” Club house”: لماذا تزايد معدل دردشة جماعة الإخوان على هذا التطبيق خلال الفترة الأخيرة؟

وجدت جماعة الإخوان الإرهابية ضالتها في تطبيق ” كلوب هاوس” الذى صدور منذ 11شهر فقط، وسيلة للهروب من المنصات سهلة المراقبة والمتابعة التي تستخدمها الجماعة في زعزعة الاستقرار في الدول المستهدفة، على اعتبار أن هذا التطبيق يمكن أعضاء التنظيم من إجراء محادثات صوتية آمنة بعيداً عن ملاحقة وحجب السلطات الأمنية للمنصات القديمة التي اعتادوا من خلالها بث أفكارهم المسمومة.

وفي ظل اعتبار تلك الجماعة لغرف دردشة تطبيق “” Club house بمثابة الملتقى الرئيسي لعناصرها خلال الثلاثة شهور الأخيرة، يمكن طرح عدة أسئلة أهمها: لماذا يفضل التنظيم تطبيق “كلوب هاوس” أكثر من غيره خاصة في الفترة الأخيرة، ولماذا تزايد معدل دردشة عناصر تلك الجماعة الإرهابية على هذا التطبيق خلال الشهور الثلاثة الأخيرة؟.

غرف مغلقة ومحادثات صوتية:

يعتمد تطبيق “كلوب هاوس” على آلية عدم دخول أي شخص من غير عناصر الجماعة إلى التطبيق، دون دعوى من أحد مستخدمي التطبيق. وفقا لخبراء فك الشفرات التكنولوجية فإن هذا التطبيق غير قابل للتحميل من متجر التطبيقات. وبالتالي فإنه لا يمكن لأي زائر الدخول لتلك الغرف المخصصة لعناصر جماعة الإخوان دون دعوى من أحدهم- أي أن الدخول أو الانضمام لتلك الغرفة تديرها وتنظمها عناصر الجماعة الإرهابية فقط.

تأسيسا على ما سبق، يمكن تحديد أهم العوامل التي تسببت في لجوء جماعة الإخوان إلى هذه الغرفة، بل وتزايد معدل دردشة عناصرها عليها خلال الفترة الأخيرة، وهي:

(*) تزايد معدل الأمان والحماية عن غيره من الغرف القديمة: حيث تعتبر آليات الحماية التي يوفرها هذا التطبيق لأعضائه تمثل ميزة جعلت هذا التطبيق مفضل لدى جماعة الإخوان.

(*) السيطرة الشديدة على اختيار العناصر الجديدة: حيث تتحكم جماعة الإخوان في عملية القبول أو الرفض للعناصر الجديدة الراغبة في الانضمام إلى الغرف التابعة لهم على “كلوب هاوس”. وبالتالي تضع عناصر الجماعة المتحكمة قي إدارة هذه الغرفة اختبار(test) يتضمن مجموعة من الأسئلة تحدد هوية الشخص الراغب في الانضمام قبل الموافقة على قبول طلبه والدخول للغرفة.

(*) صعوبة الإبلاغ عن مضمون المحتوى المسيء: حيث أن التطبيق لا يضمن مشروعية محتوى المحادثات التي تحدث من خلاله، خاصة أنه بمجرد إغلاقها تختفي الدردشة تلقائيا، وذلك على عكس باقي التطبيقات.

(*) غياب آليات ومعايير الإبلاغ عن المحتوى الإرهابي أو حجبه، على عكس تويتر: فالمؤكد أن “كلوب هاوس” بطئ في تنفيذ إرشادات المتعلقة بتقييد خطاب الكراهية، وهذا بشهادة صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية (بلد منشأ التطبيق الجديد)، حيث صرحت تلك الصحيفة بأن بعض غرف الدردشة داخل هذا التطبيق تعد بمثابة أماكن محصنة لبث العنصرية والكراهية.

التطبيق الأكثر تشفيراً:

ترتيبا على ما سبق؛ يمكن القول إن تطبيق “كلوب هاوس” قد يساعد العناصر الإرهابية من الهروب الرقابة الإلكترونية، وبالتالي يمكنهم من الإفلات بجرائمهم. حيث لا يوجد به “داتا” مخزنة يمكن إستدعائها فى حالة الشكاوى والمسائلة والتحقيق، فالمحادثات تتم بشكل مباشر، ولا يتم أرشفتها للرجوع لها وقت الحاجة. وعليه، قد لا تكون هناك جدوى من الإبلاغ عن خطاب يحض على الكراهية والعنف، كما أن ” كلوب هاوس” لا يعطى ضمانات آمان لحماية بيانات العملاء، مما قد يؤدى لبيعها لطرف ثالث.

تأسيسا على ما سبق، يمكن القول، إن جماعة الإخوان تستخدم التطبيقات الأكثر تأمينا، والتي يصعب اختراقها بسهولة، خاصة بعد نجاح الأجهزة الأمنية المصرية وبعض العربية في محاربتها الكترونياً. فقد لجأت الجماعة الإرهابية لتطبيق ” كلوب هاوس” باعتباره الأقرب من ناحية تأمين عناصرها من تطبيق تليجرام، الذي يوفر التشفير الذاتي بعد 15 ثانية، والذي يعد التطبيق الأفضل لديها خلال الفترة الماضية. وبالتالي تتصور جماعة الإخوان أن استخدامها “لكلوب هاوس” يضمن لها –في تصورها- عدم قدرة الأمن الإلكتروني على كشف مخططاتها الإرهابية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العمليات الإرهابية التى حدثت فى باريس منذ عام 2014 تم الإعداد والتخطيط لها عبر خاصية المحادثات على أجهزة “بلاى ستيشن”، التي قد تكون بعيدة تماما عن دائرة رصد أجهزة الآمن، لذلك لم تكتشف العمليات قبل ارتكابها.

تصور خاطئ وارتباك مفاجئ:

الواقع العملي يشير إلى أنه لا توجد وسيلة تواصل إلكترونية غير قابلة للاختراق. بالتالي فإن أي تطبيق من الممكن الدخول إليه وترصده ولو بطريق التخفى والإيهام. ولذتك تكون جماعة الإخوان الإرهابية على علم بهذه الحقيقة، ويمكن تحديد أهم أسباب الارتباك التي أصابت عناصر الجماعة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد الكشف عن بعض محتويات غرف الدردشة الخاصة على تطبيق “كلوب هاوس”، وذلك على النحو التالي:

(*) فك شفرات التطبيق: حيث تمكنت أجهزة الأمن من تتبع تحركات الجماعة الإرهابية على هذا التطبيق، وهو ما أصاب عناصرها بحالة من الارتباك، خوفا من فقدانها منصة جديدة، مكنت عناصرها من التواصل بين الدول، وكذلك كشف محاولات إعدادهم والتخطيط لزعزعة الاستقرار في بعض الدول.

(*) تسريب عناصر من غير أعضاء الجماعة: ما يخيف جماعة الإخوان، ويهدد سريتها على ” كلوب هاوس” هو قدرة بعض الأجهزة الأمنية من تسريب عناصر إلى داخل هذا التطبيق من غير أعضاء الجماعة، وهو ما يضعف من أهمية وأولوية استخدام هذا التطبيق من قبلها خلال الفترة الأخيرة.

(*) قدرة الأجهزة الأمنية على التتبع والرصد: ما يخيف عناصر الجماعة الإرهابية، هو تمكن بعض أجهزة الأمن الإلكترونية من تتبع ورصد عناصر على ” كلوب هاوس”، وبالتالي لن تتمكن الجماعة من استقطاب عناصر جديد من غير أيديولوجيتها. وعليه، من المحتمل أن يتراجع معدل الإقبال على هذا التطبيق، خاصة بعد التحذيرات التي تقوم بها بعض الصفحات الإلكترونية التي تتخوف من الزحام الشديد والإقبال الكثيف على تلك التطبيقات الخطرة.

فى النهاية، يجب الإشارة إلى أن تطوير آليات الآمن السيبرانى، تمكنت من كشف ألاعيب جماعة الإخوان ومحاولاتها لاستقطاب عناصر جديد عبر غرف الدردشة الصوتية في ” كلوب هاوس”، خاصة وأنها تعتبر فترة تزاحم المواطنين على صفحات التواصل عبر الفضاء الالكتروني منذ جائحة كورونا، تمثل لها فرصة كبيرة تساعدها في تنفيذ مخطط ضرب الاستقرار وتشويه صورة بعض الدول. وبالتالي قد يكون الاكتشاف المبكر لاستخدامات الجماعة ” لـ ” كلوب هاوس” مثل صدمة كبيرة لها، خاصة وأنها كانت تتصور أن هذا التطبيق يصعب اختراقه من قبل بعض الأجهزة الأمنية.

أسماء دياب

-رئيس برنامج دراسات الإرهاب والتطرف. -باحث دكتوراه في القانون الدولي- بكلية الحقوق جامعة عين شمس. - حاصلة على ماجستير القانون الدولي جامعة القاهرة. -حاصلة على دبلوم القانون الدولى جامعة القاهرة. -حاصلة على دبلوم القانون العام جامعة القاهرة. - خبيرة في شئون الحركات الإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى