إلى أين تتجه إيران؟
وفقا للمادة 35 من قانون انتخابات رئاسة الجمهورية في إيران، يشترط أن يكون المتقدم “مطلعاً دينياً وسياسياً وإيراني الأصل، ويحمل الجنسية الإيرانية ومديراً ومدبراً وحسن السيرة والأمانة والتقوى والإيمان والاعتقاد بمبادئ الجمهورية الإسلامية والمذهب (الشيعي) الرسمي للبلاد”. وتشرف وزارة الداخلية ومجلس صيانة الدستور على تنظيم العملية الانتخابية وسلامتها، وتتولى الداخلية الجانب التنفيذي، بدءا من مرحلة تسجيل أسماء المرشحين ثم التصويت وفرز الأصوات وإعلان النتائج وفقا للمادتين 119 و131 من الدستور الإيراني.
ويشترط مجلس صيانة الدستور في إيران، وهو من الهيئات التنظيمية الرئيسية في البلاد، عدة شروط لنيل أهلية الترشح في الانتخابات الرئاسية، منها أن يكون المترشح قد تولى مناصب حكومية أو أكاديمية أو عسكرية. ويحدد مجلس صيانة الدستور، أهلية المرشحين أو استبعادهم من الانتخابات، سواء كانت الرئاسية أو البرلمانية.
80 مرشحاً:
بحسب الأرقام المعلنة، تقدم 80 إيرانياً بطلبات الترشح لرئاسة البلاد خلفًا لإبراهيم رئيسي. ويتعين على جميع المرشحين الراغبين في خوض الانتخابات الحصول أولاً على موافقة هيئة مجلس صيانة الدستور المكونة من 12 عضواً، -وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون مهمتها الموافقة على المرشحين والإشراف على الانتخابات- وقد وافقت الهيئة على أهلية 6 مرشحين غالبيتهم من المحافظين، ولا يقدم مجلس صيانة الدستور عادة الأسباب الموجبة لخياراته.
ومن أهم المرشحين الذين تمت الموافقة عليهم رئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف، فقد أعلن المتحدث باسم الداخلية الإيرانية، أسماء المرشحين الذين تم تأييد أهليتهم من قبل مجلس صيانة الدستور لخوض الانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران المقررة 28 يونيو، وقد خلت القائمة النهائية من أسماء بارزة يتقدمها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ولم تكن المرة الأولى فتم استبعاده سابقاً من مجلس صيانة الدستور الإيراني مرتين من الترشح للانتخابات الرئاسية في عام 2017 والتي فاز فيها حسن روحاني، وفي عام 2021 التي فاز فيها إبراهيم رئيسي.
وعليه، فإن أسماء المرشحين الذين تم تأييد أهليتهم لخوض الانتخابات هم كالتالي: الأول سعيد جليلي: ممثل المرشد الإيراني في المجلس الأعلى للأمن القومي وقاد التفاوض مع القوى الكبرى بشأن الملف النووي (محافظ متشدد)، أما الثاني محمد باقر قاليباف: رئيس مجلس الشورى الحالي والقيادي السابق في الحرس الثوري (أصولي تقليدي) ويظل المرشح الأكثر شهرة، الذي تربطه علاقات وثيقة بالحرس الثوري، بينما الثالث على رضا زاكانى: رئيس طهران (محافظ متشدد)، والرابع مصطفى بور محمدي: أمين سر مجلس جمعية رجال الدين المناضلين ورئيس مركز توثيق الثورة الإسلامية وزير الداخلية الأسبق (محافظ)، والخامس أمير حسين قاضى زاده هاشمي: رئيس مؤسسة الشهيد (أصولي)، وأخيراً السادس مسعود بزشكيان: نائب برلماني (إصلاحي)، والذي كان نائباً عن مدينة تبريز ووزيرًا سابقًا للصحة، وفي إشارة إلى تأكيد مجلس صيانة الدستور أهلية مسعود بزشكيان، كمرشح للتيار “الإصلاحي”، كتبت صحيفة “جوان”: “إذا خسر الإصلاحيون فلا يدعوا التزوير والمخالفات، وإذا فازوا فلا تعتبروا تصويت الشعب علامة على المطالبة بتغييرات جوهرية”.
طلب نشر أسباب الاستبعاد:
رفض مجلس صيانة الدستور أهلية علي لاريجاني لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2021 والتي فاز فيها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي لم يكمل ولايته، وانتقد رفض ترشيحه للمرة الثانية على التوالي بعد انتخابات 2021، واتهم في بيان مجلس صيانة الدستور بـ “خلق عقبات بآلياته غير الشفافة”، واستبعد أيضاً الإصلاحي جهانجيري نائب الرئيس السابق حسن روحاني بدوره، وطالب بتوضيح أسباب رفضه. ونشر عباس أخوندي المرشح الإصلاحي، والوزير السابق وأحد الأشخاص الآخرين المستبعدين، بيانًا على شبكة التواصل الاجتماعي “إكس”، بشأن استبعاده: “أظن أن بعض التقارير التي تلقاها ذلك المجلس قد خلقت غموضًا في أذهان بعض الأعضاء المحترمين في ذلك المجلس”. وأضاف: “أنا على استعداد للدفاع عن حقي القانوني وحق الناخبين في الاجتماع الرسمي لذلك المجلس. ولذلك أطلب حضور اجتماع المجلس في المهلة القانونية وتقديم التوضيحات اللازمة”. كما طالب إسحاق جهانكيري، المساعد الأول للرئيس السابق ومن المستبعدين في هذه الدورة، بنشر أسباب استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور. وفي مرات سابقة تم تأكيد أهليته في الترشح للانتخابات الرئاسية. ولم يعلق الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد حتى الآن على استبعاده مجددا من قبل مجلس صيانة الدستور. وفي رد ضمني، قال المتحدث باسم “صيانة الدستور”، هادي طحان نظيف، إن المجلس درس “ملفات بعض المرشحين مرات عدة”.
دعم المرشد:
ألقى خامنئي خطاباً الأسبوع الماضي يلمح فيه إلى الصفات التي أبرزها تتوفر في المرشح الأصولي التقليدي محمد باقر قاليباف 62 عامًا، باعتبارها إشارة محتملة إلى دعم المرشد الأعلى له، والذي يظل المرشح الأكثر الذي شهرة تربطه علاقات وثيقة بالحرس الثوري، ومع ذلك، يتذكر الكثيرون أن قاليباف، بصفته جنرالاً سابقاً في الحرس الثوري، كان جزءًا من حملة قمع عنيفة ضد طلاب الجامعات الإيرانية في عام 1999. وقد أمر باستخدام الرصاص الحي ضد الطلاب في عام 2003 أثناء عمله رئيسًا لشرطة البلاد. وخاض السباق الرئاسي مرتين عامي 2005 و2013 وفشل وأُجبر على التخلي عن الترشح للمرة الثالثة تجنبًا لتفتيت أصوات المحافظين. ولد في 1961 بمدينة مشهد، والتحق بالحرس الثوري عقب ثورة الخميني، وخلال الحرب الإيرانية العراقية عين قائدا للواء الإمام رضا، وواجه قاليباف اتهامات خلال فترة الحرب العراقية باستخدام الأطفال وطلاب المدارس لاكتشاف حقول الألغام، وفي العام 1994 عين قائدًا لمقر خاتم الأنبياء للإعمار، أحد الأذرع الاقتصادية للحرس الثوري، ثم قائداً للقوات الجوية التابعة للحرس الثوري بأمر من المرشد الإيراني علي خامنئي عام 1997، ومهدت علاقة قاليباف بخامنئي طريقه لرئاسة الشرطة عام 1999، حيث شهدت فترة شغله المنصب اعتقالات واحتجاز جماعي للنشطاء الثقافيين والصحافيين والفنانين والنشطاء المجتمع المدني. لذلك يُنظر إلى دور قاليباف في حملات القمع بشكل مختلف بعد سنوات من الاضطرابات التي اجتاحت إيران، سواء بسبب تدهور اقتصادها أو الاحتجاجات الجماهيرية التي أججتها وفاة مهسا أميني عام 2022، التي توفيت بعد اعتقالها بزعم عدم ارتدائها الحجاب.
وفي أول مقابلة تلفزيونية له كمرشح للانتخابات الرئاسية دافع محمد باقر قاليباف، الذي يُعتبر مع سعيد جليلي مرشحيْن رئيسييْن للتيار الأصولي في هذه الانتخابات، عن أدائه في مناصبه السابقة، بما في ذلك بلدية طهران وقيادة قوات الشرطة وادّعى إحداث تحول في هذه المجالات. كما وعد بمحاربة الفساد من خلال تقليص حجم الحكومة، قائلاً إن “85% من الاقتصاد مملوك للحكومة”. وأضاف: “اقتصاد الحكومة يتبع مصالحه الخاصة، ومكافحة الفساد فيه لا تتم بشكل صحيح”. ويمكن توضيح المرشحين المنافسين لـ ” محمد باقر قاليباف”، كالتالي:
(-) المرشح المحافظ المتشدد سعيد جليلي: ولد في 9 سبتمبر1965 بمدينة مشهد شمال شرقي إيران درس في جامعة العلوم والصناعة بطهران، وحصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام صادق في طهران، 1980 – 1988.. شارك في الحرب على العراق بعد أن قطع دراسته للمشاركة فيها. 1986.. تولى مسؤولية قيادة اللواء 21 في الحرس الثوري أصيب بساقه اليمنى خلال عملية أطلق عليها الحرس الثوري اسم كربلاء الخامسة، ويتقن اللغتين الإنجليزية والعربية. وترشح في انتخابات الرئاسة الإيرانية مرتين في عامي 2013 و2021 عضو في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية التابع للمرشد علي خامنئي.
عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وممثل المرشد في المجلس الأعلى للأمن القومي وهو عضو سابق في الحرس الثوري يُنظر إليه على أنه من الموالين المتشددين للمرشد الإيراني علي خامنئي. كان كبير المفاوضين الإيرانيين في عهد حكومة أحمدي نجاد، يعد أحد المرشحين البارزين لخلافة رئيسي في الانتخابات المقبلة وتنحى لصالح رئيسي في الانتخابات الماضية.
(-) المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان: يشغل منصب نائب تبريز في البرلمان، وهو من الإصلاحيين والمعتدلين، وأعلن ترشحه، وكان حاضرًا أيضاً في الدورة الثامنة والتاسعة للبرلمان. وفي الولاية العاشرة كان النائب الأول لرئيس المجلس، وتولى منصب وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي في الحكومة الثامنة.
(-) خيبة أمل للإصلاحيين من أداء بزشكيان: على عكس المرشحين الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية السابقة في إيران، لم يقدم مسعود بزشكيان، الذي شغل منصب وزير الصحة في حكومة خاتمي، أي وعود بإجراء تغييرات جوهرية، لكنه أكد على تنفيذ البرامج والقوانين القائمة، خاصة في المجالات الكلية، وذلك في أول مقابلة تلفزيونية له كمرشح للانتخابات الرئاسية، مما عرضه للانتقاد من قبل الإصلاحيين فقد انتقد محمود صادقي، البرلماني السابق وعضو مجلس إدارة جبهة الإصلاح، أداء مسعود بزشكيان في هذه المقابلة الأولى للتليفزيون الإيراني، وكتب على موقع التواصل الاجتماعي”X” أنه “حسب التقدير الأوّلي لآراء المجموعات المؤيدة للإصلاحيين”، لقد كان بزشكيان “أقل من المتوقع” في أول برنامج تلفزيوني مباشر له. وحذر صادقي من أنه “إذا تحرك مرشح الإصلاحيين بنفس الطريقة في البرامج المقبلة، فلن يتمكن من إثارة أصوات الإصلاحيين”. ورداً على سؤال حول خطة التنمية السابعة، التي تغطي الفترة من بداية العام الحالي إلى بداية عام 2029، صرح بزشكيان: “قلت في التسجيل الرئاسي إننا لن نقدم برنامجاً جديداً. إن السياسات العامة للمرشد واضحة. وما فعلته الحكومة في الماضي بناءً على الخبرة أصبح قانوناً ويجب تنفيذه الآن”.
(-) المرشح المحافظ المتشدد علي رضا زاكاني: سياسي أصولي من مواليد 3 مارس عام 1965 في العاصمة الإيرانية طهران، ويشغل حاليا منصب العمدة بها. وهو طبيب حاصل على شهادة في الطب النووي وشغل منصب رئيس منظمة “الباسيج” الطلابية. وترأس مركز البحوث في مجلس الشورى الإسلامي كما عُرف بدوره البارز كمشرّع سابق عمل نائبًا عن مدينة طهران في الدورات السابعة والثامنة والتاسعة لمجلس شورى الدولة كما كان نائبًا عن مدينة قم في الدورة الحادية عشرة. وشغل منصب رئيس اللجنة البرلمانية للاتفاق النووي. ترشح في 3 دورات سابقة للانتخابات، وفي عامي 2013 و2017، وتم استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور في كِلا الجولتين، لكنه انسحب في 2021 لصالح الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
(-) المرشح الأصولي أمير حسين قاضي زاده: طبيب وسياسي أصولي إيراني، ولد في 14 أبريل 1971انتخب نائبًا في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني عن مدينة مشهد في الدورات الثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة. عضو في جبهة ثبات الثورة الإسلامية، إحدى أكثر الأحزاب الأصولية الإيرانية تشددًا، والمتحدث الرسمي باسمها.
في 2021، ترشّح لانتخابات الرئاسة الإيرانية، ونال ترشحه موافقة مجلس صيانة الدستور في 25 مايو 2021 كان ضمن قائمة ضمّت سبعة مرشحين تسابقوا لخلافة الرئيس الإيراني حسن روحاني، في الانتخابات التي فاز بها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
(-) المرشح المحافظ مصطفى بورمحمدي: هو رجل دين ومحامٍ وسياسي إيراني. كان وزير العدل في الدورة الأولى لحكومة الرئيس روحاني في فترة ما بين 15 أغسطس 2013 حتى 20 أغسطس 2017.
وبعد أن أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية القائمة النهائية بهؤلاء المرشحين‘ فمن المقرر تبدأ الحملات الانتخابية اعتبارًا من 12 يونيو الجاري، وتستمر حتى 27 من نفس الشهر، وتجرى الانتخابات يوم 28 يونيو الجاري لانتخاب الرئيس التاسع عن طريق التصويت المباشر، وذلك وفقاً للجدول الزمنى للانتخابات الإيرانية، وسيكون هناك 60 ألف مركز انتخابي للانتخابات الرئاسية في أنحاء إيران، وفى حال عدم حسم نتيجة الانتخابات ستكون هناك جولة ثانية في يوم الجمعة التالي، في 5 يوليو، وتشمل الحملة مناظرات تلفزيونية حية بين المرشحين على قناة إيرانية رسمية، كما يعلنون على لوحات الإعلانات ويقدمون خطابات دعائية لترويج برامجهم الانتخابية.
استطلاعات رأي:
إن آخر استطلاعات الرأي التي قدمتها وزارة الثقافة الإيرانية تشير إلى نسبة مشاركة تتجاوز 70% في انتخابات الرئاسة الـ 14. وتوقعت دراسة استقصائية أجراها مركز تابع لجامعة الإمام صادق في الفترة من 28- 29 من الشهر الماضي أن تكون نسبة الإقبال 48.3%. وفي كل الأحوال فإن الانتخابات الإيرانية تعتبر في هيكل النظام الإيراني أيضًا “صورية”، ومن منظور علي خامنئي، فإن المسيرات الحكومية وحضور بعض الأشخاص في جنازات المسؤولين تعتبر “استفتاء” لتأييد ودعم النظام.
ووفقاً لصحيفة الحرس الثوري الإيراني “جوان”: إن فوز أي مرشح من المرشحين الذين أقر مجلس صيانة الدستور أهليتهم لخوض الانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران، المقررة في 28 يونيو الجاري، بمثابة انتصار للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك باعتبار الصلاحيات الواسعة للمرشد الإيراني علي خامنئي باعتباره “ولي الفقيه” في هيكل النظام الإيراني، فإن “الرئيس” لا يملك صلاحيات كبيرة للإصلاح وتغيير الاتجاهات والسياسات في إيران، وهو محاصر تمامًا بالمؤسسات الخاضعة لسيطرة المرشد.
تفاؤل حذر في الصحف الإيرانية:
علقت الصحف الإصلاحية الصادرة في إيران، يوم الإثنين 10 يونيو الجاري، رغم إقصاء أغلب مرشحيها، أظهرت تفاؤلاً كبيراً وترحيباً واسعًا بتزكية الإصلاحي بزشكيان، النائب في البرلمان عن مدينة تبريز والمولود من أب أذري (تركي) وأم كردية.
أما صحيفة “اعتماد” شبهت خوض بزشكيان السباق الرئاسي بمجيء محمد خاتمي زعيم التيار الإصلاحي للحكم، حيث أحدث وصول خاتمي لمنصب الرئاسة حالة من النشاط السياسي والحريات النسبية غير المسبوقة قبل وبعد توليه المنصب.
بينما صحيفة “جهان صنعت” عنونت بالقول: “جاء طبيب إيران”، في إشارة إلى تخصص بزشكيان (طبيب قلب)، واصفة الوضع في إيران بـ “المريض” الذي يحتاج إلى طبيب ماهر لعلاجه ومداواته، وأن بزشكيان قد جاء في الوقت المناسب.
كما استخدمت صحف عدة عنوان ” 5+1″، في إشارة إلى أن مجلس صيانة الدستور زكى 5 مرشحين من التيار الأصولي الموالي للمرشد، فيما لم يختر سوى مرشح واحد من التيار الإصلاحي.
أما صحيفة “ستاره صبح” قالت إنه وفي حال قرر الشعب الإيراني حقا المشاركة في الانتخابات، فإن الرئيس القادم لن يكون سوى مسعود بزشكيان، صاحب المواقف الشفافة والسجل السياسي النزيه، بالمقارنة مع منافسيه من التيار الأصولي المتشدد أمثال سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف.
وكذلك صحف أخرى مثل “اقتصاد كيش” اهتمت في المقابل بالمستبعدين من السباق الرئاسي، لا سيما الوجوه البارزة وعلى رأسهم الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، ونائب الرئيس السابق إسحاق جهانغيري، حيث حرمهم مجلس صيانة الدستور من المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
رأت صحيفة “همدلي”، المحسوبة على التيار الإصلاحي، أن المنافسة النهائية في الانتخابات الرئاسية في إيران ستكون بين مسعود بزشكيان مرشح الإصلاحيين من جهة، وبين محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان وسعيد جليلي ممثل المرشد في المجلس الأعلى للأمن القومي وكذلك كبير المفاوضين الإيرانيين في عهد الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد من جهة أخرى، وتوقعت الصحيفة أيضاً أن تذهب الانتخابات الرئاسية إلى جولة ثانية بين قاليباف ممثلا عن الأصوليين وبزشكيان مرشح الإصلاحيين، معتقدة أن في المحصلة ستكون فرصة بزشكيان أكبر بالفوز نظرا لشعبيته الجيدة بالمقارنة مع الصورة السيئة لقاليباف.
صحيفة “جوان”، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، حذرت النظام بشكل ضمني من فوز مرشح الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسة، مدعية أن الإصلاحيين وفور فوزهم بالرئاسة سيعملون على تغيير الدستور وبقية المؤسسات.
وكتبت الصحيفة: إذا فاز مرشح الإصلاحيين فلا تظنوا أن لعبتهم قد انتهت، ولا تتخيلوا بأنهم سيشكرون مجلس صيانة الدستور والنظام الذي سمح لهم بالفوز بالسلطة التنفيذية، لن يفعلوا شيئاً من هذا القبيل، ولن يعلنوا تضامنهم مع النظام بل إنهم سيبدؤون لعبة جديدة، وهي لعبة المطالبة بتغيير الدستور وعمل المؤسسات الأخرى.
كما انتقدت الصحيفة مجلس صيانة الدستور الذي وافق على خوض بزشكيان السباق الرئاسي، وقالت إن هذا المجلس لم ينظر في تقييمه لملف بزشكيان إلى دوره في الاحتجاجات عام 2022، متهمة مرشح الإصلاحيين بمساندة المتظاهرين ومعارضة موقف النظام السياسي من الأحداث التي أعقبت حادثة مقتل مهسا أميني.
بينما نقدت صحيفة “فرهیختكان”، قدمت قائمة بالأسئلة في تقرير لها بعنوان “أسئلة فرهیختكان إلى مجلس شورى نكهبان”، وهي التسمية الإيرانية لمجلس صيانة الدستور، وأوضحت أن طريقة عمل هذا المجلس أصبحت غير مفهومة، مما يتطلب منه ومن أعضائه بيان آليات عمل المجلس وكيفية اتخاذه للقرارات.
وأوضحت الصحيفة أن انتخابات الرئاسة عام 2024 هي شبيهة إلى حد كبير بانتخابات عام 2021، وأضاف متسائلة: “ما السر في رفض تزكية مرشحين سبق أن تمت تزكيتهم قبل 3 سنوات، وخلال هذه الفترة لم يتول هؤلاء مناصب أو مسؤوليات تجعل المجلس يتراجع عن قراره ويحرمهم هذه المرة من الانتخابات؟”.
كما تساءلت الصحيفة كيف تتم تزكية بعض المرشحين الذين تم رفضهم في السابق (مسعود بزشكيان)، على الرغم من مواقفهم المعارضة للنظام والسلطة بشكل عام خلال السنوات الثلاث الأخيرة؟.
وختمت الصحيفة بالقول إن هذه الأسئلة هي أسئلة مطروحة في الوسط الإيراني، ويلزم مجلس صيانة الدستور ومن يهمهم الأمر أن يوضحوا ويبينوا للمواطن هذا التناقض، وعدم الوضوح في عمل مجلس صيانة الدستور.
خلاصة الأمر، فإن المشكلة الكبرى في إيران ليس في وجود ممثلين عن التيارين الإصلاحي والأصولي في السباق الرئاسي، وإنما في قناعة الشارع الإيراني بفقدان الفاعلية من الانتخابات الرئاسية والمقاطعة الشعبية المرتقبة لهذه الانتخابات، فيعتبر الكثيرون أن الانتخابات في إيران كونها أيديولوجية وتقصي المرشحين بلا سند أو برهان. فقد شهدت في السنوات الأخيرة تراجعاً ملحوظًا في عدد المشاركين، فتأتي أولى التحديات التي تواجه النظام الإيراني في إقناع المواطن الإيراني وإقباله على المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة، بعد ارتفاع معدل التضخم السنوي، بالإضافة إلى انخفاض الأجور وانخفاض العملة الوطنية، إلى جانب مشاكل ارتفاع البطالة التعليم والصحة وغيرها من التحديات الكبيرة التي تنتظر الرئيس القادم.