت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي ٢٠٢٤ صعود ملحوظ لأحزاب اليمين المتطرف وأحزاب وسط اليمين، حيث حصد حزب “الشعب الأوروبي ١٨٩ مقعدًا، وحصد اليمين المتطرف “المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون” و”الهوية والديمقراطية” مجتمعين١٣٤ مقعدًا بزيادة ١٦ مقعد عن الانتخابات السابقة، بالتالي تكون أحزاب اليمين ويمين الوسط حصلوا مجتمعين على ٣٢٣ مقعدًا من إجمالي ٧٢٠ مقعد، بنسبة تقترب من نصف عدد المقاعد في حال نجحت أحزاب اليمين في تشكيل تحالف، ستكون له السيطرة على قرارات البرلمان.

 كما حصل على مستوي الدول في ألمانيا حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” يمين الوسط على ٣٠٪ من الأصوات، وحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف على ١٥.٩٪ من الأصوات، حصل حزب اليميني الذي أسس حديثاً “تحالف سارا فاغنكنشت” على ٦.٢ من الأصوات، بما يمثل أكثر من نصف المقاعد لصالح أحزاب اليمين مجتمعة.

في ذات السياق؛ حصل حزب ” التجمع الوطني” اليميني المتطرف بقيادة “جوردان بارديلا” في فرنسا على ٣١.٣٧٪ من الأصوات في البرلمان الأوروبي، مما أدى بالرئيس ماكرون حل البرلمان، وإعلان إجراء انتخابات برلمانية جديدة ٣٠ يونيو و٧ يوليو ٢٠٢٤، وجاءت نتيجة الانتخابات، بتصدر حزب “التجمع الوطني” اليميني وحلفاءه نتائج الدورة الأولي من الانتخابات التشريعية الفرنسية، بحصوله على ٣٤٪ من الأصوات، وجاء التحالف الرئاسي في المرتبة الثالثة بـ ٢٠.٣٪ من الأصوات، وتسعى الأحزاب اليمينية التقليدية والحديثة، لتشكيل تحالفات يمينية في مواجهة اليسار منهم؛ “المحافظين الأوروبيين والإصلاحين” و”الهوية والديمقراطية”و “التجمع الوطني”، بالإضافة لاحتمالية انضمام الأحزاب اليمينية الجديدة للتحالف.

بقراءة نتائج الانتخابات التشريعية الأوربية بشكل أولي؛ نجد ذهاب أصوات كتلة جديدة من الناخب الأوروبي إلى اليمين المتطرف، رغم سعي الأحزاب اليسارية والأنظمة الأوربية خلال عقود لصناعة دعاية سلبية ضده، حيث تعد أيديولوجية اليمين الأوروبي مناهضة لمبادئ الاتحاد الأوروبي التي حافظ عليها خلال العقود السابقة، حيث تقوم أحزاب اليمين على أفكار حفاظ المجتمع على العرق والجنسية والدين، بالتالي يسعى لإحكام غلق الحدود أمام المهاجرين خاصة من العناصر التي تمثل الإسلام السياسي.

جاءت نتائج الانتخابات المشار إليها نتيجة اتجاه كتلة من الأصوات الأوروبية، خاصة من الشباب إلي ترجيح أحزاب اليمينية الراديكالية، فقد أظهرت بعض استطلاعات الرأي أن ٣٦٪ من الشباب يؤيدون حزب “التجمع الوطني” في فرنسا، ٢٢٪ من الشباب الألماني يدعمون حزب “البديل من آجل ألمانيا”، في حين لم تحظى أي أحزاب يسارية بنسب مشابهة من تأييد الشباب، هذا التأييد نتج عن تكثيف الدعاية اليمينية لطرد المهاجرين، وخوف الشباب من زيادة معدلات البطالة وارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وتراجع مزايا نظام المعاشات، في حين استمرار استفادة المهاجرين من بدل البطالة، والاستفادة من كافة مزايا الضمان الاجتماعي.

بناء عليه؛ جاءت النتائج الانتخابية الأوروبية لصالح الأحزاب التي يتركز برنامجها الحزبي على أربع نقاط، رغم الدعاية السلبية والتخوفات من ماضي تلك الأحزاب؛ ١. إيقاف الهجرة من البلدان غير الأوروبية، وتعسير إجراءات الحصول على الجنسية. ٢. حماية المنتجين المحليين. ٣. العودة إلى القيم الأوروبية التقليدية والحفاظ على الثقافة الأوروبية. ٤. السعي إلى الاستقلال عن الاتحاد الأوروبي. بناء عليه؛ الأرقام تشير إلى أن الناخب الأوربي راغب في تحقيق هذه البرامج كأهداف رئيسية، خاصة مع ملاحظة أن نسب المشاركة في الانتخابات الأوروبية ارتفعت هذا العام عن فترات سابقة، وهو عكس ما توقعه خبراء بنزول الناخب الأوروبي للتصويت ضد اليمين، فجاء التصويت عقابي لصالح اليمين اعتراضاً على سياسات الحكومات والأحزاب اليسارية، التي تسببت في ارتفاع معدلات التضخم نتيجة دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ومنع روسيا للغاز عن أوروبا، وزيادة معدلات استقبال المهاجرين، واحلال المهاجرين والمجنسين محل العامل الأوروبي.

مخاوف وترقب حذر:

لم تستطع عناصر جماعة الإخوان إخفاء تخوفهم من صعود أحزاب اليمين الراديكالي في الانتخابات الأوروبية، فقد ظهر تخوفاتهم من خلال تصريحات لبعض عناصر الجماعة عبر صفحاتهم الإلكترونية، و من خلال الإعلام الفضائي للجماعة، خاصة مع اتخاذ إجراءات فعلية وسن تشريعات تهدف إلى مراقبة وتحجيم نشاط جماعة الإخوان في أوروبا خلال الخمس سنوات الأخيرة، حيث صدرت عدة قوانين أوروبية في هذا الإطار منها؛ صدور قانون ٢٥ أغسطس ٢٠٢١ “تعزيز احترام المبادئ الجمهورية” المعروف إعلاميا بقانون “محاربة الانفصالية الإسلاموية”، يهدف القانون إلى الرقابة علي التمويل والتبرعات التي تتلقها الجماعات المتطرفة علي رأسها الإخوان المسلمين،حيث تسيطر الجماعة على الجمعيات والمؤسسات ودور العبادة الإسلامية، كما يجرم القانون عقد اجتماعات سياسية داخل المساجد.

في ذات السياق؛ سعى الرئيس ماكرون لأسباب سياسية تتمثل في تحجيم نشاط الإسلام السياسي في فرنسا، لعرقلة تمدد وجود اليمين الراديكالي، الذي يكتسب شعبيته من نشر دعاية الخوف من الإسلام السياسي، فضلاً عن الأسباب الأمنية التي تتعلق بمكافحة موجة العمليات الإرهابية التي اجتاحت فرنسا منذ ٢٠١٥، من خلال وقف نشاط بعض المنظمات والجمعيات التي يتزعمها قيادات دينية ذات نزعة سياسية متطرفة، وترحيل بعض الشخصيات التابعة للإخوان المسلمين لتهم تتعلق بالتطرف والكشف عن مصادر تمويل مشبوهة، مثل “أحمد جاب الله” رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا سابقاً (الفرع الأوروبي للإخوان المسلمين)، القيادي السابق في حركة النهضة التونسية ” أحمد الورغمي”.

في ذات السياق؛ اتخذت ألمانيا إجراءات أمنية مكثفة تهدف لتحجيم نشاط الإسلام السياسي، تمثلت آخر تلك الإجراءات في تقديم الحكومة الألمانية مشروع قانون يوجب ترحيل أي شخص يمجد التطرف، ولم يوضح القانون مفهوم التطرف على وجه الدقة، مما يتيح المجال للسلطات لترحيل أي مهاجر تحت هذا الوصف، وجاءت تلك الإجراءات الأوربية نتيجة تقارير أمنية واستخباراتية أوربية، حذرت من توغل جماعة الإخوان وشبكاتها المالية والسياسية في المجتمع الأوروبي، وتزايد عناصر قيادات الإخوان في العاصمة برلين، حيث زادت عناصر تنظيم الإخوان المؤثرين في ألمانيا من ١٣٥٠ عام ٢٠١٩ إلى ١٤٥٠ عام ٢٠٢٠ ، ما نتج عنه ظهور أيديولوجية الجماعة، وطفوها على السطح في المجتمع الأوروبي، كذلك اتخذت النمسا وبريطانيا والسويد إجراءات مشابهة  ضد الجماعة لأسباب سياسية وأمنية.

تضيق متوقع ومسارات بديلة:

صرحت قيادات لأحزاب يمينية أوروبية في مواقف سابقة مختلفة، عزمها القضاء على جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، منهم “مارين لوبان”المرشحة الرئاسية اليمينية السابقة في فرنسا حيث قالت في سياق الدعاية الانتخابية السابقة: “الحديث عن موقف لديها من الإسلام غير صحيح، وأن جماعة الإخوان المسلمين هي مقصد الحملة التي يشنها اليمين الفرنسي”، وأكدت “لوبان”: “أن الإخوان المسلمين يجب أن يخافوا منها، لأنها ستعمل على تطهير فرنسا منهم”، كما صرحت “لوبان” سبتمبر ٢٠٢٢ أمام تأييد حاشد من أنصارها: “يجب تجريد المواطنين مزدوجي الجنسية المرتبطين بالأيديولوجية الإسلاموية من جنسيتهم وطردهم، حتى الفرنسيون الذين يتبنون عقيدة العدو يجب تقديمهم للعدالة ومعاقبتهم، سيتم طرد دعاة الكراهية والجمعيات السلفية، وسوف نحل جماعة الإخوان المسلمين”.

 وتعتبر هذه القيادات أن تقويض خطط الجماعات المتطرفة لأسلمة أوروبا ـ وفق الوثائق التي حصل عليها الأمن في منازل قيادات إخوانية منهم يوسف القرضاوي قبل وفاته، هي مسألة تتعلق بالأمن القومي الأوروبي، حيث دعا القرضاوي إلى: “الفصل بين المسلمين الذين يعيشون في أوروبا والحضارة الأوروبية” حيث قال: “فلتسعوا إلى إقامة “الجيتو الإسلامي” الخاص بكم في أوروبا”، بذلك يعد القرضاوي أول من رسخ وأسس لفكرة الانعزالية الإسلامية داخل المجتمع الأوروبي.

 بناء عليه؛ يتوقع الخبراء كنتيجة لصعود اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، تمكنه من اتخاذ إجراءات وسن تشريعات ضد المهاجرين من الإخوان المسلمين، وكذلك ضد المجنسين من الأجيال الجديدة من أبناء الجماعة، الذين تمكنوا من نشر أيديولوجية الجماعة من خلال تقديم أنفسهم باعتبارهم الممثل الحصري للإسلام داخل أوروبا، خاصة مع قدرتهم على مخاطبة المجتمع الأوروبي لنشأتهم فيه أبناء الإخوان من الجيل الثالث والرابعـ،ما مكنهم من التغلغل في مؤسسات صنع القرار والمؤسسات البحثية والإعلامية.

تأسيساً على ما سبق؛ تواجه جماعة الإخوان المسلمين وعناصرها خطر قائم يتمثل في صعود أحزاب اليمين الأوروبي في الانتخابات التشريعية الأوروبية، يتمثل هذا الخطر في عدة نقاط منها:

(-) قد يتوقف الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي إلى جماعة الإخوان المسلمين، أو يتقلص إلى أقصي حد: حيث تتلقي جماعة الإخوان المسلمين الإعانات المباشرة وغير المباشرة من المفوضية الأوروبية، حيث كشف نظام الشفافية المالي للمفوضية، أن الجماعة خصص لها ٥٢ مليون يورو من الأموال العامة بين عامي ٢٠٠٧ :٢٠٢٠، بالإضافة إلى ٨٠ مليون يورو تمويل من الحكومات الأوروبية خلال العقد الماضي، بالتالي ستتأثر قدرة الجماعة في دعم المهمشين من عناصر الجماعة في أوروبا،وكفاءتها في دعم وتمويل جماعات متطرفة أخرى.

(-) التضييق على الجمعيات والمؤسسات الدينية والتعليمية للجماعة: حصول اليمين على أغلبية في البرلمان الأوروبي أو داخل الدول الأوربية، قد يعني تمكن اليمين من اتخاذ إجراءات تحظر نشاط الإخوان المسلمين وحلفائهم داخل أوروبا، وقد يمتد لحظر منصاتهم وقنواتهم الإعلامية وترحيل الكثيرين منهم.

(-) منع اللجوء الحكومي للجماعة للمشاركة في برامج التوعية والاندماج: اعتادت الحكومات الأوربية للتعامل مع الجماعة باعتبارها المتحدث باسم المسلمين في أوروبا، بالتالي اليمين الأوروبي قد يؤدي صعوده إلى إحلال شخصيات إسلامية معتدلة بديلة للقيام بالدور الممثل للجاليات المسلمة.

(-) محاولة تفكيك “الجيتو” الذي صنعته الجماعة خلال العقود السابقة: صنعت الجماعة شبكة ومجتمع مغلق على عناصره داخل المجتمع الأوروبي، بدء من مناطق إقامة عناصر الجماعة ومدارسهم ومساجدهم الخاصة بهم التي تتحكم في الجالية المسلمة، من خلال توفير العمل للعناصر التابعة والمتحالفة مع الجماعة، وتقديم المعونات والدعم، بما يشكل مجتمع موازي للمجتمع الأوربي سوف يسعى اليمين لتفكيكه.

(-) محاولة تطهير مؤسسات صنع القرار في أوروبا من تأثير الجماعة: احتمت جماعة الإخوان المسلمين بأحزاب اليسار الأوروبي لضمان ظهير سياسي لها، خاصة أن الجماعة تتحكم في توجيه الكتلة الانتخابية من مسلمي أوروبا سواء الأوروبيين الأصليين أو المجنسين، خاصة مع تواجد بعض الإخوان من الجيل الثالث والرابع داخل أجهزة الدولة.

في ذات السياق؛ لن يكون تقويض نشاط جماعة الإخوان في أوروبا بشكل كامل أمر يسير، فقد يصطدم اليمين الأوروبي في سبيل ذلك بمجموعة من العقبات منها:

(*) الجماعة لديها خطط خلفية دائماً من حيث التمويل، اعتادت الجماعة على إخفاء مصادر تمويلها، من خلال الاستعانة بأشخاص بعيدين عن الشبهات كواجهة، واعتماد شركات “الأوف شور” طريقاً لإخفاء الأموال، وتأسيس جمعيات ومؤسسات جديدة بأسماء خارج الوسط الإخواني لتدوير الأموال وتلقي التبرعات.

(*) سيطرة الجماعة على المؤسسات التعليمية والمساجد لعقود في أوروبا، خلق مناخ يطلق عليه إخوانية سائلة في المجتمع الأوروبي المسلم، بمعنى أن الفكر الإخواني أصبح الفكر السائد بين مسلمي أوروبا خاصة من المهاجرين، فإن استطاع اليمين القضاء على الجماعة كمؤسسات فلن يستطيع القضاء على الأيديولوجية الإخوانية، دون استراتيجية توعوية بعيدة المدى قد تستغرق عقود وظهور أجيال جديدة.

(*) سيطرة الجماعة على أصوات الناخبين من المسلمين الأوروبيين، يشير إلى وجود شبكة مصالح تصعب من قدرة اليمين على القيام بإجراءات تقويض الجماعة، كما حدث في فرنسا ٢٠٢٢، حيث وجهت الجماعة أصوات الناخبين المسلمين لصالح “جان لوك ميلونشون” بواقع ٦٩٪ من الناخبين المسلمين.

(*) خلقت الجماعة حالة من الانعزالية النفسية بين مسلمي أوروبا،من خلال دعم خطاب “الإسلاموفوبيا”، مما صنع مناخ استقطاب وفصل عنصري يصعب تفكيكه بقوانين وإجراءات، خاصة مع تغلغل عناصر الإخوان داخل المؤسسات البحثية والإعلامية، وقدرة الجماعة على تغير الحقائق بأدوات تبدو علمية للبعض، لصناعة لوبي إخواني يستميل الليبراليين واليسار.

الملاذات البديلة:

استهدفت الجماعة ثلاث دول أوروبية في المقام الأول بشكل رئيسي ليتمركز فيها قيادات الجماعة، هم فرنسا وألمانيا وانجلترا، بغرض ممارسة أنشطة الجماعة، ورسم الخطط وتنفيذها بهدف مهاجمة الدول العربية، فمع إعلان تلك الدول لحزمة من الإجراءات ضد الجماعة، مع توقع استمرار وتصاعد وتيرة تلك الإجراءات في الفترة المقبلة، رفعت الجماعة من حدة اعتماد سياسة ترويج المظلومية بتوظيف مصطلح “الإسلاموفوبيا” لشحن مشاعر المسلمين الأوروبيين وغير المسلمين من الليبراليين للتعاطف معهم، كنتيجة ترد بها الجماعة على تلك الإجراءات الأوروبية، وكذلك استغلال أحداث غزة وتوظيفها كأداة لجمع تبرعات تصب في خزينة الجماعة.

على الجانب الأخر؛ تبحث الجماعة عن دول تصلح لتكون ملاذات بديلة، ربما تضطر بعض عناصر الإخوان اللجوء إليها من المعرضين للترحيل من دول أوروبا، خاصة في ظل احتمالية عودة دونالد ترامب للحكم في الولايات المتحدة، الذي يعد أكبر معادي لجماعات الإسلام السياسي، حيث عمل “ترامب” على محاولة تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية من قبل الكونجرس الأمريكي خلال فترة حكمه، حيث هاجر إلى الولايات المتحدة أعداد من قيادات الجماعة من الصف الأول والثاني في فترات تاريخية مختلفة، ومن الدول المحتمل هروب عناصر الجماعة إليها ماليزيا،وباكستان، وإيران، وسنغافورة بفعل اشتداد الأزمة الخانقة التي تطارد الجماعة.

أخيرا؛ قد تؤدي الأوضاع السياسية والدولية الدول الأوروبية وأمريكا (صعود اليمين الأوروبي، أحداث غزة) للتضييق علي جماعة الإخوان، ووضع تعريفات للتطرف قد تشمل اعتبار الإخوان تنظيم متطرف كما فعلت إنجلترا، فضلاً عن تصنيف مجموعات وجمعيات وأشخاص مرتبطة بالإخوان باعتبارها تنظيمات وأشخاص متطرفة، غير أن اعتبار جماعة الإخوان جماعة مصنفة إرهابية في أوروبا بشكل عام محتمل في بعض الدول الأوروبية دون غيرها، فالأنظمة والاستخبارات الأوروبية لازالت في حاجة لاستخدام ورقة الجماعة كأداة ضغط علي الأنظمة العربية، بالتالي استخدام استراتيجية العصاية والجزرة بنسب متفاوتة مازالت مستمرة إلي إشعار آخر.

أسماء دياب

-رئيس برنامج دراسات الإرهاب والتطرف. -باحث دكتوراه في القانون الدولي- بكلية الحقوق جامعة عين شمس. - حاصلة على ماجستير القانون الدولي جامعة القاهرة. -حاصلة على دبلوم القانون الدولى جامعة القاهرة. -حاصلة على دبلوم القانون العام جامعة القاهرة. - خبيرة في شئون الحركات الإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى